صلوات القداس لم تزد علي 15 دقيقة بدلاً من 45 دقيقة كالمعتاد.. والبابا بدا متجهمًا طوال القداس البابا شنودة حزينا أثناء القداس أول أمس -تصوير أحمد جمعة لم يكن قداس عيد الميلاد مساء أمس الأول - الأربعاء - شأن أي قداس احتفالي يقام كل عام بالكاتدرائية المرقصية، حيث ظهر البابا شنودة وكأنه ارتدي وشاح الحزن علي ما حدث في نجع حمادي، فالمتعارف عليه أن البابا يكون في أفضل حالاته خلال الاحتفالات بالعيدين «الميلاد والقيامة» إلا أن شرود البابا لعب دور البطولة خلال القداس كاملاً، فضلاً عن قصره الصلاة علي 15 دقيقة بدلاً من 45 دقيقة، وإشارته لإبراهيم عياد - كبير المرتلين - بالكف عن الاستطراد في الصلوات وعدم قولها بالقبطية ثم تكرارها بالعربية، حيث اكتفي بالأخيرة فحسب.. فهل كان يعلم البابا بالفعل بما حدث في نجع حمادي أثناء القداس الإلهي لعيد الميلاد؟!.. والسؤال الآخر: هل علم جمال مبارك هو الآخر بما حدث؟ الشواهد تؤكد أن البابا لم يظهر بوجهه الضحوك البشوش الذين اعتدنا عليه وإنما بدا حزينًا للغاية حتي ظهر صوته وكأنه يتحشرج يصارع حنجرته بأن يصرخ ليندد بما حدث في نجع حمادي، إلا أن حنكة البابا السياسية تغلبت علي مشاعره ليمر القداس بسلام منعًا للبلبلة في حضور كبار رجال الدولة فضلاً عن مبارك الابن. البابا الذي ترأس قداس عيد الميلاد بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس في حضور ما يقرب من 10 آلاف قبطي فضلاً عن كبار رجال الدولة الذين جاءوا للتهنئة بالعيد، آثر السلامة بدلاً من التصعيد المباشر مع الدولة أمام 80 مليون مصري وضعته أمامهم كاميرات التليفزيون المصري. بدأت الاحتفالات في التاسعة مساء واستمرت حتي منتصف الليل وسط حضور رسمي كبير شمل مندوبًا عن الرئيس حسني مبارك هو كبير الأمناء برئاسة الجمهورية اللواء سعيد كمال زادة، وآخر عن رئيس الوزراء وهو اللواء علي محرز - الأمين العام المساعد لمراسم رئاسة الجمهورية، وعددًا من الوزراء مثل ماجد جورج - وزير البيئة - ومحمود محيي الدين - وزير الاستثمار - وعبد السلام المحجوب - وزير التنمية المحلية - كما حضر عبد العظيم وزير - محافظ القاهرة - وسفراء إنجلترا وألمانيا والمجر، فضلا عن جمال مبارك - أمين السياسات بالحزب الوطني - الذي حظي بتصفيق كبير من جانب حوالي 10 آلاف قبطي حضروا الاحتفال حين وجه بابا الأقباط شنودة الثالث الشكر له علي حضوره، بينما غاب عن الحضور الدكتور يوسف بطرس غالي - وزير المالية - ومارجريت سكوبي - سفيرة الولاياتالمتحدةبالقاهرة. وقد رفضت الكنيسة السماح بدخول أي كاميرات لتغطية الاحتفال عدا كاميرا التليفزيون المصري، حتي إن قناتي «سي تي في» و«أغابي» القبطيتين نقلتا البث عبر التليفزيون المصري وهو ما أثار حفيظتيهما بعد أن أبلغهما الأنبا أرميا - سكرتير البابا شنودة - بالأمر في الثالثة عصر أمس الأول - الأربعاء - بدعوي أن التليفزيون المصري له حق البث الحصري للاحتفال. بدأ الحفل بدخول البابا شنودة من الباب الكبير لقاعة الكاتدرائية في تمام