مع هذا القدر الكبير من التقدم التكنولوجي في مجال الخدع البصرية السينمائية، أصبح تحويل خطوط الرسوم المصورة (الكوميكس) إلي شيء أشبه بالحقيقة علي الشاشة أمرًا سهلاً للغاية، ومع الرصيد الأمريكي الهائل من الشخصيات الخيالية والقصص المصورة التي ارتبط بمتابعتها الملايين من القراء من جميع الأعمار وجدت هوليوود منبعاً لن ينضب قريباً من الأفكار المثيرة لأفلام جديدة ومغامرات مثيرة لأبطال خارقين، تحولت شخصيات خيالية خارقة مثل سوبرمان وباتمان والرجل العنكبوت والرجل الأخضر ورجال إكس من مجرد خطوط سوداء وألوان بسيطة تطبع علي ورق إلي شخصيات مجسمة بدقة وبراعة تتحرك وتقوم بمغامراتها علي شاشة السينما التي تعيد انتاج حالة الإبهار للمشاهد علي طريقتها الخاصة وبسحرها الذي لا يقاوم. ولا شك أن جزءًا كبيرًا من الاهتمام بهذه النوعية من الأفلام يعود إلي وجود عدد لا يستهان به من المعجبين بالشخصية، والذين يثير فضولهم أن يروها وقد تحولت من رسوم مطبوعة عشقوها إلي واقع وهمي ساحر علي الشاشة الكبيرة، فمثل تلك النوعية من الأفلام تضمن جمهورًا يأتي للشخصية قبل الفيلم، وحتي لو لم يكن المشاهد من متابعي تلك الرسوم فهو علي موعد مع متعة بصرية مضمونة. وفي فيلم «الرجل الحديدي» Iron Man 2 مثل النجاح الكبير للجزء الأول ضوءًا أخضر لإنتاج الجزء الثاني من السلسلة التي يتم الاعداد بالفعل إلي جزء ثالث منها وقد يكون الأخير بحسب بعض تصريحات صناع الفيلم، وربما تستمر السلسلة في إنتاج المزيد من الأفلام في حال استمرار النجاح، ويعتمد فيلم «الرجل الحديدي» علي واحدة من الشخصيات الخارقة الشهيرة التي ابتدعتها شركة مارفل للكوميكس، وهذا الجزء من سلسلة أفلام "الرجل الحديدي" يزدحم بمجموعة كبيرة من النجوم يعملون بجوار البطل الرئيسي (روبرت داوني جونيور)، ومنهم علي سبيل المثال (دون شيدل) و(سكارليت جوهانسون) و(جوينيث بالترو) و(ميكي رورك) و(صامويل إل جاكسون)، ورغم ما تعد به هذه الأسماء من متعة مشاهدة أداء تمثيلي كبير تليق بخبرتهم وماضيهم الفني، فإن النتيجة علي الشاشة أقل بكثير من هذا التوقع، بالطبع يبقي لكل من هؤلاء النجوم وهجه وحضوره الكبير علي الشاشة، ولكن لأن شخصيات المغامرة وطبيعة القصة لا تحتوي علي هذا القدر الكبير من التعقيد الدرامي، فإن تجسيد هؤلاء النجوم لهذه الشخصيات مجرد ترف إسنتاجي يصاحب الأفلام التي تنتظر العائد الكبير من شباك التذاكر، فأغلب الأدوار هنا تعتمد علي الأكشن أو كان يمكن أن يقوم به ممثل أو ممثلة أقل موهبة ولن يتأثر الفيلم. تبدأ أحداث الفيلم باعتراف توني ستارك (روبرت داوني جونيور) العلني في مؤتمر صحفي بأنه هو الرجل الحديدي الذي يحارب الشر والجريمة، ويطلب سيناتور أمريكي من ستارك تسليم هذه التكنولوجيا التي طورها في مصانعه لضمها إلي أسلحة الجيش الأمريكي، لكن ستارك يعرض أن يساهم في نشر السلام ومكافحة الإرهاب في العالم بهذا السلاح وهو في حوذته، طلب الجيش سلاح الرجل الحديدي لا يتم بصورة ودية تماماً فهذه التكنولوجيا الخطرة يطالب بها الجيش كحق للدولة، في حين يري ستارك أنه هو شخصياً الرجل الحديدي ولا يمكن أن يجبره قانون علي تسليم نفسه طواعية للدولة تديره كيفما يشاء جنرالاتها الذين يعتبرون الرجل الحديدي خطرًا علي الأمن القومي، يري ستارك أن الجيش بتصرفاته العدائية لا يسعي لصالح الناس، ويريد هو أن يكون اختراعه من أجل صالح كل البشر، وينتهي هذا الجدل وتبدأ مغامرة الرجل الحديدي الذي أصبحت هويته معروفة للعامة ليلتقي بمجموعة من الأعداء الذين يرغبون في الاستيلاء علي سلاحه أو تدميره. يحتوي الفيلم علي كثير من مشاهد الأكشن والخدع التي تمثل العنصر الأهم في الفيلم والشكل الجذاب لمثل هذه النوعية من الأفلام التي يختفي فيها الأداء التمثيلي خلف تفاصيل المؤثرات ومدي دقتها وجودتها، وهي في هذا الفيلم جيدة ودقيقة وجذابة أيضاً. هذا الجزء من سلسلة أفلام الرجل الحديدي قد لا يكون بنفس قوة ومستوي الجزء الأول ولكنه ليس سيئاً علي أي حال، برع (روبرت داوني جونيور) في منح شخصية توني ستارك تلك الخصوصية الجذابة والذكاء اللامع وخفة الظل، وكان أداء باقي الأبطال قوياً وجذاباً، وبالإضافة إلي وجود حبكة جيدة وتصميم جيد لمشاهد الأكشن فإن جميع عناصر إنتاج فيلم تجاري مسلٍ لا يخلو من خفة ظل وإثارة قد تكاملت.