بحث السينما عن موضوعات نجحت كقصص كوميكس أو ألعاب فيديو جيم لتقدمها في أفلام جذابة ومبهرة يحمل خلفه دائماً غرض تجاري جوهري، شركات الإنتاج تضمن جمهورًا كبيرًا من المعجبين بقصة الكوميكس أو لعبة الفيديو جيم سيذهب لقاعات العرض ولو من سبيل الفضول والحنين للعمل الأصلي، وهذا الجمهور المستهدف في أغلبه من الشباب الجمهور الأهم والأكبر للسينما، وتقتبس ديزني بعد فترة إعداد طويلة لعبة الفيديو جيم الشهيرة «أمير فارس» وتحولها إلي فيلم سينمائي يمهد لسلسلة أفلام لاحقة، ولا يخلو الفيلم من سحر وتسلية تجيد ديزني صنعها في أفلامها الخيالية، وربما يكون فيلم «أمير فارس: رمال الزمن«Prince of Persia: The Sands of Time » من الأفلام القليلة التي اعتمدت علي لعبة شهيرة ونجحت في صنع حبكة جذابة وممتعة بصرياً وفيلم مغامرات مثير لا يخلو من بعض الإسقاطات السياسية أيضاً، ونجاح المخرج «مايك نويل» وكاتبي السيناريو «بوز ياكين» و«دوج ميرو» في تحويل اللعبة إلي فيلم مثير وجذاب من الحالات القليلة في الأفلام التي انتجت سابقاً اعتماداً علي لعبة مشهورة وكانت النتيجة كراهية الجمهور للفيلم، سواء من جهة عشاق اللعبة الذين يرون أن الفيلم لا يرقي في جودته إلي مستوي اللعبة، أو من جهة عشاق السينما الذين يرون أن الفيلم استغل شهرة اللعبة دون أن ينجح في تقديم عمل سينمائي ممتع. أحداث "أمير فارس» تدور في الإمبراطورية الفارسية القديمة ولهذا يحرص الفيلم علي خلق أجواء بصرية ساحرة من خلال الاهتمام بتفاصيل الديكور الدقيقة والملابس الملونة المزخرفة والإكسسوارات المعبرة، بالإضافة إلي الجرافيك الذي قدم صورًا معمارية خيالية رائعة لمدينة تاريخية قديمة بطرقها وبيوتها وشوارعها، ويعتمد الفيلم كثيراً علي المعارك والمبارزات، وهذه المشاهد تم تنفيذها بصورة قوية ومتقنة، ويعد الفيلم من الأفلام المعدودة التي تنتجها ديزني ولا تحصل علي تصنيف «عائلي» ويعود ذلك بالطبع إلي أن نسبة العنف في المعارك تزيد علي الحد المناسب لمن هم أقل من 13 عامًا حسب التصنيف الأمريكي. الحبكة الرئيسية للفيلم تدور حول الأمير الفارسي داستان (تعني بطل بالفارسية) ويقوم بدوره الممثل «جاك جلينهال»، وداستان في الأصل فتي فقير تبناه الملك وهو صبي صغير، وتربي وسط ابني الملك الذي يتورط في غزو مدينة صغيرة مقدسة تحكمها أميرة بناء علي معلومات خاطئة، كما يتورط داستان دون قصد في مؤامرة اغتيال والده الملك ويصبح مطارداً من شقيقيه وعمه، ويصبح عليه أن يحاول إثبات براءته، ومساعدة الأميرة الهاربة التي ساهم في غزو بلدها في حماية خنجر مسحور يمكن أن يتسبب في دمار العالم لو وقع في يد شريرة، ويمزج الفيلم بين أجواء الحواديت المثيرة والمغامرات الأسطورية الغامضة، بالإضافة إلي الصورة والجرافيك اللذين يخلقان عالماً سحرياً مدهشاً تساهم موسيقي «هاري جريجسون ويليامز» في تأكيد تلك الحالة الشرقية الأسطورية التي جمعت بين فخامة الموسيقي الأوركسترالية الغربية والإيقاعات العربية والفارسية بزخارفها وجمالياتها المميزة واللطيفة، بالإضافة إلي صوت المطربة الكندية الأصل «ألانيس موريست» المتألق والمعبر في أغنية نهاية الفيلم. من الأمور الطريفة أن حبكة الفيلم حملت إسقاطات سياسية معاصرة، فحينما رغبت الإمبراطورية الفارسية في غزو مدينة ألامنت المقدسة المسالمة المجاورة التي تحكمها أميرة شابة حسناء كانت الحجة أنهم في المدينة يخفون كميات من السلاح ينوون تهريبه لأعداء الإمبراطورية وهو الأمر الذي يتم كشف كذبه لاحقاً، المبررات الأمريكية نفسها التي قدمت تبريراً لغزو العراق الذي اتهم بإخفاء أسلحة دمار شامل، الفيلم لا يحمل رسائل سياسية مهمة أو عميقة ولا يهتم بالتفاصيل السياسية إلا كغطاء للحبكة وأجواء الإثارة، والمغامرات هي العنصر الأساسي الذي ركز عليه الفيلم ونجح في توصيله بصورة جيدة، وبإبهار وأداء جيد من الممثلين. من الشخصيات التي تظهر في الفيلم وتحمل خلفية من التاريخ الإسلامي مجموعة الأشرار الذين يدعون «الهساسين» وهم مجموعة من القتلة المحترفين يكلفهم «نيزام» شقيق الملك بقتل داستان، ومن الواضح أن المؤلف اقتبس حكاية تلك الجماعة من الجماعة المعروفة باسم «الحشاشين»، أو حركة الباطنية الاسماعيلية وهم من الإيرانيين وعاشوا في القرن الثامن الهجري وكانوا ينفذون عمليات القتل والاغتيالات تحت تأثير تعاطي الحشيش، ومن اسمهم جاء مصطلح « Assassin»الانجليزي الذي يطلق علي القاتل المأجور. من العوامل الناجحة في الفيلم الأداء التمثيلي، «جاك جلينهال» في دور الأمير الفارسي الوسيم، وهو ممثل يجيد التعبير، ومن المرات القليلة التي يقوم ببطولة فيلم يعتمد علي الأكشن بصورة رئيسية، وتقوم «جيما أرترتون» بدور الأميرة تامينا حامية الخنجر المسحور، وقد حصلت جيما علي الدور بدلاً من الممثلة الإيرانية «جلشفته فرحاني» المرشحة الأولي للدور التي منعتها السطات الإيرانية من السفر لتصوير الفيلم علي خلفية الدور الذي قامت به أمام «ليوناردو دي كابريو» في فيلم «حفنة من الأكاذيب»Body of Lies للمخرج «رايدلي سكوت»، كما يلفت النظر أداء «بن كينجسلي» المعبر في شخصية نيزام شقيق الملك الشرير والداهية، وأيضاً الممثل «ألفريد مولينا» في دور التاجر العربي الشيخ عمار الذي يبحث دائماً عن الذهب وعن مصالحه الشخصية لكن ضميره يدفعه أحياناً إلي مساعدة الأبرياء، مولينا قدم شخصية الشيخ عمار بصورة كوميدية مرحة وتلقائية.