40 صورة ترصد الحشد الكبير لمؤتمر اتحاد القبائل العربية    «التعليم» تلوح ب «كارت» العقوبات لردع المخالفين    حجازي: فلسفة التعليم المجتمعي إحدى العوامل التي تعمل على سد منابع الأمية    أحمد موسى: مشروع «مستقبل مصر» سيحقق الاكتفاء الذاتي من السكر    بدء التشغيل التجريبي للتقاضى الإلكتروني بمحاكم مجلس الدولة .. قريبا    مصادر سيادية مصرية تنفي إجراء محادثات هاتفية مع إسرائيل بشأن أزمة معبر رفح    الكرة الطائرة، تعرف على تشكيل الجهاز الفني للمنتخب الوطني    "مدرب الأهلي الحالي".. الاتحاد المصري لكرة الطائرة يعلن عن المدير الفني الجديد للمنتخب    تأجيل محاكمة المتهم باستعراض القوة وقتل شخص بالقليوبية    "مش هتلمسني إلا لو موتني".. القبض على سائق أوبر متهم بخطف فتاة التجمع    لو بتستعد للإجازة.. مواعيد القطارات الصيفية لمرسى مطروح والإسكندرية    كواليس وضع اللمسات الأخيرة قبل افتتاح مهرجان كان السينمائي الدولي في دورته ال77    إيرادات الأحد.. "السرب" الأول و"فاصل من اللحظات اللذيذة" بالمركز الثالث    ما الفرق بين الحج والعمرة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: لو بتسرح في الصلاة افعل هذا الأمر «فيديو»    أفغانستان: استمرار البحث عن مفقودين في أعقاب الفيضانات المدمرة    بعد الإعلان عنها، تعرف على شروط ورابط التقديم لوظائف الجامع الأزهر    طارق فهمي: فزع في إسرائيل بعد اعتزام مصر الانضمام لدعوى جنوب أفريقيا    ساوثجيت عن تدريب يونايتد: شيء واحد فقط يهمني    أشرف زكي: «اللي عايز يعرف تاريخ مصر يتفرج على أفلام عادل إمام»    رشا الجزار: "استخدمنا قوة مصر الناعمة لدعم أشقائنا الفلسطنيين"    إيسترن كومباني بطلًا لكأس مصر للشطرنج    بوتين يعقد أول اجتماع لمجلس الأمن الروسي بعد التغييرات في قيادته    هل يدعو آل البيت لمن يزورهم؟.. الإفتاء تُجيب    طرق إنقاص الوزن، بالأطعمة الصحية الحارقة للدهون    قديروف يعلن مشاركة قوات شيشانية في تحرير منطقة "أغورتسوفو" في مقاطعة خاركوف    مدرب توتنهام: لا أستمتع ببؤس الآخرين.. وأثق في رغبة المشجعين بالفوز على مانشستر سيتي    سينتقل إلى الدوري الأمريكي.. جيرو يعلن رحيله عن ميلان رسمياً    رئيس جنايات بورسعيد قبل النطق بالحكم على مغتصب طفلتين: الجاني ارتكب أبشع الجرائم الإنسانية    وزير التعليم يحضر مناقشة رسالة دكتوراه لمدير مدرسة في جنوب سيناء لتعميم المدارس التكنولوجية    سيارات بايك الصينية تعود إلى مصر عبر بوابة وكيل جديد    برلماني: السياسات المالية والضريبية تُسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية    سفير واشنطن لدى إسرائيل ينفي تغير العلاقة بين الجانبين    الغموض يحيط بموقف رياض محرز من الانضمام للمنتخب الجزائري    المفتي للحجاج: ادعو لمصر وأولياء أمر البلاد ليعم الخير    وزير الصحة يبحث مع نظيره اليوناني فرص التعاون في تطوير وإنشاء مرافق السياحة العلاجية    مدير التأمين الصحي بالشرقية يعقد اجتماعا لمكافحة العدوى    تنطلق السبت المقبل.. قصر ثقافة قنا يشهد 16 عرضا مسرحيا لمحافظات الصعيد    ما هو موعد عيد الاضحى 2024 في الجزائر؟    