سبت النور 2024، سبب تسميته وأهم طقوس احتفالاته    المستندات المطلوبة للتصالح على مخالفات البناء.. تبدأ يوم الثلاثاء    نانسي عجرم ناعية الأمير بدر بن عبد المحسن: خسرنا إنسان وشاعر استثنائي    الدوري الإنجليزي، نيوكاسل يكتفي بثلاثية نظيفة في شباك بيرنلي بالشوط الأول    التشكيل الرسمي للخليخ أمام الطائي بالدوري.. موقف محمد شريف    وزير الرياضة يتفقد ورشة عمل حول الأمن المعلوماتي بشرم الشيخ    مدرب ريال مدريد السابق مرشح لخلافة توخيل    إعادة الحركة المرورية لطبيعتها على الطريق الحر بعد حادث تصادم    "الجثمان مفقود".. غرق شاب في قرية سياحية بالساحل الشمالي    بعد القاهرة مكة، أفلام مصرية جديدة "للكبار فقط" في موسم صيف 2024    دعاء تعطيل العنوسة للعزباء.. كلمات للخروج من المحن    أحدث 30 صورة جوية من مشروع القطار السريع - محطات ومسار    طلب برلماني بتشكيل لجنة وزارية لحل مشكلات العاملين بالدولة والقطاع الخاص -تفاصيل    إصابة 8 في انقلاب ميكروباص على صحراوي البحيرة    "الزراعة" تنظم سلسلة أنشطة توعوية للمزارعين في 23 محافظة -تفاصيل    موعد ومكان عزاء الإذاعي أحمد أبو السعود    ميرال أشرف: الفوز ببطولة كأس مصر يعبر عن شخصية الأهلي    مفاجأة- علي جمعة: عبارة "لا حياء في الدين" خاطئة.. وهذا هو الصواب    أخبار التوك شو| الأرصاد تعلن تفاصيل طقس اليوم.. أسعار الذهب الآن في مصر    "علشان تأكل بأمان".. 7 نصائح لتناول الفسيخ في شم النسيم 2024    بطلها صلاح و«العميد».. مفاجأة بشأن معسكر منتخب مصر المقبل    محمد يوسف ل«المصري اليوم» عن تقصير خالد بيبو: انظروا إلى كلوب    كشف ملابسات فيديو التعدى بالضرب على "قطة".. وضبط مرتكب الواقعة    استعدادًا لفصل الصيف.. محافظ أسوان يوجه بالقضاء على ضعف وانقطاع المياه    جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 والثانوي الأزهري    تشييع جنازة الإذاعي أحمد أبو السعود من مسجد السيدة نفيسة| صور    «الصحة» تعلن أماكن تواجد القوافل الطبية بالكنائس خلال احتفالات عيد القيامة بالمحافظات    ما حكم أكل الفسيخ وتلوين البيض في يوم شم النسيم؟.. تعرف على رد الإفتاء    بعد رحيله عن دورتموند، الوجهة المقبلة ل ماركو رويس    استقبال 180 شكوى خلال شهر أبريل وحل 154 منها بنسبة 99.76% بالقليوبية    رئيس الأعلى للإعلام يهنئ البابا تواضروس الثاني بمناسبة عيد القيامة المجيد    «الإسكان»: دفع العمل بالطرق والمرافق بالأراضي المضافة لمدينتي سفنكس والشروق لسرعة توفيق أوضاعها    خريطة القوافل العلاجية التابعة لحياة كريمة خلال مايو الجارى بالبحر الأحمر    الانتهاء من 45 مشروعًا فى قرى وادى الصعايدة بأسوان ضمن "حياة كريمة"    الخارجية الروسية: تدريبات حلف الناتو تشير إلى استعداده ل "صراع محتمل" مع روسيا    رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب    محافظ المنوفية يحيل 37 من المتغيبين بمستشفيات الرمد والحميات للتحقيق    إيقاف حركة القطارات بين محطتى الحمام والعُميد بخط القباري مرسى مطروح مؤقتا    انطلاق ماراثون المراجعات النهائية لطلاب الشهادة الإعدادية والثانوية بكفر الشيخ    حسين هريدي: الخلاف الأمريكي الإسرائيلي حول رفح متعلق بطريقة الاجتياح    ماريان جرجس تكتب: بين العيد والحدود    السيسي يعزي في وفاة نجل البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني    أبرزها متابعة استعدادات موسم الحج، حصاد وزارة السياحة والآثار خلال أسبوع    التموين: توريد 1.5 مليون طن قمح محلي حتى الآن بنسبة 40% من المستهدف    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد    توفيق عكاشة: شهادة الدكتوراه الخاصة بي ليست مزورة وهذه أسباب فصلي من مجلس النواب    المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة "ابدأ" .. الليلة مع أسامة كمال في مساء dmc    روسيا تسقط مسيرتين أوكرانيتين في بيلجورود    دفاع طفل شبرا الخيمة يتوقع أقصى عقوبة لطفل الكويت معطي التعليمات    مستشار الرئيس للصحة: مصر في الطريق للقضاء على مسببات الإصابة بسرطان الكبد    ما حكم تهنئة المسيحيين في عيدهم؟ «الإفتاء» تُجيب    مي سليم تروج لفيلمها الجديد «بنقدر ظروفك» مع أحمد الفيشاوي    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    إيرادات فيلم السرب على مدار 3 أيام عرض بالسينما 6 ملايين جنيه ( صور)    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    مصرع 14 شخصا إثر وقوع فيضان وانهيار أرضي بجزيرة سولاويسي الإندونيسية    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيد حجاب جبرتي 25يناير:
الثورة لا تزال في خطر !
