محافظ سوهاج يزور مطرانيات الأقباط بالمحافظة للتهنئة بعيد القيامة    مصر تستورد لحوم وأبقار بقيمة 139.7 مليون دولار خلال يناير وفبراير    عاجل| ماكرون يدعو نتنياهو إلى استكمال المفاوضات مع حماس    بالأسماء.. مفاجآت منتظرة بقائمة منتخب مصر في معسكر يونيو المقبل    تصنيع مواد الكيف والاتجار بها.. النيابة تستمتع لأقوال "ديلر" في الساحل    3 أبراج تعزز الانسجام والتفاهم بين أشقائهم    فوائد وأضرار البقوليات.. استخداماتها الصحية والنصائح للاستهلاك المعتدل    الآن.. طريقة الاستعلام عن معاش تكافل وكرامة لشهر مايو 2024    الأهلي يبحث عن فوز غائب ضد الهلال في الدوري السعودي    «الزهار»: مصر بلد المواطنة.. والاحتفال بالأعياد الدينية رسالة سلام    فى لفتة إنسانية.. الداخلية تستجيب لالتماس سيدة مسنة باستخراج بطاقة الرقم القومى الخاصة بها وتسليمها لها بمنزلها    «على أد الإيد».. حديقة الفردوس في أسيوط أجمل منتزه ب «2جنيه»    انتشال أشلاء شهداء من تحت أنقاض منزل دمّره الاحتلال في دير الغصون بطولكرم    تجدد الطبيعة والحياة.. كل ما تريد معرفته عن احتفالات عيد شم النسيم في مصر    ناهد السباعي بملابس صيفية تحتفل بشم النسيم    دمر 215 مسجدًا وكنيسة.. نتنياهو يستخدم الدين لمحو فلسطين| صور    «مراتي قفشتني».. كريم فهمى يعترف بخيانته لزوجته ورأيه في المساكنة (فيديو)    هل يجوز أداء الحج عن الشخص المريض؟.. دار الإفتاء تجيب    وزير الرياضة يتفقد مبنى مجلس مدينة شرم الشيخ الجديد    إصابة 3 إسرائيليين بقصف على موقع عسكري بغلاف غزة    قبل ساعات من انطلاقها.. ضوابط امتحانات الترم الثاني لصفوف النقل 2024    قوات روسية تسيطر على بلدة أوتشيريتينو شرقي أوكرانيا    رئيس مدينة مرسى مطروح يعلن جاهزية المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين لاستقبال طلبات التصالح    «الزراعة» تواصل فحص عينات بطاطس التصدير خلال إجازة عيد العمال وشم النسيم    ندوتان لنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية بمنشآت أسوان    تقرير: ميناء أكتوبر يسهل حركة الواردات والصادرات بين الموانئ البرية والبحرية في مصر    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة بمحافظة الإسماعيلية خلال العام المالي الجاري    5 مستشفيات حكومية للشراكة مع القطاع الخاص.. لماذا الجدل؟    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة بطوخ    «شباب المصريين بالخارج» مهنئًا الأقباط: سنظل نسيجًا واحدًا صامدًا في وجه أعداء الوطن    بين القبيلة والدولة الوطنية    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    استشهاد ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين في غارة إسرائيلية على بلدة ميس الجبل جنوب لبنان    في إجازة شم النسيم.. مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة بالغربية    طوارئ بمستشفيات بنها الجامعية في عيد القيامة وشم النسيم    رفع حالة الطوارئ بمستشفيات بنها الجامعية لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    الصحة الفلسطينية: الاحتلال ارتكب 3 مج.ازر في غزة راح ضحيتها 29 شهيدا    إعلام إسرائيلي: وزراء المعسكر الرسمي لم يصوتوا على قرار إغلاق مكتب الجزيرة في إسرائيل    التنمية المحلية: استرداد 707 آلاف متر مربع ضمن موجة إزالة التعديات بالمحافظات    بالصور.. صقر والدح يقدمان التهنئة لأقباط السويس    أنغام تُحيي حفلاً غنائيًا في دبي اليوم الأحد    بالتزامن مع ذكرى وفاته.. محطات في حياة الطبلاوي    جناح مصر بمعرض أبو ظبي يناقش مصير الصحافة في ظل تحديات العالم الرقمي    الليلة.. أمسية " زيارة إلى قاهرة نجيب محفوظ.. بين الروائي والتسجيلي" بمركز الإبداع    البابا تواضروس: فيلم السرب يسجل صفحة مهمة في تاريخ مصر    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    دعاء تثبيت الحمل وحفظ الجنين .. لكل حامل ردديه يجبر الله بخاطرك    3 أرقام قياسية لميسي في ليلة واحدة    ميسي وسواريز يكتبان التاريخ مع إنتر ميامي بفوز كاسح    اتحاد الكرة يلجأ لفيفا لحسم أزمة الشيبي والشحات .. اعرف التفاصيل    صحة مطروح تطلق قافلة طبية مجانية بمنطقة أولاد مرعي والنصر لمدة يومين    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة في طوخ    الأهلي يجدد عقد حارسه بعد نهائي أفريقيا    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    السيطرة على حريق شقة سكنية في منطقة أوسيم    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مكة 3 والمسجد الأقصى والإسلام في عين العاصفة (22)
نشر في الشعب يوم 17 - 02 - 2007


بقلم: أد : يحيى هاشم حسن فرغل
yehia_hashem@ hotmail .com
http://www.yehia-hashem.netfirms.com


ويخدعوننا بتجريم المرجعية الدينية

إن المؤامرة قد استحكمت حلقاتها وهي كما تضرب في الأطراف تضرب في الأعماق ، وكما تضرب في الجغرافيا تضرب في التاريخ ، وكما تضرب في الجغرافيا والتاريخ فإنها تحلم بإنهاء المعركة بضرب الرمز المقدس في المسجد الأقصى أولا ، والبقية تأتي ، والنائمون ما يزالون يحسبونه كابوسا .