رئيس جامعة قناة السويس يتفقد كلية طب الأسنان (صور)    إطلاق مشروع تطوير "عواصم المحافظات" لتوفير وحدات سكنية حضرية بالتقسيط ودون فوائد    وزير الرى: احتياجات مصر المائية تبلغ 114 مليار متر مكعب سنويا    مناظرة بين إسلام بحيري وعبد الله رشدي يديرها عمرو أديب.. قريبا    محافظ سوهاج ورئيس هيئة النيابة الإدارية يوقعان بروتوكول تعاون    افتتاح أول فرع دائم لإصدارات الأزهر العلمية بمقر الجامع الأزهر    الرئيس السيسي: الدولار كان وما زال تحديا.. وتجاوز المشكلة عبر زيادة الإنتاج    معهد الاقتصاد الزراعي ينظم ورشة للتعريف بمفهوم "الزراعة بدون تربة"    تحرير 92 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز البلدية والأسواق    توقعات برج العقرب من يوم 13 إلى 18 مايو 2024: أرباح مالية غير متوقعة    شعبة الأدوية توجه نداء عاجلا لمجلس الوزراء: نقص غير مسبوق في الأدوية وزيادة المهربة    محافظ القليوبية يستقبل رئيس جامعة بنها (تفاصيل)    هل يحق للمطلقة أكثر من مرة الحصول على معاش والدها؟.. «التأمينات» توضح الشروط    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    هيئة التنمية الصناعية تستعرض مع وفد البنك الدولى موقف تطور الأعمال بالمناطق الصناعية بقنا وسوهاج    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية في ديرمواس ضمن «حياة كريمة»    تعرف على الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة    الأقصر تتسلم شارة وعلم عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام 2024    "أوتشا": مقتل 27 مدنيًا وإصابة 130 في إقليم دارفور بغربي السودان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.كمال أبو المجد: البرادعي رجل وطني ومحاولة إهالة التراب على رأسه «خطأ»و«خطيئة»
نشر في الدستور الأصلي يوم 14 - 05 - 2010

بعد طول صمت خرج الدكتور أحمد كمال أبو المجد، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان السابق، عن صمته وعبر عن عدم رضاه عن طريقة إقصائه من منصب نائب الرئيس بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، وخشيته من أن تكون خطوة لبداية خنق المجلس وتحجيمه، كما كشف أبو المجد في واحد من أجرأ حواراته الصحفية عن بعض التفاصيل في حياته السياسية كالخطاب الذي وصله من الرئيس عقب قرار خروجه من المجلس، وتفاصيل إقالة الرئيس السادات له من وزارة الشباب والعتاب الذي جري بينهما.. وفي نهاية الحوار وجه أبو المجد رسائل قوية للرئيس مبارك ونجله جمال وبعض رموز الدولة ومثقفيها.
مصر تشهد الآن حركة غير مسبوقة من الاحتجاجات والاعتصامات ذات المطالب الفئوية..كيف تقرأ تلك الحركات المتزايدة؟
- أعتقد أن هذه الحركات الاحتجاجية نفعها أكبر من إثمها، ولكنها تحتاج إلي أن توجه ب«بوصلة»، بمعني أن تسعي في النهاية إلي أن تكون وسيلة من وسائل الضغط لإنعاش عملية التغيير وإسراع خطواتها قبل أن يفوت أوان فاعليتها. ولكن إذا دخلت في تلك الحركات أجندات خاصة وصراعات حزبية سوف تؤدي إلي زيادة المشاكل وليس تقليلها.. وأنا أقول إنه في أوقات الأزمات أقل ما يطلب من صاحب الرأي أن يدع رأيه ليكون عنصرا في حل المشكلة، وليس عنصرًا في تفاقمها.
ولابد أن نتحرك في واقع عملي وليس نظريًا، وأنا بشوف إن الشكاوي من سوء الأوضاع شيء عادي جدا؛ خاصة وأن الأسعار ترتفع، والبطالة زائدة، والخدمات الأساسية تُقدم بشكل ناقص وقاصر.. وأُشير بصفة خاصة إلي تردي الخدمات التعليمية، والصحية، وخدمات الإسكان، فالشباب دلوقتي بيتخرج من الجامعة وعايز يتجوز.. يروح فين يسرق.. يتسول.. يهاجر؟! ما أنت بتفرض عليه المستحيل لما يبقي مرتبه 350جنيه هيلاقي شقة بكام؟!
