الجدل يحتدم كلما اقترب ميعاد التطبيق، الكلام أصبح كحديث الصباح والمساء، وجهات النظر? اختلفت حول القرار الذى ستصدره الحكومة لتحديد مواعيد العمل وغلق المحلات الساعة العاشرة مساءً، والمقاهى فى الساعة الثانية عشرةمساءً، والمزمع تنفيذه بعد عيد الأضحى المبارك. الجهات الحكومية تؤكد أن الغلق ليس مسألة جديدة، وإنما طبق من قبل فى مصر، ويطبق فى معظم دول العالم بهدف ترشيد إستهلاك الكهرباء، والحد من استهلاك الوقود والمواد البترولية التى تستخدمها وزارة الكهرباء والتى وصلت مديوناتها إلى نحو 34 مليار جنيه حتى الآن، وأن قيمة الاستهلاك الشهرى للوقود يصل إلى مليار جنيه، فى حين لا تدفع وزارة الكهرباء سوى 200 مليون جنيه ، فى المقابل يوضح التجار وأصحاب المحلات والمقاهى، أن تطبيق القرار سيزيد «الطين بلة»، لأن الحالة الاقتصادية للبلد الجميع يعلمها، فإذا أغلقت المحلات فى هذا التوقيت ستزداد طوابير البطالة، وستخسر المحلات والكافتيريات، وسيجنى تجار العشوائيات وتجار بير السلم المكاسب والأرباح على حساب أصحاب المحلات دافعى الضرائب والتأمينات وفواتير الكهرباء والمياه والغاز والتليفونات، ويقترح بعض الخبراء بديلاً عن غلق المحلات، بأن تتم محاسبة أصحاب المحلات والمقاهى راغبى السهر بأسعار أعلى لاستهلاك الكهرباء من خلال تركيب عدادات كهرباء ذكية، ليكون هناك ميزان عدل فى المحاسبة. «أكتوبر» رصدت اختلاف الآراء حول تحديد مواعيد إغلاق المحلات والمقاهى ليلاً. بداية يقول مصدر مسئول بوزارة التنمية المحلية إن مجلس المحافظين وافق في اجتماعه برئاسة الدكتور هشام قنديل أمس، على تحديد مواعيد لإغلاق المحال ذات الأنشطة التجارية في الساعة العاشرة مساءً، والمطاعم في الساعة الثانية عشرة، وترك المنشآت السياحية بدون مواعيد وأيضًا الصيدليات ذات الخدمة الليلية. وأضاف المصدر أنه من المتوقع أن يصدر قرار بهذا الشأن عقب عيد الأضحى المبارك، مضيفًا أن هناك ضرورة لتحديد مواعيد الإغلاق نظرًا للظروف الاقتصادية والأمنية والمرور والنظافة. تراخيص سياحية وذكر أن من أراد أن يتحول إلى منشأة سياحية عليه أن يتقدم للسلطات المختصة للحصول على رخصة بذلك، مشددًا على أنه سيتم تشديد العقوبة على المخالفين . من جانبه، قال مصدر مسئول بوزارة البترول والثروة المعدنية، إن قرار تحديد ميعاد لإغلاق المحلات التجارية في الساعة العاشرة مساء والمطاعم في الساعة الحادية عشرة مساء، تمت مناقشته فى شهر أغسطس الماضى، وكان من المتوقع أن يصدر قانون عقب عيد الفطر المبارك مباشرة، إذن فهو قرار قديم وليس جديدا، وأضاف أن القرار يأتي في إطار ترشيد استهلاك الكهرباء كما يحدث في كل دول العالم، مشيراً إلى أن وزارة الكهرباء عليها مديونية للبترول وصلت الي 34 مليار جنيه تراكمت عبر السنوات الماضية نتيجة لعدم سداد 50 % من المستهلكين لفواتير الكهرباء، إضافة الي مصانع القطاع العام التي تعاني من خسائر ولا تستطيع سداد مديونيتها وتتحملها الدولة نيابة عنها، كما أن محطات الكهرباء تستهلك غاز ومازوت بما قيمته مليار جنيه شهريا في حين تحصل وزارة البترول علي 200 مليون جنيه شهريا فقط من وزارة الكهرباء. عدادات ذكية فيما يؤكد أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية تأييده لتحديد مواعيد فتح وغلق المحال تنظيماً للتجارة وترشيداً للطاقة، لكن بشرط التزام الحكومة بالقضاء على العشوائيات التجارية التى تبلغ مداها بعد غلق هذه المحال مستغلين فترات الغلق لنمو التجارة غير المشروعة وتجارة بير السلم، التى لا تسدد ضرائب أو تأمينات، ولا توجد رقابة على جودة سلعها أو حماية للمستهلك منها. ويقترح الوكيل بأن تكون هناك تفرقة فى غلق المحلات والأنشطة الأخرى، مثل الورش وغيرها من الأنشطة المقلقة للراحة أولاً، ثم المحلات التجارية القطاعى والجملة والمولات والصيدليات، مع إحياء نظام الصيدليات الليلية بكل حى، ثم فى وقت متأخر البقالين والمخابز مع مد المواعيد فى