جامعة أسيوط تشهد انطلاق المؤتمر الختامي لنادي المناظرات وأوراق السياسات    بالأسماء، أعضاء الجمعية العمومية لغرفة المنشآت والمطاعم السياحية    أمير قطر يصل إلى طهران لتقديم التعازي في الرئيس الإيراني    الصحة العالمية: ثلثا مستشفيات غزة خارج الخدمة بسبب أوامر الإخلاء والحرب    خبراء أمريكيون: تراجع حملة بايدن لجمع التبرعات عن منافسه ترامب خلال أبريل الماضى    رسميا، تحديد ملعب نهائي دوري أبطال أوروبا 2026    تريزيجيه يحصل على الضوء الأخضر للمشاركة في نهائي كأس تركيا    سام مرسي يتوج بجائزة أفضل لاعب في «تشامبيونشيب»    السجن 6 سنوات للمتهم بالتعدي على فتاة في المعصرة    التضامن تدشن مرحلة جديدة لبرامج الحماية من تعاطي المخدرات بالمناطق المطورة    6 يونيو المقبل الحكم بإعدام المتهمة بقتل طفلتيها التوأم بالغردقة    القبض على طالب دهس سيدة بسيارته فى منطقة مصر الجديدة    موعد وقفة عيد الأضحى وأول أيام العيد 2024    ضبط المتهمين باختطاف شخص بسبب خلاف مع والده فى منطقة المقطم    مكتبة الإسكندرية تستعد لإطلاق سلسلة جوائز عالمية جديدة    "روكي الغلابة".. دنيا سمير غانم تروج لفيلمها الجديد    هلا السعيد تكشف تفاصيل جديدة عن محاوله التحرش بها من سائق «أوبر»    وزير الرى: 70 % من استهلاك المياه في الزراعة وإنتاج الغذاء    رئيس هيئة تنمية صناعة التكنولوجيا: التصميمات النهائية لأول راوتر مصري نهاية العام    تضامن الفيوم تنظم قوافل طبية تستهدف الأسر الفقيرة بالقرى والنجوع    صحيفة عبرية توضح عقوبة إسرائيل المنتظرة للدول الثلاث بعد اعترافهم ب«دولة فلسطينية مستقلة»    السكة الحديد: تخفيض سرعة القطارات على معظم الخطوط بسبب ارتفاع الحرارة    مجلس الوزراء يبدأ اجتماعه الأسبوعي بالعاصمة الإدارية لبحث ملفات مهمة    وزير الصحة يفتتح الجلسة الأولى من تدريب "الكبسولات الإدارية في الإدارة المعاصرة"    مصر والصين تتعاونان في تكنولوجيا الأقمار الصناعية    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    تحديد ملاعب نهائيات البطولات القارية الأوروبية لعامي 2026 و2027    مسابقة 18 ألف معلم 2025.. اعرف شروط وخطوات التقديم    «جولدمان ساكس»: تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة لمصر ستصل إلى 33 مليار دولار    موعد نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بورسعيد    مصدر مصري رفيع المستوى: من الغريب استناد وسائل إعلام لمصادر مطلعة غير رسمية    عاجل..توني كروس أسطورة ريال مدريد يعلن اعتزاله بعد يورو 2024    "لحصد المزيد من البطولات".. ليفاندوفسكي يعلن البقاء في برشلونة الموسم القادم    أبرزهم بسنت شوقي ومحمد فراج.. قصة حب في زمن الخمسينيات (صور)    تكريم نجوم الفن احتفالاً بالعيد الذهبي لجمعية كتاب ونقاد السينما    فرقة طهطا تقدم "دراما الشحاذين" على مسرح قصر ثقافة أسيوط    أدعية الحر.. رددها حتى نهاية الموجة الحارة    العمل تنظم فعاليات "سلامتك تهمنا" بالمنشآت الحكومية في المنيا    افتتاح ورشة "تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية" في شرم الشيخ    «مواني البحر الأحمر»: تصدير 27 ألف طن فوسفات من ميناء سفاجا ووصول 742 سيارة لميناء بورتوفيق    جوارديولا: أود مشاركة جائزة أفضل مدرب بالدوري الإنجليزي مع أرتيتا وكلوب    بإجمالي 37.3 مليار جنيه.. هيئة قناة السويس تكشف ل«خطة النواب» تفاصيل موازنتها الجديدة    الأزهر يطلق صفحة مستقلة بفيس بوك لوحدة بيان لمواجهة الإلحاد والفكر اللادينى    مرفق الكهرباء ينشر ضوابط إستلام غرفة المحولات للمنشآت السكنية    فدوى مواهب تخرج عن صمتها وترد على حملات المهاجمين    الأكبر سنا والمربع السكني.. قرارات هامة من «التعليم» قبل التقديم للصف الأول