في محاولة لتحقيق مكاسب سياسية لبلاده التي عانت عزلة دولية وعربية منذ عام 2005 بسبب تقاربها مع إيران وبسبب اتهامها بالتورط في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري وتوتر علاقاتها بكل من السعودية ومصر، وتوتر قام الرئيس السوري بشار الأسد بزيارة الرياض هذا الأسبوع لإجراء محادثات مع الملك عبد الله بن عبد العزيز تناولت عملية السلام في الشرق الأوسط وسبل توحيد الموقف العربي، وبالرغم من استياء السعودية من تقارب سوريا مع طهران، يبدو أن الأسد بإصراره علي عدم التخلي عن تحالفه مع إيران نجح في تحويل مسار الأمور إلي صالح بلاده، فسوريا لاعب مهم في قضايا وأمور الشرق الأوسط والسعودية تحاول استمالة دمشق للمحور العربي الذي تقوده مع مصر والأردن. ويبدو أن هذه الزيارة تناولت ملفاً مهماً للمملكة حاليا وهو اليمن وقضية الحوثيين، وقد تحتاج السعودية إلي دعم سوريا في إقناع طهران التوسط مع الحوثيين لإنهاء الحرب الجارية بينهم وبين كل من الحكومة اليمنية والسعودية حاليا، ولكن الأنباء الواردة كانت حول تناول الأسد والملك عبد الله مجمل الأوضاع علي الساحة العربية وفي مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية وعملية السلام المتعثرة في المنطقة والجهود المبذولة لتنقية الأجواء وتوحيد الصف العربي وتعزيز علاقات الأخوة والعمل علي حل القضايا العربية دون تدخل خارجي. وتعد هذه الزيارة مؤشرا جديدا علي تحسن العلاقات بين سوريا والمملكة بعد الزيارة التي قام بها العاهل السعودي إلي دمشق في أكتوبر الماضي وكانت أول زيارة رسمية له لسوريا منذ توليه العرش عام 2005، وكانت العلاقات بين الرياضودمشق تدهورت بعد الاجتياح الأمريكي للعراق في 2003، إذ أخذت دمشق علي الرياض وقوفها إلي جانب الولاياتالمتحدة. وساهم اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري القريب من السعودية في فبراير 2005، في زيادة حدة التوتر بين البلدين إذ رأي البعض أن لسوريا يدا فيه، الأمر الذي تنفيه دمشق. وكان التقارب الأخير السوري السعودي الذي تلي زيارة الملك عبد الله لدمشق عاملاً رئيسياً في تشكيل الحكومة اللبنانية الحالية، والتي شهدت مفاوضات وصلت لخمسة أشهر، وقالت كل من وسائل الإعلام الرسمية في كل من سوريا والسعودية أن الزيارة ستتركز حول العلاقات العربية-العربية والمصالحة الفلسطينية وتوحيد الصف العربي تجاه التعنت الإسرائيلي فيما يخص عملية السلام في المنطقة، فهل ينجحا في تحقيق ذلك، خصوصا أن هذه المباحثات لم تتضمن الطرف المصري المهم في ملف المصالحة العربية؟. وعلي صعيد المفاوضات السورية الإسرائيلية أكد الأسد منذ استلامه الرئاسة علي ثبات موقف سوريا المتعلق بالسلام العادل والشامل في المنطقة والقائم علي تطبيق قرارات الشرعية الدولية، ونقل المبعوث الدولي لشئون الشرق الأوسط تيري رود لارسن عن الأسد استعداده لاستئناف المفاوضات بدون شروط مسبقة.