قبل نحو 50 عاماً وبمجرد غناء «أم كلثوم» رائعتها «أنساك ده كلام أنساك يا سلام أهو ده اللي مش ممكن أبداً» التي كتبها «مأمون الشناوي» ولحنها «بليغ حمدي» رسم «صلاح جاهين» كاريكاتير علي صفحات «الأهرام» يقول فيه أهو ده اللي مش لحنك أبداً يا «بليغ»؟! ظل الأمر غامضاً، «صلاح جاهين» و«بليغ حمدي» جمعتهما جيرة وهما طفلان لماذا إذن يتهمه بالسرقة.. من هو الذي لحن؟! قيل وقتها إن الشيخ «سيد مكاوي» صديق «صلاح جاهين» هو الذي أوعز إلي «صلاح» بهذا الكاريكاتير وكان يقصد أنه صاحب اللحن الأصلي.. مر زمن وماتت الشائعة بسبب تعدد نجاحات «بليغ» ليس فقط هو واحد من أهم ثلاثة ملحنين في جيل ما بعد «محمد فوزي» الاثنان الآخران هما «كمال الطويل» و «محمد الموجي» ولكن أيضاً «بليغ» هو الأغزر إنتاجاً بين كل ملحني الموسيقي الشرقية في العالم العربي.. يوم ذكري «أم كلثوم» علي موجة إذاعة الأغاني استمعت إلي عازف الأورج الشهير «هاني مهنا» وهو يفتح مرة أخري هذا الملف خاصة أنه يعد آخر العازفين الذين التحقوا بفرقة «أم كلثوم» قبل أن تعتزل الحفلات في مطلع عام 72، «هاني» أكد نقلاً عن «أم كلثوم» أن الشيخ «زكريا أحمد» هو الذي لحن المقدمة والمقطع الأول لأغنية «أنساك» وأن «بليغ» أكملها بعد رحيل «زكريا».. والحقيقة التاريخية التي لم يذكرها «مهنا» هي أن «بليغ» لم يكن هو الملحن التالي للشيخ «زكريا أحمد» حيث إن كاتب الأغنية «مأمون الشناوي» رشح أولاً «سيد مكاوي» للتلحين علي اعتبر أنه تلميذ في مدرسة «زكريا أحمد» إلا أن «أم كلثوم» لم تتحمس للحن الشيخ «سيد مكاوي» بعد أن استمعت إليه كاملاً فكانت المحطة التالية هو «محمد فوزي» والذي شرع فعلاً في التلحين وأرادت «أم كلثوم» أن يسرع بالتلحين حتي تلحق موعد الحفل فاعتذر عن عدم استكمال اللحن ورشح لها «بليغ حمدي» الذي أنجز اللحن في بضعة أيام.. وكان «سيد مكاوي» بعد مرور أسابيع قليلة علي رحيل «بليغ حمدي» في نهاية عام 1993 قد صرح في أحد البرامج التليفزيونية أنه صاحب لحن «أنساك».. أتذكر أنني سألت الشاعر «مأمون الشناوي» قال لي نعم «سيد مكاوي» لحن «أنساك» ولكن اللحن الذي قدمه «بليغ» مختلف تماماً وأن «بليغ» لم يستفد من لحن «سيد مكاوي» أما «زكريا أحمد» فلقد مات قبل أن يشرع في التلحين ولهذا فلا يوجد لحن ولا مقدمة أما الوحيد الذي ترك بصمة ما علي لحن «بليغ حمدي» وكان ذلك بموافقته ورغبته فإنه «محمد فوزي» وتحديداً في المقطع الذي تقول فيه «ده مستحيل قلبي يميل ويحب يوم غيرك أبداً.. أبداً»؟! هذه هي حكاية «أنساك» كما رواها لي شاعر الأغنية «مأمون الشناوي» مع تسليمي بالطبع أن من حق الآخرين أن يذكروا روايات أخري؟!