نشر في أخبار الأدب يوم 03 - 04 - 2011

لا يحتاج الشاعر الكبير سيد حجاب إلي ميدان ليكون ثائرا، لكن إرهاق الثوار في الميادين كان بحاجة إلي وجبات من الدهشة، تجدد لهم الطاقة وتعينهم علي السهر في ليالي الثورة، فكانت أشعار حجاب جزءً لا يتجزأ من طعام الروح، يتغني بها الشباب في سمرهم ويلتفون حولها وكأنها عامود يدعم بقاء خيامهم المنصوبة.
في رأيي لا تحتاج الثورة إلي محلل سياسي يتحدث عنها بقدر ما تبحث عن شاعر يصف لنا دهشتها وطزاجتها وتفردها.
فتحت الثورة للشاعر الكبير خزائن تكتنز بالمعني، فراح يبسط سلطانه من جديد علي الكلمة ليثبت كالعادة أنه أحد أهم المسئولين عن التأريخ الشعري للأحداث.
هذا هو سيد حجاب.. جبرتي ثورة 25 يناير، ومنشدها الذي تنبأ بالطوفان قبل أن يجئ، علي الرغم من أنه يأبي أن أدعوه بالمحرِض.
التقيته رغم أنفه، يوم الخميس الماضي.. بعد أن أخذ يراوغني، بإغلاق هاتفه تارة، والاعتذار لارتباطه بموعد شغل مع إسماعيل عبد الحافظ ومحفوظ عبد الرحمن تارة أخري، بينما أفاجأه بأنني والروائية سهام بيومي علي بابه، ففتح لنا قلبه.
ما الذي يحدث في مصر الآن؟
- الذي يحدث في مصر الآن شئ غير مسبوق في تاريخ الإنسانية، أو حتي في تاريخ الثورات، فثورة 25 يناير هي ثورة شديدة الخصوصية، لسببين أساسيين: حجم المشاركة الجماهيرية والشعبية فيها الذي وصل إلي 12 مليونا في دولة يبلغ تعدادها 85 مليونا وهذا أمر غير مسبوق حتي في ثورة الصين، التي يربو عدد سكانها علي المليار، ولا في الثورة السوفيتية، أو الإيرانية.
وثانيا: أنها افتتاحية ثورات القرن الحادي والعشرين.. افتتاحية الثورات الاشتراكية بعناوين العدالة الاجتماعية.. عناوين القرن العشرين، لا عناوين الماركسية القديمة.
فضلا عن الآليات.. ألية إثارة الثورة عبر أرقي أدوات عصر المعلوماتية، فهذا في حد ذاته يعد شيئا غير مسبوق، انتصار الثورة علي القوات المسلحة، عبر الضغط دون إحداث انقسام بينها.
بمعني؟
- كانت كل الثورات السوفيتية مثلا تعتمد علي تفكيك الجيش القيصري، وثورة الصين الشعبية تمت عبر حرب عصابات في مواجهة الكومينتانج "العميل لليابانيين".
أما ثورتنا بسلميتها المبهرة في مواجهة النظام الفاسد فقد اعتمدت علي محاولة جلب الجيش كتلة واحدة في صفها دونما حاجة إلي إحداث انقسام في داخله، لذا فهي بكل المواصفات ثورة شديدة الخصوصية.
يصمت حجاب لبرهة ثم يواصل: علينا أن نعي أيضا أنها شكلت ثلاث ثورات مندغمات معنا؛ أولها: الخطوة في اتجاه ثورة ثقافية، بعد سيادة ثقافة الاستسلام باسم السلام، وسياسة الفرقة، وسياسة الافقار والتجويع، والإرهاب والترويع، والإلهاء والتطويع، التي شكلت سياسيات النظام القديم، وأدت إلي نوع من ثقافة العبودية، وثقافة الاستسلام، وثقافة الفرقة، في خطوة واحدة صنعت ثورة وانقلابا في منظومة القيم الفاسدة التي كانت تحكمنا، وعلي الفور تأسست في الميدان ثقافة وحدة وطنية، ثقافة حرية مسئولة، ثقافة رفض للخوف، بل.. ثقافة مواجهة وروح استشاهدية غامرة كانت تملئ الميدان.
وهذا يعني بوضوح أن منظومة القيم- التي رسخها النظام القديم- انهارت في هبة واحدة.
