عشنا وشفنا..حكومتنا التي تقترض باليمين والشمال لسد عجزها وعجز الموازنة..هذه الحكومة الذكية تعاقدت في يونيو الماضي ولمدة عام مع واحدة من كبري الوكالات المتخصصة في العلاقات العامة والدعاية ببريطانيا لتحسين صورتها أمام العالم (الشروق 17- 9). ولأن ما يحتاجه البيت يحرم علي الجامع..فكيف سمح من بيده الأمر لتلك الحكومة أن تهدر موارد وأموال المصريين علي هذا النحو السفيه..ثم من أين دبرت حكومتنا قيمة هذا التعاقد والمؤكد أنه بملايين الدولارات..بينما المعروف للجميع أنها تسأل الله الستر..وأن تكمل باقي أيام الأسبوع وليس العام علي خير. هذه الحكومة تقترض من البنوك المحلية 300مليون جنيه صباح كل يوم..ورغم ذلك فلم يعرف الخجل طريقاً إلي وجهها كي تمتنع عن توقيع عقد تبييض وجهها علي الساحة الدولية.. ورغم كثرة أجهزتنا الرقابية والمحاسبية والتي بات لها فرع في كل مدينة مصرية، فإن أموال المصريين جري إنفاقها هكذا دون حسيب أو رقيب. وجه العجب فيما فعلته الحكومة أمران..أولهما أن هذه الحكومة تغلق أبواب الأمل في وجوه المصريين بإعلانها الدائم عن عجز الموازنة.. مما يضطرها -للأسف !!-إلي رفع الأسعار بشكل مستمر..لأن عينها بصيرة ويدها قصيرة..لذا فإنها تنتظر بعد أن يذهب كل مواطن إلي فراشه ثم تفاجئه في صباح اليوم التالي بارتفاع الأسعار بقيمة تفوق قدرات أي مواطن.. فكيف يتسق رفع الأسعار مع إسرافها بتوقيع تعاقدها الأخير؟. ورغم أن حكومتنا الرشيدة تدعونا إلي ضرورة ترشيد الإنفاق وإذا لم يستجب الشعب فإنها تفعل ذلك غصباً.. مثلما جري من ترشيد استخدام الكهرباء بانقطاعها المستمر..لكن تلك الحكومة ضربت بكلامها عرض الحائط بعد أن تعاقدت مع تلك الشركة البريطانية لتحسين وجهها أمام العالم. وجه العجب الثاني أن هذا الاتفاق الذي أبرمته حكومتنا لتحسين صورتها أمام دول العالم يؤكد أن ما يهمها هو رضاء العالم الخارجي عنها لذا فإنها تسعي كي تبدو أمام الخارج في صورة الدولة الديمقراطية..ولأن شر البلية ما يضحك فإنك سوف تتساءل..أليس من باب أولي أن تسعي الحكومة إلي تحسين صورتها أمام الرأي العام المصري أولاً.. لأن هذا هو التفكير المنطقي والعاقل لدي أي حكومة في العالم..أم إن حكومتنا تأكدت من تحقيق هذا الهدف لذا قررت أن تنطلق إلي العالمية مثل نجوم السينما..أم إن الحقيقة المرة هي أن حكومتنا غير مهتمة أصلا بالرأي العام المصري؛ لأن هذا المواطن لم يخترها؟! قد نتفهم أن تسعي الحكومات المنتخبة في الدول الديمقراطية والتي تنتمي إلي النظام البرلماني (يكون فيه رئيس الحكومة هو رئيس الجمهورية الفعلي بينما رئيس الجمهورية مجرد منصب شرفي) مثل الهند وإسرائيل وبريطانيا.. تكون منتخبة من الشعب ولها سياستها الخارجية التي تسعي للترويج لها لدي الرأي العام الدولي..لذا يبدو طبيعياً أن تسعي تلك الحكومات إلي كسب الرأي العام الدولي، بينما حكومتنا لا تنتمي إلي هذا النظام..فالحكم في مصر رئاسي، يمتلك فيه رئيس الدولة كل السلطات والحكومة في هذا النظام أداة تنفيذية أو مجرد سكرتارية للرئيس..ودورها الأساسي هو تقديم الخدمات للمواطنين..ولا يكاد يكون لها اتصال بالعالم الخارجي. لذا يبدو شاذاً هذا التعاقد الذي أبرمته الحكومة لتحسين صورتها الخارجية..اللهم إلا إذا كانت الحكومة تعلم -ونحن لا نعلم- أن مصر في طريقها لتصبح ذات نظام جمهوري برلماني أو أن حكومتنا باتت علي يقين بأن اتصالاتها العالمية قد تعزز فرص بقائها علي مقاعدها. اللي معاه قرش محيره يروح بريطانيا ويطيره.