وما تفسيرك لتجاهل المسئولين أو عجزهم عن حل مشاكل المعتصمين أو حتي التفاوض معهم؟
- في تقديري الشخصي أن المسئولين فوجئوا بحجم وكثرة المشاكل التي ظهرت فجأة.. المشاكل موجودة لكنها ظهرت في وقت واحد، ولما يقعد الوزير يعمل حساباته يلاقي إنه مش هيقدر يستجيب لكل ده، مما يكشف عن صعوبة الموقف وخطورة الحال، وليس الأمر بالضرورة ترجمة عن عدم رغبة في حل المشاكل، فالمسئول لا يرغب في وجود مشكلة تقعد فوق رأسه ويبات في همها.
معني ذلك أن ننتظر تدخل الرئيس لحل جميع المشاكل حتي أبسطها؟
- الرئيس ليس ساحرًا، وقدرته علي حل المشاكل غير واردة، وأنا انزعج جدا لما أجد في الصحف القومية والمستقلة استغاثة إلي الرئيس، طب هيعمل إيه الرئيس؟.. وكأن عنده مخازن مقفولة هيفتحها لنا، الرئيس هو المنسق العام لمؤسسات الدولة، وبما يملكه من خبرات يعطي أولوياته لموضوع علي حساب موضوع آخر لأنه مفيش حل مجاني أبدا، وبعدين إنت النهاردة في أي مرفق بتعاني من تراكم المشاكل، تروح مثلا لوزير الصحة يقولك أنا عندي 60 مشكلة فالوزراء ليسوا سحرة، يعني مثلا أنا ممكن تجيلي قضية موكلي متهم فيها بشكل أساسي ومعترف علي نفسه، وبعدين يزعل لو مخدش براءة، هنا أقوله يا سيدي أنا محامي مش ساحر، وقس علي ذلك مشاكل الدولة.
كما أن أسباب تعقد المشكلة وارتفاع نبرة الاحتجاج والشكوي في المجتمع بسبب علاقة الشعب بالمؤسسات الحكومية والدستورية التي لم تقم منذ زمن طويل علي المكاشفة والمصارحة ووضع الأمور في حجمها الحقيقي، لأن الشعب المصري شعب طيب وصبور ولو صارحته بالمشكلة هيصبر، إنما إذا كنت ترسل إليه رسائل مغلوطة ثم يكتشف بعد يومين أنها كانت فض مجالس يفقد الثقة فيك ولو هتقوله أي حاجه بعد كده مش هيصدقك.
أنت تتحدث عن أمور ربما تكون بعيدة عن الواقع.. والحقيقة أن الفهلوة والنفاق السياسي وأساليب الرياء هي سبل الحصول علي الحقوق وأحيانا أخذ فرص الغير؟
- يجب أن نفرض علي الفهلوة عقوبة في القانون الجنائي، لأنك لو حللت مفهوم الفهلوة ستجد أنها إخفاء للحقيقة وتزييف للواقع ومخادعة للآخرين، وهذه وسائل تحايلية للوصول إلي غرض غير شريف، وبالتالي أي مسئول يدلي بتصريحات ويعرف أنها غير صحيحة بدعوي احتواء الموقف، ينبغي أن يتوقف عن ذلك ويرجع للمصارحة لأن الناس لو فقدت الثقة من الصعب استرجاعها، عشان كده أنا يعجبني الوزير لما يطلع ويقول يا جماعة مش هنقدر نحل المشكلة دي قبل 6 شهور بعدها ستبدأ الانفراجة، الدنيا كلها فيها حكام ومحكومون لكن ينبغي أن يحكم العلاقة بينهما عقد اجتماعي جديد قائم علي المكاشفة والصدق والشفافية، ومن جانب الشعب عليه أن يشارك في الحل.
ما رأيك في لغة الخطاب بمجلس الشعب الآن؟
- نحن في حالة تسمي «عموم البلوي»، وللأسف لغة الخطاب في مجلس الشعب «مخجلة»، فضلا عن أن التعامل بين الحزب الوطني وأحزاب المعارضة قائمة علي أسس فاسدة، وأري علاجها في أمر أساسي، لأنه لن تتحسن الأوضاع السياسية إلا إذا غير الحزب الوطني نيته وقصده بأن يكون حزبًا رائدًا لا حزبًا واحدًا، وإلا هتبقي صورة من الاتحاد الاشتراكي القديم والمعارضة تضعف، خاصة وأنت عندك رئيس الدولة هو رئيس الحزب الوطني، وقبل هذا ومعه وبعده هو رئيس لكل المصريين، لذا أتمني أن يتخلي الرئيس مبارك عن رئاسة الحزب الوطني، وإن كنت أستبعد حدوث ذلك في الوقت الحالي.