يبقي أن تكتمل هذه الثورة بسياسة تعليمية وسياسة تربوية جديدة تؤسس لإنسان مصري جديد.
وعلي المستوي الآخر؟
- هي ثورة سياسية تهدف إلي تغيير نظام حكم فاسد وعميل، وهي تخطو الخطوات الأولي في اتجاه تأسيس دولة الحرية، والإخاء والمساواة.
وفي نفس الوقت، هي إعلان عن الثورة الثالثة.. ثورة العدالة الاجتماعية، وبهذا المعني تكون- كما أسلفت- إعلانا عن ثلاث ثورات مندغمات معنا.
وللأسف الشديد؛ نحن الآن في منعطف خطير من حياة هذه الثورة لأن كل قوي الثورة المضادة في الداخل وفي الخارج أيضا تضغط في اتجاه حرف هذه الثورة عن طريقها الضروري، الذي إذا كان قد تعثر اليوم، فهو يقينا سيكتمل غدا علي أقصي الفروض.
عندئذ تخرج الأديبة سهام بيومي عن صمتها واكتفائها بمتابعتنا من زاوية في أقصي يسار غرفة مكتب سيد حجاب لتبادر بسؤاله: ديوانك الأخير "قبل الطوفان الجاي" وصفت فيه الحالة كاملة وحللت الشخصيات الموجودة والشكل السائد للسلطة وممارستها وتكويناتها، والثورة الشابة.. فهل كنت تتوقع، وأنت تكتب قصائده، أن تشتعل الثورة بهذه السرعة؟
- يكذب من يقول إنه تنبأ بهذه الثورة ذات الخصوصية الفريدة.
لقد جد جديد في الحراك الاجتماعي المصري بعد أن كان قائما بين فصيلين من الطبقة المتوسطة الصغيرة، فصيل حريص علي استقلال الإرادة الوطنية، وفصيل أخر ملحق بالمشروع الاستعماري الصهيوني عبر الشركات متعددة الجنسيات وعبر الخضوع والالتحاق بالسياسات الأمريكية.
كنت أقول إنه في السنوات الثلاث الأخيرة ظهرت متغيرات في الساحة السياسية، تمثلت في دخول فئات وطبقات جديدة إلي حلبة الصراع منذ الاعتصامات الفلاحية والعمالية التي حدثت، وقلت أيضا إن دخول المدونين إلي الساحة السياسية قلب جزء من المعادلة، وإن اندغام قوي المدونين مع قوي الطبقات الشعبية سيغير الصورة بأكملها, وهذا كان محض استنتاج نظري أو قراءة في الحال.
وفي ديواني "قبل الطوفان الجاي" كنت اقرأ أحوال العالم منذ انتصار المقاومة اللبنانية علي العدوان الإسرائيلي.
وقد بدأت كتابة هذه القصيدة الطويلة، واكملتها بعد انفجار الأزمة المالية العالمية، واكتملت القصيدة ولكن بشكل عام من يقرأ التاريخ من وجهة نظر الخضر والبيئيين يدرك أن البشرية قضت مرحلتين سابقتين؛ في الأولي كان الصراع بين الإنسان والطبيعة، وكانت الطبيعة هي الغالب، وفي الثانية كان الصراع بين الإنسان والطبيعة الذي انتهي بسيطرة الإنسان عليها حتي أوشك أن يدمرها، إن البشرية الآن لابد وأن تدخل في طور جديد يتناغم فيه الإنسان مع الطبيعة، هذا هو مستوي قراءة البيئين, أما قراءة المستقبليين مثل تافلر فهي تقول إن البشرية فاتت في الثورة الزراعية, ومضت في صناعة المداخن، وهي الآن مقبلة علي الثورة الثالثة.. صناعة المعلوماتية، وعلي مستوي الماركيسيين الذين حاولوا العودة بالماركيسية إلي صفائها القديم نازعين عنها الممارسات البرجماتية من إضافات لينن وماو وغيرهما؛ كانوا يرون أن القرن الحادي والعشرين هو قرن الاشتراكية بعناوين جديدة بعد أن فاتت البشرية من عصور المشاع البدائي.. الدولة العبودية، إلي الدولة الاقطاعية، فالدولة الرأسمالية، لمحاولات الالتحاق بالراسمالية عبر ما سمي بالثورة الاشتراكية في القرن العشرين التي فشلت في إنجاز مهام الاشتراكية، ولكن نجحت في التأسيس لرأسمالية الدولة.
والبشرية التي خاضت مثل هذه التجارب هي الآن في سبيل الدخول إلي ثورة اشتراكية من خلال عناوين العدالة الاجتماعية التي هي عناوين القرن الحادي والعشرين.. العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، وهي مقبلة الآن علي هذه الثورة فكتابة "قبل الطوفان الجاي" اعتمدت علي قراءة الوقع المحلي والواقع الإنساني والمسار الإنساني بشكل عام مع إدراك أن قوي الشعوب
هي التي في صعود بالقياس إلي وقوي الرأسمالية التي أوصلت الإنسانية إلي حافة الانهيار والانتحار حاليا، انتقالا إلي الاحتباس الحراري والعديد من المشكلات البيئية المطروحة الآن.
