■ عندما فتح الريس جاكيت البدلة أمام الجميع فى الميدان، لم أخف عليه من الرصاص لكن خفت من أن تتناثر علينا البراغيث التى تعشش دائما فى بدلة رئيس الجمهورية أيا كان، أما البراغيث فمن المؤكد أن مرسى صاحب أول مؤهل عال حقيقى فى تاريخ رؤساء جمهوريات مصر يعرف طبيعتها الماصة للدماء، كما أن مرسى بصفته فلاحا ابن فلاح يعرف أن البراغيث تلتصق بالواحد للدرجة التى تجعل الواحد يخرج من هدومه أو يستسلم لها ويتعايش معها، كما أن مرسى رجل سياسة ويعرف أن البراغيث منافقة تمتص الدماء فى هدوء، بينما يخيل للواحد أنها تقبله، وتنشب مخالبها تحت الجلد، بينما يخيل للواحد أنها «بتطبطب» عليه، وتهجم على الواحد وتحتله ربما من ناحية أقرب الناس إليه.. واخد بالك يا ريس؟ كل ما نرجوه أن ينفض مرسى (اسمه مرسى وسأظل أناديه هكذا مع كامل احترامى له عندا فى مندوبه، الذى نهر مذيعة التليفزيون المصرى عندما قالت الدكتور مرسى صائحا اسمه الرئيس مرسى)، كل ما نرجوه من مرسى أن ينفض البراغيث كل يوم عن بدلة الرئاسة، لأنها يوم أن تقفز فى وجوهنا عبر بدلتك لن نكتفى بمحاربتها لكننا سنتخلص بأسرع ما يمكن من المصدر نفسه. ■ طول الوقت أحاول أن أفهم مشكلتى مع فايزة أبو النجا، لم أتوقف يوما عند موقفها من الثورة ولم تشغلنى هذه الجزئية أبدا، فتشت فى أسباب التوجس لدرجة أننى قلت لنفسى ربما التوجس سببه أنه بما أنها أنثى فلا بد أن تكون «أم النجا» وليست «أبو النجا»، هذا الخلط اللغوى جعلنى لا أحب فاتن حمامة حتى يومنا هذا، ف«فاتن» وصف لمذكر ولو كانت أنثى لكانت «فاتنة»، وفى الوقت نفسه لو كان يجب -بما أنها أنثى- أن تكون هى «حمامة» وليس والدها، لا تعتقد يا صديقى أننى أسخر لكن الواحد كان يفتش فعلا فى أسباب عدم الشعور بالراحة، إلى أن لخصها الوزير السابق سمير رضوان فى حواره مع الزميلة رانيا بدوى، قائلا عن أم النجا إنها «كلفت مصر الكثير»، وإنها تخدم مصلحتها الشخصية فقط، وهى بقاؤها فى المنصب، وأنها أحد أهم أسباب الانهيار الاقتصادى فى الفترة الانتقالية، لأنها أوقفت مسيرة الاقتراض المدروسة بحجة الكرامة الوطنية، وهى التى كتبت بنفسها الخطاب ل«صندوق النقد الدولى والبنك الدولى»، وبعد أن حصلنا على الموافقة ب21 مليار دولار تراجعت ووقفت فى وجه إتمام هذا الدعم، الذى لو تم لتغيرت ملامح العام ونصف العام الماضيين، سطور متناثرة فى حوار سمير رضوان وزير المالية السابق، تجعلنا مطالبين بضرورة فتح ملف «امرأة هدت شعب مصر». ■ انتهت الانتخابات الرئاسية، وصار واجبا الآن أن نفتح ملف أحد المحسوبين على الثورة، المحامى الذى يعامل كل من يهاجمه بنظرية «وانت متنرفز ليه.. مالك متوتر كده»، حتى يدفعه إلى خانة التوتر، فتهيص الأمور وننسى الاتهامات الموجهة إليه، أما اتهامات الفساد فهى متوقعة بالنسبة لرجال النظام الماضى، أما بالنسبة لمن يتبناهم الإعلام بصفتهم صوت الثورة فلا بد أن نسمع من المحامى الشهير (أبو السلاطين) ترزى قانون العزل كلمته عن حدود علاقاته بالنظام القديم، سواء كمحام لرجل الأعمال كريازى، أو كرجل لأمن الدولة فى ميدان التحرير، أو علاقته كمحام برجال فى محيط مؤسسة الرئاسة السابقة. وهذه ليست محاكمة لكن واجب علينا أن نضع النقاط فوق الحروف، قبل أن ينتزع أى شخص صك تقييم الآخرين وتقديم الإجابات النهائية فى موضوع مَن ثورى ومَن فلول، من يحب الوطن ومن يخربه، نريد أن نعرف الصورة واضحة قبل أن تنطوى صفحة الدولة الجديدة على نسخة ثورية من مرتضى منصور. ■ أما تقبيل أيادى الكبار فهو عرف المحبة والاحترام فى مصر، تقبل أيادى كبار العائلة ربما شيخك أو قسيسك، ربما أستاذك الذى تعلمت منه، ربما أحد كبار صنايعية المهنة، لكن تقبيل الأيادى له حدود، واتقاء الشبهات واجب، فما بالك إذا كان المقبل هو عالم دين ومستقبلها رئيس جمهورية، يقول العلماء إن تقبيل يد السلطان العادل جائز، لكن بما أننا لم نعرف بعدُ إن كان سيصبح عادلا أم لا، فيبدو تقبيل يده الآن مراهقة تليق برواد شقة العجوزة يا مولانا. البراغيث يا ريس ماتنساش والله.