جون برينن، مدير ال«CIA» القادم، يجيد العربية ودرس بالجامعة الأمريكية فى القاهرة ورسالته فى الماجستير بجامعة تكساس كانت عن مصر. وفى جلسة امتدت إلى أكثر من ثلاث ساعات، تحدث برينن أمام لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ ورد على العديد من الأسئلة حول دور ال«CIA» فى المرحلة المقبلة وعلاقتها بالرئاسة والكونجرس. كما ناقش قدرتها على مواجهة مخاطر العالم وحماية أمريكا والأهم إمكانية تعاملها مع المحاسبة والمساءلة. برينن أحد أقرب المقربين إلى الرئيس الأمريكى أوباما فى البيت الأبيض وقد عمل مستشارا له فى مكافحة الإرهاب خلال ولايته الأولى رشحه أوباما ليتولى مهام إدارة ال«CIA»، وإذا كان البعض قد وصفه ب«مهندس اغتيال بن لادن»، فقد وصفه آخرون بمخطط ومنفذ استراتيجية «درون» استراتيجية مطاردة وقتل مئات من البشر (إرهابيى القاعدة وأبرياء) بطائرات من دون طيار. وأكثر البلاد تعرضا لتلك الهجمات باكستان واليمن.
والجلسة كانت مفتوحة ومذاعة على الهواء مباشرة. وفى بدايتها تعرضت لبعض الاحتجاجات والصرخات المعادية للحرب وقتل الأبرياء من جانب جمهور الحاضرين لذا اضطرت رئيسة اللجنة دايان فاينستاين لرفعها لدقائق لإخلاء القاعة من المتظاهرين والمتظاهرات. برينن ابن الاستخبارات الأمريكية لأكثر من عقدين ناقش خلال الجلسة أمورا وقضايا عديدة تمحورت غالبا حول رغبة الوكالة الاستخباراتية فى المكاشفة والتعامل مع الكونجرس وممثلى الشعب الأمريكى. ومن ضمن ما قاله برينن عن التحديات المقبلة ذكر أن أداء الوكالة فى فهم وتحليل ما حدث فى العالم العربى منذ عام 2011 يكشف أن «السى آى إيه تحتاج إلى تحسين أكثر لقدراتها وأدائها».
وبجانب استراتيجية «درون» فإن عملية «ووتربوردينج» أى محاكاة الغرق أو القيام بإغراق الشخص بالمياه كأسلوب استجواب للمتهمين فى الإرهاب تم طرحه ومناقشته ومعرفة رأى برينن فى الأمر. وإذا كان برينن قد قال إنه لم يقبلها كأسلوب استجواب فإنه لم يقل علنا عما إذا كان يعتبرها أداة تعذيب. خصوصا أن أمريكا استخدمتها بكثرة وشراسة فى العقد الماضى وهى تتعامل مع «الإرهابيين» فى محاولة جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات حسب تبرير القائمين بها.
برينن البالغ من العمر 57 عاما، بداية معرفته بالشرق الأوسط وتعارفه على العالم العربى كان فى مصر، بينما كان طالبا فى جامعة فوردام بنيويورك ذهب إلى الدراسة بالخارج لمدة سنة، فى الجامعة الأمريكيةبالقاهرة ودرس بها اللغة العربية. وبعدها فى عام 1980 كانت رسالة الماجستير فى جامعة تكساس. ورسالته كانت بعنوان «حقوق الإنسان: دراسة حالة مصر». وفى العام ذاته قرأ إعلانا فى الصحيفة لوظيفة ب«CIA» فالتحق بها.
وقد عمل برينن محللا لشؤون الشرق الأوسط بها. بعد ذلك قدم التقرير الموجز الاستخبارى إلى الرئيس بيل كلينتون. وانتقل إلى السعودية كرئيس لمكتب «سى آى إيه» فى الفترة من 1996 إلى 1999، وحسب ما تذكر مصادر أمريكية فإنه توطدت علاقاته مع المسؤولين السعوديين وتحدث معهم حول أمور عديدة واليمن. برينن فى نهاية التسعينيات كان رئيس مكتب مدير ال«CIA» جورج تينيت. وعندما حدثت هجمات 11 سبتمبر 2001 كان برينن نائب المسؤول رقم 3 فى الوكالة. ولعل من أهم الأسئلة التى طرحت عليه مع اقتراب نهاية الجلسة السؤال الذى طرحته السناتور سوزان كولنز قائلة: إننى أتساءل ومعى الزملاء عن برينن الذى سيصبح مديرا ل«سى آى إيه» هل هو من أمضى نحو 25 عاما فيها أم هو برينن الذى يأتى إليها من البيت الأبيض كأحد رجال الرئيس أوباما؟ فجاء الرد بأنه كان وسيظل رجل المخابرات وإذا أصبح مديرا للوكالة فإنه سيقول للرئيس والكونجرس ما يجب أن يسمعوه لا ما يريدون أن يسمعوه.
فى الجلسة ذاتها ذكّر أحد الأعضاء الحاضرين وبرينن بحكمة القدماء عندما قالوا: «ليس الشعب من الملائكة بحيث لا يحتاج إلى حكومة، كما أن الحكومة ليست من الملائكة بحيث لا تحتاج إلى المساءلة والمحاسبة».