بدأت أزمة اختفاء الحشيش تنحسر تدريجياً خلال الأيام الماضية بعد تصنيعه محلياً عودة الساحر البني إلى الأسواق لا يبدو سؤالاً من قبيل: هل نجحت الداخلية فعلاً في القضاء علي تجارة المخدرات وتحديداً «الحشيش» كما يحلو لقيادات الوزارة الإيحاء بذلك بخجل لافت إلي تلك الدرجة التي تستحق إجابة جازمة بالنفي أو الإيجاب. الترسانة الأمنية فعلت ولم تفعل في آن.. هذه حقيقة لابد من الإقرار بصحتها.. الأيام القليلة الماضية تقف شاهدة علي ذلك.. «الساحر البني» يتسلل بنعومة وخبث وينساب في شرايين الأسواق الكاسدة منذ أشهر.. وها هو يمنحها انتعاشة بدأت تلوح علي أوجه المتعاطين وعشاق الصنف الذين يؤكدون أن رحلاتهم في سبيل الحصول عليه لم تعد كما كانت في السابق محبطة وبلا طائل.. رحلاتهم بدأت تكلل بالنجاح وإن كان يأتي بجهد وتعب ملحوظين.. فرغم عودة «الحشيش» إلاَّ أن ذلك مازال مقصوراً علي أماكن معينة وبنسب أو كميات قليلة .. لكن علي أي حال الساحر البني يعود. وسواء حدثت انفراجة يحلم بها المتعاطون أو يبقي الوضع مجمداً عند هذه النقطة.. ليس ممكناً الهرب من حقيقة أن الأمر برمته كان ينطوي علي «خدعة» ما.. الحشيش لم يختف من الأسواق كما هو معلن بسبب تتابع الضربات الأمنية.. وهذه معلومة تؤكد ذلك نقلاً عن مصدر أمني، قضي فترة من حياته العملية في إدارة مكافحة المخدرات، الرجل أكد أن نسبة 20% علي الأكثر من الحشيش التي يتم تهريبها إلي داخل البلاد هي التي يتم ضبطها، أما المهربون فينجحون في تسريب ما لا يقل عن 80% وتغذيه الأسواق بها. ربما تكون هذه المعلومة صادمة.. هي كذلك فعلاً، لأنه ووفقاً للإحصائيات الرسمية التي أعلنت عنها الداخلية فقد تم ضبط ما يقرب من 12 طناً من الحشيش في عام 2009 وهو ما يعني أن ما يقرب من 38 طناً تم إدخالها إلي البلاد أو بقيت علي الأقل في مخازن أباطرة التجارة. وهذا يعود إلي أمرين: إما أن تكون ال12 طناً قد هزت عرش المخدرات في مصر فعلاً مع العلم بأن هذه الكمية ليست الأكيدة ففي عام 2008 تم ضبط نحو 25 طناً ولم تتأثر التجارة، وإما أن يكون أباطرة التجارة قد لجأوا لتعطيش السوق وتخزين حصصهم من الكميات التي تم إدخالها خوفاً من قدوم ما هو أسوأ واستمرار الضربات الأمنية علي الحدود ومنافذ التهريب. علي أي حال إذا صح الافتراض الأول أو الثاني فالنتيجة في النهاية هي وجود عجز في سلعة يتزايد الطلب عليها وفي مواجهة هذا العجز الذي لا يقلق الأباطرة بقدر ما يقلق الحلقات الأخري الأكثر قرباً من المتعاطين وهم الدواليب والديلر الذين حولوا الحشيش إلي رافد مهم إن لم يكن الأهم في مصادر أرزاقهم مقارنة بالأباطرة الذين ينعمون بثراء فاحش وعلاقات جيدة مع بعض رجال الأمن المهم أن العجز يؤدي إلي فجوة ومع زيادة التكالب علي الحشيش باعتبار أنه سلعة إذا جاز التعبير فلدينا 7 ملايين مصري يتعاطون الساحر البني بانتظام، يلجأ الموردون إلي الحفاظ علي مكاسبهم وإعادة التوازن إلي السوق المضطربة. ولن يأتي ذلك إلا عن طريق التصنيع رغم أن مصر ليست من الدول التي تحظي بشهرة في هذا المجال الذي لا يرتبط طبعاً بكونها تحتل المركز