الاستعانة بشخصية «حزلؤوم» محاولة يائسة لإنقاذ الكوميديا المسلسل فقد جاذبية الأجزاء السابقة حتى مع تقديم صورة ساخرة للقرية المصرية صنع أحمد مكى مساحة نجوميته الخاصة بين مجموعة الكوميديانات الشباب بتقديمه كوميديا معاصرة تحمل طزاجة العصر ولغته وإفيهاته، تمكن من خلال أعماله السينمائية المساهمة فى نقل الكوميديا إلى حالة أكثر حداثة مما كان يتم تقديمه خلال السنوات الماضية، وجاءت تجربته فى بطولة مسلسل تليفزيونى كوميدى هو «الكبير أوى» عن فكرة لأحمد مكى وسيناريو وحوار وورشة كتاب وإخراج أحمد الجندى، والعمل قدم شكلا مختلفا وجذابا للدراما الكوميدية من خلال قالب السيت كوم.
العمل قدم صورة ساخرة للقرية المصرية بشكلها النمطى كما قدمته مئات الأعمال الدرامية فى التليفزيون والسينما، من خلال مواقف كوميدية تصور الصدمة الحضارية التى يتعرض لها عمدة قرية المزاريطة الشاب الذى ورث العمودية عن والده قبل أن يكتشف أن له أخًا عاش وتربى فى أمريكا، ويحاول الأخ بعد وصوله مصر منافسة شقيقه على المنصب.
تقديم أجزاء جديدة من مسلسلات سابقة تجربة سيئة الحظ فى الدراما المصرية مع استثناءات قليلة، نادرة هى الأعمال التى حافظت على بريقها ورونقها لسنوات مع مواسم متعددة مثل «ليالى الحلمية» رائعة الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، وبعد جزءين من المسلسل الكوميدى الناجح «الكبير أوى» يبدو أن العمل اصطدم بحائط الإفلاس فى تقديم الجديد، وفى الحفاظ على نفس مستواه، لكنه يحاول الاستمرار بعد نحو 10 حلقات من المسلسل يبدو أن المسلسل انتهى عند الجزء الثانى، لكنه يحاول السير بلا هدى درامى دون وجود أى شىء جديد يقدمه، ويسمح له بالانطلاق من جديد، ورغم أن للمسلسل لحظاته ولمساته الكوميدية بين الحين والآخر، لكن هناك حالة ضبابية تخيم عليه، وتجعله يسير دراميًّا وكوميديًّا فى نفس مكانه فلا هو متوقف ولا هو يتحرك للأمام.
استنفد العمل كل أشكال الكوميديا التى اعتمد عليها فى أجزائه السابقة من خلال شخصيتى العمدة وزوجته هدية اللذين يجمعان بصورة مرحة بين تقاليد الريف المحافظ، وبعض لمحات معاصرة نتيجة إدمانهم مشاهدة القنوات الفضائية الأجنبية فى الدش، استهلكت الكوميديا كل إفيهات جونى شقيق العمدة الذى عاش أغلب عمره فى أمريكا، وأصبحت إفيهاته مكررة بعد أن غابت دهشة وطرافة تناقض ثقافته الغربية بثقافة الريف.
لم يعد هناك ما يقدمه المسلسل إلا إتاحة مساحة أكبر لشخصية حزلؤوم التى أتت من فيلم أحمد مكى «لا تراجع ولا استسلام»، وظهرت فى واحد من فيلمى «سيما على بابا»، وكان حزلؤوم قد ظهر فى الدقائق الأخيرة من نهاية الجزء السابق، والحقيقة أن شخصية حزلؤوم رغم أنها مكررة فإنها منحت الحلقات الأولى مساحات من الكوميديا دفعت المسلسل دفعة إلى الأمام مع المواقف الكوميدية التى يفجرها بسذاجته الشديدة وحماقته، لكن حتى هذه المواقف والمشاهد لم تستطع منح الحلقات نفس بهاء وطزاجة كوميديا الأجزاء الأولى، وبدت محاولات يائسة لاستدعاء شخصيات مكى الكوميدية لحشو فراغ اختفاء الخيط الدرامى الذى يربط الأحداث كما فى الجزء الأول وإلى حد ما الجزء الثانى، فى الجزء الثالث لا يوجد خط درامى واضح حتى الآن يجمع الأحداث والمواقف، فى الجزء الأول كانت المنافسة بين الكبير وجونى على منصب العمدة، ومحاولة جونى التعايش مع أجواء القرية هى محور الأحداث التى تستند إليها الكوميديا، فى الجزء الثالث يغيب هذا الرابط الدرامى باستثناء موضوع توزيع الإرث بين الأشقاء الثلاثة، وهو موضوع ثانوى فى الأحداث. من الملاحظ أيضا تراجع شخصية الكبير أوى فى الجزء الثالث، رغم أن المسلسل يحمل اسمه، وهناك حلقات غاب وجود الشخصية تمامًا لحساب إتاحة الفرصة للشخصيات الأخرى مثل جونى وحزلؤوم للظهور، ولم يبدو ذلك لأسباب درامية قوية، وربما وجد صُناع المسلسل وعلى رأسهم أحمد مكى أنهم فى مهمة صعبة بتجسيد ممثل واحد لثلاث شخصيات بماكياج وملابس مختلفة، وفى مشاهد واحدة، وهو مجهود كبير خصوصًا فى مشاهد الجرافيك التى كانت تجمع مكى مجسدًا شخصيات الكبير وجونى وحزلؤوم مع ممثلين آخرين، وهى المشاهد التى يتم تصوير أغلبها والشخصيات جالسة.