رئيس جامعة أسيوط يستعرض تقريراً حول الأداء البحثي خلال 2023    كل ما تريد معرفته عن صندوق إعانات الطوارئ للعمال    ارتفاع عجز الميزان التجاري إلى 2.73 مليار دولار خلال فبراير 2024    مصدر رفيع المستوى: رئيس المخابرات العامة يجري اتصالا مع رئيس المكتب السياسي لحماس    مسؤول أممي إعادة إعمار غزة يستغرق وقتًا طويلًا حتى 2040    بيراميدز يفقد الشيبي في مواجهة فيوتشر    تصفيات كأس العالم| فيفا يحدد مواعيد مباراتي منتخب مصر أمام بوركينا فاسو و غينيا    "تعليم القاهرة" تكشف التعليمات الخاصة بامتحان الشهادة الإعدادية    لتعريض حياة المواطنين للخطر.. القبض على شخصين لاستعراضهما بدراجتين ناريتين في القاهرة    "مشنقة داخل الغرفة".. ربة منزل تنهي حياتها في 15 مايو    القناطر الخيرية تستعد لاستقبال المواطنين في شم النسيم    تعطل رحلات الطيران في مطار دبي من جديد بعد هطول أمطار غزيرة    صدام جديد مع المخرج محمد رسولوف.. "بذرة التين المقدس" يثير غضب إيران    احتفالات شم النسيم 2024: نصائح لقضاء يوم ممتع ومليء بالفرح    الفندق المسكون يكشف عن أول ألغازه في «البيت بيتي 2»    مؤتمر «مجمع اللغة العربية» يوصي بإضافة منهج ل أساسيات الذكاء الاصطناعي (تفاصيل)    تفاصيل موقف غريب جمع بين محمد رشدي وبليغ حمدي في بيروت وما علاقته ب «العندليب»؟    «اللهم يسر لي كل عسير واختر لي فإني لا أحسن التدبير».. أجمل دعاء يوم الجمعة    إطلاق المرحلة الثانية من مسابقة النوابغ للقرآن الكريم في جنوب سيناء 25 يوليو    تمديد استقبال تحويلات مبادرة "سيارات المصريين بالخارج".. المهندس خالد سعد يكشف التفاصيل    رئيس الوزراء يعقد اجتماعًا مع ممثلي أبرز 15 شركة كورية جنوبية تعمل في مصر    عاجل.. هيئة الرقابة المالية تقرر مد مدة تقديم القوائم المالية حتى نهاية مايو المقبل    الأوقاف تعلن افتتاح 19 مسجدًا.. غدًا الجمعة    محافظ شمال سيناء: رفح الجديدة صممت لاستيعاب 75 ألف نسمة «من الجيل الرابع» (تفاصيل)    الداخلية تضبط 12 ألف قضية تسول في شهر    أردوغان يعلق على التظاهرات الطلابية بالجامعات الأمريكية لدعم غزة    أول رد من الكرملين على اتهام أمريكي باستخدام «أسلحة كيميائية» في أوكرانيا    وزير البترول ينعى رئيس لجنة الطاقة بمجلس الشيوخ    ميقاتي يحذر من تحول لبنان لبلد عبور من سوريا إلى أوروبا    منحة السفارة اليابانية MEXT لعام 2025 لطلاب الجامعات.. تعرف على التفاصيل    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي الثاني للطب الطبيعي والتأهيلي وعلاج الروماتيزم    كاف يحدد موعد مباراتي مصر أمام بوركينا فاسو وغينيا في تصفيات كأس العالم    انتبه.. 5 أشخاص لا يجوز إعطاؤهم من زكاة المال| تعرف عليهم    فقدت ابنها بسبب لقاح أسترازينيكا.. أم ملكوم تروي تجربتها مع اللقاح    صحة الإسكندرية: فحص 1540 مريضًا في قافلة "حياة كريمة" ببرج العرب    الرعاية الصحية تطلق حملة توعوية حول ضعف عضلة القلب فى 13 محافظة    جرثومة المعدة.. إليك أفضل الطرق الطبيعية والفعالة للعلاج    شراكة استراتيجية بين "كونتكت وأوراكل" لتعزيز نجاح الأعمال وتقديم خدمات متميزة للعملاء    واشنطن تطالب روسيا والصين بعدم منح السيطرة للذكاء الاصطناعي على الأسلحة النووية    الإمارات: مهرجان الشارقة القرائي للطفل يطلق مدينة للروبوتات    ارتفاع حصيلة قتلى انهيار جزء من طريق سريع في الصين إلى 48 شخصا    أب يذبح ابنته في أسيوط بعد تعاطيه المخدرات    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    «التنمية الحضرية»: تطوير رأس البر يتوافق مع التصميم العمراني للمدينة    كولر يعالج أخطاء الأهلي قبل مواجهة الجونة في الدوري    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    لمواليد 2 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    بنزيما يتلقى العلاج إلى ريال مدريد    إعلامي: الخطيب طلب من «بيبو» تغليظ عقوبة أفشة لإعادة الانضباط في الأهلي    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    التضامن: انخفاض مشاهد التدخين في دراما رمضان إلى 2.4 %    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأستاذ مع لميس الحديدي: مبارك حاول اغتيال رئيس وزراء إثيوبيا ثلاث مرات
نشر في الدستور الأصلي يوم 11 - 04 - 2014

قلت للسيسى: كل هذه «البلاوى» حولك.. ألست نادمًا على ترشحك؟ فقال: كل شىء بأمر اللهالمشير سيجد أمامه مشكلات بحجم الدنيا والآخرة.. والأمل يأتى عن طريق الحقيقة لا التمنى أو الدعاء

إذاعة مؤتمر مرسى حول سد النهضة كانت كارثة.. وعلاقتنا القوية مع إفريقيا لم تعد موجودة

فى الحلقة الثانية من حلقات «مصر أين؟ ومصر إلى أين؟» يواصل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل مع الإعلامية لميس الحديدى على فضائية «سى بى سى» تحليله العميق وقراءته لوطن يواجه أزمات كبيرة، باحثا عن قارب مهيأ للنجاة.. وإلى نص الحوار:

التفاؤل والتشاؤم: ■ هل الحقائق الموجودة أمامنا الآن ولن أقول «تفاؤل أو تشاؤم» تدعو للقلق أم التدبر؟ - طوال عمرنا لم نكن بحاجة إلى أن نعيد النظر فى أمورنا مثلما نحتاج الآن، لسبب واحد أننا لعشر سنوات سرنا وراء أحلام بلا مناقشة، وخلال ثلاثين سنة تحولت الأحلام إلى نوم، وما بين الأحلام وما بين النوم نحن دخلنا إلى دهاليز عميقة، فمثلا عندما نتحدث عن البرامج، أنا ذكرت أن أى مرشح لا يحتاج إلى برامج مفصلة.

■ وهذا شهد جدالا كبيرا فى حقيقة الأمر؟ - وتخانقوا معى خناقات ليس لها حدود، والكل من الحملتين، وسأقول لك، ومعى الآن مشروعات البرامج الموجودة ومهداة للفريقين سواء للسيسى أو حمدين، وهى ليست كافية، والجهد المبذول هائل، ولكن فى الحقيقة دون المطلوب، نشكر من عمل عليها، لكن أعتقد أننا لم ننظر إلى حقائق الأمر، ولم ننظر إليها فى عينيها وبشدة، وعمرنا لم نكن مهددين مثل الآن، وغبنا عن الساحة 40 عاما، إما بسبب الوهم أو النوم، واستيقظنا على صدمة ثورة يناير، التى رفعت الغطاء عن حقائق الأشياء، واستهولنا الصورة، ولم نستطع توصيف الصورة بشكل سىئ. حملة المشير السيسى على سبيل المثال وسأبدأ بحمدين، وكنت أتمنى أن يكون فى ظروف مختلفة وينجح، والغريب أنه لديه أساس لبرنامج ويعتمد على برنامج اقتصادى بديل يعتمد على دراسات معينة لمؤتمرات، والغريب جدا أننى حضرت فى هذه المؤتمرات، ومن خطة الدكتور نجار، وهى دراسات بديعة، وافتتحت هذا المؤتمر وقرأت أبحاثه، لكن رؤية برنامج تحتاج إلى ما أكثر من ذلك، بمعنى أن رؤية برنامج أى مرشح لا يمكن أن يعتمد على أبحاث، نحن نحتاج إلى ما أعمق وأوسع، لكى نتحدث جدا، ولكن هناك انتخابات قادمة، وأنا أقول إن أى مرشح سيقدم أهليته وإضاءات سريعة على بعض ما ينتويه وضربت مثلا حول ذلك، أن يكون متأكدا أن دخول الجيش فى الساحة فى هذه اللحظة ليس شرطا لحكم تسلطى، وأن يبدى إلى ما ينحاز فى العدالة الاجتماعية، أما البرامج فهى قضية أخرى بأمور أخرى.