الثاني بعد جنوب أفريقيا في قائمة الدول المصدرة للحشيش في قارة أفريقيا.. لأنها تحتل مراكز متأخرة في التصنيع بالنسبة مثلاً للبنان وباكستان والمغرب وأفغانستان، لذلك فالتصنيع المصري لهذا المخدر لا يحظي بشعبية دولية لكنه يكثر في أوقات الأزمات تحديداً بين أوساط المتعاطين المحليين. وتبعاً لفروق الخبرة والإلمام بفنون الصنعة في مصر تكون جودة الأصناف التي يتم طرحها بأسماء يخترعها المصنعون أنفسهم أو المصنعون لحساب موردون كبار. تتمركز صناعة «الحشيش» في مصر في عدد من المحافظات التي إما أن تكون مشهورة بكونها معبراً مهماً للقوافل القادمة من الخارج أو أوكاراً يعشش فيها التجار أو المهربون المطلوبون أمنياً وعلي هذا الأساس يكون التوزيع الجغرافي علي هذا النحو في سيناء بوجه عام وفي محافظة السويسوالإسكندرية ومطروح والقاهرة، وكلما احتدت الأزمة نشطت عمليات التصنيع المحلية التي يلجأ إليها تجار التجزئة وهي في الغالب لا تحتاج إلا لمكان آمن وبعدها بإمكانات بسيطة يبدأ المصنعون في حل الأزمة بطريقتهم الخاصة من جذورها. لا تحتاج عمليات التصنيع إلي معدات ذات قيمة تذكر فمعظمها أوان حديدية ومكبس كهربائي أو يدوي وخلاط وعدد من السكاكين الكبيرة ومصدر حرارة «بوتاجاز صغير» مثلاً وسرنجة وعبوة بنج أو أقراص مخدرة سواء كانت للتهييج أو الإثارة أو الهلوسة وبعض الألواح المدهونة بالشمع أو الزيت. تبدأ عملية التصنيع بتسخين كمية قليلة من خام الحشيش في إناء حديدي حتي يصبح قابلاً للفرك، ثم يسحق ليصبح ناعم الملمس ثم يضاف إليه كمية من «الحنة» الناعمة البنية التي تبلغ نسبتها من 8 إلي 10 من نسبة الحشيش المخلوط معها ثم يضاف مسحوق الأقراص المخدرة التي تم طحنها جيداً وكمية أخري من زيت الطعام واللبان الدكر والمستكة والشطة الجافة، ثم يوضع هذا الخليط في الخلاط ويتم خلطه جيداً لمدة لا تقل عن ربع ساعة ثم يضاف العسل في النهاية الذي يمنح الخليط قواماً متماسكاً.. ثم يتم وضع ذلك داخل المكبس وصبه داخل تجاويف الألواح المدهونة بالشمع أو الزيت مع رش «البنج» عليها ويترك مدة لا تقل عن 3 أيام ثم يقطع بالسكين علي هيئة قوالب لا يقل وزنها عن ربع كيلو ولا يزيد علي كيلو جرام، ويتم تغليفها بعد ذلك بأوراق السلوفان، ثم تبدأ عمليات التوزيع. وفي بعض الأحيان يتم إعداد هذه الخلطة دون أي كميات من الحشيش مع زيادة كميات «الحنة والعقاقير المخدرة المطحونة» وبعض التجار يفضل علي ذلك خلط بذور البانجو المطحونة مع بعض الأقراص المخدرة والحنة والعسل، إلا أن هذه الخلطة لا تحظي بأي شعبية لأن أي متعاط يكون بإمكانه اكتشاف أنها خلطة مغشوشة، وهو ما كان متداولاً في الأسواق خلال الفترة الماضية التي شهدت الأزمة. «ص.