والبشرية مهيأة الآن لدخول عصر جديد يسوده احترام حقوق الإنسان، والتناغم بين الإنسان والطبيعة، وأي قارئ للتاريخ يدرك أن القوي المحركة دائما هي قوي الاستنارة وقوي الشباب المستنير التي تغير الواقع.
وهذه القراءة لأحوال العالم انطلقت من منطقتنا ووطننا، وقد كانت رؤية أكثر شمولية، ولا استطيع القول بإنها كانت رؤيا لهذه الثورة بالتحديد، ولنقل إنها "اسكتش" أو رسم "كروكي"، أو قراءة لمسار الإنسانية عبر رسم تخطيطي، وأظن أن هذه الثورة لا شاعر لها إلا الشعب المصري، ولا أمير شعر لها إلا الشباب المصري المستنير.
أقول هذا علي الرغم من إيماني بأن هناك شاعرا بعينه انخرط في أتون هذه الثورة وهو عبد الرحمن يوسف.
فأنا لا أري أن أحدا من حقه أن نطلق عليه شاعر الثورة سواه، فهو الذي انخرط في التأسيس لها، والتبشير بها، ولكن حتي هذا الشاعر، وغيره من الشباب الذي أشعل الشرارة الأولي للثورة، قد فاجأتهم هذه الثورة كما فاجأت الشعب المصري كله، بل والعالم أجمع.
إنها ثورة الشعب المصري بقيادة طلائعه المستنيرة، وعبقريتها تكمن في أنها في جملتها من إبداع الشعب المصري.
وتعود سهام إلي طرح سؤال جديد حول دور الشباب في الثورة وإمكانية تقديمه لقيادة في الفترة القادمة
- ويجيب سيد حجاب: يجب أن أوضح قبل كل شئ أن جزء كبيرا من هؤلاء الشباب- الذين فجروا هذه الثورة- ينتمي إلي اتجاهات سياسية متباينة: فمنهم أصحاب اليمين، ومنهم اليسار، والإخوان، والتجمعيين، والبرادعيين، وشباب أيمن نور.
شباب من كافة الاتجاهات السياسية هم الذين فجروا هذه الثورة وأججوها، جنبا إلي جنب مع شباب ليست لهم أية انتماءات حزبية.
وثانيا أود أن أقول إن القوي السياسية القديمة هي قوي تقليدية.
فعلي سبيل المثال لا يمكننا أن نعتبر أن حركة "كفاية" بفكرها المرن جدا، الذي استعاد للإنسان المصري حقه في التظاهر والرفض والاحتجاج، سلفية أو رجعية، وكثير من السلفيين الذين شاركوا في تفجير هذه الثورة لا نستطيع أن ننعتهم بالسلفيين، فأساليبهم قد تكون ليبرالية تقليدية؛ فجزء كبير من القوي السياسية القديمة وجد في الثورة بعضا من حلمه.
وأتصور أن هذه الثورة غيرت بالفعل من خريطة السياسة المصرية، والمشاركة السياسية المصرية كفيلة بأن تغير الكثير من الخطوط السياسية للأحزاب التقليدية، وهي في نفس الوقت كفيلة بأن تفرز قيادات جديدة، ولكن علينا أن نعي أن هذه المسألة لن تتم بين يوم وليلة, فهي ثورة.. بعد سنوات طويلة من القهر والكبت والاستبداد وسيادة روح العبودية، وهي قادرة علي تغيير الكثير حتي في داخل هذه القوي التقليدية، وستنجب قوي جديدة تحتاج لوقت كي تنضج.
وحتي لو تعثرت الخطوة القادمة، فالديمقراطية هي الكفيلة دائما بتصحيح المسار بمزيد من الديمقراطية.
وإذا لم تصل هذه الثورة إلي غاياتها في القريب العاجل, ستصل بعد ذلك مستفيدة من خبرة الالتفاف علي هذه الثورة لا قدر الله.
وهل تري أن الثورة كانت حافزا لكل القوي التقليدية لتجديد فكرها وتغيير أساليبها وطرق تفكيرها؟
- من المؤكد أن البعض اعتبر هذه الثورة قاطرة لمشاريعه الخاصة، وهؤلاء يحاولون أن يلتفوا حولها.
ولكن علي الرغم من قلقي البالغ من هذا فلا أشك في قدرة هذا الشعب العبقري علي تصحيح ما يحدث من أخطاء.
وأسأله: هل أنت مع الرأي القائل بأن ثورتنا التي جاءت تالية للثورة التونسية من حيث التوقيت، كانت الباعث أو المفجر الذي أطلق شرارتها الأولي؟
- بلا شك إن لكل ثورة خصوصيتها.. المتمثلة في ماذا فجرها، وأليات تحركها, ومطالبها التي تعرفها، ولم يحدث علي امتداد التاريخ أن تم تصدير ثورة، أو تم استنساخ ثورة، فالثورات لا تصدر ولا تستنسخ وكل شعب يبتكر ثورته الخاصة.. بأساليبه وروآه الخاصة، لكننا لا يمكن أن ننكر أن الشعوب تفيد من خبرات بعضها البعض، كما يفيد المستبدون أيضا من خبراتهم.