■ ماذا عن برنامج المشير السيسى؟ - أنا أمامى، ولن أدخل فى تفاصيل، ولدىّ برنامجان، الأول وقد وجدوه فيه نيات طيبة، وقد يكون بعضه جيدا وممتازا، لكن وجدوا أنه يعتمد على تنمية مناطق فى أجزاء من مصر عن طريق الأراضى، وليست هناك رؤى ولا تصورات والعصر خطر جدا علينا، ولا نعلم عنه شيئا ولم ندرسه قبل وضع البرنامج.

■ وهذا البرنامج الذى قيل إنه يمينى جدا أو رأسمالى جدا؟ - والبرنامج الثانى قامت به لجنة من أفضل ناس وشعاره «أنا المصرى»، ومبذول فيه جهد كبير، ولكنى أرى أن هذه الظروف تقتضى رؤى أخرى، وأنا أرى خصوصا من عائلتى، وأنا أتفهم الشباب وهم يتساءلون كيف لا يكون هناك برنامج؟ هناك شباب مستعد أفهمه وآخر أفهمه بمعنى العاطفة، لأن العاطفة تسيطر عليه، وثالث أفهمه فى سياق ما قد ينساق إليه، وكنا نتكلم إما «مرض الطفولة اليسارى» فى لينين أو تصورات جيفارا، وأتذكر أنى دعوته من خلال «الأهرام» لزيارة مصر، وجاء فى حقيقة الأمر وزار منزلى. وأتذكر الدكتور إسماعيل صابر عبد الله، وكانت زوجته من أسرة عريقة وهى بنت أفلاطون باشا قالت «جميل مثل إله»، وكل من رآه أصابه الخبل، حتى جيفارا بعد ذلك، الثورة تهدأ عندما نواجه الحقائق، وأنا أتحدث هنا عن أقربائى.

■ كيف لا يكون برنامج للمرشح؟ إذن كيف نحكم على المرشح؟ - نحكم على مرشح خصوصا فى ظرف أزمة إذا كان قادرا على مواجهة أزمة، ولذلك قلت إن المشير السيسى لا يحتاج إلى برنامج وكذلك صباحى، لأنى قلت إن ثمة مشكلات عاجلة، ضرورية المواجهة، وهناك مشكلات مهمة جدا وضرورية، لكن ليست هى العاجل، لأن العاجل من الممكن أن يقطع عليك الطريق إلى الأجل، ولهذا نتكلم كيف نتحدث عن برنامج؟ لا بد فى أى برنامج فى العالم كله أن يكون هناك توصيف للأمن القومى المصرى، وكيف يكون دونه والأمن القومى الآن، ولأول مرة منذ نظرياته القديمة بداية من تحتمس ومرورا بصلاح الدين الأيوبى، ومرورا بمحمد على وجمال عبد الناصر، سقطت كل تصوراتنا السابقة، كانت تعتمد أن كل التهديدات القادمة لمصر قادمة من المشرق، ولأن كل الغزاة قد غزوا مصر عبر بوابتها الشرقية ما عدا نابليون، الذى جاء بحرا، ولكن كل الغزو ولدينا مصالح فى الجنوب حيوية، ولكن ليس عليها مصادر تهديد، وبالتالى نظرية الأمن القومى تعتمد أن نتأكد أن الجنوب هادئ حيث منابع النيل، كما هو، ونتأكد أننا قادرون على الدفاع إلى المشرق والمغرب والبحر ليس هناك مشكلة، وكانت هذه هى الثوابت، لكن الآن الأمر اختلف وأصبحت هناك مشكلات من كل مكان لدينا مشكلات. وكنا طول الوقت مطمئنين أن إثيوبيا لا تستطيع فعل شىء فى المياه، لأن كميات المياه وسرعة التساقط سوف تجرف أى مشروعات يقومون بها، والنقطة الثانية كانت الحقوق التاريخية المكتسبة فى هذه المنطقة واتفاقيات قديمة، وهى تحتاج إلى مناقشة وهذه الاتفاقيات هى بلاغات قادمة من قوى استعمارية من خلال إنجلترا، نقلا عن إيطاليا فى إثيوبيا، وبعد ذلك قيل إن كل الاتفاقيات بعد التحرر عقدتها نيابة عنها قوى استعمارية لم تعد قائمة، ونحن وقتها استعضنا عن ذلك، ونحن لا نريد أن نتطرق إلى هذا الأمر بشكل كبير. عندما بدأ عصر عبد الناصر تمت تغطية إفريقيا من باب الانتماء الإفريقى من خلال الدوائر الثلاث التى تحدثنا عنها، وأنشأنا منظمة الوحدة الإفريقية. قمنا بتدعيم حركات التحرر الإفريقى، وأصبح هناك بشكل أو بآخر علاقات تسمح لحوار يدور برقة، ثم قمنا لأسباب لا أفهمها، وقد قمت، وأنا كنت واحدا ممن حذر من ذلك، وأنا خجلان وأنا أقول هذا، لم أقف منذ حماقة التعاون مع الأمريكان للقضاء على النظام الشيوعى. نصحت وقلت توقف هنا ليس من أجل الشيوعية، لأن لديك مصالح مع إثيوبيا لا يمكمن الاستغناء عنها، ولا يمكن استخدام القوة العسكرية فى حمايتها، وليس لدينا إلا العلاقات الطيبة حكما فى ذلك نحن وفى معايشة الخرافات الأمريكية فى العلاقات قاومنا الشيوعية لصالح الولايات المتحدة الأمريكية فى إفريقيا وتسببنا فى حروب.

■ وفى عصر مبارك تدهورت الأمور بشكل أكبر؟ - الطين زاد بلة فى عصر مبارك، بسبب محاولة اغتياله هناك، وقد رأيت من زيناوى وكان مريضا وهو يعالج فى إيطاليا وقتها وكنت فى الأسانسير، وقابلنى أحدهم وحدق بى وأظنه بدا إثيوبيا، وعندما وصلنا لأحد الطوابق سألنى هل أنت مستر هيكل؟ أجبته نعم. فقال لى إن زيناوى هنا يعالج لأنه مريض، وقلت لا أعرف ذلك، وسألنى هل لديك مانع للمقابلة؟ فقلت بالطبع لا، واتصلوا بى بعد يومين لتحديد موعد، وأرادوا أن يكون اللقاء فى التراس بجوار الصالون، وجاء هو ومعه أحد مساعديه، وبدأ يشكو مما صنعناه، ومنها محاولة اغتياله ثلاث مرات فى عهد مبارك من خلال خطط السيد عمر سليمان وهذا أمر خطير.

■ هل كان هذا حقيقيا؟ - أنا لا أريد الخوض فى هذه التفصيلات، لكن المشكلة وأنا قمت بالتحرى عنها، وأنا فى خجل أن أقول ذلك أنه بعد محاولة اغتيال الرئيس الأسبق مبارك، التى نجا منها فى أديس أبابا، وضعنا اللوم كاملا على زيناوى، وقال لى: والله لا أعرف عنهم شيئا، فهم مجاهدون إسلاميون ومضرون لإثيوبيا. وأسفنا لمحاولة الاغتيال على أرضنا، ولكن المشكلة أن بعضهم وعدوا الرئيس مبارك أن يأخذوا بثأره وأن يؤدبوا إثيوبيا، فحدثت ثلاث محاولات اغتيال شخصى لى، والحقيقة أقمنا حالة عداء ليست مفهومة، وجاءت الكارثة فى عهد مرسى عندما أذيع محضر على الهواء لاغتيال والضرب والغارات، وكان كلاما مجنونا، ومن أكثر ما أضاعنا فى إفريقيا أن الإثيوبيين قاموا بطبع هذا الشريط نحو 100 نسخة، وعلى الأقل وزع ليس فقط على الرؤساء الأفارقة، لكن على كل البرلمانات.