إن عقيدة الإسلام هي وحدها القادرة على صنع ذلك النمط من النفوس التي تمكنت في فجر الإسلام من دحر امبراطورية الروم وتحرير القدس ، وهي وحدها القادرة في العصر الحديث على صنع تلك النفوس التي تدحر امبراطورية الروم الجديدة ، وتحرر بيت المقدس من الصهيونية ، وترد إليه بركته ، وتحرر المسجد الحرام من التهديد وترد إليه طمأنينته .
إن حجرالزاوية في خطة استرداد بيت المقدس وطمأنينة المسجد الحرام هو في الارتكاز على العقيدة الإسلامية والصدور عنها
إن هذه ضرورة أولية من أجل تحقيق شرط النصر الذي شرطه المولى عز وجل ، وهي بعد ذلك ضرورة من أجل جمع القوى الهائلة المهدرة التي للمسلمين في أوطانهم وديارهم ، ضرورة من أجل الانتفاع بهذه القوى بعد أن تجتمع ، ضرورة من أجل تفجير طاقاتهم الروحية تفجيرا واعيا . ضرورة من أجل صنع الأمة الإسلامية الظافرة بحقوقها ، والتي تكون بعد الظفر مستعدة لأن تكون قوة صانعة للحياة الكريمة على الأرض ، موجهة لها إلى طريق الخلاص .
ولهذا فإن العدو يحرص على أن يلغي المرجعية الدينية
وهنا قد يتساءل بعض الناس عن المراد بمعنى البركة التي وضعها الله بالمسجد الأقصى ، في قوله تعالى ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ) وقد يستريب بها بعضهم من حيث تتسرب إليهم بعض وساوس الشيطان ؛ تحت ضغط ما يحدث للمسجد وحوله من بلاء ودمار للبلاد والعباد . وقد يتساءلون عن مغزى الجهاد من حوله بينما البركة من شأنها أن تكفل له السلام ، أو تكفل له ما يفترض أن يتحقق بالجهاد
يتوقعون من البركة أن تلفهم بعباءة السلام ، دون أن يتلفعوا من قبل ومن بعد ببركة واجبات السلام ، لقد كان عليهم أن يفهموا أنه لا يمكن لهم أن يحصلوا على بركة السلام إذا عملوا له بعيدا عن الاستعداد ببركة الجهاد والاتحاد
والمراد بالمسجد الأقصى كما جاء في كتب التفسير: ( بيت المقدس الذي بإيلياء ) .
أما عن معنى البركة لغة فهو إدامة التشريف والكرامة ، وتطلق البركة أيضا على الزيادة ، وفي المراد بها هنا جنح بعض المفسرين إلى البركة الدنيوية ( لسكانه في معايشهم وأقواتهم وحروثهم وغروسهم ) ، وفهم آخرون من البركة ما يشمل الدنيا و الآخرة ( لأنه مهبط الوحي ومتعبد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من لدن موسى عليه الصلاة والسلام ، ومحفوف بالأنهار والاشجار )، وقيل : بركته بمن دفن حوله من الأنبياء والصالحين ، ( .. ولأنه مقر الأنبياء ومهبط الملائكة والوحي وفيه الصخرة ومنه يحشر الناس يوم القيامة ) ، ويفتح ابن تيمية جغرافية الأرض المباركة لتشمل الشام والحجاز واليمن جميعا .
وهنا يرجع السؤال : كيف يمكن تصور هذا المعنى من الزيادة وإدامة التشريف والكرامة مع ما يقع بالمسجد وما حوله ومن حوله من صور البلاء والدمار للبلاد والعباد في أطوار متعاقبة من التاريخ ، من أظهرها الحملة التدميرية الاستئصالية الصهيوينة الاستيطانية المعاصرة بتدبير من الغرب الصليبي .