يمكننا القول بأن ما منح هذه الثورة القدرة علي التفجير هو ما تلاها من انتفاضات واحتجاجات وثورات لابد وأن تكتمل في يوم من الأيام.
ولا ننسي الوزن الاستراتيجي الذي جعل الإسرائيليين يقولون بأنهم خسروا كنزهم الأكبر في المنطقة.. أقصد حسني مبارك، وهو جزء من عبقرية الثورة المصرية، وامتداد تأثيرها، وليس استنساخها لثورات أخري، وامتداد هذا التأثير ينبع من الوزن الاسترتيجي لمصر في هذه المرحلة التاريخية بالتحديد بعد أن تعثر المشروع الامريكي الصهيوني في المنطقة مع العراق وأفغانستان، ومع الهزيمة في لبنان، ومع ميلاد تكتل إقليمي في مواجهة موجة العولمة الأمريكية، تكتل إقليمي موجود حاليا في المنطقة متمثل في تركيا وإيران اللتين كانتا حليفتين لإسرائيل، والآن أصبحتا حليفتين للشعوب العربية، بالإضافة إلي قوي الممناعة التي تنمو في المنطقة؛ هناك محور إقليمي يولد في مواجهة هجمة العولمة المنكسرة، وأظن أن هذا كانت له دلالة مهمة جدا؛ وصول "جول" ولقاؤه بشباب الثورة واحترامه وتصفيقه لهم، وبعد ذلك دعوته وترحيه بأن تستعيد مصر دورها الإقليمي من جديد، فكل هذه الاشياء لها دلالة مرتبطة بالوزن الاسترتيجي لمصر في المنطقة.
ما رأيك فيما كتب من إبداع واكب ثورة 25 يناير؟ أسألك وأنا أعلم أنك متابع جيد.
- الثورات بشكل عام في العالم كله هي تراكمات كمية تفضي إلي تغير كيفي، وهذه التراكمات الكمية لعلها تبدأ عندنا في مصر, وهذه الثورة المصرية تراكم كمي للاحتجاج والقهر.. للحلم والكبت والاستبداد.
وتباشير هذا الحلم بدأت تتحقق مع رفاعه رافع الطهطاوي, الذي رفع راية الحلم المصري في أول القرن، واستمرت نضالات الشعب والطلائع المصرية تحاول الوصول إلي هذا الحلم الذي هو بناء الدولة الحديثة.. دولة الحرية والإخاء والمساواة.
دخل في هذه التراكمات أحمد عرابي ومصطفي كامل وسعد زغلول وجمال عبد الناصر وشباب 25 يناير وهذه الثورة هي تراكم للحلم المصري في مواجهة القهر الاستبدادي الذي كان يغله؛ سواء كان استعماريا أم عميلا، فهذه الثورة لم تنشأ من فراغ، لكن بشكل مباشر هؤلاء الشباب نجحوا في اختزال كل خبرات الشعب المصري من أجل التحرر والعدالة والمساواة، وفجروا هذه الثورة بطريقة مختلفة عن أحلامنا نحن.
بانقضاء عهد ثقيل الوطأة.. كيف تتصور مدي التغير الذي سيحدث في شخصية الإنسان المصري وسلوكه؟
- أظن أننا علي مشارف مصر جديدة بكل المعايير.. مصر جديدة يسكنها مصري جديد حر يدرك أن الحرية هي في المقام الأول المسئولية يواصل الحلم القديم بتحرير سوق مصر وتنقية هذا السوق والعودة إلي صف الأشقاء العرب من جديد، إعادة النظر في خريطة المنطقة بالكامل ليس بالضرورة أن نشعل غدا حربا ضد إسرائيل، ولكن مجرد بدء التنمية المصرية وإشاعة مناخ الحرية والديمقراطية يصنع المعول الذي يهدم أساس هذه الدولة العنصرية التي تهدد أمننا القومي بشكل دائم.
وعلي المستوي الداخلي؟
- أظن أنه بعد ثورة الخروج من القمقم، وما يصحبها من علو الصوت أو اختلال الرؤي، ستأخذ الأشياء حجمها الطبيعي، وسيعود المصري إلي طبيعته البناءة الخلاقة المبدعة ليؤسس لمجتمع جديد مستنير وعادل.