■ لكن نحن غيرنا النظام؟ - صحيح لكن عذرا نحن ما زلنا نمارس نفس العقل إلى الآن، ولكن نحن لا نستطيع الوصول، ولا بد من التحدث فى الموضوع. ودعينى أفرد لهذا مساحة فى وقت لاحق، لكن ونحن نتحدث الآن عن البرامج عندما نقول إن السد الإثيوبى لا يمكن أن يمس، لأن لدينا علاقات قوية مع إفريقيا، هذا غير صحيح، لم تعد موجودة، ولدينا اتفاقيات تحتاج إلى مناقشة، ونحن لدينا رؤية ظلت ثابتة لمهندسى الرى، أن سرعة تساقط الماء تمنع إقامة مشروعات، ونسينا أن التكنولوجيا غيرت من العصر، وحدث شىء منذ خمس سنوات، وهو ما غير من أن يكون مستحيلا أمس من تصوراتنا يصبح الآن حقيقيا، ماذا حدث؟ هناك مهندسون قالوا إن خطر التساقط سيكون خطرا إذا حاولنا إغلاقه على مرة واحدة فى سد النهضة بوجه الخصوص، نحن ننظر إلى السد الأمامى، وننسى أن أمامه 6 عوائق أخرى، كل عائق يقلل الخطر حتى لحظة الوصول إلى سد النهضة، تفوت المياه بشكل يكفل توليد الكهرباء. تعالى نتحدث فى البرامج الخاصة بالمرشحين عن الزراعة والصناعة والكلام كله أين الزراعة دون ماء؟ والعاجل الداهم لا يمكن انتظاره، مثلا قناة السويس التى أعتمد عليها وهناك قناة البحر الأحمر البديلة قادمة بعد عامين ماذا سنفعل؟ قوة الرفع على النيل الأبيض وليس النيل الأزرق فى تنزانيا، والقادم من فيكتوريا وما حولها، وكينيا وأوغندا والكونغو، كنا نقول إن بحيرة فيكتوريا لا يمكن الرفع منها بسبب المنسوبات ووسائل الرفع اختلفت. ماذا لو تغلبوا عليها وهناك مشروعات زراعية جديدة قائمة الآن رغم أنهم قد لا يكونون محتاجين إليها لكنهم يفعلونها.

■ ماذا يعنى هذا؟ - ببساطة، أننا لدينا قضية عاجلة لا يمكن أن أستمر فى إقامة برامج زراعية إلا إذا كنا متأكدين من الفهم وإذا كان مفهوم الأمن القومى قد تغير وأصبحت كل الحدود بها من التهديدات ما يكفى من سيناء ومن ليبيا ومن الجنوب وقناة السويس الجديدة، وكان التهديد قاصرا على الشرق وعصر التنمية وبرامج «إن.. ولا سيما» انتهت.

■ ما المطلوب وشكل الرؤى وكيف؟ - أعتقد أن ما نحن فى حاجة إليه أن يأتى لى أحدهم ببرنامج لما هو عاجل وداهم، وأولهم الأمن وأوله وتشغيل الطاقات الموجودة المعطلة ومشكلة الطاقة ونريد برامج طويلة المدى بطريقة مختلفة.

■ هل تقصد أن هذه البرامج برامج حكومات وأحزاب لا برامج رؤساء؟ - أريد أن أقول شيئا، ما أنا أرى فى البرنامج الثانى للمشير السيسى، أحدهم قال إنه يرى مشروع عبد الناصر ومشروع السادات، وأنهم يريدون مشروعا جديدا علينا أن ننسى كل المشروعات السابقة. لا نحتاج الآن إلى مشروع مرشح بل نحتاج إلى مشروع وطن، وهو مشروع صالح لوطن، وتلتقى عليه إجماع أمة، ثم يتنافس عليه المتنافسون أيهم أقدر على تحقيقه.

العاجل والداهم: ■ أستاذ هيكل قبل أن ننتقل إلى الداهم والعاجل كيف تصنع الأمم برامجها؟ - أريد أن أقول إنه باستمرار لا يوجد مرشح يقدم بنفسه برنامجا، لكن عادة كل مرشح يتقدم على برنامج حزبه، ويقول إنه الأقدر على تنفيذ برنامجه الحزبى، وأنا المرشح للتنفيذ وقد اختار الحزب ضمن من تقدم وائتمننى على تنفيذ برنامجه.

■ وأوباما قال فى آخر حملته قال «yes we can»؟ - هو يقصد على برنامج حزبه والعصر أيضا، وتعالى نتحدث عن وقت الأزمات الأمم تصنع ونحن أحيانا نخترع بلا داع أو لزوم، الأمم تصنع ما لا بد أن تصنع بشجاعة.. شخص مثل السيسى حتى آخر ثلاثة أشهر السياسة لم تكن مطروحة أمامه، فهو يتابع ما يمكن أن يتابعه أى مواطن، فهو مهتم ببعض الأشياء كمدير للمخابرات الحربية، راح مجلس الوزراء ليرى المشكلات فإذا أراد أن يأتى ببرنامج سيأتى بالناس تضع له ذلك. حمدين صباحى مثلا عندما يريد أن يضع برنامجا فقد يستجلب المفكرين وغيرهم لوضعه، ويتم فى النهاية، لكن عندما نأتى وننظر إلى ظروف العصر ماذا صنعت أمريكا؟ تطوع بعض الناس وأمريكا كلها تبحث عن عصر جديد وعصر مختلف، ويظنون أن آيزنهاور غير قادر عليه، جاءت عائلة وأظن هنا أن ثمة مسألة الرأسمالية الأمريكية والأوروبية، قدمت أشياء بديعة لأوطانها، وخربت المستوطنات ونحن نتحدث عنها، لا بد أن نقدر ماذا صنعت حكومة الهند الاستعمارية وخربت الهند، لكن فى ذات الوقت كيف رفعت الوطن الأصلى وكيف الرأسمالية الأمريكية أتت بالرخاء على أوطانها، وماذا فعلت عائلة مثل عائلة روكفلر، التى صنعت أشياء إجرامية فى فنزويلا، لكن كيف خدموا أوطانهم هنا، هناك قضية مهمة، وللأسف هنا الرأسمالية انقضت علينا نحن.

■ لكن هناك رأسمالية وطنية بعد الحرب وعبود باشا؟ - لكن الأمريكية والأوروبية امتصت كل خير المستعمرات ووضعتها فى خدمة أوطانها، أما نحن وغيرنا فوجدوا مواردهم ضائعة، وأنا لا أعلم أن يتحدث الناس عن برامج فى ظروف أزمات ومشكلات نحن نواجهها مع الأسف الشديد.

الظهير الفكرى ■ إذن مطلوب من الرئيس الجديد أن يجمع العقول من أجل هذا؟ - أريد أن أقول أمرا ما وقلته مبكرا، وما أثار المناقشة أنك سألت أننى أقوم على برنامج وقلت لا أكتب، فضلا عن أنه لا يحتاج كلا المرشحين إلى برنامج، نحتاج إلى شىء آخر أن ننظر إلى المشكلات والقضايا والمهام، ثم تكتبين برنامجا لمصر وليس للسيسى أو صباحى.

■ لكن المشير السيسى تجربته السياسية محدودة وتجربة إخراج برنامج أو إنتاج رؤية؟ - أريد أن أقول كل منا لديه تصورات عامة، على سبيل المثال أظهرى الانحياز لمن فى إطار العدالة الاجتماعية، وانحيازك الديمقراطى وانحيازك للحريات أين؟ وكيف تتفهمين الشباب؟ كل منا يستطيع وضع رؤيته ومشاعره وآماله، لكن ببساطة لا يمكن وضع برامج.

■ لكن الناس المنتظرة حل مشكلات التعليم والصحة والكبارى؟ - هذه أشياء لا تحلها البرامج، لكن أشياء تحلها الهمة. جمع الأدوات التنفيذية إذا قلت برنامجا لمستقبل مصر والمياه مهددة، ونحن نتحدث عن كبار وخدمات فقط، نحن إذن فى مشكلة.