وللإجابة على هذا التساؤل نقول : إن المقصود معنى البركة إسلاميا ، أي بما لا يستبعد المشقة والبلاء من معنى البركة ، ودورهما في جلب المثوبة لمن يستحقها والعقوبة لمن يستحقها ، جلب المثوبة ظاهرا ، أو جلبها باطنا في أعطاف البلاء ، وفي كل ذلك مزيد من البركة لا ينقطع .
ولكننا من جهة أخرى نجد المقاييس الإسلامية لا تتجاهل المقاييس الفطرية البشرية ، التي تتطلع إلى بركات الدنيا في طلب العفو والسلامة : تطلبها رجاءً وتطلبها عبادة : فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء
لهذا – وانطلاقا من الذاتية الإسلامية – يجب إضافة مبدأ الخلود عند معالجة الموضوع . فيصبح هم المسلم الأكبر في طلب البركة: النجاة من الشر الدائم ( النار ) ويصبح همه الأكبر الفوز بالخير الدائم ( الجنة ) .
وفي سياق البحث عن المفهوم الأعمق للبركة ، نجد للإسلام نظرته المتميزة لما هو الفرح ، ولما هي السعادة ، ففي هذا الشأن لابد من الكدح والابتلاء والجهاد .
. إن الجهاد والتحريم والحرمان في المشروع الإسلامي يطرح باعتبار أنه يقوم بالدور الأساسي في بناء الإنسان ، كما يطرح باعتبار أنه يقوم بالدور الأساسي في إدراك السعادة أو النعيم ، والنوال .
وفي هذا السياق نعلم أن " النظام " هو المفتاح لفهم "السلوك الكوني " وما ينطوي عليه من ضرورات وسنن ، ومن ثم يأتي البلاء كما يأتي الجهاد حركة من حركات هذا النظام ، هذا النظام الذي تخضع له جهات الكون وأبعاده ، وكلياته وأجزاؤه ، في هذه الدنيا ، في السماء والأرض ، الأرض المباركة وغير المباركة .
وبما أن النظام رحمة أو بركة - يقينا - فإن الرحمة أو البركة لا يتصور فيها أن تأتي إلا في موكب النظام ، أو كجزء من النظام . وليس من المتصور إذن أن تأتي الرحمة أو البركة لتلغي النظام ، لأنها عندئذ كأنها رحمة أو بركة تلغي الرحمة أو البركة !!
وإذن فإن الذين يستغربون للبركة أن تحف بها ضرورة النظام وما يكون له من مرارة في حلوقهم أو ضيق في صدورهم ، ويتوقعون أن تأتي رحمة الله أو بركة الله من باب الخروج والانتقاض على قوانين الله ونظامه في الكون - وبخاصة إذا كانت هذه القوانين من بين ما أعلمنا الله به - إنما هم واهمون .
وأخيرا فإن هذا يعني أن البركة التي وضعها الله في بيت المقدس أو المسجد الأقصى إنما تأتي في إطار النظام الإلهي للكون الذي يتقاضى الإنسانَ مسئولياته في هذا الكون ، ولا يعطلها ، ومن بينها مسئولياته في الجهاد والاتحاد والكد والبلاء

في ضوء هذه النظرة الإسلامية الشاملة لمفهوم البركة يأتي الحديث عن بركات المسجد الأقصى وما حوله إذ شيدت بركة المسجد الأقصى – كما شيدت لبنات مبناه – من وقائع وحقائق وآيات وأحاديث وأحداث :
ومن لبنات البركة فيه أنه صلى الله عليه وسلم ( صلى قِبل بيت المقدس ستة عشر شهرا – أوسبعة عشر شهرا ) قَبل تحويل القبلة إلى المسجد الحرام
ومن لبنات البركة فيه دلالة ما جاء في مسند الإمام أحمد بسنده عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من أحرم من بيت المقدس غفر الله له ما تقدم من ذنبه )
ومن لبنات البركة فيه دلالة ما جاء في كونه ( أرض المحشر والمنشر ، إئتوه فصلوا فيه)
وفي كونه أعلى جهة في حوضه صلى الله عليه وسلم ( إن حوضي ما بين الكعبة وبيت المقدس ، أبيض مثل اللبن ، آنيته عدد النجوم ، وإني لأكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة )
ومن لبنات بركته مضاعفة الثواب لمن صلى فيه ( صلاة في المسجد الحرام كمائة ألف صلاة ، وصلاة في مسجدي كألف صلاة ، وفي بيت المقدس كخمسمائة صلاة ) أي من غير المسجد الحرام والمسجد النبوي كما تدل على ذلك أحاديث أخرى
ومن لبنات البركة فيه مضاعفة الثواب لمن أهل بعمرة منه ( من أهل بعمرة من بيت المقدس كانت كفارة لما قبلها من الذنوب )
ومن لبنات البركة فيه دلالة ما جاء في الأخبار عن الأنبياء السابقين : ففي بيت المقدس تاب الله على داود عليه السلام ، ورد الله على سليمان عليه السلام ملكه ، وبشر الله زكريا بيحيى عليهما السلام ، وسخر الله لداود الجبال والطير ، وأوصى إبراهيم وإسحاق عليهما السلام إذا ماتا أن يدفنا في أرضه، وفيه ولد عيسى عليه السلام وتكلم ، وأنزلت المائدة عليه في بيت المقدس ، ورفعه الله إلى السماء وهو في بيت المقدس ، وصلى الرسول صلى الله عليه وسلم زمانا إلى بيت المقدس ، وأسري به وعرج في بيت المقدس
ومن لبنات البركة فيه دلالة ما حدث فيه من حضور صفوة من الصحابة : ففي سنن أبي داود بسنده عن يعلى بن شداد بن أوس قال : ( شهدت مع معاوية بيت المقدس ، فجمَّع بنا ، فنظرت فإذا جل من في المسجد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) . وصلى به عشرات من أعيان الصحابة و مجموعة مرموقة من أعلام التابعين والأئمة في تاريخ الإسلام . ومئات لا يحصون من أعلام المسلمين .