وما هو المشروع القومي الذي تتمني أن يطرح علي الساحة في العهد الجديد.. يجتمع عليه المصريون ويتعاونوا من أجل تحقيقه؟
- منذ بدء التاريخ كان المشروع القومي لمصر يؤسس لدولة متقدمة في هذه المنطقة تحمي أمنها القومي الذي ينهض علي دعائم محددة مثل الوحدة الوطنية، وحماية منابع النيل، ومع الحيطة من الخطر القادم دائما من الناحية الآسيوية المجاورة لمصر، وهذا يعني ضرورة تأسيس دولة قوية.. شعبها حر.. يعدل فيما بينه، فالحلم الاستراتيجي المصري يعتمد علي تأسيس دولة حديثة عادلة حريصة علي أمنها القومي، ولا تفرط فيه كما فعلت الحكومات السابقة التي فرطت في الوحدة الوطنية ومنابع النيل واعتبرت القضية الفلسطينية قضية تقسيم لا قضية تحرير، فعلينا أن نعود من جديد لنصبح جزءً من هذه الأمة العربية الواحدة فنؤسس مع أشقائنا كيانات اقتصادية موحدة، وليس مع الأنظمة الفاسدة فيها.. ويظهر إلي الوجود كيان عربي يكمل دائرة الإقليم مع إيران وتركيا، وقوي الممناعة لن تكتمل إلا بقوة مصر في هذا الإقليم ممثلة للعرب.
فالإقليم ثلاث قوميات كبري ودولة مصطنعة غير ذات قومية، وعنصرية ومقامة علي أساس وحدة الديانة، بينما هذه المنطقة ملك لهذه القوميات مع بعض القوميات الصغيرة المجاورة والتي أخذ جزء منها في كيانات إقليمية مختلفة هناك العرب والفرس أو الإيرانين والأتراك هذه هي الكيانات الكبري وبجوارهم الأكراد والأرمن وبجانبهم العديد من الكيانات الصغري مثل النوبة في مصر.. لذا ينبغي أن تحتضنهم الكيانات العربية أو الكيانات الإقليمية الكبري الموجودة بالمنطقة. مصر مهمة جدا للعالم، وأتصور أن مصر بثورتها يمكنها أن تستعيد موقعها في قيادة الإقليم، وربما في قيادة العالم إذا صنعت نموذجا يحتذي للعدالة الاجتماعية.
سهام: التطورات المصرية عادة ما تكون مباغتة وبأساليب جديدة، وخاصة التي تأتي منها بعد فترات من الخمول الطويل، ونظن خلالها أن الأمور لن تتغير أو أن الناس يبدأون في التململ واليأس فما هو تفسيرك لذلك؟
- نحن نعيش الآن مرحلة من مراحل الثورة المصرية التي حلم بها الطهطاوي.. إقامة الدولة الحديثة، فإذا كانت أوروبا قد استطاعت أن تنجز مهمة الدولة الحديثة في آواخر القرن الثامن عشر من خلال الثورة الفرنسية وما لحقها من ثورات قومية، فنحن ندخل إلي هذه المرحلة الآن؛ نحن لم نؤسس بعد- مع النضال الطويل للشعب المصري- لهذه الدولة.. دولة الحرية والإخاء والمساواة.. نحن بصددها وبصدد اكتمالها بالثورة الاجتماعية.
كل ما حدث في مصر حلقات مختلفة من الثورة الأولي التي هي ثورة الحداثة.. ثورة المواطنة، فنحن لا نزال ندخل بهذه الثورة إلي عالم الدولة الحديثة، ليبدأ بعد ذلك اكتمال هذه الثورة وتجاوزها لآفاق الدولة الحديثة إلي ما بعد الحداثة، وإلي دولة العدالة الاجتماعية.. هذا مشروع للمستقبل، لكن نحن الآن في مرحلة اكتمال الثورة المصرية.
المشروع الاسترتيجي المصري منذ أيام محمد علي.. تحرير وتنمية السوق.. نحن الآن في مرحلة إعادة تحريره لنبدأ في تنميته بقواعد جديدة.
علي الرغم من مطلب العدالة الاجتماعية المطروح والتي ترددت في شعارات الشباب وبعد السقوط المدوي للنظام لا توجد بوادر في الأفق لتحقيق العدالة الاجتماعية.. فثوارت الفئات للمطالبة بحقوقها يسمونها بالفئات المندثة أو المطالب الفئوية.
- يبادر بالقول: نحن لم نكمل بعد المرحلة الانتقالية, التي تم خلالها قطع رأس النظام القديم، الذي لا يزال متغلغلا في جوانب الحياة المختلفة.. الصحافة و الإذاعة والتليفزيون ومواقع اتخاذ القرار في المحافظات والمجالس المحلية، فكثير من مناحي الحياة يزخر بهذا الاحتياطي الاستراتيجي للثورة المضادة.
ولن تكتمل هذه المرحلة الانتقالية إلا بمحاكمة كل من أساء إلي الحياة المصرية السياسية والاقتصادية والإعلامية والاجتماعية.. فكل رموز النظام القديم يجب أن تكنس، ليحل محله نظام جديد تماما، فبعد حالة الكبت الشديدة يأتي الانفجار، والخلل.. وهو أمر طبيعي جدا.