■ هذه الرؤى والأفكار يجب أن يفرق فيها الرئيس كما ذكرت بين العاجل والداهم؟ - أولا يتحدث عن أهليته للتقدم للمسؤولية، وأن يقدم رؤية سريعة لما يتصور مقدرته على الالتزام به فى هذه اللحظة. وقد اقترحت هذا، وكان الراى أنى يضع البرنامج أناس من اختصاصات مختلفة. أنا اليوم أقول أعتقد أننا فور الانتخابات أهم مهام الرئيس القادم كيفما وأينما كان لا بد أن يرتب لمؤتمر حقيقى للمستقبل والأمن القومى. كل مصر رغم ما شهدته مصر من تجريف وهجرة كبيرة، ما فعلناه بالعقل المصرى كارثى، التسطيح الذى كان موجودا، نوع الناس نفسها، لا يمكن أن يعمل أحد فيه. صحيح العقول المهاجرة ليس ممكنا أن تعود، لكن بالإمكان أن يأتوا فى إطار استشارى، فنحن بحاجة إلى الاتصال بالخارج. الخديو إسماعيل ومحمد على استعانا بخبراء أجانب.

■ لا ترى غضاضة فى أن نستعين بأجانب حتى؟ - أريد أن أقول شيئا، أريد المصريين فى الخارج، وسأتحدث أيضا عن مجتمع المتعلمين والقادرين نحو مليون أستطيع أن أجد منهم على وجه اليقين هناك جاهزية لنحو 5000 على وجه اليقين، إذا عثرت على نحو 5 أو 6 فى مؤتمر واحد فقط أريد أحدهم للأمن القومى، لأن تعريف الأمن القومى لم يعد ممكنا على الطريقة القديمة، ولم يعد ممكنا الخطابات الحماسية أو الحديث عما يسمى الدور التقليدى الذى نتحدث عنه، ونحن نعلم ما جرى فى العالم العربى. صحيح نحتاج إلى العالم العربى لحاجة هناك، لكن نحتاج إلى توصيفها. قديما اعتمدنا فى العالم العربى على دعوة الشعوب والجامعة العربية وبنائها وتجييش الشعوب بخطاب حرك الدنيا، السويس لم يكن بالإمكان أن تتم قناة السويس فى إطار عمل عربى موحد، أمنت وحاربت، لكن الفيصل هو قطع خطوط البترول القادمة من العراق إلى البحر الأبيض فسقط الجنيه الإسترلينى.

■ إذن أحدهم للأمن القومى؟ - أريد مؤتمرا سياسيا يمس الأمن القومى ومشكلات التصنيع، والأرض الزراعية بها مشكلة، وهى ظاهرة، فيكفى أسعار الخضار المرتفعة.

■ هذا مؤتمر اقتصادى؟ - ليس فقط، وأنا أرى مشهدا غريبا أمامى، هناك بيوت يحدث لها إزالة، لأنها تعديات، لكن ما حدث فى فترة سقوط المعايير والقوانين تعدى الناس على الأراضى الزراعية بأكثر مما تم استصلاحه، فالحديقة الخلفية للقاهرة من الفاكهة والزراعة تقلصت كثيرا والسلع الغذائية قلت فى القاهرة، وتجريف الارض أريد مؤتمرا اقتصاديا اجتماعيا معًا، وسياسيا وثالث يمكن التفكير فى مؤتمر للشباب. أريد مرة أخرى أن أستفيد من تجارب الأمم، وأن نكرر ونستفيد ما يصلح لنا فقط، أريد عقول مصر فى الداخل والخارج أن تضع برنامجا لرؤية مصر بشكل كامل ومتكامل.

الظهير السياسى: ■ هل هذا ما يجب أن يفعله الرئيس فور وصوله إلى الرئاسة، هو عقد هذه المؤتمرات؟ - هذه المؤتمرات هى مَن تصنع برنامجا، هنا يمكن التحدُّث عن برنامج، وقبله لا يمكن.

■ هل يبحث الرئيس هنا عن ظهير فكرى؟ - ظهير فكرى وعملى.. لا أريد أجواء أكاديمية، بل أصحاب التجارب فى المال والاقتصاد والصناعة والزراعة.

■ هل يحتاج الرئيس هنا إلى ظهير سياسى؟ - فرِّقى بين أمرين، الطليعة التى من الممكن أن تُنير أمامه الطريق سواء فى مصر أو فى الخارج لكى تعطى له برنامجا، لكنه فى الوقت نفسه يحتاج إلى ظهير سياسى، تتجمع خلفه كل القوى السياسية بعد الانتخابات، وأنا مستعد أن أقول إذا انتخب السيسى لن يكون له حزب، ولن يكون وراءه هذا.

■ هل يحتاج السيسى إلى حزب من ورائه؟ - لا أتصوَّر أن البلد مستعد لحزب آخر، ولا أتصوَّر أيضا شخصا يقف بمفرده.

■ وهو مقبل على الانتخابات البرلمانية، وما يمكن أن يكون له ظهير؟ - هذا جيد.. لم نبدأ من الهواء، هناك دستور، وناقشتى بعض الأشياء، والتكملة تكون بمؤتمر من خلال إكمال الأرض المحيطة بكى، ثم نتحدَّث عن من يرتاد هذه الأرض، فنقول ظهير سياسى وجبهة وطنية فى وقت الأزمة.

■ لكن الوقت قد لا يسعفه، وهو يحتاج أن يعمل سريعا؟ - سيعمل على العاجل فى البرنامج فى مطلب الأزمة. بداية الأولويات: ■ لكن أن تكون لديها لغة أو خصوصية فى المؤسسات الفكرية الغربية؟ - فى قضايا قابلة للاستغلال فرِّقى بينها وبين اللهب الذى من الممكن أن يحدث فى لحظة معينة.

■ إذن الأمن هو الأهم؟ - الأمن أول شىء.

■ وما المرتبة الثانية؟ - الطاقة كيف أسعى لتشغيل الطاقات واستغلالها، وأنا فى أزمة طاقة كبيرة، ولدينا 5000 مصنع معطَّل كيف نتحدَّث عن مصانع جديدة، ونحن لدينا أزمة مثل هذه، وهناك استثمارات معطَّلة قائمة، فكيف ألحق بالعالم الصناعى؟ فى عام 66 كنا نساوى كوريا الجنوبية وقد نتخطّاها وضاع كل شىء وضاع كل شىء بسبب النكسة، وتعطلنا بعض الشىء، ثم عدنا ثم غيرنا كل المسار ماذا فعلت كوريا؟ لم تبدأ من المجهول واصلت ولمست الجزء التكنولوجى، ودخلت على الإلكترونيات، أريد أن يقول لى الخبراء من أين نبدأ، ولا أريد أن أفشى سرا أحد مجالس الإدارة للشركات اليابانية قالت نحن سرقنا من أوروبا والصين من الولايات المتحدة، ثم جاءت كوريا وسرقت منا نحن٫٫ ماذا تنتظرون؟ ابحثوا عن أحدهم وخذوا منهم وخذوا المعرفة؟ ونحن نتحدث عن التصنيع وأرى ضرورة فيه، ولا أمل إلا فيه، ولكن أى تصنيع وماذا نفعل؟ ما هى الخطوات؟ لا نريد كلاما خارج العصر، مع الأسف نحن سادت لدينا ثقافة تسفيه كل شىء، لا يناقش أحد أحدا قولى ما تريدين بعضهم يقولون هذا رجل عجوز، واتركوه يقول ما يقول، وآخرون يقولون إنه يهذى وامنعوه، من أجل الوصول فى النهاية إلى شىء.