الابتدائي 2024    رئيس فرنسا يفشل فى اقناع بيريز بالتخلى عن مبابى فى أولمبياد باريس 2024    الصحة: برنامج تدريبي لأعضاء إدارات الحوكمة في مديريات الشئون الصحية ب6 محافظات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر يتابع أعمال التطوير بالقطاعين الشرقي والشمالي    الرئيس الصيني: السياحة جسر مهم بين الشعبين الصيني والأمريكي للتواصل والتفاهم    طلاب جامعة القاهرة يحصدون المركزين المتميز والأول فى مسابقة جسر اللغة الصينية    5 نصائح غذائية للطلاب خلال فترة الامتحانات من استشارية التغذية    البيت الأبيض: إسرائيل وافقت على طلبات أمريكية لتسهيل إيصال المساعدات إلى غزة    طريقة صنع السينابون بالقرفة.. نكهة المحلَّات ولذَّة الطعم    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    اجتماع الخطيب مع جمال علام من أجل الاتفاق على تنظيم الأهلي لنهائي إفريقيا    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إكرام يوسف تكتب: ثورة عالمية في الأفق
نشر في الدستور الأصلي يوم 15 - 08 - 2011

يعيش العالم الآن على صفيح ساخن. ويبدو أننا بصدد انتفاضة عالمية ، ربما تتحول لثورة أممية تشهد نهاية الرأسمالية والليبرالية المتوحشة، وبداية نظام عالمي جديد أكثر عدلا.
فبعد ثورات الربيع العربي، التي استسهل البعض نسبتها لأجندات خارجية، كما لو أن شعوبنا دونا عن شعوب الدنيا لا تثور من تلقاء نفسها دفاعا عن الكرامة والحرية، ولا تستطيع الاحتجاج على الفساد والاستبداد إلا بفعل فاعل خارجي؛ ها نحن بصدد انتفاضات متوقعة تطول بلدان العالم الأول. ففي مواجهة الأزمة الاقتصادية، بدأت الدول المتقدمة، فرض قوانين تقشف على السكان، وتخفيض ميزانيات الخدمات والرعاية الصحية والتأمينات الاجتماعية، بينما يزداد أغنياؤها ثراء، وفقا لتقارير تؤكد ارتفاع ثروات أغنى أغنياء العالم على الرغم من ظروف الأزمة المالية العالمية الأخيرة!
وتوالت مؤخرا صور ضجر الشعوب؛ من احتجاجات بدأت قبل شهر في إسرائيل، إلى أحداث بريطانيا و شرارة بدايتها مقتل شاب على يد الشرطة وصولا إلى إعلان الشباب الأمريكي عن تنظيم يوم غضب أمريكي في 17 سبتمبر المقبل على غرار مافعل الشباب المصري (ويبدو أن شباب أمريكا قرر الاستجابة لدعوة اوباما له بتقليد الشباب المصري).
ورغم مرور أيام عدة على الاحتجاجات اللندنية، لم نسمع حتى الآن حججا مبتذلة من قبيل الأصابع الأجنبية التي تحرك الأحداث، وليس من المتوقع بالطبع أن نسمع عن تمويل أجنبي يسعى إلى زعزعة الاستقرار وتعطيل عجلة الإنتاج، وما إلى ذلك من سخافات أبواق الدفاع عن نظام المخلوع في مصر وعصابته.
وعلى العكس من الثورة المصرية التي أبهرت العالم لتحضرها ورقيها، وإصرار الثوار المصريين على عدم اللجوء للتخريب رغم تعرضهم منذ اليوم الأول لإطلاق الرصاص الحي وقنابل الغاز، والقنابل المسيلة للدموع، وخراطيم المياه القذرة؛ بدأت الاحتجات في بريطانيا بإلقاء قنابل حارقة وإشعال سيارات وتخريب محال تجارية. ومع ذلك لم ترد شرطة لندن بعنف على المتظاهرين، ولم نشهد قناصة يطلقون الخرطوش أو الرصاص الحي، أو سيارات تدهس المتظاهرين بالعشرات من دون رحمة، كما لم نشهد بالطبع موقعة الجمل! بل أن وكالات الأنباء نقلت بعد أربعة أيام من الأحداث أن شرطة لندن " بدأت تبحث" تعزيز إمكانياتها لمواجهة أحداث العنف، وأن رئيس الوزراء "يدرس" إمكانية السماح للشرطة باستخدام الرصاص المطاطي، بعد أن بلغ عدد المصابين من رجال الشرطة في الأيام الأولى للأحداث111 مصابا. وهو سلوك بالطبع لا يرجع إلى طيبة قلب الشرطة الإنجليزية، أو حنية النظام الحاكم؛ وإنما هي قوانين وضعت لحماية حقوق الإنسان، لا يجرؤ مسئول على انتهاكها. وإن كان انتهاكها غير مستبعد عندما تستشعر الحكومات الرأسمالية الخطر الداهم فعلا!
