التقرير: المبالغ المنهوبة تمثل ضعف الدين المحلي وتزيد علي الدين العام ب204 مليارات جنيه د. على السمرى أثناء المؤتمر - تصوير :أحمد الدالي أجمع عدد من السياسيين والمهتمين بالشأن العام أن أهم أسباب إهدار المال العام في مصر، السياسة الخاطئة وضعف الرقابة وسوء التخطيط وغياب الديمقراطية والمحاسبة والفشل الإداري بالإضافة إلي انعدام الضمير. وأكد المشاركون في المؤتمر الذي نظمته المجموعة المتحدة لمناقشة تقرير «تحت المجهر» الذي يرصد وقائع إهدار المال العام في الفترة من نوفمبر 2008 وحتي نوفمبر 2009. أن من صور إهدار المال العام بدء الدولة في مشروعات كبري دون عمل دراسة جدوي حقيقية لها واستنزاف الموارد المالية المخصصة لها ثم التوقف فجأة عن إتمام تلك المشاريع، أيضا التصرف في أصول الدولة وبيعها بأسعار متدنية يعد تفريطاً في الثروة الوطنية وإهداراً للمال العام، ودلل المشاركون علي ذلك ببيع شركات القطاع العام وتصدير الغاز الطبيعي المصري لإسرائيل بأسعار متدنية وأقل من الأسعار العالمية، وكذلك التفريط في أراضي الدولة وبيعها برخص التراب لأشخاص بارزين بالدولة. ورصد التقرير وقائع إهدار للمال العام في الفترة من نوفمبر 2008 وحتي نوفمبر 2009 بقيمة 1.2 مليار جنيه في 13 محافظة، بالإضافة إلي إهدار أكثر من 800 مليار جنية نتيجة استيلاء مافيا الأراضي علي نحو 16 مليون فدان من أراضي الدولة، بالرغم من أن حجم هذه الأموال المنهوبة تزيد بنحو 204 مليارات حنيه علي قيمة الدين العام الحكومي البالغ 624 مليار جنيه، كما أنه يمثل ضعف الدين المحلي الداخلي البالغ قدره 478 مليار جنيه، وتوزع الأموال المهدرة التي رصدها التقرير علي قطاعات الصحة والنقل والمواصلات والكهرباء والطاقة والزراعة والري والثروة السمكية، كما شملت قطاعات الصادرات المحلية والإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية والجمعيات التعاونية والاتصالات والبريد وقطاع التعليم والثقافة والأوقاف، كما شملت أيضا مصالح الجمارك وقطاع النقل البحري والموانئ، مما يؤكد وفقا لما ذكره التقرير أن إهدار المال العام لم يعد حالة فردية أو متعلقة بهيئة أو قطاعاً بعينه وإنما أصبح ظاهرة عامة سببها ضعف الرقابة وسوء التخطيط وغياب الديمقراطية. من جانبه طالب نجاد البرعي - الناشط الحقوقي والشريك الرئيسي للمجموعة المتحدة- النيابة العامة بسرعة التحقيق في البلاغات المقدمة إليها الخاصة بإهدار المال، وبأعلي درجة ممكنة من الاحتراف والعدالة. وأضاف البرعي أن الجهاز المركزي للمحاسبات يلعب دوراً كبيراً في الحفاظ علي المال العام ولكن مع الأسف هذا الجهاز لا يلقي تقديرا كافيا من البرلمان ويرفض أعضاء الأغلبية البرلمانية الاهتمام بتقارير الجهاز بل يتعاملون مع الجهاز ورئيسه بخفة واستهزاء وقلة اكتراث ومحاولة التقليل من شأنه وهيبته، الأمر الذي يكشف أن سيطرة حزب واحد علي البرلمان يحد من قدرته علي التصدي للفاسدين وحماية المال العام ومنع إهداره. في حين فند الدكتور علي السلمي- وزير التنمية الإدارية الأسبق- أسباب وصور إهدار المال العام التي جمعها في 12 صورة منها البدء في مشروعات ثم التوقف عن استكمالها ربما لاستنزاف الموارد المخصصة لها أو اكتشاف فجأة أن التكلفة الفعلية تزيد علي التقديرات مما يؤدي لإنهاء المشروع بعد إنفاق ملايين الجنيهات عليه، من صور إهدار المال العام أيضا بيع شركات القطاع العام بأسعار متدنية وإهدار الأراضي الزراعية وتبويرها وتآكل الثروة العقارية المملوكة للدولة وتبديد مياه الشرب، أيضا من صور الإهدار المخزون الراكد من سلع ومشتريات في المخازن الحكومية والتي تقدر بنحو 20 مليار جنيه. وأضاف - السلمي - أن من أسباب الفساد وإهدار المال العام غياب منطق التخطيط الاستراتيجي وغياب الشفافية في طرح المشروعات العامة، والمركزية الشديدة التي تباعد بين مواقع متخذي القرار ومواقع التنفيذ، وتراجع دور مجلس الشعب الرقابي وعدم تفعيل أدوات الرقابة المتاحة لأعضائه، أيضا تغلب مفهوم القرار السياسي الذي يهدر الأسس الاقتصادية والإدارية السليمة عند إطلاق كثير من المشروعات الحكومية مثل مشروع توشكي وشرق التفريعة وشمال خليج السويس.