صحيح أن كثيرا من المطالب المحقة انفجرت قبل الآوان، وأظن أن الدكتور عصام شرف ووزراءه يدركون ماهية هذه المطالب، وهم الآن بصدد محاولة كنس بقايا النظام القديم، وإعادة النظر في سلم الأجور في مصر، الذي وصل به الخلل إلي أن تكون النسبة بين أدني الأجور وأعلها في نفس المؤسسة كنسبة 1300:1، وبالضرورة ستتم إعادة النظر في سلم الأجور بعد محاسبة وكنس كل بقايا النظام القديم، والمسألة ينبغي جدولتها وإدراكها بوعي، لا سيما وأن جزءً من بقايا النظام القديم يحاول أن يركب موجة الاحتجاجات المطلبية التي تقام من أجل إثارة حالة من الفوضي، المطلوب منهم إحداثها.
فالمطلوب أن يصل الشعب المصري- من وجهة نظر الثورة المضادة- إلي القول: "ولا يوم من أيامك يا مخلوع..."، وإشعاره بعدم جدوي الثورة، فمن شارك في الاستفتاء هم حوالي 18 مليون من أصل 45 مليون، أما الباقي فهم أناس تعاطفوا مع الثورة ولكنم ظلوا في بيوتهم صامتين لم يتحركوا إلي الميادين الكبري، والثورة المضادة تسعي الآن إلي كسب من أحبوا الثورة وفرحوا بها، لكن لم يشاركوا فيها.
لذا فنحن نحتاج الآن إلي المزيد من الضغط والنضال الشعبي.. وإدراك أن هذه الثورة كانت ولا تزال في دائرة الخطر. أريد أن أعرف تعليقك علي مشهد صادفني ظهر اليوم.
ايه؟
كنت في طريقي إلي الجامعة الأمريكية فإذا بمظاهرة تمر بي، تضم شبابا وأطفالا في زيهم المدرسي وهم يهتفون برد الجميل.
ابتسم وهو يقول: هذا أمر طبيعي جدا، طالما أن جزءً كبيراً من أجهزة الدولة وقياداتها في الجامعة والإعلام والأجهزة التربوية لا يخجل من محاولة تجميل نفسه وارتداء أقنعة جديدة, فينبغي تطهير كل أنظمة الدولة من العناصر القيادية التي افسدت في ظل النظام القديم مع إعادة تأهيل العناصر المأمورة غير القيادية للتعامل مع منطق الثورة.
سهام: الشعار الذي كان يردده الثوار"الشعب يريد إسقاط النظام" ومع ذلك لم يسقط النظام؟
سقطت رأسه ولا تزال له ذيول متغلغلة
سقط.. ولكنني حتي الآن غير قادرة علي ممارسة حقوقي، وتغيير القوانين أو الأساليب والطرق التي كان يتبعها النظام القديم؟
في الفترة القريبة القادمة سيتم تغيير كثير من القيادات علي الأقل في مجال الإعلام.
وأطلب منه أن يحدثنا عن الإبداع.. وهل يزدهر في أجواء الرخاء أم أن القمع والضغط النفسي يولدان إبداعا عظيما؟
أظن أن أهم شئ هو الإنسان نفسه، هذا الإنسان لو أتيحت له ظروف أدمية ستتفجر فيه إبداعات لا نهائية علي كافة المستويات: الأدب والفن والعلوم والتربية، وفي كل مناحي الحياة سيتم ابتكار أساليب جديدة للتقدم بحياتنا, ويجب أن نعي أن الإبداع ظاهرة عصية علي التفسير حتي الآن، فهناك من أبدع في الرخاء أمثال جوته وهناك من أبدع في العسر وهناك من أبدع في الصبا وهناك من أبدع في الشيخوخة، وهناك من يبدع في الزحام والضوضاء، وهناك من يبدع في الهدوء والسكون.. الإبداع الكبير ابن الاختمار الطويل، وليس ابنا لرد الفعل العابر لأن الآداب والفنون تستهدف بشكل عام القيم المطلقة كالحق والخير والجمال، وقد اخطأ من استعمل الآداب والفنون كأداة تكتيكية، ففي الثورة الروسية فكر جادانوف- الذي حكم الأدب والفن لفترة طويلة- في أن هذه الفنون العظمي ستأتي يقينا حين تختمر فكرة الحياة الجديدة وتفرز مشكلاتها واشكالياتها الخاصة، وستختمر هذه الآداب في نفوس المبدعين.
وعلي كل الأحوال أتصور أن هذه الثورة وميدان التحرير والميادين الأخري فجرت عند شباب هذا الجيل طاقة إبداعية مدهشة تجلت في عودة روح الفكاهة التي افتقدناها، ووضحت فيما قيل من شعارات.
ويستطرد الشاعر الكبير سيد حجاب قائلا: المسرحيات التي قدمت في ميدان التحرير مثل "صرف العفريت" عكست روح الابتكارية الكبيرة.
والإنسان لكي يبدع عملا كبيرا عليه أن يعطيه مساحته الزمنية لكي يختمر.
وأسأله: ما قولك في شئ يشكل ظاهرة بعد الثورة، وهو أن معظم من تقابله من المبدعين يتصور أنه المتنبئ بالثورة؟
كلنا قمنا بهذا ولكن من الأفضل عدم المباهاة به، فأي نفس شفافة، وأي محب لهذا الشعب، وأي مؤمن بقدرة الشعوب كان يتوقع الثورة.