ع 43 سنة»، مقيم في إحدي محافظات الدلتا، قال إنه عاني الأمرين من اختفاء الحشيش الذي يقوم بتوريده لزبائنه وفي النهاية اضطر للاتصال بأحد معارفه في مطروح الذي أخذه في زيارة لشخص يقوم بصناعة «الحشيش» وهناك عرف الطريقة التي يتم بها التصنيع، وبالفعل قام بمساعدة عدد من الأشخاص، بالتصنيع وبالفعل قام بترويج كميات من الخلطة التي قام بتصنيعها، وأطلق أيضاً أسماء علي ما قام بتصنيعه ومنها «الدكش والغشيم وحرحش والأشكيف وليلي وفكة النحس» وبالفعل راجت هذه الأصناف وسط المتعاطين في منطقته لكن مع انتهاء الأزمة وعودة الحشيش بارت تجارته ولم يعد يجد سوقاً لترويج الكميات التي صنعها، ونفي أن يكون قد تعرض لخسارة مالية لأن تكلفة صناعة الكيلو لا تتعدي 70 جنيهاً. وقد شهدت محافظة الدقهلية واقعة ضبط أكبر كمية عقاقير مخدرة مصنعة، حيث تمكنت مباحث مكافحة المخدرات في شرق الدلتا من ضبط مصنع بمدينة المنصورة مملوك لرجل أعمال نافذ وعثر داخل المصنع علي مليون و250 ألف قرص مخدر مثل الترامادول والتيريل وكترمان، بالإضافة إلي كميات كبيرة من العجينة وزنت نصف طن، علاوة علي الأدوات المستخدمة في التصنيع وهي عبارة عن مكابس وغلايات وأفران تسخين وبعض المساحيق المخدرة وأدوات التغليف. أما أوكار صناعة الحشيش، فمن الصعب ضبطها إما لأن أصحابها يعرفون جيداً كيف يوفرون لها الحماية كما أن المعدات المستخدمة في التصنيع يسهل التخلص منها ولا تحتاج أماكن مجهزة، بل يمكن القيام بعمليات التصنيع في المنازل؟ العميد محمود قطري الخبير الأمني يشكك في إمكانية نجاح القضاء علي المخدرات بهذه الطريقة، لأنها حسب كلامه طرق استعراضية ومتفق عليها فضلاً عن عدم وجود نية للقضاء عليها، وإنما استعراض جهد غير حقيقي.. ويروي قطري قصة تطهير الباطنية من المخدرات وهي المنطقة التي كانت تعتبر معقل هذه التجارة في مصر.. يقول قطري: إن اللواء السابق كمال خيرالله المسئول عن المكافحة في ذلك الوقت هو الذي خطط للقضاء علي هذه البؤرة، حيث قام بتجهيز قوة كبيرة ولم يخبر أي من أفرادها بنوعية العملية أو المهمة التي سيتم تنفيذها.. وقبل ذلك كان قد قام بعمل رسم «كروكي» أو رسم تخطيطي لمداخل ومخارج حي الباطنية وتوجه إليه برفقة القوة وعندما وصل أعطي أوامره للضباط بالتمركز في مداخل ومخارج الحي ثم قاد قوة أخري وتمت مداهمة منازل كبار التجار، وألقي القبض عليهم قبل أن يقوم المرشدون والمخبرون بإبلاغهم بذلك.. وأضاف قطري: تمكن اللواء خيرالله بذلك من القضاء علي الباطنية التي أدت لانحسار التجارة علي مدي عامين كاملين. لكن في كل الأحوال تظل مصر بلداً مستورداً للحشيش بصفة خاصة والمخدرات بوجه عام.. لأن عمليات التصنيع الكبيرة في مصر لا يقوم بها سوي الأباطرة فقط وتتمتع بجودة مرتفعة في الغالب وتبدأ هذه العملية بالزراعة عن طريق رش بذور نبات «القنب» المخدر علي سطح التربة ويتم سقيه بالماء علي فترات متباعدة لا تقل، وفور ارتفاع أعواد القنب وخروج الأوراق والأزهار يقوم التجار بتطهير التربة من الحشائش غير المقيدة حتي يكتمل نضوج النبات ثم يتم حصده بواسطة المناجل وربطه علي شكل حزم صغيرة مثل حزم «السمسم» ويفرك في مكان جاف تحت أشعة الشمس حتي يجف تماماً ثم تنقل الحزم إلي أماكن يطلقون عليها «الفيو» وهي أماكن نظيفة ومحكمة الغلق وجدرانها من الداخل مغطاة بقماش أبيض وبعض التجار يفضلون أن يكون ذلك داخل غرفة زجاجية. يقوم العمال المدربون ويطلق عليهم «المضاريب» بضرب الحزم باستخدام عصي خشبية حتي تنفصل