■ أهل الخبرة أم الثقة؟ - مرشحا الرئاسة حتى هذه اللحظة ليس لهما ظهير سياسى واضح، مثلا المشير السيسى لا يوجد لديه حزب، وصباحى وحزب الكرامة ضعيف، وليس قويا أو مؤثرا كيف يختار الطاقم. فى أوقات الأزمة باستمرار فى كل العالم الأزمة تستدعى كل من تجدين فيه أهلية العمل فى هذه الظروف، كل الحكومات فى هذه الأوقات استجلبت أقوى من لديها، المشير السيسى مثلا ليس له ظهير سياسى من أين يخلق ظهيره؟ ظهيره نوعان، وإلى حد اليوم الجماهير رأت أمامها رجلا قادرا على فعل أشياء، لكنه تحت التجربة فى التجربة العملية، ولا بد أن يأخذ فرصته كاملة، لكن أريد أن أقول شيئا من سيخلق الجماهير هو قدرته على الاستجابة للتحديات المطروحة أمامه وأمامهم، وأولها خطابه العام واختياره لمعاونيه وتحديده لمهامه. وأنا أعتقد أن بهذه العناصر الثلاثة يمكن أن نخلق ظهيرا سياسيا قويا، وعندما بدا عبد الناصر أو غيره قولى ما تشائين بدأوا بأصوات معينة، واحتمالات أن ينجحوا فى تجييش الجيوش بقدرتهم على الاستجابة.

■ لو أخذنا عبد الناصر مثلا أثبت القدرة عندما وزَّع الفدادين؟ - أخذت وقتا هو جاء دون برنامج، وبعض الناس تكذب وتقول بأن عبد الناصر وضع النقاط الستة قبل الثورة، هذا ليس صحيحا، وهى وضعت فى أغسطس بعد الثورة بشهرين ليس فقط الإصلاح الزراعى كان فى ذهنه ما كان موجودا ما قبل الثورة مثل رفع الألقاب وغيرها، وأنا أعتقد أن شعبية ناصر تعززت من بعد ما حدد البعد القومى، وانتهى بتأميم السويس فى نصف 56 الأول والنصف الثانى.

■ السادات مثلا شعبيته لم تبدأ إلا فى 73؟ - الرئيس السادات شعبيته وشرعيته كلها تأسست يوم 6 أكتوبر، ثم بعد ذلك حدثت مشكلات ليست من ذنبه أو صنعه، لكن لا أريد أن ألج فى تفاصيلها الآن، وقد نأخذ وقتا آخر، وفى مرة من المرات نجلس ونطلب من المصريين أن يسامحونا فى ما واجهوه بكل شجاعة، ونعرف أن جميعنا ملومين، وعلى فكرة وهم السلام الذى أخذناه لم يكن عبد الناصر فقط، وأنا أتذكر أن «أخبار اليوم» فى ذلك الوقت كتبت واحدا ضد مصر، وأنا كنت أعارض ووحدى وكأنى صوت واحد فى البرية.

■ هل أحيانا تلوم نفسك على أشياء؟ - ألوم نفسى على أشياء أخرى، لكن قضية معارضتى هذه لا ألوم نفسى عليها، وعندما تسألينى بماذا أعتز فأنا أعتز بعدة أشياء فى حياتى منها هذا الموقف الذى أخذته، وأعتقد أننى على حق، والناس كلها ضدى.

■ نعود إلى كيفية اختيار الرئيس لطاقمه الذى ينفذ رؤيته؟ - أى رئيس نحن فى نقاش مصطنع بين ما يسمى أهل الخبرة وأهل الثقة كل حزب سياسى وكل رئيس الرئيس الأمريكى لديه الحق فى اختيار 4 آلاف موظف من خارج الإطار من أهل الثقة، سواء من حملته الانتخابية أو سفرائه فى لندن مثلا، وهى لسفارة فى البلد الأوروبى الأهم وباريس يكون تعيينات سياسية ممن أيد الرئيس ومنحه المال فى حملته.

■ وليس لها علاقة بالترقى البيروقراطى؟ - الترقى الوظيفى ولا نستخدم لفظة البيروقراطى له مجاله، لكن عندما نتحدث مثل السيسى ولا داعى دعينا نتحدث عن عبد الناصر ثم تقولين اعتمد على أهل الخبرة، وهو لا يعرفهم ويحتاج إلى الوقت ليثق فيهم، لكن أى نظام سياسى ساركوزيه يستعين برجال ونساء من معارفه ومارجريت تاتشر.

■ لكن عبد الناصر بما أنه لجأ إلى أناس يثق بهم كانوا جميعا من القوات المسلحة؟ - هذا ليس حقيقيا، ودعينا أتحدَّث من حمل مسؤولية مشروع جمال عبد النصار ستجدين الدكتور الدكتور محمود فوزى أبدع فى السيارة الخارجية عبد المنعم القيوسنى، وعلى الجرتلى فى الاقتصاد، ومصطفى خليل فى المواصلات، وموسى عرفة فى بناء السد العالى كل ما نحتاج إليه فقط هو التذكر هذه الحملات المستمرة خلقت شيئا خطر مشروع عبد الناصر بالدرجة الأولى اعتمد على مدنيين، وكان هناك عسكريين.

■ فى كل مكان؟ - لحظة أنتِ لم تكونى موجودة.

■ صحيح لكنى قرأت... - دعينى أكمل محمود يونس كان لديه مشروع كبير فى قناة السويس وكانت أمامه تحديات، وأنا عندما أتحدث لا أفرق بين مدنى وعسكرى بهذه الطريقة، لكن صدقى سليمان فى السد العالى عسكرى والكلام هنا منبعه أن بعض العسكريين الذين لا نريدهم يذهبون إلى السفارات وهذا جائز فى ظروف من هذا النوع وقد تكون هناك أخطاء كبيرة ارتكبت ولا مشكلة فى هذا.

■ إذن المشير السيسى؟ - السيسى ليس له حزب مدين له بشىء ما، قادم من القوات المسلحة فى الرئاسة المقبلة على سبيل المثال سيحكم منذ اختياره لطاقم عمله.

■ لكن خياراته ليست واسعة؟ لأن هناك تجريفًا عاليًّا؟ - لا هذا صحيح، فهناك تجريف عال، وأنا أعتقد أن أى رئيس منهما سواء صباحى أو المشير السيسى سيأتى بمجموعة من الناس مَن الذين عرفهم فى مختلف الأمور وتعرف عليهم فى مرحلة التجربة، وأنا أعتقد أن الناس المشاركة فى تحقيق وكتابة برنامج التنمية سيكونون من الموجودين فى أى حكومة يؤلفها حمدين صباحى، ومستعد أتصور أن بعض العسكريين سيكونون موجودين فى طاقم السيسى وهذا منطقى.

■ لكن هذا مزعج للبعض وبالأخص الشباب؟ - أريد أن أقول شيئًا هذا يتوقف قد نطلب من كل مرشح أن يتفهم قضايا الشباب وأن يفسح مجالًا بهم على سبيل المثال، فلو قلنا صباحى وصل إلى سدة الحكم فهذا يعنى أنه سوف يستعين بعدد من شباب التيار الشعبى، وهم موجودون فى بعض المراكز لو تصورنا المشير السيسى فسوف يستعين بشباب «تمرد» لأن المرشحين لديهم الشباب قضية وأمامهم من العناصر الشبابية المتاحة ولا بد من ترتيب أنفسنا ولازم نفهم، وأقترح أنه لا بد من التقدير والدراسة، وعليه أن يضع معه أهل ثقته مما يعرف، وأتذكر أننى عندما اختلفت مع الرئيس السادات وقد عيننى مستشارًا له اتصل بى عبد الفتاح إبراهيم وزير الدولة، وقال: خصصنا لك خمس غرف فى عابدين لو شئت أنتدب لك من «الأهرام» ما شئت من السكرتارية وغيرها، قلت له: لن أذهب أصلًا لا تتعب نفسك لكن أى أحد سيذهب وأنا على سبيل المثال فى وزارتى الإعلام والخارجية استعنت بطاقم مكتبى أسامة الباز، وعبد الملك عودة، وعبد الوهاب المسيرى، وجميل مطر هذا شىء طبيعى.

■ هؤلاء طقم الثقة عندك وهم من القامات؟ - لا بد أن تسمحى لكل شخص أن يتعامل مع مَن يعرف، ولا تتصورى عكس ذلك.

■ لكن نحن لدينا مشكلة مع أهل الثقة فى أيام مرسى مثلًا كانوا أهل الثقة من الإخوان وهذه كانت كارثة من مكتب الإرشاد و«الحرية والعدالة»؟ - لا أريد أن أدافع عنهم، لكنهم فى هذا الوقت استعانوا ببعض الخبراء.

■ لم يكن هناك أحد؟ - كان هناك بعض الأسماء ولا أريد أن أسمى أسماء حتى لا يزعل أحد، لكن لا بد أن أقول فى الوزارات التى أتت بعد ذلك كانت موجودة وفى مواقع.