سهام بيومي: عندما أجلس أمام التليفزيون أتساءل في أي الأقطار هذه الثورة؟!.. ليبيا أم اليمن أم البحرين، وأي حاكم يتكلم؟!.. القذافي أم عبد الله صالح أم غيرهما فكلهم يقولون نفس الكلام.
نفس ما حدث هنا يحدث هناك، والآن تجربة القذافي شجعت قوي الثورة المضادة علي المستوي العربي أن تشن حربها علي الثورة بمعني أن صمود القذافي بالمعونة الإسرائيلية بغرفة العمليات الإسرائيلية التي تقود معاركه الآن ودخول أوروبا علي الخط طمعا في خيرات ليبيا مثلا مشجعا لقوي التخلف العربي.
هل تقصد أن هذا موجه لنا نحن المصريين واليمنيين؟
هو بالفعل موجه لنا، فهي ثورة مضادة تهدف بالفعل إلي إسقاطنا نحن المصرين لأن المشكل يكمن فينا.. أن تقوم هذه الثورة في مصر، ومثل ما قال الأستاذ هيكل بنفاد بصيرة عالي جدا: "إن أمريكا مع التغيير لكنها ضد الثورة"؛ مع التغيير وهي تقود محاولة التغيير الإصلاحي في مواجهة الثورة.
سهام: إنها تغير بمعرفتها فهي تسعي إلي خلق معارضة بمواصفاتها لتمنع تواجد المعارضة الحقيقية من خلال عمليات التمويل ومنظمات المجتمع المدني.
هذا بالفعل هو ما يقومون به الآن.. فأمريكا وإسرائيل تقودان الثورة المضادة ضد سلسلة ثوراتنا العربية.
هل ما حدث في العراق يطابق ما يحدث في ليبيا حاليا؟
أظن أن ليبيا بارتباطات القذافي بالصهيونية والأمريكان وقوي الاستعمار العالمي.. إيطاليا وخلافها شكلت النموذج الذي تحاول أن تحذوه قوي الثورة المضادة في كل المنطقة، وبعد ليبيا بدأ يحدث ما هو مشابه في اليمن ودرع الجزيرة وتدخل السعودية في البحرين.
وأتصور أن أمريكا وبعض الأنظمة الصهيونية العربية منخرطون في هذا المشروع، ثورة مضادة ضد ثورات الشعوب في المنطقة، وأظن أنه ينبغي هزيمتها هناك لأنها لو نجحت ستواصل طريقها نحو ثورتنا التي تشكل الخطر الحقيقي علي كل هذه الأنظمة والسياسات الاستعمارية في المنطقة.
سهام: من يسقط من الحكام يغلق الغرب صفحته.. من أول شاه إيران إلي مبارك، فهم لا يراهنون إلا علي القادم وليس علي من مضي مهما قدم لهم من خدمات.
إذا لاحظنا في الأيام المرتبكة الأولي مع حسني مبارك أن رد الفعل الأول لأمريكا يطالبه بالتنحي الفوري، ثم أعطوه فرصة، ولكنه عندما أصدر أوامره إلي الجيش بضرب المدنيين ودك ميدان التحرير، فشلت هذه الخطة من خلال رفض الجيش فبدأت أمريكا في إرسال المبعوثين.
سهام: الشباب رفض مقابلة هيلاري كلينتون عندما جاءت إلي مصر.
نعم.. الذين وفدوا إلي تونس من الغرب حاولوا احتواء ثورتها، فوجدوا الشعب التونسي مواصل إلي أن فرض دستورا جديدا، واسقط حكم الغنوشي.
وفي مصر حاولوا ذلك أيضا ولكنهم باءوا بالفشل، إلي أن أظهر لهم القذافي نجاح مواجهة الشعب بالسلطة والجيش فبدأوا اعتماد هذا النموذج بعد ذلك، وهم يواصلون اعتماده في اليمن والبحرين
فهم من الممكن أن يذبحوا شعب البحرين ونصف الشعب اليمني في سبيل ألا تسقط هذه الأنظمة بالكامل في أيدي شعوبها .فالمرحلة الحالية شديدة الحرج علي مستوي الثورة المصرية وعلي مستوي جميع الثورات العربية الواقعة لكن اعتقد أن الأهم فيها هي الثورة المصرية التي ينبغي ألا نجعلها تسقط لا من الداخل ولا من الخارج.
وفي النهاية أسأله: ماذا تكتب الآن؟
أنا منشغل بعملين؛ مسلسل عن بيرم التونسي يكتبه الأستاذ محفوظ عبد الرحمن، ويقوم بوضع ألحانه الأستاذ عمار الشريعي، ويخرجه إسماعيل عبد الحافظ، وقصيدة طويلة بعنوان "تاتا خطي السبعين"، أسعي من خلالها إلي استشراف أحوال الإنسان، مثلما قمت باستشراف أحوال الدنيا من خلال "قبل الطوفان الجاي".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.