وماذا لو تخلي الرئيس مبارك عن الحزب الوطني؟
- سوف يضر ذلك بالحزب الذي سيعود إلي حجمه الحقيقي، ولا أعتقد أن فاعليته في الشارع المصري كبيرة وضخمة كما يردد بعض قياداته.
تقصد بذلك أن الحزب «مضخم» لدي قياداته فقط؟
- مضخم عند قياداته، كما أن تلك القيادات ليست كلها صالحة للتعامل مع الجماهير، ولذلك أعتقد أن أهم إصلاح داخلي يستحق أن يقوم به الحزب الوطني هو «فرز» القيادات والكوادر، وحُسن اختيار من يتمتعون باحترام حقيقي نتيجة شجاعتهم وموضوعيتهم وصدقهم، وهؤلاء -كثروا أم قلوا- هم فرصة الحزب الوطني الوحيدة، ولا أريد أن أقول الفرصة الأخيرة حتي يكتسب مكانة حقيقية في الشارع المصري.
ما موقفك من الدكتور محمد البرادعي؟
- أنا أعرفه منذ سنوات طويلة، ولكن لم تكن بيننا صله قريبة أثناء فترة توليه رئاسة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.. والذي أعرفه أنه رجل مستقيم الخلق، ذكي، وطني، جاد، وليس شخصية ضوضائية ولا مظهرية، ويحمد له أنه فكر أن يؤدي دورًا وطنيًا، ويحمد له أيضًا أنه طالب بالتغيير في أمور تكاد تكون موضع إجماع، ويحمد له أنه وظف موقعه المتميز والثقة الدولية والاعتزاز الوطني الذي يتمتع به في سبيل ذلك.. هذا رأيي في البرادعي، إنما السؤال الغلط اللي بيسأله الناس لما يقولك «طب تنتخبه؟».. أقوله السؤال غلط بنسبة 100%، إحنا بنتكلم عن انتخابات ولا استفتاء؟، لو هو المرشح الوحيد جايز أمنحه صوتي ولو تعدد معه المرشحون سواء ممن سبقوه سبقًا طويلاً في الأعمال الوطنية مثل الرئيس مبارك، أو ناس جدد مثل عمرو موسي أو غيره، هنا يكون لكل حدث حديث، سأفاضل بينه وبينهم حسب معايير موضوعية، والسؤال يكشف عن خلل وعن هوس وعن سطحية، فليس هكذا تساق الأسئلة.
ولكنه تعرض لهجوم شرس من قبل كتبة النظام لمجرد تلميحه بخوض الانتخابات الرئاسية؟
- أستنكر بشدة محاولة إهالة التراب علي رأس الدكتور البرادعي، لأن الرجل استقبل رسالة جيدة فاستجاب لها استجابة إيجابية، ولو أراد ترشيح نفسه يُرشح بشرط أن تتوافر فيه الشروط الدستورية، ولكنه وجد مثل كثيرين أن الشروط الدستورية بتضيق جدا من الفرص علي المستقلين وعلي السياسيين، فعبر عن رأيه بأنه سيكون من الصعب عليه وأيضًا علي أي شخص آخر أنه يأخذ فرصة حقيقية في ظل هذه القيود الصارمة الشديدة، فأين الخطأ في ذلك؟!
وكل هذا والرجل لم يتفوه بكلمة واحدة غلط، ومن ثم فإن محاولات النيل منه والهجوم عليه خطأ من الحزب الوطني وخطيئة إذا كان الذين تكلموا بذلك معبرين عن سياسة الحزب، لأنك في مثل هذه الظروف ستجد من يزايد عليك ظنا أنه يرضيك..كما أن البرادعي شخصية غير عادية ورجل كان النظام يعتز به، وحاصل علي جائزة نوبل، ومش معقولة اللي خدم قضايا السلام عن طريق الأمن النووي يتعمل فيه كده، طب هتعملوا في الناس التانية إيه؟!.
