أين تذهب الأفلام بأحلام وطموحات هؤلاء الجالسين علي مقاعدهم في السينما في انتظار ما وعدته بهم التترات من مشاهد ساخنة تحاكي تلك التي يشاهدونها في الأفلام الأمريكية؟ طبعًا لا أحد يستطيع محاسبة المخرج علي ما توهمه الجمهور الباحث عن الفضائح السينمائية، لكن لماذا يصر صناع الأفلام أنفسهم علي التركيز علي المشاهد الساخنة في عرضهم للمقدمة الإعلانية لأي عمل جديد لهم، إذا كانوا بالفعل يريدون أن يبتعدوا عن منطقة اللغط هذه، والتي تجلب عليهم هجومًا كبيرًا من معظم فئات المجتمع؟ لماذا يصرون علي شد رجل الزبون ومغازلة الجمهور من خلالها؟ والغريب أن الأمر لا يخرج في النهاية عن سياسة «شوّق ولا تدوّق»، فمعظم الأفلام التي أثيرت حولها ضجة من حيث أنها تحتوي مشاهد إغراء فاضحة، هي تحوي في الحقيقة مشاهد حب عادية جدًا ومبتورة في معظم الأحيان.. مثلاً فيلم «بالألوان الطبيعية» الذي يعرض حاليًا يشير إلي أن غالبًا الإغراء الأخير في السينما المصرية هو ذلك الذي فعلته تحية كاريوكا بمنتهي الشياكة مع شكري سرحان في فيلم «شباب امرأة»، وما فعلته سعاد حسني في عدد آخر من أفلامها التي تلت تلك المرحلة، هذا إذا أسقطنا موسم العري الكبير في أفلام السبعينيات لأن معظمها كان عبارة عن مشاهد فاضحة بلا سبب ولا يصلح أن نسميها أفلامًا أصلاً، لأن كل ما أثير من ضجة حول كون «بالألوان الطبيعية» فيلما يقدم نموذجًا فاضحًا لمشاهد الإغراء لا يعني شيئًا لأن الفيلم مثله مثل عشرات الأفلام التي تمتلئ بها مكتبة التليفزيون ويشاهدها الجميع ليل نهار ولا نسمع اعتراضًا من أحد علي أي من مشاهد الحب فيها. المشكلة التي تؤكد أن جانبًا كبيرًا من الجمهور يعاني انفصاما في الشخصية، هو أن الكل ذهب إلي الفيلم محملاً بأمنيات كبيرة تتعلق بالمشاهد التي أشار إليها «تريلر الفيلم» «المقدمة الإعلانية» لكن للأسف المخرج أسامة فوزي ضرب بآمالهم عرض الحائط وخرج هؤلاء الطامحين من قاعة العرض والفيلم مازال في منتصفه. نفس الشيء حدث مع فليم «احكي ياشهرزاد» والذي لاقي هجومًا شديدًا هو الآخر لمجرد أن تريلر الفيلم أعطي انطباعًا ما بأن بطلته مني زكي تقدم مشاهد جريئة، ليفاجأ محبو هذا النوع من المشاهد بأن الموضوع كان يشبه الخدعة، وأن الموضوع عادي جدًا ومشاهدها لا تبتعد كثيرًا عما قدمته من قبل فاتن حمامة وشادية في أفلامهما، التي لم يطالب أحد بمقاطعتها ويشاهدها جميع أفراد الأسرة ولم نسمع يوما عن حملة تهين هذه الأفلام أو تقلل منها، إذن الأمر لا يتعدي ضجة مصطنعة ومفتعلة وسببها شذرات المشاهد التي تلقفها الباحثون عن المتعة علي شاشة السينما.. تلك المتعة التي لم يجدوها أساسًا، سجلات أفلام الوعود الزائفة بمشاهد الإغراء تحوي أيضًا فيلم «حين ميسرة» الذي أثيرت حوله ضجة ومازالت تثار حتي هذه اللحظة كلما أعيد عرضه. مشاهد الفيلم أيضًا لم تكن كافية لشغل خيال الجمهور ونجح خالد يوسف في قطع المشهد، لكن الضجة أيضا كما هي، نفس الموضوع بالنسبة لأفلامه «الريس عمر حرب» و«ويجا» و«دكان شحاتة»، وحتي فيلم «سهر الليالي» الذي أقام الدنيا وقتها مشاهده كانت عادية جدًا مقارنة بكثير من الكليبات التي يتجرعها الجمهور ليل نهار، وفيلم «الباحثات عن الحرية» لإيناس الدغيدي نال أيضًا نصيبه من تلك الضجة المفتعلة، لأن مشاهد الفيلم أيضًا كانت أقل كثيرًا من التوقعات خصوصًا أن الفيلم يحمل بصمة إيناس الدغيدي، كذلك بالنسبة لفيلمها الأخير «مجنون أميرة».. تكرر معه السيناريو ذاته.