■ شخص أو شخصان وانتهى الأمر؟ - موافق على هذا، لكن علينا أن نفهم أن الإخوان لديهم عقيدة راسخة وشاملة وترغب فى الاستيلاء، ولذلك لن يتركوا منصبًا وهذا صحيح، لكن أريد أن أضع أمرين. صحيح أنهم عبئوا الوظائف بمن لا يستحق، وصحيح أن لديهم رغبة جامحة فى الاستيلاء، وهؤلاء ليسوا أهل ثقة بقدر كونهم أهل مشروع استيلاء وتقريبًا «أهل مؤامرة».

■ وأعتقد أنهم كانوا سوف يستعينون بمدربين كرة من الإخوان لضمانة أهدافهم؟ - ممكن.

■ مشكلتنا الرئيسية فى اختيار طاقم الرئيس؟ - رقم واحد كل رئيس قادم لا بد أن نتصور أن يكون معه أهل بعض الثقة، والشىء الثانى أليس السيسى عندما كان فى الوزارة اختلط وشاهد بعضهم، وضرورى أن يكون وضع بعضهم فى ذهنه. أليس من الممكن ويحتمل أن يكون صباحى قد وضع فى ذهنه بعض الشخصيات، وحازم الببلاوى قالى لى شيئًا مهمًا إنه اكتشف قوة جهاز الدولة وهى قوة سلبية فقلت له كيف؟ هو جهاز قوى جدًا يمنع الدولة من السقوط ويمنعها فى الوقت ذاته من النهوض، وبالتالى جهاز الدولة، وقد حمل مسؤولية كبيرةو وموجود فى الهيئة المراتب الوظيفية التى تتولى كل الاتصالات، فوق هذا ستكون هناك إدارة سياسية، بعضهم نعرفهم جيدًا والبعض الآخر نتوسم فيهم أنهم يقدرون، وأى شخص يكون فريق العمل، لكن لا يوجد تمييز بين أهل الثقة وأهل الخبرة، وأنا مستعد أن أقول إن هذا شعار مغلوط طرح قصدًا لمهاجمة تجربة جمال عبد الناصر، والاتهام والإيحاء بأن من قام بها عسكريون هذا غير حقيقى، التجربة كلها مَن قام بها وتحمل مسؤوليتها من المدنيين، وأنا أقولها بمعنى الكلمة.

■ ليست هناك مشكلة فى العسكرى من ذوى الكفاءة؟ - بالضبط فشخص مثل محمود يونس، وقد حدث أن تم إرسال بعض الضباط الأحرار إلى سفارات وهذا حدث.

■ هل من مهام الرئيس العاجلة إصلاح المؤسسات، وهل يسهم هذا فى خروج فكر منها؟ - إصلاح المؤسسات جزء من البرنامج، أخشى أن أقول لكى وأنا أتحدث عن عبد الناصر مثلًا الجهاز الحكومى الذى يصفه الببلاوى بأنه يمنع سقوط الدولة ويمنع نهوض المجتمع لأنه جامد هذه مشكلة كبيرة تحتاج إلى برنامج لمواجهتها، حتى عبد الناصر عندما جاء وعاصر هذا ماذا صنع؟ والجهاز الحكومى وقتها كان أقل من نصف المليون لكن اليوم بلغ 6 ملايين، وبالتالى الانتقال خرافى، وقتها قال إن هذا الجهاز الحكومى لن يستطيع أن يفى بما أعتقد أنه مطلوب فتجاوز الجهاز الحكومى وأنشأ شيئًا أسماه المجلس الأعلى للخدمات والأعلى للإنتاج، وجاء بحسين باشا فهمى وكان وزير المالية قبل الثورة، وأسند إليه «الأعلى للإنتاج» لتولى تنفيذ المشروعات المعلقة والمطلوبة من الناس، حتى من قبل الثورة فأنتى خرجتى خارج الدور التنموى للدولة وأعطتيه لهيئة معنية، ثم الدكتور محمد جلال، وأعتقد أنه قام بدور كبير وتولى الناحية الاجتماعية من خلال «الأعلى للخدمات» وأنشأ 500 وحدة مجمعة فى غضون خمس سنوات، فيها المدرسة فيها الخدمة المدرسية والرعاية الصحية فى ما يسمى الوحدات المجمعة، وبالتالى تجاوزنا الجهاز الحكومى بشكل ما.

■ هل تقترح على المشير السيسى أو المرشح القادم أن يتجاوز هذا الجهاز؟ - أريد أن أقول أن عليه ذلك، وأنا أتصور وأقترح عليه أن يفرق بين العاجل والمهم. الأول عاجل داهم لا بد من أن يعالجه بفريق عمل يمتلك قوة فعل وعمل.

■ هنا مجلس وزرائه به مشكلة لأن الدستور يتحدث المشاورة بين الرئيس وتحالف الأغلبية، وتشكل هذه الحكومة بناء على هذا وقتها كيف سيختار؟ - لا أعرف مَن سيكون حزب الأغلبية، لكن هنا أنا أقول إننا فى المرحلة الانتقالية فعلنا كل شىء ببطء وعلى عجل، وأخذنا وقتًا كبيرًا فى التفكير ثم تركنا مجالًا كبيرًا للفتكير بعد ذلك، وفى آخر ثلاثة أيام تصرفنا بسرعة بما جعل أن هناك كثيرًا من الثغرات والأخطاء لم نعمل وأتمنى ونحن مشكلتنا هنا هى نقص النظام «السيستم» وعدم فهمه وروح النظام، نحن لدينا فجوة ولا نعلم مَن هو حزب الأغلبية، ولم نعرف حتى النظام الانتخابى فردى أم قوائم، وأنا أتصور أن هناك مشكلة كبيرة ولا أعرف مَن سيختارون بأى شكل، لكن من الممكن التشاور مع الشخصيات البارزة فى البرلمان، لكن فى النهاية الرئيس القادم فى ظروف أزمة وإذا طلب فى خطابه الأول أن يقف الناس معه وتوصيفها بالحدود والمواصفات وأن يقفوا معه جدًا سوف يعثر على كيفية التصرف فى هذه اللحظة وسيجد بديلًا عن حزب ومناصرة ومؤيدين وجماهير وقوة وفريق عمل قوى حتى يتم حل وإنشاء مؤتمرات ويتضح أمامك طريق المستقبل وهى مهام الأزمة، فاللحظة الراهنة هى مهام الأزمة والبرنامج القادم هو برنامج وطن، ونحن لا يجب أن نتحدث على المدى البعيد ونحن لدينا مهام أزمة.

إصلاح المؤسسات: ■ إصلاح المؤسسات قد يكون مطلوبًا أن يقوم به؟ - الحمل البيروقراطى راسخ، وتذكرى أن مجتمعات النهر عادة تنشأ فيها بيروقراطيات متكلسة إذا شئتى ادعى لثورة ثقافية كالتى دعت إليها الصين إذا كان الوقت يسمح وإذا كانت ظروف الإقليم تسمح بهذا، فكثير من المعوقات تعيق القيام بهذا وقد رأيت الإمبراطور تشين فى آخر أيامه، وكان يرى أن الإدارة تتكلس بمرور العقود ويجب أن تحدث عليها ثورة تسقطها كل فترة، ولا تستطعين القيام بثورة ثقافية فى الوقت الذى تعانى فيه الدولة. الثورة الثقافية أحدثت تغييرات مهمة، وإن حدثت بعض التجاوزات وأعتقد أنها منحت طاقة تجديد كبيرة للصين، لماذا أقول ذلك لأننا عندما نتحدث عن إصلاح مؤسسات سندخل فى مشكلة عميقة، لكن على أى حال هذا يعتبر جزءًا من البرامج.

