دعوة غريبة تتردد في كواليس بعض السينمائيين وعدد لا بأس به ممن يعملون في الصحافة الفنية وهي لماذا نشارك في المهرجانات العالمية التي تعرض أفلاماً إسرائيلية وفي الوقت نفسه نرفض أن نسمح بوجود أفلام إسرائيلية علي أرضنا سواء في مهرجانات أو مراكز ثقافية.. أري في هذا التساؤل قدرًا ما متوافرًا من حسن النية - علي الأقل سوف أفترض ذلك - السينما المصرية تسعي للمشاركة في كل المهرجانات الكبري ولا ننسحب لو اكتشفنا أن هناك فيلماً إسرائيلياً.. آخر مرة حدث ذلك في مهرجان «فينسيا» الأخير الذي عقد في شهر سبتمبر الماضي اشتركت إسرائيل بفيلم «لبنان» وحصلت علي جائزة الأسد الذهبي وخرج الفيلم المصري المشارك «المسافر» خاوي الوفاض.. المهرجانات الدولية تطبق معاييرها السياسية ومن حقها أن تستضيف أفلامًا إسرائيلية لأنها لا تتبني مبادئ المقاطعة الثقافية لإسرائيل.. في مصر والعالم العربي الأمر يختلف، كل المهرجانات العربية تطبق هذه القواعد حرفياً وفي الوقت نفسه لم تتوقف إسرائيل عن محاولاتها لطرق الأبواب قبل أربع سنوات حاولت أن تعثر علي ثغرة لتنفذ منها بفيلم «زيارة الفرقة» الإسرائيلي الذي يدعو للتطبيع في قالب كوميدي مؤكداً أن الشعب الإسرائيلي يحب كل ما هو مصري.. وذلك من خلال قصة مختلقة عن فرقة موسيقية تابعة للشرطة المصرية تضل طريقها في إسرائيل عندما كانت ذاهبة لمهرجان موسيقي يعقد في تل أبيب.. مهرجان «القاهرة» رفض الفيلم الإسرائيلي وتقدموا بالفيلم نفسه إلي مهرجان «أبو ظبي» الذي كان يستعد لإطلاق أولي دوراته في 2006 وتم استبعاد الفيلم أيضاً.. ليس لدينا كعرب إلا هذه الورقة وهي التصدي للتطبيع الثقافي مع إسرائيل.. لم يشارك المخرج «يوسف شاهين» في أي مهرجان يقام داخل إسرائيل ولم يسافر إلي هناك لم يحدث ذلك لكن الجانب الفرنسي المشارك في إنتاج فيلم «وداعاً بونابرت» أرسل نسخة بما لديه من صلاحيات إلي أحد المهرجانات الإسرائيلية، «يوسف شاهين» أعلن غضبه ورفضه.. كل شيء ينبغي أن يحسب بدقة.. المركز الثقافي الفرنسي عرض في مهرجان «الصورة» فيلم «شبه طبيعي» للمخرجة الإسرائيلية «كاترين بن رافيل».. المركز من حقه عرض أي فيلم فهو تابع في نهاية الأمر للحكومة الفرنسية وتوجهاتها ولكن عندما نصبح بصدد تظاهرة سينمائية وفي عروض مفتوحة للجمهور فإن الأمر ينبغي أن يخضع في الأنشطة ذات البعد الجماهيري إلي طبيعة البلد المضيف.. لأول مرة يقاطع المثقفون المصريون مهرجان «الصورة» الفرنسي رغم أنه من أهم المهرجانات التي تقام علي أرض مصر لدعم السينما المستقلة ولكن المبدأ هو أننا نرفض أي شبهة للتطبيع الثقافي.. ورقة التطبيع هي الوحيدة التي نملكها ولا يمكن ببساطة أن نلقيها علي الأرض والخاسر في هذه الحالة هو المركز الثقافي الفرنسي!!