المواسم السياحية والإجازات، على أن تستثنى الفنادق والمطاعم والمقاهى والكافتيريات والكازينوهات ولا تقيد بمواعيد حتى لا تتأثر السياحة، مقترحاً بأن يتم محاسبة أصحاب المحلات والمقاهى راغبى السهر بأسعار أعلى لاستهلاك الكهرباء من خلال تركيب عدادات كهرباء ذكية، ليكون هناك ميزان عدل فى المحاسبة. ويختلف مع الرأى السابق يحيى زنانيرى رئيس جمعية منتجى الملابس الجاهزة، ورئيس غرفة الجمارك باتحاد الغرف التجارية، ويرى أن قرار غلق المحلات فى العاشرة مساءً سيعمل على تقييد حركة التجارة خاصة لأصحاب المحلات المقيدين بالغرف التجارية من دافعى الضرائب والجمارك للدولة، علاوة على أنه سيسمح لأصحاب الاقتصاد الموازى، وغير الملتزمين بدفع مستحقات الدولة للتواجد على الأرصفة وأمام المحلات للبيع، ومنحهم فرصة بدلاً من الباعة الرسميين، مضيفاً أننا بهذا القرار لن نوفر الطاقة ولا الكهرباء، وإنما سنزيد من الأزمة، لأن آلاف التجار سيذهبون للمنازل للسهر أمام شاشات التلفاز، وسيستهلكون الكهرباء فى تشغيل أجهزة التكييف، علاوة على أننا سنسمح لسائقى التاكسى والميكروباصات برفع الأجرة إلى الضعف نتيجة لعملية الزحام الشديد بعد العاشرة مساءً. ويوضح زنانيرى أن آلاف التجار يرفضون هذا القرار لأنه سيؤثر على حركة التجارة، كما يدل على عجز الدولة للتوصل لحلول مشاكل الطاقة وتحميلها لصغار المنتجين، مضيفاً إن القرار جاء بدون أخذ رأى هذه القطاعات المتضررة، خاصة بعد اجتماع التجار مع محافظ القاهرة الذى لم يبد أى رأى فى مسألة المواعيد مساءً منذ شهر، كما أن هذا القرار سيعمل على زيادة حجم البطالة لأن صاحب المحل بدلاً ما كان يعمل بفترتين سيعمل بفترة واحدة، ويوفر الأخرى لأنها ستكون عبئاً عليه. البطالة ويتفق مع الرأى السابق محمد على، مدير بأحد محلات ملابس بشارع أحمد عرابى بالمهندسين، مبررا بأن معظم الزبائن يحبون السهر بعد عناء يوم طويل من العمل، وأضاف «إحنا لا نبيع أى قطعة ملابس إلا بعد التوقيت الذى حدد بالغلق، لأن بضاعتنا كلها شبابى والشباب لا يشترى إلا بعد منتصف الليل»، مشيراً إلى أن هذه ثقافة كانت مطبقة منذ سنوات طويلة، وكانت ظروف وعدد سكان البلد تسمحان بذلك، أما الآن فلايمكن أن يطبق هذا القرار، خاصة أن السياح العرب بالمهندسين وغيرها فى المناطق لا يتجولون إلا ليلاً، لأننا بلد له مناخ مختلف عن باقى الدول، علاوة على عدم وجود مولات ضخمة مكيفة فى جميع الأسواق والمناطق كما فى بعض الدول، مثل دبى، والمملكة العربية السعودية. ويتفق معه سيد محمود مدير مقهى بالمهندسين، قائلاً: المواعيد المطروحة على التجار وأصحاب المقاهى «بصراحة هتفقرنا والعملية مش ناقصة فقر» فالزبون الذى يتردد على المقهى زبون ليل وليس زبون نهار، سواء كان فنانا، أو تاجرا، أو رجل أعمال، أو غير ذلك، ونحن هنا أكثر من 15 عاملا من مختلف المؤهلات، ومنهم ناس بتحسن دخلها لأن الظروف الاقتصادية صعبة والكل عيشها، ولما ينفذ القرار، ويتم غلق المقهى الساعة 12 م لا هيكون فيه شغل، ولا هيكون فيه دفع ضرائب وكهرباء، ومياه وغاز ندفعها بالكامل بمبالغ ضخمة شهرياً، وأيضاً ستكون هناك طوابير من البطالة، وشكاوى من ارتفاع الأسعار وزيادة فى عمليات السرقة والنصب، نتيجة لزيادة أعداد البطالة، والتى نسمع أنها وصلت إلى 13 % من بعد الثورة. ويقول د . مختار الشريف أستاذ الاقتصاد، إن تجربة غلق المحلات كانت تطبق في وقت مبكر أيام الوزير أحمد رشدى، لكن كانت نتيجتها حدوث تكدس مروري بسبب سيارات اللوري التي تنقل البضائع للمحلات نهاراً بدلا من الليل. ويقترح الشريف بأن تتم محاسبة المحلات والمقاهى بسعر أعلى لاستهلاك الكهرباء بدلاً من غلقها، لأن الغلق مبكراً سيؤدى إلى زيادة فى البطالة للعمالة التى تعمل فى تلك المحلات والتى تقدر بمئات الآلاف، إلى جانب أن الناس تشتكى مر الشكوى من الوضع الاقتصادى الحالى وانخفاض الدخول أمام الأسعار، «فما بالك لو ناموا من المغرب فكيف يكون الحال»!