جدتي الحبيبة الغالية، لا أصدق مرور هذه الأعوام، لكنني أعلم أنك لم ترحلي، فالرحيل بالجسد فقط، فروحك الطاهرة ترفرف حولّي، فأنت في قلبي ووجداني وعقلي وأفكاري، أشتاق إليك جداً، وإلي ابتسامتك، ونصائحك وخوفك عليّ، ولا تزال دقات مسبحتك ترن في أذني، وقيامك للصلاة ليلا، ودعاؤك لنا جميعاً، وأنا أعلم أنكِ تريني وتعرفين أنني أحبك ولم أنسك. جدتي الحبيبة، مازالت أنهل من ذاكرتي حكاياتك التي كنتِ تحكيها ليّ، وأنت سبب ما أعيش فيه الآن، وأعرف أنه لم يعد أحد يحكي لأبنائه حكايات تشبع الوجدان وتفتح العقل، حكايات نعرف منها تراث الأجداد وما مروا به من محن، وكيف تخطوا أصعب الأيام، فحكاياتك وأقوالك يا جدتي هي الظهر الذي نحتمي به من غدر الأيام. جدتي الغالية، لا يوجد شيء في يدي أقدمه لك غير الدعاء، ومعي جميع أبنائك وأحفادك، والذين لم تغيبي عن بالهم وقلبهم رغم كثرة مشاغل الحياة. يا رحمن يا رحيم، رحمتك وسعت كل شيء، فارحمها واغفر لها وتجاوز عن سيئاتها، اللهم ارفع مكانتها في الآخرة وأدخلها فسيح جناتك وفردوسك الأعلي، وابن لها داراً خيراً من دارها وأهلاً خيراً من أهلها واغسلها بالماء والثلج والبرد، ونقها من الذنوب كما ينقي الثوب الأبيض من الدنس، وارزقها الفردوس الأعلي مع الأنبياء والأبرار، واسقها من حوض النبي الكريم المصطفي - صلي الله عليه وسلم - آمين..