السيقان والأعواد عن الأوراق والأزهار والثمار ويتطاير في القبو غبار النبات الذي يعلق بالجدران ويسمي ذلك ب«هبو» الحشيش من أفضل أنواع الحشيش وأغلاها سعراً، وسعر الطربة منه كان يتجاوز 5 آلاف جنيه وقت أن كان الحشيش متوافراً وبكثرة في مقابل 800 جنيه للأصناف الأخري.. وأشهر تجارة حالياً والذي يتولي توفيره للمسئولين رجل عجوز مقيم في قرية تابعة لمحافظة 6 أكتوبر وهو حفيد فنان شهير راحل شارك عبدالحليم حافظ بطولة عدد من أفلامه وهو قعيد ومقيم بمفرده ولا يزوره سوي خادم لتلبية حاجاته. بعد أن يتم جمع الهبو وكبسه يتم نقل السيقان إلي غرفة أخري ويتم طحنها ووضعها في غرابيل ذات عيون ضيقة ثم غرابيل أخري ذات عيون أوسع فأوسع يتم نقل ما تساقط من عيون الغرابيل حسب حجم العيون إلي أماكن التصنيع لإضافة بعض المواد المثبتة للكثافة ثم يوضع داخل المكبس ويتم كبسه حسب أشكال المكبس ويغلف بقماش أبيض، ثم يقوم التجار بصك الطرب الجديدة بصكوك تدل علي اسم ونوعية الحشيش ومدي جودته وينقل إلي مخازن تتراوح درجة الحرارة بها ما بين 18 و26 درجة مئوية. الغريب أن تجار الجملة أو التجزئة يقومون بدورهم بتسخين الحشيش بعد الحصول عليه وإعادة خلطه بمواد كيميائية وأخري طبيعية ثم بيعه. أما الكميات التي تدخل مصر عن طريق التهريب فتكون عادة عبر الحدود والموانئ، والمطارات ونتيجة لتشديد الإجراءات الأمنية في هذه المناطق بدأ المهربون يبحثون عن طرق وحيل جديدة لإدخال الحشيش، بينما كان المهربون في الماضي يكتفون بتهريب كميات قليلة وفرت الطرق والحيل الجديدة لهم السبل لتهريب كميات كبيرة تبلغ في بعض الأحيان عدة أطنان دفعة واحدة وهي الطرق أو الحيل التي يتم كشفها في الغالب عن طريق المصادفة. وأشهر طرق التهريب عن طريق الجمال، وذلك إذا كان التهريب عن طريق مناطق جبلية وصحراوية، هذه الجمال مدربة علي دخول الحدود والخروج منها ومن ثم تكون مهمة المهربين هي إطلاق سراحها فقط لتتوجه إلي المكان الذي ينتظر فيه الطرف الآخر الذي يقوم بتحميلها بالمخدرات لتعود مرة أخري للمهرب الذي يستخدمها في تهريب الحشيش والهيروين والبانجو الذي يتم زراعته في سيناء. يستغل التجار والمهربون بهذه المنطقة معرفتهم الفائقة بالدروب الجبلية والمغارات في تخزين المخدرات تمهيداً لتوزيعها علي باقي المحافظات. الخيول أيضاً من الطرق المبتكرة في التهريب ويلزم أولاً تدريبها علي تنفيذ تلك المهمات ثم يتم تحميلها بالمخدرات لنقلها إلي التجار الذين يكونون في انتظارها. أما أغرب أساليب التهريب فتكون عن طريق وضع الحشيش أو الهيروين في أمعاء بعض الأشخاص سواء كانوا أحياء أو أموات، كما يتم إخفاء بعض المواد المخدرة الخفيفة الهيروين والكوكايين في شعر السيدات لتهريبها عبر المطارات. وأشهر عمليات التهريب التي ضبطتها الإدارة العامة لمكافحة المخدرات كانت في برج العرب بالإسكندرية، حيث حاول بعض التجار تهريب كمية كبيرة من الحشيش داخل صناديق خشبية محملة علي سيارة نقل وتم العثور علي 83 كرتونة بداخلها 2 طن من الحشيش. كما تم ضبط سيدة أعمال كانت قادمة من إحدي الدول إلي مصر، وكانت