ولقد توجت هذه البركة من قبل ومن بعد بما جاءت به معجزة الإسراء والمعراج . قال تعالى سبحانه وتعالى : " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير " وجاء في المعراج قوله سبحانه وتعالى في سورة النجم : " والنجم إذا هوى " إلى قوله تعالى "لقد رأى من آيات ربه الكبرى "
ومن بركات معراجه منه فرض الصلاة ، ورؤيته ربه جل في علاه

إن إقرارنا للخوارق من خلال هذا المنهج يتم في ظل أمور :
منها الإقرار بالقوانين الطبيعية على أنها من تدبير الله وسنته ، ومن هنا فإن خرق العادة فيها إنما يحدث ممن يملكها بدءا وانتهاء ، وهو إنما يحدث لغرض التذكير بواضع هذه القوانين ، ومن ثم فإنه يحدث في أضيق الحدود على يد نبي أو ولي ، وفي ندرة لا تتعارض مع جريان القوانين في مجراها العادي الذي وضعه الله لها ، وهي إنما وضعت في المجرى العادي لا لضرورة ذاتية ولكن لصالح البشر والمخلوقات بحيث لا ينهدم النسق العام الذي تضطرب حياتهم بدونه .
إن البعض يتصور أن هذه القوانين لا يمكن أن تخرق والبعض يتصور إمكان ذلك ، والفرق بين أولئك وهؤلاء فرق هام ، إذ أن الأولين ينظرون إلى القوانين على أنها ذاتية للطبيعة والكائنات ، وهؤلاء لا يمكنهم تفسير علاقة الله بهذه القوانين إن أقروا به سبحانه ، أما الآخرون فهم يرون أنها تابعة لإرادة الله فمن ثم يتصورون إمكان خرقها أو تعطيلها إن أراد الله ذلك فهو سبحانه لا قيد على إرادته من خلقه ،وهو " لا يسأل عما يفعل وهم يسألون " وهؤلاء هم المؤمنون بالله والأنبياء والقوانين والمعجزات جميعا . .

إن حادث الإسراء والمعراج ينطبق عليه تعريف المعجزة ، ومن هنا كان فضل الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بجريانها على يده وكان فضل الله على أمته بأن أجراها على يد الرسول الذي أرسل إليهم ولكن أمرها يتسع ليشمل معنى الابتلاء في ضوء المفهوم الذي قدمناه من قبل عن البلاء وقد كان الابتلاء فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم في مواجهته قومه بهذا الخبر
في صحيح مسلم بسنده عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها ، فكربت كربة ما كربت مثله قط ، قال : فرفعه الله لي أنظر إليه ، ما يسألوني عن شيء إلا أنبأتهم به ) ، هو كرب طبيعي ، رفعه الله عنه .
وفي هذه المواجهة جاءت أحاديث وروايات كثيرة لا محل لذكرها جميعا في هذا المقال
هذا ولم يتحدث الرسول صلى الله عليه وسلم في جلسته تلك عن المعراج ، واقتصر على حديث الإسراء لما توقعه - ووقع فعلا - من العنت والسخرية في الحادث الأقل غرابة ، والذي انطوى على شواهد مادية على صدقه ، فكيف به لو حدثهم عن المعراج وهو الأكثر غرابة ، ويخلو من الشواهد ؟ لكنه حدثهم به بعد ذلك ، كما جاء في سورة النجم ( والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى .. )
ومن هنا فإننا لا نرى أن توصف الرحلة بما يصفها بعضهم من كونها رحلة تسرية وترفيه وسياحة ..