العاشرة والربع، بينما اصطف الشمامسة لاستقباله وهم يرددون الترانيم، وتحرك البابا حاملاً صليبًا كبيرًا لوح به للحضور، ثم قام برئاسة القداس الإلهي لعيد الميلاد، والذي استمر حوالي ساعة قبل أن يبدأ البابا في إلقاء عظته ووصاياه للشعب القبطي. اللافت أن جمال مبارك لم يدخل القاعة إلا في الحادية عشرة مساء ليكون آخر الحضور والوحيد الذي دخل من نفس الباب الذي دخل منه البابا، حيث كان في استقباله الدكتور ثروت باسيلي - عضو المجلس الملي - بتكليف من البابا شنودة كالمعتاد رداً علي أنباء إقصائه عن المجلس الملي. في كلمته توجه البابا شنودة باسم جميع الهيئات القبطية في مصر والمهجر بالشكر للرئيس مبارك علي مكالمته التليفونية للتهنئة بالعيد، فضلاً عن تهنئة الدكتور أحمد فتحي سرور - رئيس مجلس الشعب -، وصفوت الشريف - رئيس مجلس الشوري-، وتهنئة المشير طنطاوي والمستشار عبد المجيد محمود والمستشار الحسيني والزند هاتفياً. وقد حضر للمقر للتهنئة الدكتور زكريا عزمي - رئيس ديوان رئيس الجمهورية - وأسامة الباز - المستشار السياسي للرئيس مبارك - ويحيي عبد المجيد - محافظ الشرقية -، والمستشار مقبل شاكر - رئيس مجلس القضاء الأعلي -، وصفوت البياضي - رئيس الطائفة الإنجيلية -، والبطريرك غريغوريوس الثّالث للرُّوم الكاثوليك، والمطران منير حنا أنيس - رئيس الكنيسة الأسقفية. وأكد البابا أن مناسبة عيد الميلاد أيام فرحة وبهجة وسرور لكل مصر، مشدداً علي أن المسيح - عليه السلام - كان مثاليًا، في كل أفعاله، ويحب المثاليات، وهو يقول «كونوا كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو كامل»، وقطعاً يقصد الكمال النسبي فالكمال المطلق لله وحده، فالأمر متوقف علي إمكانات كل شخص، موضحاً أن هذا الكمال يكون مع الله والناس والنفس، فعلي المؤمنين أن يتوبوا ويغفروا لمن يسيئون إليهم، ومع الناس بنقاوة القلب وعموم السلام وحسن المعاملة للآخرين التي تقوم علي قاعدتي «التسامح والمغفرة للمسيئين»؛ فالإنجيل يقول «أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم وصلوا من أجل الذين يطردونكم، لأنهم ضحايا، فالعدو الحقيقي هو الشيطان»، وختم حديثه بدعوة الله أن يعم الخير والسلام مصر. وفي أسيوط استقبل مطارنة أبراشيات ديروط والقوصية ومنفلوط مساء أمس اللواء نبيل العزبي - محافظ أسيوط -، وأحمد عبدالعزيز - أمين الحزب الوطني -، وقيادات الأجهزة الأمنية والشعبية بالمحافظة للتهنئة بعيد الميلاد المجيد، وسجل العزبي تهنئته بدفتر سجلات مطرانية ديروط وداعب الأنبا برسوم مطران ديروط بمداعبة ساخرة مع قيادات أجهزة الأمن متسائلاً: «انتوا بتختاروا ضباط أمن الدولة علي أساس عينهم ولا ودانهم». وفي سوهاج حضر أكثر من 50 ألف قبطي قداس الميلاد بكنائس سوهاج، حيث أكد الأنبا باخوم - رئيس مطرانية سوهاج وأسقف سوهاج والمراغة - أنه يشكر الرب علي إتمام شفاء البابا شنودة - بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية - وعودته إلي وطنه ورئاسته صلاة القداس بنفسه.