البعض يري واقعة قتل الشاب المصري والتمثيل بجثته في قرية «كترمايا» اللبنانية دلالة علي تراجع هيبة ومكانة المصري في العالم العربي؟
- هذا الرجل إذا صحت المعلومات التي جاءتنا قد ارتكب جريمة قتل أربعة أشخاص لأسباب غامضة وغير مفهومة، وأنا لو وضعت نفسي محل الأسرة التي فقدت أربعة من أفرادها سأتأكد أن الأمر يخرج عن الوعي، وبالتالي فإن هذا موقف غامض في ظروف شاذة جدا، ولكن يظل لأي مواطن حتي لو كان متهمًا ضرورة وجود ضمانات قانونية، أما استخدام طريقة فوضوية خارجة علي القانون، واستخدام ما كان يحدث في الولايات المتحدة أيام الإضرابات العنصرية عندما كان البيض يمسكون ناسًا من السود ويعلقوهم في شجرة في موقف عام ويسمي «لينشنج»، أما أن يحدث هذا في لبنان ضد مواطن مصري، فذلك لأن المصريين فقدوا مكانتهم الرفيعة التي كانوا يتمتعون بها من قبل، وأنا لا أستمد هذا من هذه الواقعة فقط، بل هي واقعة استثنائية شاذة ومدانة بكل المعايير فلا نريد أن نتخذها وحدها دليلاً علي أزمة الوجود المصري، ولذا نطالب الدولة وأجهزتها بأن يقفوا بجانب المواطن المصري وقوفًا فعالاً للمحافظة علي حقوقه.
حتي في جنوب الوادي حيث منابع النيل هناك تعثر وإشكاليات، للأسف إحنا أهملنا علاقتنا الأفريقية إهمالاً لا يمكن الدفاع عنه، وهذا أمر لا نلوم غير أنفسنا فيه، لأن كون منابع النيل في أفريقيا ليس اكتشافًا وبالتالي لحماية هذه المنابع كان لابد لسياستنا الأفريقية أن تكون أنشط من هذا بكثير، وإحنا مش لوحدنا في أفريقيا عندك اتحاد الكنائس ودوره في جنوب السودان وعندك تحريض الدول الأجنبية للجنوب ضد الشمال كما أن هناك محاولات لتهميش الدور المصري في كل ساحات العمل، وإسرائيل هي القوي الأساسية في محاولة هذا التهميش بالإضافة لبعض المنافسات العربية التي دخلت في الصورة، ولكن لا شيء مستحيل لإمكانية العودة لهذا الدور بشرط تصحيح الأوضاع.
معني كلام أنك تتفق مع القول بتراجع الدور المصري إقليمياً؟
- العالم كله يحترم مصر وعندنا عناصر قوة وعناصر ضعف وينبغي علي القيادات الفكرية والسياسية وعلي الشعب أن يدرك القيود الواردة علي قدراته، وللأسف نحن أسرفنا في تقزيم أنفسنا، قل ما شئت في الرئيس عبدالناصر لكنه كان «مكبَر» مصر في الخارج، وعوملت مصر في عهد عبدالناصر علي أنها دولة كبيرة
دعنا نعود للحديث عن الشأن الداخلي وتحديدًا الانتخابات المقبلة.. هل أنت من أنصار الرقابة الدولية علي الانتخابات؟
- الرقابة الدولية علي الانتخابات ليست جزءًا من التدخل في شئون مصر، وليس معني التفتيش أن يأتي مفتش عام يأمر وينهي ويدخل في التفاصيل، كما أن رفض الرقابة الدولية يعطي إيحاءات ظالمة بأن لدينا ما نخفيه، خاصة ونحن مقبلون علي الانتخابات. أما بالنسبة للإشراف فأنا أري أن الإشراف القضائي علي الانتخابات أمر مهم جدًا، مهما قلنا فيه من عيوب، لكن بديلة أسوأ بكثير، وأنا شخصيا من أنصار العودة إليه لأن مصر حالة خاصة جداً.
هل أنت راض عن طريقة خروجك من المجلس القومي لحقوق الإنسان؟
- بصراحة لست راضياً عن خروجي من المجلس، ولم أر لهذا الخروج مقدمات أو أعرف أسبابه، بل سمعت بالخبر بعد أن صدر القرار.. ولكن بعد أيام من اعفائي من المنصب جاءني خطاب شكر من الرئيس مبارك وكان خطاباً كله رقة وإشادة بمواقفي، سواء في الميدان الداخلي أو الخارجي، ولذا اعتبرت هذا الخطاب تصحيحًا لما حدث.
