.. مرت على الأمة العربية والإسلامية الذكرى الثالثة والستين على النكبة العربية باحتلال فلسطين قلب الأمة النابض أرض الرسالات ومهبط الأنبياء التي تضم عددا من المقدسات الإسلامية والمسيحية وهي أرض المحشر والمنشر وبها المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين وتحمل من الذكريات التاريخية العربية الإسلامية الكثير، قاسى شعبها القتل والتشريد وذاق الشدائد على يد الصهاينة المحتلين الذين جاءوا من مشارق الأرض ومغاربها لا يجمعهم عرق ولا هوية ولا تاريخ ليقيموا وطنا لهم على ارض فلسطين العربية الإسلامية، يدّعون أن حقبة من التاريخ القديم قامت لهم في فلسطين مملكة يهودية وهم اليوم يطالبون بيهودية دولتهم الصهيونية غير آبهين للتاريخ والجغرافيا والديموغرافيا والهوية وتعايش الأديان، تأتي هذه الذكرى في ظل ظروف عربية استثنائية ومتغيرات تاريخية كبرى في المنطقة كانت الشعوب العربية هي أداتها، وقد سالت دماء في سبيل رفض الظلم والفساد والتواطؤ مع العدو وموالاته، فمضت الأمة باتجاه التغيير واشتعلت الثورات والانتفاضات العربية في كل قطر عربي، ما يعني أن هذه الشعوب كسرت قيودها وانجلى ليلها، وأعلنت أنها قادمة لكتابة تاريخ جديد للمنطقة تاريخ يعيد للأمة عزتها وكرامتها، وقد اقترب الوعد الحق لاستعادة تلك الحقوق التاريخية المشروعة! وفلسطين كانت وما زالت حاضرة في قلب الشعوب العربية والإسلامية كوطن عربي أسير يرزح تحت نير الاحتلال الصهيوني وها هي بشائر الخير تتجلى على حدودها في ذكرى نكبتها الثالثة والستين معلنة أن هذه الأمة قادمة وأن هدفها الاستقلال والتخلص من نير الاحتلال، وأن قافلة التحرر تحركت ونهايتها ستكون في القدس الشريف بعدما يتحرر كامل التراب العربي في فلسطين من النهر إلى البحر وفي باقي البقاع العربية المحتلة، بل أن الإنتفاضة العربية كما قامت في الأقطار العربية هي قادرة بإذن الله أن تتجه لاستعادة حقوقها التاريخية في فلسطين وفي الجولان السورية وفي جنوب لبنان وفي كل قطعة عربية دفعت فيها الدماء واستشهد فيها المناضلون الأبطال، وبلا شك أن الوقت قد حان وأن استثارة التاريخ لهذه الشعوب له ما بعده! وأصبحت الأمة العربية اليوم مستعدة للتصدي لجحافل الغزاة المحتلين وما حدث على حدود الأراضي العربية المحتلة في هذه الذكرى من تحركات باتجاه الحدود المحتلة تحدث لأول مرة منذ ثلاثة وستين عاما وترسل إشارات متعددة أن الأمة قادمة وأن النصر آت بإذن الله. اليوم استفاقت الذاكرة العربية وخطت خطوة نحو الأمام معلنةً قيام عملاق عربي إسلامي بدأ يتحرك من خلال هذا المخاض العظيم ولن يتوقف إلا على تراب فلسطين! هذه التحركات اليوم تذكر بحق العودة والتحرير وتبشر أن الخير قادم بإذن الله وأن فجرا جديدا قد أقبل لا مكان فيه للظلم والاحتلال، وما حدث في هذه الذكرى من تحركات يبشر بجيل عربي إسلامي جديد، فأستيقظ العالم على صوت العدل والحرية أعلن أن هذه الأمة لا تموت، وأن ما حدث يعد بداية انعطاف الخط البياني لصالح العرب والمسلمين، وتبشيرا بأن النصر آتٍ لا محال مهما تراكمت علينا المحن والخطوب، فهذا الحدث يحدث لأول مرة في تاريخ الاحتلال الصهيوني عندما اندفعت تلك الأمواج البشرية الكبيرة من اللاجئين نحو أوطانهم المحتلة في فلسطين والجولان السورية وجنوب لبنان مؤكدين أنهم لا يساومون على حقوقهم المشروعة وأنهم عائدون إلى قراهم وأوطانهم وأن حق العودة لا يمكن التنازل عنه بأي حال من الأحوال، وكذلك تحركت الجماهير العربية في مصر العروبة التي تقود طليعة الأمة العربية والإسلامية معلنة أن ذكرى النكبة يوما للزحف باتجاه القدس، فما أعظمها من رسالة للعدو أننا قادمون! وقد انكفئت إسرائيل في جحرها موجهة نيران أسلحتها على تلك الحشود الفدائية الشجاعة التي سقط منها الشهداء، وهيهات يا بني صهيون عندما يسقط في هذه الأمة شهيد! فهو في رحاب الخلد والشرف العظيم، وأنتم تقاتلون من وراء جدار ولن تتمكن ترسانتكم من لجم الشعوب وابتزاز الحقوق فهذا الطريق لا مناص عنه وهو نبراس ينير المستقبل لهذه الأمة جيلا بعد جيل "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون". الذكرى الثالثة والستون جاءت مرعبة عليكم بني صهيون فأنتم تظنون أنه ميلاد دولتكم العظيم لكنه يوم قاس حزين، بدأت فيه جحافل الزحف العربية تعلن بسم الله الله أكبر، وأنتم تعلمون أن تاريخ التواطؤ قد ولى وأن ظلام الأمس لن يعود، والشعوب العربية قد رأت النور ولن تقبل الظلام بعد اليوم! ولله الحمد في فلسطين هناك حدث يريبكم ويرعبكم أكثر فأكثر وقد جرت المصالحة الفلسطينية على تراب مصر العروبة وعلى يد مهندس الخارجية المصرية نبيل العربي الذي استبشر العرب به خيرا فالكتاب يقرأ من عنوانه وهو خير رجل لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية الذي يأتي في وقت جدا مثالي للتغيير، ولا يفوتنا أن نشير أننا لم نمتلك توازن السلاح معكم بني اسرائيل ولكننا نمتلك الإرادة والعزيمة والقلوب التي لا تلين، وأننا ندافع عن قضية مقدسة وعن حقوق لا يمكن التنازل عنها، ويومنا خير من أمسنا وإن غدا لناظره قريب وترسانتكم بعون الله زائلة "والله المستعان على ما تصفون" وقد استبشر العرب والمسلمون بهذا اليوم عندما بدأت الشعوب تتحرك باتجاه الأرض والمقدسات وهي إشارة أن النصر آت بعون الله لا محال، ونذكركم أيضا أن تاريخ دولتكم الأولى لم يدم سوى بضعة وستون عاما وما أصدق التاريخ إذا أراد أن يعود.