يمكن أن نفهم كونها رحلة تكريم وتعزيز وتقريب وإعداد وبناء .. لكن أن تكون رحلة ترفيه فهو أمر بعيد ، وأنى لرسول الله من الترفيه وهو يوضع في موقف صعب : صعب عليه وصعب على قومه معا ؟ تعرض فيه لما تعرض من أسئلة مهما قيل فيها من أنها تأتي وفقا لتداع طبيعي ، إلا أنها أسئلة لا إنصاف فيها ، لأن أحدا منا لو خرج من زيارته لمكان - ولو دخله مرات من قبل – فإنه لو سئل عن لون السقف مثلا ، أو لون الحائط أو عدد درجات السلم لما أجاب.
وهي أيضا أسئلة لا إخلاص فيها ، لأنهم – حسب ما ظهر منهم بعد – قد بيتوا النية على التكذيب في الحالين : إن عجز عن أسئلتهم وصفوه بالكذب ، وإن أجاب عليها وصفوه بالسحر .

وتأتي الإشارة واضحة في حادث الإسراء والمعراج لأهمية الجهاد فيما رآه الرسول صلى الله عليه أثناء رحلة الإسراء والمعراج ففي رواية للبزار بسنده عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أًتي بفرس ، يجعل كل خطوة منه بأقصى بصره ، فسار ومعه جبريل ، فأتى على قوم يزرعون ويحصدون في يوم ، كلما حصدوا عاد كما كان . فقال لجبريل : من هؤلاء ؟ قال المجاهدون تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف ، وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه
وفي هذا الجانب عن الجهاد تبرز أمور من أهمها واجب التصدي لإفساد بني إسرائيل المتطاول على مدى التاريخ لهذه الأرض ، وهنا يأتي النظر في قوله تعالى : " وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين "
حيث ذهب بعض المفسرين - الطبري مثلا - في تفسيره إلى أن كان منهم الفساد الأول فبعث الله عليهم عدوا فاستباحوا الديار وخربوا المسجد ، فغبروا زمانا ثم بعث الله فيهم نبيا وعاد أمرهم إلى أحسن ما كان ثم كان الفساد الثاني بقتلهم الأنبياء حتى قتلوا يحيى بن زكريا فبعث الله عليهم بختنصر قتل من قتل منهم وسبى من سبى وخرب المسجد فكان بختنصر للفساد الثاني. وذهب البغوي في تفسيره إلى أن كان منهم الفساد الأول فكانت الواقعة الأولى بختنصر وجنوده ، والأخرى خردوش وجنوده وكانت أعظم الوقعتين فلم يقم لهم بعد ذلك راية . وانتقل الملك بالشام ونواحيها إلى الروم اليونانية إلا أن بقايا بني إسرائيل كثروا وكانت لهم الرياسة ببيت المقدس ونواحيها على غير وجه الملك ، وكانوا في نعمة إلى أن بدلوا وأحدثوا الأحداث فسلط الله عليهم طيطوس بن اسطيانوس الرومي فأخرب بلادهم وطردهم عنها ونزع الله عنهم الملك والرياسة وضربت عليهم الذلة فلا يبقى أحد منهم إلا وعليه الصغار والجزية ، وبقي بيت المقدس خرابا إلى خلافة عمر بن الخطاب فعمره المسلمون بأمره .
وذهب غيرهما من المفسرين مذاهب أخرى يقول ابن كثير : (اختلف المفسرون من السلف والخلف في هؤلاء المسلطين عليهم من هم ؟ ) ثم قال : ( وقد وردت في هذا آثار كثيرة إسرائيلية ، لم أر تطويل الكتاب بذكرها لأن منها ما هو موضوع من وضع بعض زنادقتهم ، ومنها ما قد يحتمل أن يكون صحيحا ونحن في غنية عنها ولله الحمد ، وفيما قص الله علينا في كتابه غنية عما سواه من بقية الكتب قبله ، ولم يحوجنا الله ولا رسوله إليهم ، وقد أخبر الله عنهم أنهم لما طغوا وبغوا سلط الله عليهم عدوهم ، فاستباح بيضتهم وسلك خلال بيوتهم وأذلهم وقهرهم جزاء وفاقا ، وما ربك بظلام للعبيد ، وأنه قتل أشرافهم وعلماءهم ، حتى أنه لم يبق من يحفظ التوراة ، وأخذ معه منهم خلقا كثيرا أسرى من أبناء الأنبياء وغيرهم ، وجرت أمور وكوائن يطول ذكرها ، ولو وجدنا ما هو صحيح أو ما يقاربه لجاز كتابته وروايته ، والله أعلم )