لماذا لم تدافع عن قرار إعفائك؟
- أنا راجل اعتز بكرامتي ومجرد الدفاع عن نفسي فيه انتقاص من قدري، وهنا عايز أقولك حاجة، علشان تنام آخر الليل مرتاح الضمير وراضي النفس لازم تعزز الجزء الخاص بالكرامة، ولذلك أي شيء يمس الكرامة لا أتهاون فيه، والرئيس يحمد له أنه أرسل لي هذا الخطاب وبهذه السرعة، حيث جاءني شخص من رئاسة الجمهورية ومعه ظرف مكتوب عليه «الرئيس» وليس «الرئاسة»، وعندما فتحت هذا الخطاب وجدته خطابا رقيقا جدا، بل لاحظت أن الرئيس عدل في مضمونه بخط يده.
هل حزنت علي إعفائك من منصب نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان؟
- في الحقيقة أنا خشيت أن يكون قرار إعفائي هو مقدمة لخنق المجلس وتحجيم دوره، خاصة وأن النظام فوجئ باستقلالية المجلس ومواقفه سواء مطالبته الدائمة بوقف حالة الطوارئ والتنديد بالتعذيب ورصد الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان وغير ذلك من المواقف التي جعلت للمجلس مكانة دولية وجعلته ايضا عضوا بالمجلس الدولي لحقوق الإنسان ويأخذ دوره في انضمام أعضاء جدد، وهنا أؤكد أن هذا المجلس لو تم إضعافه والقضاء عليه هتحصل بلاوي كتير.
هل واقعة خروجك من المجلس القومي ذكَّرتك بخروجك من الوزارة في عهد الرئيس السادات؟
- بصراحة الطريقة التي خرجت بها من الوزارة في عهد الرئيس السادات كانت أسوأ من الطريقة التي خرجت بها من المجلس.
كيف ذلك؟
- خبر إقالتي من وزارة الشباب في عهد الرئيس الراحل أنور السادات جاءني وأنا في طريقي لقضاء إجازة بمرسي مطروح مع الأسرة، حيث فوجئت باتصال من رئيس الوزراء ممدوح سالم يطالبني بالحضور إلي رئاسة الوزراء علي وجة السرعة، وعندما ذهبت إليه وجدته «قلقان» وقال لي« الريس زعلان منك جدًا وبيقول إذا كان الشغل مش عاجبه يسيب الوزارة »، وقال إن الرئيس بيقترح أن تتولي منصب أمين الدعوة والفكر في الاتحاد الاشتراكي، فقلت له: أنا درست القانون الدستوري وأعلم أن الدستور يقول إن رئيس الجمهورية يعين الوزراء ويعفيهم من مناصبهم لكنه لم يتضمن تعيينهم بالاتحاد الاشتراكي بعدها، سألني ممدوح سالم هتعمل إيه؟ فقلت له: هرجع للكلية أو هشتغل بالمحاماة، ولو ضاق بي الحال هروح الأرجنتين أعمل مزرعة دواجن!
هل ضايقتك طريقة الاستدعاء أم قرار الإعفاء؟
- ما حدث كان مقدمة فبعد هذه الواقعة صدر قرار الإعفاء وكان نصه: «أصدر الرئيس السادات قرارا وزاريا بأن يتولي الأستاذ يوسف السباعي، وزير الثقافة، أعمال وزارة الإعلام بالإضافة إلي عمله، وتجاهل القرار الحديث عني بأي شيء، وكأني انتحرت أو سقطت في بلاعة المجاري!
وبعد ذلك قرأت في الصحف أن رئيس الوزراء ممدوح سالم سوف يسلم أوسمة منحها الرئيس السادات لمن كانوا أمناء في الاتحاد الاشتراكي وقت حرب أكتوبر 1973، ووجدت أسماء جميع الأمناء ما عدا اسمي، فاتصلت بوزير شئون مجلس الوزراء وكان اسمه عبدالفتاح عبدالله، فقال لي أنت هتتسلم وسامك مع الوزراء لأنك كنت أمين الشباب ووزيرا للشباب في نفس الوقت، ولكن بعدها بفترة صدر القرار الخاص بالوزراء ولم أجد أيضًا اسمي فيه، بالرغم أني كنت وزيرا للشباب وأمين الشباب بالاتحاد الاشتراكي في نفس الوقت.
