أيام قليلة ويتسلّم الريس محمد مرسى مهام منصبه كأول رئيس مدنى منتخَب نتاج ثورة 25 يناير التى سقط فيها الشهداء من أجل الإطاحة بنظام مستبد ديكتاتورى فاسد، وسيطرة عصابة من المنتفعين على الحكم.. ومن ثَمّ أصبح على الريس محمد مرسى مهمات ثقيلة وعد بتحقيق كثير منها فى أثناء الصراع الانتخابى على المنصب الرئاسى وبخاصة فى الجولة الثانية.. وطرح نفسه وأنصاره فى جماعة الإخوان بأنه مرشح الثورة، وهو الأمر الذى لم يذكره على الإطلاق فى الجولة الأولى للانتخابات ولا أى حد من جماعته لأنه كان هناك مرشحون أصليون للثورة وقد طلبت تأييد القوى الثورية له بعد استفحال المرشح المنافس ووقوف قوى النظام المخلوع معه.. وبل وصل الأمر بمن كانوا يُعِدّون جمال مباك لوراثة الحكم إلى استعادة أنفسهم وأموالهم ونفوذهم القديم لدعم المرشح أحمد شفيق. ومن ثم وجب عليه أولا إعلان استقالته من حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان.. وهو كان قد وعد بذلك، وبعد أن أصبح رئيسا لكل المصريين وجب عليه أيضا أن يعلن تحلله من بيعته وقسمه لمرشد الجماعة محمد بديع ولا يكتفى بما أعلنه المرشح فى مؤتمر انتخابى بالمحلة من أنه أحلَّه من بيعته.. فقد أصبح الأمر الآن فى يد الريس محمد مرسى لا فى يد محمد بديع، فلا بد أن يعلنها واضحة صريحة. أيضا لا بد من بحث وضع قانونى لجماعة الإخوان المسلمين، فالرجل أعلن احترامه للقانون والقضاء، وأصبح فى أعلى منصب تنفيذى ورئيسا لكل المصريين.. فلم يعد للجماعة شأن، خصوصا بعد أن أصبح للإخوان حزب سياسى شرعى استطاع أن يصل عبر مرشحه إلى منصب الرئاسة اللهم إلا إذا تم تسجيلها كجمعية خيرية دعوية مثل غيرها من مئات الجمعيات التى تعمل فى نفس المجال ولا حاجة وقتها إلى المرشد وهيئته. أيضا الرجل معروف عنه بساطته وكان يذهب بنفسه إلى الفضائيات وبسيارته الخاصة ويمشى فى الشارع، ربما لم يكن يعرفه أحد وقد أصبح رئيسا الآن والكل يعرفه، ولكن نريد أن يحافظ على بساطته.. ومن حقه أن تكون له حراسة ولكن لا نرجوها كما كان يحدث مع مبارك ونظامه من حراسات مبالَغ فيها تعطل الشوارع ومصالح المواطنين.. وليته يفضّل أن يحتفظ بمسكنه وأن يتخذ القصر الجمهورى كمقر لعمله. لقد أصبح على الريس محمد مرسى أن يضع قواعد جديدة لمنصب الرئيس من الحراسة إلى الإقامة والاستقبالات وليعمل على أن تكون قصور الرئاسة مفتوحة أمام الناس حتى ولو فى أيام محددة، وهو أمر يتبعه معظم حكام العالم، وهذا الأمر يقودنا إلى الشفافية.. فالشعب يريد الشفافية.. ويريد أن يعرف كل شىء عن رئيس الجمهورية المنتخب فى حياته واتصالاته، وأن ينسى ما كان يجرى فى تنظيم الإخوان باعتباره تنظيما مغلقا كانت تتبعه الأجهزة الأمنية.. هذا وقد أصبح واجبا على الريس محمد مرسى أن يطلب من أولاده الذين يحملون الجنسية الأمريكية التنازل عنها الآن.. وعلى الريس محمد مرسى أن يلتزم بتعهداته التى أطلقها فى حملته الانتخابية حتى وصل الأمر به إلى الاستعانة بقوى ثورية تسانده فى صراعه فى انتخابات الإعادة ضد شفيق.. وما ذكره فى بيانه يوم الجمعة مع بعض الشخصيات الوطنية والذى التزم فيه بالشراكة الوطنية والمشروع الوطنى الجامع الذى يعبر عن أهداف الثورة وعن كل أطياف ومكونات المجتمع المصرى ويمثَّل فيها المرأة والأقباط والشباب.. وإن كنت أرى أن عليه أن يتحمل هو وفريقه الرئاسى المسؤولية كاملة، ولا عيب عليه أن يشرك أحدا فى ذلك.. ولكن عليه أن يلتزم بالمطلب الأهم للثورة وهو إقامة الدولة المدنية الديمقراطية الدستورية الحديثة، وهو الذى أكده فى بيانه -كما ذكرت- يوم الجمعة الماضى، ولكنه فى خطابه الأول لم يشر إلى الدولة المدنية مكتفيا بما سماه الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة وهو ما كان يكرره قيادات الإخوان.. فهل سيبدأ الريس مرسى بلحس تعهداته..؟ نرجو أن لا يفعل.. مبروك.. يا ريس مرسى وكان الله فى عونك..