وفي روح المعاني للألوسي : في تفسير قوله تعالى : "عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا " أي : يرحمكم - بعد البعث الثاني - إن تبتم وانزجرتم عن المعاصي ، وإن عدتم للإفساد بعد الذي تقدم منكم عدنا للعقوبة فعاقبناكم في الدنيا بمثل ما عاقبناكم به في المرتين الأوليين ، وهذا من المقضي لهم في الكتاب أيضا ، وقد عادوا بتكذيب النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقصدهم قتله ، فعاد الله تعالى بتسليطه عليهم فقتل قريظة وأجلى بني النضير وضرب الجزية على الباقين . وقيل عادوا فعاد الله تعالى بأن سلط عليهم الأكاسرة ففعلوا بهم ما فعلوا من ضرب الأتاوة ، ونحو ذلك )
يقول الشيخ حسنين مخلوف في كتابه صفوة البيان في تفسيره لقوله تعالى " وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب إلخ" ( قيل :الأولى تغيير التوراة وعدم العمل بها ، وحبس أرمياء وجرحه ، إذ بشرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، والأخرى قتل زكريا ويحيى عليهما السلام ، وقال الجبائي : فإنه تعالى لم يبين ذلك فلا يقطع فيه بخبر )

ويذهب بعض المؤرخين إلى أن بني إسرائيل قد نالهم من العلو والانحطاط دورتان بالفعل : كان العلو في أولاهما قد جاء في عهد سليمان عليه السلام ودولته التي كانت تضم مملكة إسرائيل في الشمال والجنوب ، ثم بدأ الانحطاط بأن انقسمت إلى مملكتين قامت أولاهما في الشمال وعاصمتها السامرة في الفترة من 927 ق م إلى 721 ق م ، والثانية في الجنوب وعاصمتها في القدس في الفترة من 923 ق م إلى عام 585 ق م ، وقد تم القضاء على المملكة الأولى على يد الملك الأشوري "سرجون الثاني " عام 721 ق م ، وتم سبي أحسن رجالهم وترحيلهم إلى ميديا ، وكان عددهم أكثر من سبعة وعشرين ألفا ، ونقل الأشوريون إلى فلسطين قبائل من بابل والعرب لتحل محل الإسرائيليين ، وبنوا هيكلا لينافس هيكل أورشليم في الجنوب
وتم عام 585 ق م القضاء على المملكة الثانية في الجنوب على يد ملك بابل " نبوخذ نصر " وساق الشعب أسرى إلى بابل فعاش اليهود عيش العبيد وتم القبض على ملكهم ، ثم سملت عيناه وقيد بالسلاسل وحمل إلى بابل ، أما أورشليم فقد هدمت مع هيكلها وسبي رجالها ويقدر عددهم بخمسين ألفا ، وعاش اليهود في المنفى بعد سبيهم فلم يلبثوا أن حاكوا سادتهم الكلدانيين سكان ما بين النهرين في عاداتهم وعبدوا آلهتهم .
ثم حلت الكارثة بمملكة بابل عام 539 ق م حين هاجم الفرس بلاد الكلدانيين ، ودخلت فلسطين في حوزة النظام الفارسي ، وسمح الملك كورش ملك فارس لليهود المنفيين في بلاده بالرجوع إلى فلسطين ، ولم يدم الأمر طويلا حتى قضى الإسكندر الأكبر على الامبراطورية الفارسية ، واستولى على فلسطين من بين ما استولى عليه من بلاد الفرس ومستعمراتها .
ثم جاء عصر الرومان عام 58 ق م وقام اليهود بثورات من بينها ثورتهم في نوفمبر 66 م في عهد نيرون ، واستطاع القائد العسكري تيتوس إخمادها في سبتمبر 70 م، فدخل القدس بعد حصار شديد ، وأعمل القتل والنهب والحرق ، ودمر الهيكل حتى لم يبق حجر على حجر وأصبحت مدينة القدس قاعا صفصفا ، وبيع كثير من الأسرى عبيدا في أسواق الامبراطوية الرومانية بأبخس الأثمان ، وكانت أمنية اليهودي أن يشتريه من يرفق به فلا يرسله إلى حلقة المصارعة مع الوحوش التي اعتاد الرومان التلذذ بمنظرها وهي تلتهم الناس .
ثم ثار اليهود مرة أخرى على الرومان واستمرت ثورتهم ثلاث سنوات ما بين عامي 132 – 135 م ، ثم تمكن الامبراطور هارديان من القضاء عليها ونكل بالثائرين ، ودمر أورشليم وحرث موقعها وبنى مدينة جديدة فوق خرائبها سماها " إيليا كابيتولينا " ومنع اليهود من دخولها ، واستمر هذا المنع مائتي سنة تالية ، وندر دخولهم إليها وإقامتهم بها طوال القرون التالية حتى القرن التاسع عشر .