تحمل كلباً صغيراً سيقانه الأربعة موضوعة في الجبس وبعد تفتيشها جيداً لم يتم العثور علي شيء لكن كان لدي الضباط معلومات بأنها تعمل في تهريب الهيروين وبعد فحص الكلب تم ضبط نصف كيلو هيروين داخل الجبس. ومن أشهر أساليب التهريب التي تم كشفها بالمصادفة تم ضبط أحد المتهمين وكان قد ابتلع أكياس الهيروين.. المتهم خرج من المطار دون أن يفتضح أمره وشاء حظه العاثر أن يتعرض لحادث علي الطريق وعندما تم نقله لمستشفي بمنطقة النزهة وأثناء إجراء الأشعات له عثر بداخل أمعائه علي أكياس صغيرة تحتوي علي مادة الهيروين المخدرة وتم استخراجها وحبس المتهم بعد تحسن حالته الصحية. عدد آخر من المهربين يلجأون لإدخال الحشيش إلي مصر عن طريق مراكب الصيد، حيث يتم وضع الحشيش في براميل مبطنة بالشباك حتي لا يتم اكتشافه بسهولة، فمعظم مفتشي الجمارك يقومون بغرس آلة حادة مدببة من الأمام ومعقوفة في تلك البراميل التي قد تكون في كثير من الأحيان مملوءة بالزيت أو البنزين أو السولار وإذا كان بداخل البراميل حشيش فإن الآلة الحادة لا تعلق به وتمر الشحنة بسلام. كما يتم تهريب الحشيش أيضاً عن طريق وضعه في الإطارات الداخلية للسيارات المصدرة إلي مصر وذلك بعد لفه بورق خاص أو أقمشة تتحمل الضغط والحرارة لكنها تعتبر من الحيل المكشوفة. وأمام انكشاف جيل المهربين وتشديد الإجراءات الأمنية يجد التجار بداخل مصر أنفسهم في أمس الحاجة للتصنيع والاعتماد علي منتجاتهم الخاصة في تغذية الأسواق التي لا تشبع. لكن في النهاية أين تذهب الكميات الهائلة من المخدرات التي تم ضبطها.. الإدارة العامة لمكافحة المخدرات تقوم سنوياً بإعدام المئات من الأطنان داخل أفران تسمي أفران الإعدام والتي تصل درجات الحرارة بداخلها إلي 1000 درجة مئوية وتتسع بطون تلك الأفران ل10 أطنان في المرة الواحدة. وعلي الرغم من الكميات الهائلة التي يتم ضبطها سنوياً إلا أن محافظات مصر تخلو من هذه الأفران إلا محافظة الإسكندرية، حيث يوجد بها الفرن الوحيد في مصر والموجود بميناء الإسكندرية عند البوابة 27 أسفل كوبري «التاريخ».. الفرن يستقبل يومياً كميات هائلة من المخدرات من جميع المحافظات. تبدأ عمليات إعدام المخدرات بعد انتهاء القضايا التي تخصها ويتم تخزينها داخل مخزن قريب من البوابة رقم 14 ويسمي «مخزن عام المخدرات» وفور انتهاء القضية يتم تشكيل لجنة من وكيل نيابة وضابط بمكافحة المخدرات وأمين المخابرات، بالإضافة إلي مسئولين بوزارتي الزراعة والبيئة، ويتم إدخال المخدرات في جوف الفرن تمهيداً لإشعال النيران. ومن طرائف عمليات الحرق أن الفرن الموجود بميناء الإسكندرية يقع أسفل كوبري ويقوم المتعاطون بالوقوف في الأعلي أثناء الحرق لاستنشاق الدخان المتسرب من المداخن. أما الأفيون فالكميات المضبوطة منه يتم إرسالها إلي وزارة الصحة لتقوم باستخدامه في صناعة الأدوية، ويمر ذلك بعدة مراحل أولها التخزين حتي انتهاء القضية، ثم عمل جرد وتقرير عن الكمية، ثم إرسال لجنة من وزارة الصحة وضباط المكافحة لإخراجه من المخازن ونقله إلي المعامل الطبية التي تبدأ في الاستفادة منه في صناعة الأدوية.