غبار الأسمنت الأسود المنبعث من شركات الأسمنت يصيب الأهالي بأمراض خطيرة.. ووزارة البيئة تؤكد أن التلوث في معدلاته الطبيعية تستحق منطقتا «الدخيلة» و«وادي القمر» أن تلقبا ب «أكثر» الأماكن تلوثاً في العالم، بعد أن غطت طبقة كثيفة من غبار الأسمنت أسطح منازلها وواجهات مبانيها، وحتي أشجارها لم تسلم من الغبار الأسود الذي يستقر في النهاية بصدور ساكنيها. اللون الأسود أصبح هو اللون الرسمي للمنطقتين السكندريتين، وصوت سكان المنطقتين بح من الصياح، غبار مصانعكم يقتلنا.. أحد هؤلاء السكان يروي تفاصيل الكارثة قائلاً: أسكن بمنطقة وادي القمر منذ الصغر، وعمري الآن 68 سنة، وأعاني أنا وأولادي من أمراض بالصدر منذ أن بدأ عمل مصنع أسمنت بورتلاند، الذي يقع بنفس منطقة سكني، حيث تقوم الشركة بتشغيل المصنع من الساعة 11 مساء، وينتشر غبار الأسمنت بصورة لا تحتمل، مما تسبب في هجرة معظم سكان المنطقة هرباً من جحيم المصنع، ولو كان لدي المال لتركت هذه المنطقة. ويقول عبدالعزيز، أحد سكان المنطقة: أنا جالي مرض الدرن «السل»، وجلست بالمنزل لستة أشهر أعاني مع هذا المرض، ومعظم سكان منطقة وادي القمر يعانون من أمراض الصدر، حتي الأطفال.. ولم يهتم أي من المسئولين بهذه المنطقة، رغم تقدمنا بشكاوي لا حصر لها، لكن لا حياة لمن تنادي. وقالت إحدي ربات البيوت من ساكني المنطقة، إن غبار الأسمنت أصبح جزءاً من حياتها وأسرتها، وأضافت «محدش عارف يفتح شباك أو يطلع بلكونة، حتي الغسيل محدش بيقدر ينشره، وبنضطر ننشر غسيلنا علي السلم». من جانبها، امتنعت الدكتورة مني جمال الدين، وكيل وزارة شئون البيئة بالإسكندرية، من التعليق، وألقت بالكرة في ملعب الوزارة، مؤكدة أن الإدارة المركزية لوزارة شئون البيئة قد أرسلت للمديرية توضيحاً برأت فيه الشركة مما أصاب السكان، وقالت: إن تقرير وزارة البيئة أفاد أنه تم التفتيش علي شركة الإسكندرية للأسمنت «بورتلاند» بتاريخ 28/3/2010، وتم قياس مستوي شدة الضوضاء والأتربة الصدرية القابلة للاستنشاق، ووجدت النتائج أقل من الحد المسموح، بحسب تأكيدها، طبقاً للقانون رقم 4 لسنة 1994 ولائحته التنفيذية والمعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2009، وبناء عليه فقد تم حفظ المحاضر التي حررها الأهالي ضد الشركة لعدم وجود مخالفات بيئية في الأوراق الرسمية، ولتوافق المنشأة مع أحكام القانون. وأضافت وكيل وزارة البيئة أنه بمراجعة طرق التخلص من تراب ال«باي باص»، تبين أنه يتم دفنه، بمحاجر الشركة جنوب طريق الإسكندرية مطروح الساحلي، وتتم تغطيته بطبقة من الطفلة بعد خلطه بالمياه بالخلاطات الموجودة داخل الشركة لمنع انبعاثات الأتربة، وقال إن الشركة - وفق تقارير الوزارة - تلتزم بجميع الأسس والاشتراطات التي نص عليها القانون رقم 4 لسنة 1994 بشأن حماية البيئة والالتزام بتحليل العينات وتسجيلها بالسجل البيئي، فضلاً عن تحبيب تراب الباي باص داخل مصنع قبل نقله مغطي ودفنه بالموقع المخصص، كما ورد بالبيانات المرفقة بنموذج تقييم الأثر البيئي المقدم من الشركة.أما شركة سيسكوترانس للتصدير ومقاولات النقل البحري - ووفقاً لرد الوزارة - فقد تم التفتيش عليها بتاريخ 9/5/2010، وتبين وجود تشوينات من الكلنكر في ساحة رقم «1» وهي الساحة المواجهة للمنطقة السكنية، بارتفاع يتراوح بين 4 و 6 أمتار، حيث تقوم اللوادر بتحميل الكلنكر علي السيارات. ووفق قياس وزارة البيئة فإن تركيز الجسيمات الصدرية القابلة للاستنشاق جاءت النتائج أعلي من الحدود المسموح بها في القانون رقم 4 لسنة 1994 والمعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2009، وعليه فقد تم تحرير محضر بالمخالفات البيئية، لعدم قيام المنشأة بالتحكم في تسرب وانبعاث ملوثات الهواء داخل بيئة العمل.كان المهندس ماجد جورج - وزير البيئة - قد أكد في تصريحات صحفية بالإسكندرية، علي هامش مشاركته في الاحتفال بيوم البيئة العالمي الأسبوع الماضي، أنه لا نية لنقل المصانع الملوثة للبيئة بالدخيلة ووادي القمر بعيداً عن الحيز السكاني، وقال إن ذلك سوف يتكلف أموالاً باهظة، مؤكداً أن الحل الوحيد يكمن في مساعدة تلك الشركات علي توفيق أوضاعها، وخفض انبعاثاتها الملوثة.