أبي ..إن كنا افتقدناك جسداً فستبقي روحك الطاهرة يا أبي ترفرف حولنا، تهدي لنا سُبلنا، تنير لنا طريقنا، فنحن جميعاً نسير علي درب خطاك الهادية لنا. مازالت نبرات صوتك الخفاق تملأ أذني، تسيطر عليَّ كل صباح وتوقظني من نومي كما كان قبل ذلك. مازالت هذه النبرات تعلو وترتفع كل يوم «حيَّ علي الصلاة» «هيا إلي العمل». أبي العطوف والصديق الوفي. أراك في جميع الأوقات، أراك جالساً علي مقعدك في المسجد تستمع إلي خطيب الجمعة، أراك خاشعاً لقارئ القرآن في عزاء من عرفت ومن لم تعرف خاشعاً لآيات الله الهاديات، أراك باكياً في سجودك في صلاة الليل والدعاء لنا ولجميع المسلمين. أراك في لحظات الحزن والفرح، في أوقات السعادة والشقاء، في فترات الصحة والمرض، أراك وأنت تدعو لنا حتي في أشد لحظات المرض. ما أعظمك! احتسبتك عند الله ولا أزكيك عليه، فقد كنت صديقاً حميماً، وأخاً مخلصاً، وأباً عطوفاً، وشاباً طائعاً، وكهلاً راضياً، وسليماً شاكراً متعبداً، وعليلاً صابراً محتسباً، وفقيراً كريماً، وجاراً متعاوناً محبوباً ومسلماً ومؤمناً محسناً متصدقاً.. أبي ما أعظمك! رحمك الله يا أبي رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته. ومهما تحدثت عنك يا والدي فلا يمكن أن أوفيك حقك علينا، فلم تكن والداً فقط بل كنت صديقاً وأخاً لنا، فدائماً ما كنت تستمع إلينا أكثر مما تتحدث، فكل ما يشغل بالك هو معرفة أخبارنا وما المشاكل التي نعانيها، فلا تحب أن تري الضحكة تفارق شفاهنا، فكنت حريصاً علي سعادتنا وإدخال البهجة علي قلوبنا. ولا نملك يا أبي سوي الدعاء لك والصدقة الجارية علي روحك العطرة، فندعو الله أن يرزقك بزوجة خيرا من زوجتك وأولاد خيرا من أولادك وجيرانا خيرا من جيرانك وأن يدخلك الله فسيح جناته وأن يجمعنا بك في دار الخلد.