وماذا كان رد فعلك علي ذلك؟
- لم أتكلم إطلاقًا فيما حدث، حتي حضرت احتفالية في السفارة وقابلني فيها الدكتور عبدالعزيز حجازي وقال لي أمام الحضور:«يا دكتور أحمد أنت لك وسام في رئاسة الجمهورية مش هتروح تاخده؟، فرددت عليه بصوت مرتفع يسمعه الجميع: «لا لن أذهب لأني أعلم أن الوسام يعد تكريما والتكريم ركنة العلنية أما لو تم في السر يكون كالصفيح وأنا مش غاوي جمع صفيح».
وبعد هذه الواقعة بأربعة أيام قابلني ضابط محترم من الرئاسة وأنا عائد إلي منزلي الساعة الحادية عشرة مساء وقال لي إنه حضر ليسلمني وسام تكريم من الرئاسة ولكن زوجتي احتدت عليه ووبخته... فقلت له: هي الأوسمة بقت تسلم علي السلالم والساعة 11 بالليل..هي مخدرات مش قادر تنتظر للصباح؟...ومر الأمر هكذا حتي التقيت الرئيس السادات في برج العرب قبل سفري للكويت وكان في صحبته الراحل عثمان أحمد عثمان ورويت له هذه القصة، فكان رده عليَّ: ده ده يا أبو المجد هو أنت عايزني اقرأ الجرايد كل يوم علشان أشوف الأسماء كاملة ولا لأ؟.. ثم تحدث معي وطلب مني أن أكتب عن الحقد وكيف أن الناس أصبحوا يحقدون علي بعضهم.
دعني أعود بك من الحديث علي تجربتك الوزارية للحديث عن الحالة الحقوقية وتقييمك لها الآن؟
- الحالة الحقوقية في مصر بحاجة لعناصر ثلاثة الأول نية احترام حقوق الإنسان، ثم وجود آليات وقائية يحميها التشريع وأخيرا استقلال القضاء، وأنا هنا أشبه القضاء بشرف الأنثي لا يجوز المساس به ولو لمرة واحدة، لان المواطن لو سمع أن فيه قاضيًا تم جلبه لكي يحكم في قضية معينة يبقي إزاي يطمئن للقاضي اللي يقف أمامه.
هل سمعت أن هناك مسؤلاً كبيرًا في الحكومة وجهت له محكمة أمريكية اتهامًا بالحصول علي رشوة 2.5 مليون جنيه من الشركة الأمريكية المالكة لشركة مرسيدس ولكن الحكومة لم تعلن اسمه حتي الآن؟
- هذا الموضوع يحزنني، وليس عندي مصدر كي أعلم منه من هو هذا المسئول الذي تلقي الرشوة، ولماذا لم يعلن اسمه أو يحاسب حتي الآن.. والفساد لة أثر تصاعدي لأنه يقنع الناس أنك من المستحيل أن تصل لحقك إلا إذا كنت راشيًا أو صاحب واسطة أو ثروة، ومفيش أسوأ من أن صاحب الحق يري حقه يذهب لغيره. وقد يكون ذلك تفسيرًا لحالة الشماتة التي ظهر عليها الناس عند حريق مجلس الشوري ووقفوا يتفرجون علي بلادهم وهي بتتحرق ويقولون «ما تتحرق هو إحنا لنا فيها حاجة؟!»
لو طُلب منك توجيه رسائل لبعض القيادات بالدولة وأولها رسالة للرئيس مبارك فماذا تقول فيها؟
- أقول له إن المزيد من الحرية وسيادة القانون هي الضمانات الأساسية للاستقرار.. نعم تراكمت المشاكل ولكن حلها سيحتاج لوقت، ولابد من مصارحة الشعب بها.. ومكانة مصر الدولية بحاجة لرعاية جديدة ووجه مصر المبتسم دائمًا يحتاج إلي أن يغضب في وجه الكبار وقت الضرورة.
وماذا تقول لنجله جمال؟
- عرفته شابًا طموحًا ووطنيًا مخلصًا وجادًا ومنفتح العقل ومستقيم الخُلق.. ولكن لسبب لا أدريه يوجد في عقلي وقلبي إشفاق عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.