وزالت اليهودية كدولة سياسية من الوجود ، وأصبح اليهود شعبا بدون وطن فأضاف الرومان في تاريخ تشرد اليهود – كما يقول فيليب حتى – فصلا آخر ينضم إلى الفصول التي صنعها الأشوريون والكلدانيون . ويقول هربرت جورج ويلز : ( كانت حياة العبرانيين في فلسطين تشبه حياة رجل يصر على الإقامة وسط طريق مزدحم ، فتدوسه الحافلات والشاحنات باستمرار .. ومن الأول إلى الآخر لم تكن مملكتهم سوى حادث طارئ في تاريخ مصر وسوريا وآشور وفينيقية ، ذلك التاريخ الذي هو أكبر وأعظم من تاريخهم ) أنظر كتابه " تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين " ، و " الطريق إلى القدس " للدكتور محسن محمد صالح طبع ونش " " منشورات فلسطين المسلمة لندن 1995 ، وموجز تاريخ العالم لهربرت جورج ويلز ، ومقدمة إنجيل متى وتفسيره طبع دار المعارف ، و" تاريخ فلسطين القديم " لظفر الله خان طبع دار النفائس ببيروت عام 1984، وعودة القدس لرؤوف شلبي مطابع قطر الوطنية .

هذا ويذهب بعض المعاصرين إلى أن الإفساد الذي جاء في قوله تعالى " لتفسدن في الأرض مرتين " ينبغي أن يكون المراد به ما بعد ظهور الإسلام لأنه إذا أخذنا ما قبل ذلك في الحسبان فلا يكون مقصورا على مرتين ، كذلك فهو إنما يخص ما يكون العقاب فيه على يد المسلمين بمقتضى قوله تعالى " أرسلنا عليكم عبادا لنا وهم – على هذا الأساس – يأملون في أن تكون المرة الثانية تعني تحرير القدس من الاحتلال الصهيوني المعاصر على يد المسلمين، وفقا لقوله تعالى " وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة ".
وبناء عليه فهم يفسرون المرة الأولى بأنها كانت في المدينة وأن الصدر الأول من المسلمين بقيادة محمد صلى الله عليه وسلم هم الذين قضوا على ذلك الإفساد ، وأن الكرة تعود لليهود في الإفساد الثاني على الأجيال اللاحقة من المسلمين وهي الأجيال التي تعيش في الزمان الحاضر : ممن ذهب إلى ذلك : الدكتور فضل عباس في كتابه المنهاج نفحات من الإسراء والمعراج ، والدكتور صلاح الخالدي في كتابه حقائق قرآنية ، وإبراهيم العلي في كتابه " الأرض المقدسة بين الماضي والحاضر " وغيرهم كثير
وهذا التفسير يقتضي أن يكون القضاء في قوله تعالى " وقضينا إلى بني إسرائيل " موجها فقط لبني إسرائيل الذين عاشوا بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ، أو لمن سبقهم ولكن بخصوص من سيأتي بعد محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا ظاهر البعد إ ذ يسقط ما كان منهم من قبل من إفساد وما وقع عليهم من عقاب واسع المدى .

والأرجح عندي أن المقصود سنة كونية مطردة تنطبق على الجميع غاية ما في الأمر أن المرتين المذكورتين لليهود قد جاءت الإشارة إليهما باعتبار خطورتهما على المستوى الإنساني العام : فالأولى كانت ضد عيسى عليه السلام بالعمل على صلبه وتدمير ديانته من الداخل ، ، والثانية ضد محمد صلى الله عليه وسلم بمحاولات قتله ومداومة العداء للإسلام والمسلمين ، والتآمر للقضاء عليهم قضاء مبرما وفق الخطة التي يجرى تدبيرها الآن فيما يسمى " معركة "هرمجدون "
وهذا يعني أن عمليات الإفساد يمكن أن تتكرر وإن يكن على نحو مختلف ، وذلك بمقتضى قوله تعالى " وإن عدتم عدنا " ويكون العقاب الإلهي جاهزا في كل مرة ، بمقتضى قوله تعالى " عدنا " ثم بمقتضى قوله تعالى " وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا " ومن ثم يكون الأمر مندرجا تحت السنن الإلهية العامة التي تنطبق على بني إسرائيل وغيرهم ممن يمارسون مثل هذا الفساد ، وإن يكن حالهم نموذجا لحال غيرهم .وهذا ما نميل إليه . ويقترب هذا مما ذهب إليه الألوسي في روح المعاني إذ نراه يستخف تحت وطأة اضطراب الروايات بالجانب التاريخي البحت من الموضوع : فيقول : ( ونعم ما قيل إن معرفة الأقوام المبعوثين بأعيانهم وتاريخ البعث ونحوه مما لا يتعلق به كبير غرض ، إذ المقصود أنه لما كثرت معاصيهم سلط الله تعالى عليهم من ينتقم منهم مرة بعد أخرى )

وعلى كل حال فإن علينا أن نتناول قصة الإسراء والمعراج وفقا للمنهج العملي : من زاوية ما ينعكس على العمل : كما هو شأن المنهج الإسلامي في أية قضية : العلم النافع ، " اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ، ونتجنب الغرائب الموضوعة : تظاهرا بالذكاء والتعمق ، فمنشأ الانحراف في الدين : التزيد فيه والتنقص منه .