■ ما أهم المؤسسات التى يجب أن يفكر فى إصلاحها؟ - أعتقد أن أهم أمر أمام الرئيس القادم أن هذه البلد لديها مشكلتان، أولاهما أن البلد كلها مصابة بحالة انزلاق غضروفى، وليست هناك مؤسسة موجودة فى مكانها.. كل فقرة من فقراتها خرجت من مكانها، وأعتقد أن أهم شىء ولا يوجد أى مؤسسة فى الدولة تقوم بدورها الطبيعى سأبدأ بالإعلام، وأنا أعتقد أن المجتمع يعيش بين أمرين، عالم قضائى بالنهار وآخر فضائى بالليل، النهار محاكمات وترحيلات ومحاكمات ومظاهرات وأحكام، وشاهدتُ أحدهم حكم على 500 شخص دفعة واحدة بالإعدام.. ما هذا ويقصون عليا وناقشت أحد رجال القضاء وقلت له ما هذا؟ وكيف حدث؟ وعندما نتحدث ونعلق تقولون لنا إهانة القضاء.

■ بلاغ فورى؟ - وأنا أناقشه وهو يقول لى: «ابننا هذا -يقصد القاضى- أستطيع فهم ما وصل إليه هو وجد الدليل بلا مناقشة على وجود جريمة بشعة، لكنه وجد الجريمة شائعة إما أن يحكم ببراءة الجميع وإما أن يحكم بإدانة الجميع، فرأى أنه من ناحية معنوية يحكم بإدانة الجميع أعرف أن ثمة مرحلة أخرى فى التقاضى وقلت له لا أعرف إن هذا كان فى حماسة، ولكنى أقول هنا إن الصباح نهار القضاء.

■ لكن القضاء لا يقبل أن تقترب بنيات إصلاح ويرى أنه يصلح نفسه بنفسه؟ - والإعلام لا يقبل.

■ لا يقبل؟! - على أى حال أنا قلت نعيش يومًا مقسمًا بين أجواء قضائية بالنهار وأخرى فى الليل إعلامية، الفرق بينهما أن جميع الناس فى الدولة موجودة على الشاشات فى المساء.

■ هذا بسبب حالة الفراغ من غياب المؤسسات كالبرلمان وسياسة وفاعلين ورقابة؟ - هل يعقل أن أجد الجميع فى الفضائيات بشكل جعل الإعلام يحل محل الوزارة والبرلمان والرأى العام.. أريد أن ينوب عنه فى المحاسبة، لكن لا يعقل.

■ لا بد أن يعودوا إلى أماكنهم حتى نعود نحن أيضًا؟ - مؤسسة الأمن تحتاج إلى العودة إلى مكانها، لا أعرف كيف سيحدث لكن كل المؤسسات فى الفترة الماضية ظلت فى حالة ثبات فى عهد مبارك ثم حالة فراغ وفوضى بعد ثورة يناير كل المؤسسات ليست فقط الحكومة كلها خرجت عن حدود وظيفتها، البلد كلها «تعرج» لا تقوى على السير، فالانزلاق الواحد لفقرة واحدة يسبب مشكلات، فما بالكم بأن كل فقرة فى الدولة منتقلة من مكانها كيف سيكون الوضع؟! هذا رئيس مسكين فى حقيقة الأمر، فهو مقبل على مجتمع متشبع بالفتن: فتنة شباب غاضب، ومظاهرات فئوية، وكل فريق فى المجتمع يطالب بحقوق جامعات مشتعلة، وأسوان لديها فتنة حتى كرة القدم الأولتراس لديه مشكلة مع «الداخلية»؟ ماذا سيفعل؟

■ هل هذا مصيرنا ونحن على الصراط المستقيم؟ - ليس شرطًا أن يكون هذا هو المصير، لكن علينا أن نتذكر بيت الشعر القائل: أمير المؤمنين رأيت جسرًا أمر على الصراط ولّا عليه، وأعتقد هنا أننا نواجه ما أصعب منه فعلًا، عليكى أن تذهبى إلى المستقبل وسط مزلق لأى مستقبل من نوع ما عبر أوضاع فى منتهى السوء، وأعتقد أن أول شىء على الرئيس الجديد وهو سيعايش مشكلات كثيرة جدًا، وأنا لم أر المشير السيسى منذ فترة، ولكنى قابلته أول من أمس وقلت له عندما شاهدت كل هذه البلاوى حولك ألست نادمًا أنك قمت بترشيح نفسك؟ فقال قبل مقاديره، وإنه يظن أن كل شىء بأمر الله، ويعتقد أنه هو والشعب سيقدرون على هذا؟ وقلت له حقيقى أتمنى لك التوفيق، وقلبى معك ولا أتمنى أن أكون مكانك أو أكون ضمن مستشاريك.. أريد أن أتابع بلهفة وبقلق القادم، وأنا أعتقد أنه سيجد مشكلات أمامه بحجم الدنيا والآخرة.

■ ما النصيحة التى توجهها إليه؟ - المهمة الأهم هى استعادة الأمل، ونحن نتحدث عن أوباما بعدما جاء خليفة لبوش، ورغم أنى أعتقد أن تجربة أوباما فاشلة كلها.

■ لكن بدايتها كان بها أمل؟ - نعم فى البداية «yes we can» وهو الشعار الذى استخدمه عندما جاء إلى سدة الحكم، وأعتقد أن الرئيس القادم سواء السيسى أو صباحى أو مَن سوف يترشح ما زال باب الترشح، مفتوحًا أن يجعل من هذا شعاره «نعم نحن نستطيع» لدينا تشاؤم الفكر، لكن لدينا تفاؤل.. الإرادة لا تخفى عنى شيئًا لا تخدعنى بالآمال المعسولة، وهناك فرق بين أن يكون لديا حلم أو هدف الأحلام يختلف عن الهدف، ومشكلة العقل العربى أنه خطابى فهو هائم بالأحلام، ولايهتم بالهدف، ونحن نتوه بالأحلام ونتوه بها حيث نشاء. أريد الأهداف مع الاحترام للأحلام الممكنة فى هذه اللحظة الصعبة، وأنها قابلة للتحقيق وممكنة بإرادة الناس.. نحتاج إلى رسالة نستطيع لا تخفى عليا المشكلات ولا تخدعنى بالأحلام. الخارج يلعب على التناقضات.. وسفارة هولندا أصدرت قاموسًا للغة النوبية وهو أمر مقلق

أزمة أسوان: ■ ما العاجل إذن؟ - أول شىء الأمن، لا تقولى لى بأن هناك بلدا يبحث عن المستقبل دون أمن، ورأينا ما حدث فى أسوان والجامعة. ■ ونحتاج أن نقف عند أسوان.. ماذا أقلقك هناك هل تغيُّر الناس هناك؟ - هناك أشياء كثيرة جدا تغيَّرت، ولا بد أن نفرّق هنا، ونحن نتحدث بين العاجل وغيره، هناك أشياء كثيرة تغيَّرت، بناء سد أسوان الأول ثم السد العالى، هناك قلقلة حصلت هناك للنوبة، وهناك مشروعات لاحتواء النوبة، وهذا جيد، وثمة تناقضات أيضا، وهناك مَن يلعب على هذه التناقضات، أنا أرى ذلك واحدا، السفارات اليوم أخرجت قاموسا باللغة النوبية، وهذا شىء غريب.

■ ما السفارة؟ - سفارة هولندا مركز علمى هولندى.

■ هل هنا تركن لنظرية المؤامرة؟ - دعينى أكمل هذا ما العاجل، وهنا نحن فى مشكلة تستحقّ الدراسة وتتراكم عناصرها، وتحتاج إلى برنامج، لكن حصل أن هناك نوعا من الرخاء السياحى يغطى على التناقضات، وهناك بعض الأحوال يكون فيها الرخاء بمثابة ملاءة تقف وتغطى هذه المشكلات، لكن المشكلة الآن ونحن نتحدَّث عن أزمة أسوان لا بد أن نبحث عن العاجل والآجل، فأهل النوبة لا ننكر لديهم مشكلات تحتاج إلى النظر، لكن العاجل هنا أن السياحة وقفت والبلد متوقّفة منذ 3 سنوات، من كان لديه مدخرات انتهت، ومن كان يبحث عن العمل ويتم استيعابه فى السابق لم يعد هذا ممكنا الآن، والمحافظات التى تطلّ على شواطئ البحر الأحمر كانت تستوعب أيضا أعدادا كبيرة من الشباب، والآن مع تراجع السياحة لم يجد الشباب عملا، أصبح هناك عنصر توتر عاجل، وبالتالى الرئيس القادم عليه مسؤولية العاجل البرامج ستكتب، وهنا أهمية التفرقة بين العاجل والضرورى، والاهتمام بالعاجل لا يعنى أن الضرورى ليس مهما.

