وفي عصر السادات ضد «إلغاء الدعم» وفي أيام مبارك كرة القدم سيدة الموقف! أيام مبارك كرة القدم سيدة الموقف كان مشهدا عظيماً، هذا الذي أعقب فوز مصر بكأس أفريقيا للمرة الثالثة علي التوالي والسابعة في تاريخها، الناس بالآلاف في الشوارع، والأعلام المصرية بأحجامها المختلفة ترفرف فوق أغلب المنازل وفي يد كل الناس، هو مشهد يستحق الدراسة لتفسير هذه «الظاهرة»، لكن ما الذي حدث للمصريين؟ وكيف تغيرت مظاهراتهم من النزول للشارع في عصر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لتأييد الثورة أو إعلان الغضب لنزولهم لتأييد حسن شحاتة، ومن احتفالاتهم بتأميم قناة السويس إلي احتفالهم بهدف جدو ومن هتافهم ضد زيادة أسعار السلع في عهد الرئيس أنور السادات إلي هتافهم ضد المنتخب الجزائري، تاريخ المصريين بعد ثورة يوليو 1952 يشهد علي نزول الناس أكثر من مرة إلي الشارع للتعبير عن آرائهم سواء بالرفض أو بالتأييد، أول خروج لهم كان فور الإعلان عبر الإذاعة عن قيام ثورة 23 يوليو فقد خرج الآلاف من سكان القاهرة في مظاهرات احتفالية كبيرة مؤيدة لقيام الثورة ومرحبين بها ورغم أن هذه المظاهرات كانت مجرد احتفالات كبيرة في الشوارع إلا أنها فتحت الباب أمام المصريين للنزول إلي الشارع ومنذ هذه المرة وتوالي النزول ففي عهد جمال عبدالناصر خرج المصريون إلي الشارع أكثر من مرة لعل أشهرها كان خروج الملايين في كل أنحاء الجمهورية في يوليو 1956 تفاعلا وفرحة بقرار الرئيس جمال عبدالناصر بتأميم قناة السويس، الناس خرجت تهتف باسم عبدالناصر وامتلأت الشوارع في كل مدينة وقرية فرحا بقرار الرئيس هذا الذي يدل علي وجود شعب حي يتفاعل مع كل الأحداث الكبري التي تدور علي أرضه ولم يكن خروج الجماهير عقب قرار التأميم هو الوحيد فقد خرج الناس مرة أخري في عهد عبدالناصر لكنهم هذه المرة ليرفضوا خطاب التنحي الذي أعلن فيه عبدالناصر عن تحمله المسئولية كاملة عن هزيمة يونيو 67 وقراره بالتنحي عن الرئاسة فخرجت الجماهير بعفوية شديدة رافضة للقرار وهاتفة «هنحارب. .هنحارب»، وكان للجماهير في عهد عبدالناصر خروج آخر عام 68 وهو الخروج الذي أطلق عليه مظاهرات محاكمة الطيران كانت أيضا المظاهرات بالآلاف في الشوارع بعد أن فاق الناس من غيبوبة هزيمة يونيو67، خرج الناس هذه المرة مطالبين السلطة. استيقظ الجميع علي فجيعة كبري موت الآلاف من الجنود ووقوع عدد كبير منهم أسري في أيدي الصهاينة إضافة إلي احتلال سيناء وبعض الأراضي العربية الأخري، طلب الناس محاكمة المتسببين في الهزيمة ومعاقبتهم، إلي هذا الحد كان المصريون علي درجة من الوعي تجعلهم ينظمون مظاهرات كبيرة لمحاكمة مسئولين كبار تسببوا في هزيمتهم في معركة اعتبروها مصيرية، ويبدوا أن عهد عبدالناصر رفض أن ينتهي دون أن يسجل خروجًا عظيمًا للمصريين، ففور إذاعة بيان وفاة عبدالناصر خرج الناس مرة أخري بالملايين في جنازة عبدالناصر وكان خروجهم تاريخيا وهكذا خرج الناس في عهد عبدالناصر ولعل خروجهم المتعدد يعبر عن مدي التفاعل الذي كان يعيشه المصريون في ظل حكم عبدالناصر، وفي عهد الرئيس السادات كان مازال لدي الناس بعض من ثقافة الخروج إلي الشارع لقضايا مصيرية، ويبدو أن الناس كانت مستعدة للخروج إلي الشارع لاستقبال السادات ولم تكن هذه التظاهرات فرحا بتولي السادات منصب رئاسة الجمهورية لكنها كانت مظاهرات نظمها عدد من الطلبة في 1972 وانضم إليها عدد من المواطنين والعمال، طالبوا فيها بإعلان الحرب علي إسرائيل وتحرير الأراضي المحتلة وصل بهذه المظاهرات إلي إعلان الاعتصام في ميدان التحرير، وقد وصلت تحركات المصريين ونزولهم إلي الشارع ذروتها في أحداث 18 و19 يناير 1977 عندما خرج مئات الآلاف من المصريين يرفضون قرارات زيادة أسعار السلع، نزل المصريون الذين خرجوا من المقارات الحكومية والمدارس والجامعات والبيوت وهتفوا «ممدوح بيه ياممدح بيه. . كيلو اللحمة بقي بجنيه» بالإشارة إلي ممدوح سالم رئيس الوزراء ووزير الداخلية في ذلك الوقت، ولم تهدأ المظاهرات إلا بعد أن تراجع السادات عن قراراته، العظيم في هذا الحدث أن المصريين أثبتوا أنهم شعب يعرف جيدا قراءة الواقع وما سيترتب عليه في المستقبل، فكان لديهم تأكيد أن قرار السادات الخاص برفع أسعار عدد من السلع الغذائية هو بداية لمخطط يريد النظام تنفيذه رفع الدعم كاملا عن جميع السلع وتركها لحرية السوق في الوقت الذي لم تشهد فيه أي زيادة علي المرتبات والأجور، في عهد الرئيس مبارك أيضا خرج الناس ولكن لأسباب أخري ومختلفة كثيرا عن الأسباب التي نزلوا من اجلها في عهدي عبدالناصر والسادات، خرج المصريون بصورة كبيرة وعفوية مرات قليلة للغاية اشهرها مظاهرات التنديد بالحرب الأخيرة التي قامت بها إسرائيل علي قطاع غزة ثم مسيرات فوز مصر بكأس أفريقيا في المرة الأولي في 2006 والمرة الثانية في 2008والمرة الثالثة في 2010.