ومن هنا فإننا لابد وأن نضيف إلى ما يصح أن يستنج من هذه الحادثة ما يخص المتلقين للخبر بشكل عام : أن العقل البشري المستسلم للجدل لا تنفعه المعجزة ، ( ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا ، بل نحن قوم مسحورون ) هذا العقل لا يصلح لممارسة شيء في الحياة ، والضرورة العملية هي التي ترده إلى الصواب .
كما نضيف إلى ما يصح استنتاجه منها فيما يخص الذين آمنوا بشكل خاص : ما فيها من ابتلاء لهم أيضا ، وامتحان ، وهو امتحان تنقية وتصفية وإعداد لما كان ينتظرهم من جهاد وأعباء ثقال في غد قريب . وهو امتحان تأكيد لنمط الإيمان العميق الذي قدمه لنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه في تصديقه للخبر .
كما نضيف ما يتعلق بتعميق قضية الإيمان بالغيب وأنه أساس في اعتناق هذا الدين ، وما يتعلق باندماج الغيب مع الشهادة في الرؤية الإسلامية لعالم الدنيا والآخرة ، وما يتعلق بالابتلاء في حياة الرسول صلى الله عليه ، وما يلقاه الدعاة والمسلمون على طريقه من بعده .
كما نضيف : تأكيد ما يتعلق بوحدة الدين والأنبياء عند الله وأنه هو الإسلام ، وأن من لم يؤمن من أهل الكتاب بمحمد لا يكون مؤمنا بموسى ولا مؤمنا بعيسى عليهما السلام ،
وأن لا أحد يمكن له أن يزايد على الإسلام في مدى قبوله للآخر ، فبينما يقوم الإسلام على مبدأ " لا نفرق بين أحد من رسله " نجد الآخر يقوم على التفرقة والرفض .
ونضيف : إظهار الربط بين المعراج والصلاة ، وما يترتب عليه من مكانة قرب المسلم من الله والمعراج إليه بالصلاة ، ولا تقتصر هذه المكانة الوثيقة على ما كان من الربط بينهما عند التشريع ، ولكنها تظهر أيضا بشكل متجدد ، في الصلاة نفسها .
كما نضيف إلى ما يصح استنتاجه منها ما يتعلق بمكانته صلى الله عليه وسلم عند ربه وتكريمه إياه ، وتقوية جنانه ، وتهيئته لأعباء الرسالة في الدنيا ، وتهيئته لعالم الغيب بعد الموت حيث أراه عيانا ما أخبره عنه بيانا ، وأشهده مقام الشهادة ، وأزال عن قلبه حشمتها ، وأذاقه سكون الجنان فيها .
ومنها ما يتعلق بشجاعته صلى الله عليه وسلم ، وصبره على أداء الرسالة ، وتوكله على الله في قيامه بأعبائها الثقال " إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا " ، وبخاصة إذا لاحظنا ظروفه التي كان يمر بها في ذلك الوقت ، : وفاة عمه ، وفاة خديجة رضي الله عنها ، ما حدث له في الطائف . ، و إعداده صلى الله عليه وسلم وأصحابه للهجرة : بتمحيص من آمن ، وتصفية من اتبع ، ليكون الاتباع مطلقا على محض التصديق ، ومحض التسليم .

ونكرر : أهم دروسها ما يتعلق بالجهاد في حياة الرسول صلى الله عليه ، والمسلمين على طريقه من بعد إذ تأتي الإشارة واضحة لأهمية الجهاد فيما رآه الرسول صلى الله عليه أثناء رحلة الإسراء والمعراج إذ ( أتى على قوم يزرعون ويحصدون في يوم ، كلما حصدوا عاد كما كان . فقال لجبريل : من هؤلاء ؟ قال المجاهدون تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف ، وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه ) .
وفي هذا الجانب عن الجهاد يبرز واجب التصدي لإفساد بني إسرائيل المتطاول على مدى التاريخ لهذه الأرض ، ومن أهم ما يترتب على ذلك في حياة المسلمين المعاصرين ذلك الجانب الذي يتعلق بالمسجد الأقصى وما ينبني عليه من تكليفهم بالجهاد من اجل تحرير الأرض وتطهير البيت . في مواجهة تطلعات اليهود والنصارى للاستيلاء على الجزيرة العربية وذلك ابتداء من الحروب الصليبية ، وخطط التبشير والاستعمار والصهيونية والهيمنة الصليبية في سلسلة متتابعة منذ ظهر الإسلام حتى اليوم
والله أعلم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.