مهرجان كان السينمائي الذي انطلقت قبل أيام دورته ال36.. هو أهم وأكبر وأعرق مهرجان سينمائي في العالم.. والذي يجعل من فرنسا محط أنظار الدنيا كلها في هذا الوقت من كل عام.. هذا المهرجان كانت مصر حاضرة فيه وبقوة منذ أربعينيات القرن الماضي.. وفي عام 65 وقفت الفنانة تحية كاريوكا أمام عدسات مصوري المهرجان وهي ترتدي »الملاية اللف« مثل بطلة فيلم »شباب امرأة« الذي كانت تشارك به في المهرجان وتناقلت صورها وكالات الأنباء العالمية.. ومنذ سنوات غابت مصر عن المهرجان فما الذي حدث؟ وهل اصبح دخول فيلم مصري مسابقة هذا المهرجان حلما بعيد المنال ؟ كان فيلم »دنيا« للمخرج محمد كريم هو أول فيلم مصري يشارك في مهرجان كان عام 6491 وفيلم »اسكندرية نيويورك« للمخرج الراحل يوسف شاهين هو آخر مشاركة رسمية لمصر عام 79 وعرض في القسم الرسمي خارج المسابقة.. وكان شاهين أكثر المخرجين الذين ارتبطوا بالمهرجان الذي منحه جائزة خاصة في اليوبيل الذهبي له.. ثم تراجعت المشاركة المصرية واختفت وحتي الجناح المصري في »كان« أغلق أبوابه منذ سنوات.. وتضاءل تواجد النجوم الذين انشغلوا بمسلسلات رمضان.. وفي ظل وجود لجان سينمائية عديدة من لجنة السينما للجنة المهرجانات لغرفة صناعة السينما للمركز القومي للسينما يبدو الجميع في حالة »سبات عميق« ولا يأخذ أحد بمبادرة مخاطبة هذا المهرجان والتواصل معه.. وهو ما يطرحه الناقد السينمائي الكبير رءوف توفيق مؤكدا ان الأمر يحتاج لقدر كبير من التخطيط الذكي لاقتحام موضوعات غير تقليدية في أفلامنا فنحن ندور في دائرة مفرغة وأفكار مستهلكة ولا يوجد »ابتكار« نعم هناك انتاج سينمائي جيد لكنه لا يرقي للعرض في مهرجان مثل »كان« وحتي اذا وجد لن يجد من يدفع به إلي المشاركة ففيلم مثل »رسائل البحر« به قدر كبير من الجودة الفنية لكنه يحتاج قوة دفع من وزارة الثقافة ومن جهة انتاجه.. فإذا كانت أمريكا نفسها تدفع بأفلامها وتهدد بمنع نجومها وتمارس ضغوطا للمشاركة بأفلامها.. فلماذا نجلس نحن في مقاعد المتفرجين.. وهي مهمة يجب أن تتصدي لها الغرفة والنقابة ولجان السينما المختصة، نحن لا نطالب بانقلاب في السينما ولكن بخط سير جديد لها وخطة تضمن بقاءها واستمرارها ووزارة ترعاها بشكل أكبر.. لابد من تدخل الدولة ودعوتها لمنظمي المهرجان والمهرجانات الكبري الأخري كما تفعل كل الدول.. فالجهود الفردية مهما كانت لن تحقق النتائج المرجوة وإنما بتكاتف جهات عديدة فنحن نملك المعامل والتقنيات والفنانين والفنيين أيضا لكن ينقصنا التخطيط الجيد الواعي. ويري المخرج الشاب أحمد عاطف ان مهرجان كان لديه حسابات سياسية وانتاجية وان فرنسا تروج من خلال المهرجان لصناعة السينما عندها ولأفكارها أيضا فالمهرجان علي حد قوله »منصة للدفاع عن أفكار الغرب بشكل عام وفرنسا بشكل خاص« لذا فأغلب الأفلام التي تشارك به تكون فرنسا شريكا انتاجيا فيها.. ومع ذلك يضيف عاطف فإن أفلامنا وأنا أحد صناعها تحتاج لإعادة نظر لأن 08٪ من ممثلينا مازالوا يمثلون بطريقة مسرحية ونظام الانتاج في مصر لا يفرز أفلاما جادة والمنتج الخاص يعمل أفلاما لتعجب السوق الداخلي.. ودعم الدولة الأخير محدود ونظامه بيروقراطي.. والأفلام الجادة الجيدة لن تظهر دون مساندة حقيقية من الدولة. ورغم وجود لجنة كبيرة اسما وفعلا هي اللجنة القومية العليا للمهرجانات السينمائية الدولية.. يرأسها القدير د. فوزي فهمي وتضم كبار السينمائيين إلا ان هذه اللجنة لم تجتمع منذ ثلاثة شهور وحين تجتمع تكون مهمتها »الاستجابة للمهرجانات التي طلبت أفلاما مصرية« فإذا لم ترسل المهرجانات لا تجتمع اللجنة.. وقد اكتفت في الفترة الأخيرة بتمرير الموافقة علي أعضائها دون أن تسعي هي لمخاطبة المهرجانات وترشيح الأفلام الجيدة ودفعها للمهرجان المناسب لها.. فهي دائما »رد فعل« وليست »فعلا«. ويقول ممدوح الليثي رئيس جهاز السينما أن هناك قدرا من التقاعس والاهمال من الدولة وجهاتها المختلفة المسئولة عن مخاطبة المهرجانات فلدينا أفلام متميزة ظهرت في السنوات العشر الأخيرة و تطلبها المهرجانات الكبيرة بالاسم فمعظم الأفلام التي أنتجها جهاز السينما مثل »معالي الوزير« و»حب البنات« و»شقة مصر الجديدة« يعاد طلبها في مهرجانات حتي الآن.. وفيلم »واحد صفر« حصد الجوائز في عدد كبير من المهرجانات الدولية ولهذا تظل المشكلة في »لجنة المهرجانات« لأن لديها الحق في الدفع بالأفلام إلي المهرجانات ولديها نسختان من كل فيلم ينتج في مصر.