■ إذا تحدَّثنا عن أزمة أسوان ونحن نشير إليها، هل ترى هنا أن المؤامرة تعزز فكرة الانفصال، وأن ثمة من يلعب على هذا ويستغل هذه الأزمات؟ - أولا لا بد أن نسلم أن ونتذكَّر أن كثيرا حاول اللعب على مسلم وقبطى وسيناء، وهى مشكلة كبيرة، ولم نهتم بها ولا بتاريخها، ولم نفهم ولم نعرف ماذا حدث، وعلى أى حال لا أريد أن أتناولها الآن، هناك مشكلات نائمة وخطيرة جدا وقابلة للاستغلال، ومنها النوبة، وعلى سبيل المثال منذ سنوات سمعنا عن الأدب النوبى، وأصبح هناك تميز فى الأدب.

■ الغناء والشعر النوبى؟ - هذا جيد وعلى رؤوسنا جميعا، شأنه شأن غناء الفيوم وفلكلور المحافظات، وهذا تباين، وقد يكون فى النوبية ما يستحق الاهتمام والاحترام فى الإطار الوطنى بما فيها من تنوع دينى وثقافى.

■ عندما تحدث المشير السيسى فى خطاب الترشح أنه لا يستطيع أن يفعل هذا وحده لكنه يحتاج إلى الناس معه البعض انتقده مثل حمدين صباحى والناس تساعد كيف وما الهدف؟ - أنا مستعد أعذر حمدين فى أى كلام ممكن قوله، وأنا أريد أن أقوله أن المشير السيسى لديه قوة معينة ناشئة عن تجربة معينة شاهده فيها الناس وقادر على اقتحام مشكلة بعينها لديه تحدٍّ كبير كيف يعطى الأمل؟ لقد أظهر الإرادة، لكن كيف تعطى الأمل وأنا أعتقد أن الأمل يعطى عن طريق الحقيقة، وليس عن طريق أى شىء آخر، ولا عن طريق التمنى أو الدعاء، وأرى أن أولى مهامه أن يعطى البلد صورة عن الحقيقة وصورة عن الإمكانية فى الأمل أن تحقق ولكن هناك مشكلة عند الناس، هى أن الشباب صبرهم نفد بأكثر مما يحتمل وصبرهم اختبر، والشىء الثانى أنهم فقدوا الثقة بشكل أو بآخر ونحن مثلًا نتحدث عن الشباب، فهناك نوع من العدمية أصبحت موجودة تخيفنى جدًّا، أنا لم أعد حريصًا على شىء، ليس لدىّ ما أخسره، وأفكار الطفولة اليسارية والأناركية، وكانت موجودة فى أوروبا فى الستينيات، انظرى كلها نتيجة أن الناس لسنوات طويلة لم تعد تجد طريقا، وكأن الطرق إلى المستقبل سُدت وكيف يمكن أن يستدعى همم الناس؟ وفى اعتقادى أنه ممكن إذا أحسوا بالصدق مثلا، بعد 67 البلد كلها كانت فى حالة رعب وأنا شخصيا، ولا يمكن أن تتخيل كيف الصورة؟ متى صفق الناس لخطاب عبد الناصر فى 23 يوليو عندما قال «نعم لقد هُزمنا».

■ لكن فى 67 كان الناس ملتفين حول الرمز والوطن؟ - أريد أن أقول إن الناس لا يزالون ملتفين حول فكرة الثورة، صحيح أننا نواجه أزمة، لكن نحن ننسى أنه حدثت ثورة على أوضاع فى 25 يناير، حدثت ثورة مجيدة وعظيمة جدًّا فى هذا البلد، البعض رأى فى الإخوان المسلمين البديل، والحقيقة أنهم طول الوقت طُرحوا كبديل، حتى لو كان فى الوهم، وهذا لم يعد موجودًا الآن، والمشكلة الآن أصبحت بينهم وبين الناس، فالناس لم تعد تقبلهم، وإذا كان الجسر لا نستطيع أن نعبر عليه، وأن البدائل السياسية لم تعد كافية وغير قادرة، وإذا كان الإخوان المسلمون الذين تصور البعض أنهم ربما يستطيعون، ثبت أن بينهم وبين الشعب قطيعة كبيرة جدًّا، اليوم يضربون الناس، يخربون المرافق، وينسفون أبراج الكهرباء، العنف فى الجامعات وقضية الجامعة، أجد أنها بقعة مختارة، وهى بقعة التنوير.

صبر الناس ■ : هنا إذا صبر الناس، فكم حجمه؟ وكيف تكون الفرصة؟ - تعالى أقول محلب، وأنا لا أعرفه، وقد جاء إلىّ قديمًا وزارنى فى برقاش وأشكره على هذا.. من أربع سنوات وسمعته، وهو رجل تنفيذى جيد، ولدىّ ملاحظات عليه عندما استمعت له، إذ إنه يجرى مشاورات فى «المقاولون العرب» لم يرِحْنى هذا.

■ مشاوراته الأولى؟ - إلى الآن يعقد مشاورات مع «المقاولون العرب» وأنا أرفضها تماما، ولست مقتنعًا بها، وعليه أن يجرى مشاوراته، إما فى مكتبه وإما فى أى مكان آخر رسمى بعيدًا عن «المقاولون العرب» ولست متحمسًا لوجوده فى كل هذه الأماكن بهذه السرعة، وإلا سيتم استهلاكه سريعًا، ولست مستعدًّا لأن أقبل فى حقه استهلاك الرجل بهذه الطريقة وأخشى أن يستهلك نفسه، فقد قيل: ترك أسوان فاشلا «بالراحة على الناس» وقبله يقال على الببلاوى الأيدى المرتعشة، كل هذا استهلاك للإنسان، لديهم هواية قتل التيران والمصارعة معها، نحن لدينا هواية «قتل الرجال».

■ كيف يمكن أن نطيل صبر الناس ونستعيد هذا التماسك مرة أخرى؟ - أن يشعروا بأن هناك أملًا وأنهم يواجهون حقائق، وأن الأهداف تحل محل الأحلام، ما المطلوب منى؟ وقل لى اصبر، لأننا سنفعل كذا لنصل إلى كذا وهكذا، ولا تقل لى اصبر دون شرح، لدينا رئيس يواجه علاقات ملتبسة مع العالم كله.

■ كم يجب أن تكون هذه الفرصة؟ ومتى نبدأ أن نحكم عليه؟ - عادة يكون بعد 100 يوم.

■ قليل جدًّا.. - حقيقى لكن أول يوم دخول له فى الرئاسة هو ومن يرافقه سيكون هناك انطباع بأن هؤلاء قادرون على أن يكونوا معه لإنشاء قوة فعل تساعده فى مواجهة الأزمات. وثانيًا كيف يكون خطابه؟ وكيف سيخاطب الناس؟ هل بلغة الآمال أم المهام المحددة؟ وهل هذه المهام مقسمة بالتكافؤ مع الناس؟ ومن سيتحمل الأعباء؟ القادرون؟ والعبء الأمنى سيظل المحزن فيه هو مَن يتحمل؟ حلول عير تقليدية:

■ هل يحتاج إلى حلول غير تقليدية إبداعية مثل فكرة الستينيات، وهى فكرة تجاوز البيروقراطية، شىء موازٍ وإلا سنسقط فى عمق الدولة العميقة؟ - يا ليتها عميقة لكنها ضحلة.

■ مثل الرمال المتحركة؟ - يغوص الناس فيها، لكن العصر اختلف ولو قلت استخدام حلول عبد الناصر من مجلس إنتاج وآخر للخدمات اليوم هناك ما يعوض عن هذا، كيف يمكن الاتصال بتكنولوجيا العصر؟ كيف يمكن أن توظفى قطاعًا خاصًّا آخر مهمًّا وموجودًا، لكن لا نستغله، أريده أن يكسب ويحقق أرباحًا، لكن ليس هكذا يكون التصرف، وكيف يمكن تشغيل قطاع عام وأنا مؤمن بأن المشروعات طويلة الأجل لا يمكن أن يقوم بها إلا القطاع العام، مثل البنية الأساسية وغيرها، أعرف أن هناك حساسية من قصة أن الجيش أخذ كل المشروعات.
إقرأ أيضا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.