ولكن الأنباء ترددت يوم الخميس الماضي (بعد خمسة أيام على الأحداث واشتعال الحرائق في أكثر من مدينة امتدت إليها الاضطرابات) عن أن الحكومة البريطانية "تبحث تعطيل شبكة التواصل الاجتماعي وخدمات الرسائل عبر الإنترنت مثل خدمات رسائل بلاكبيري وموقع تويتر خلال أوقات الاضطرابات". وعلى الفور، هاجمت مجموعة من القراصنة الموقع الإلكتروني لشركة بلاكبيري، بعد تعهدها بمساعدة الشرطة في تحقيقات أحداث الشغب.
ونجح فريق القراصنة في إزالة شعار الشركة الرسمي من صفحتها، وإزالة مساحة التدوين، ووضع رسالة تهديد للشركة بدلا منه، بأنها ستتعرض للانتقام إذا سلّمت للسلطات ما لديها من معلومات عن مستخدمي هواتفها المحمولة.
كما عقد البرلمان البريطاني جلسة طارئة لمناقشة الأحداث يوم الخميس (هل يتذكر أحدنا موقفا لبرلمان مصر أثناء ثورتنا؟). وأمام البرلمان، قال ديفيد كاميرون رئيس الوزراء ، إن بريطانيا "ستبحث" الاستعانة بالجيش لدى وقوع أعمال شغب في المستقبل حتى تتفرغ الشرطة للتعامل مع مثيري الاضطرابات.
وعلى الرغم من محاولة تصوير الاحتجاجات البريطانية على انها انتفاضة مخربين، إلا أن من قاموا بها هم أبناء الفقراء والأقليات الذين ينفجرون في الشوارع بين الحين والآخر، تحديا لقوانين لا تحترم وجودهم ولاتعيرهم انتباها، وليس التخريب أو أعمال العنف سوى تعبيرا عن عدم احترام تلك القوانين؛ فالملاحظ من شهادات شهود العيان أن الشباب الساخط يقوم بأعمل تخريب للمتاجر، من دون نهبها؛ ومن ثم سيكون من الغباء بمكان، اعتبار أساليب القمع كفيلة بإخماد هذا السخط.
وقبل نحو شهر ، اندلعت في شوارع الدولة الصهيونية احتجاجات مماثلة، وإن دعا إليها أبناء الطبقة المتوسطة، ممن ضجوا من التركيز على بناء المستوطنات بدلا من تحسين الحالة الاجتماعية للمواطنين. ومن المتوقع أن ينضم إلى هؤلاء تدريجيا أبناء الطبقات الفقيرة التي تعاني من سوء الأحوال الاقتصادية، فضلا عن السكان العرب الفقراء ومعاناتهم المزدوجة.
كما يتوقع أن يكون العماد الأكبر لشباب الغضب الأمريكي في السابع عشر من الشهر المقبل، أبناء الطبقات الكادحة والجاليات الفقيرة، المهمشين في دولة عظمى لا تقيم لوجودهم حسابا ويعانون من الظلم الاجتماعي والإجحاف الاقتصادي.
وإذا كانت الثورة في مصر اندلعت بالأساس يوم عيد الشرطة سخطا على امتهان كرامة المواطنين، ورفضا لممارسات أجهزة القمع؛ إلا أن الظلم الاجتماعي الذي يعانيه أبناء الطبقات الفقيرة ينذر بانتفاضة عاتية مقبلة، مالم يتدارك الحكام الحاليون الأمر بسرعة. و لاشك أن الظروف مهيأة أكثر في بلداننا النامية، لانتفاضات اجتماعية واقتصادية مماثلة وربما أكثر عنفا، بعدما فاض الكيل بالفقراء.
وهكذا تؤكد الأحداث يومًا بعد يوم، أن النظام الرأسمالي أكمل دورته، ووصل حد التوحش الذي لم يعد محتملا، بعدما صار 0.2 ف المائة من سكان العالم يمتلكون وحدهم نحو 70 بالمائة من ثرواته. وإذا كان العقدان الماضيان شهدا بدايات حركات متعدية للقوميات تناضل ضد العولمة المتوحشة أو الليبرالية المتوحشة، فيبدو أن العالم يسرع الخطى نحو عولمة جديدة أكثر إنسانية، تجعل الكلمة الأولى للشعوب، وليس للاحتكارات.. فهل يشهد جيلنا بدايات ثورة أممية حقيقية قادمة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.