السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا متزوجة من 5 سنوات وعندي ولدان، والحمد لله متزوجة عن حب شديد. في أول الزواج قابلتنا صعوبات كثيرة وبفضل الله تعالى تغلبنا عليها، وبعد ذلك سافر زوجي إلى الخارج، وتعرّف إلى سيدة عن طريق الشات وتوطدت العلاقة بينهما بالتدريج إلى أن وصلت إلى الحب، وهي سيدة مطلقة وتعمل في مركز مرموق وعلى مستوى عالٍ من المعيشة والرفاهية.
وبدأ زوجي بالتقرب إليها أكثر وأكثر إلى أن نزل مصر وتزوجها بدون علمي، ويشاء القدر أن عرفت هذا الموضوع عن طريق الصدفة، وبالفعل صدمت وحدثت لي أزمة نفسية؛ لأن الرجل الوحيد الذي أحببته في حياتي خانني وتزوج عليّ وترك أطفاله وهم محتاجون إلى كل لحظة من اهتماماته.
هل هذا يكون جزائي؟ وهل هذا جزاء بعد وقفتي بجانبه وحفاظي على ماله وأولاده وعرضه؟ بالفعل طلبت منه أن يطلقها فرفض وقال لي أنا بحبها ومش هاقدر أستغنى عنها، فماذا أفعل؟
هل أنسحب أنا من حياته ليكمل حياته مع واحدة أخرى؟ أم أرضى بهذا الأمر المهين لكرامتي؟ وبالفعل مش قادرة واحدة تانية تشاركني زوجي، وهل حرام لو أنا سعيت في طلاقها بجميع الوسائل؟ وزوجي مش قادر يستغنى عنها ولا عني، فهل هذا عدل؟
أنا إنسانة عادية جدا وبسيطة ولست على درجة جمال الأخرى ولا مستواها المادي، وزوجي دائما يقول لي دي جوازة ببلاش؛ لا مهر ولا شبكة ولا حتى مصاريف للمعيشة، ولهذا هو متمسك بهذا الزواج.. أنا عايشة في جحيم وحياتي ادمرت، أرجوكم أفيدوني بسرعة، ولكم جزيل الشكر.
dodo
صديقتي العزيزة.. أشعر بك وبآلامك وأقدّر كثيرا ما أنت فيه من ضيق ومعاناة لأجل شيء لم تتوقعيه ولم تظني يوما أنكِ ستصبحين فيه، ولكن هكذا الحياة، نجد أنفسنا في اختبارات دنيوية تصدمنا في البداية، لكن علينا بعدها أن نعاود الصمود ونستعيد أنفاسنا لكي نفكر بحكمة ومنطقية بحيث يكون قرارنا قرارا سليما لا نندم عليه.
فمشكلتك تلك تتكرر عند الرجال الذين يرون أن الزواج شيء سهل؛ فينظرون إلى رغباتهم هم على حساب أي شيء آخر، هذا بالطبع إن لم تكن لديهم رغبة ملحة تبيح لهم الزواج من أخرى، كرغبة في الإنجاب أو رغبة فسيولوجية ترغمهم على الارتباط بزوجة ثانية حتى يتجنبون الفتن بسبب حاجة لديهم غير مشبعة بالكامل مع زوجة واحدة، وبأسباب ملحة كتلك التي ذكرتها يكون الزواج مرة أخرى ضرورة للرجل ليوازن حياته بها، ويعوض زوجته على مقدار الألم النفسي الذي تسبب فيه الزواج من أخرى.
وعند الرجال الذين يطبقون شرع الله بالطريقة الصحيحة فإنهم يجعلون الزوجة الأولى تشعر بالسعادة أكثر مما كانت عليه؛ وذلك عندما يحققون التوازن الذي كانوا بالفعل يحتاجون إليه.
أما الذين يتخذون من هذه الرخصة التي أباحها الله لعبة واستمتاعا، فذلك يفسره عدم شعورهم بالمسئولية واستهتارهم بفكرة الزواج وعدم قدرتهم على استيعاب أن قيمة الزواج تكمن في كونه التزاما في المقام الأول تجاه الزوجة وتجاه الأبناء.
وأعتقد أن المشكلة بدأت عندما سافر الزوج بمفرده، وكان ذلك مع الأسف بيئة خصبة ليتأثر بأخرى ذلك التأثر الشديد الذي كان من الممكن أن يكون وجودك معه وإحاطتك له بكل طاقتك مع وجود الأبناء حماية له؛ فبعض الأزواج يضعفون بشدة في الغربة والوحدة والفراغ.
لكن بما أننا حاليا أمام الأمر الواقع وهو أنه قد تزوج فعليا، فعليك الآن أن تأخذي فترة الصدمة التي تعرضت لها وألا تتخذي قرارا بأي شيء إلا عندما تهدئين ليكون تفكيرك سليما وعقلانيا فلا تخسري شيئا.
وعندما تستقري نفسيا ستجدين أمامك طريقين:
إما أن تقبلي بالأمر الواقع وتصبري على ما حدث لك لأنه شيء من أمرين:
- أن يكون قد تزوج بسبب نزوة ورغبة طائشة خلقتها عاطفة مؤقتة، ولن يوفق في مثل هذه الزيجة، خاصة أن ظروفها قد لا تؤدي إلى زواج ناجح مثل أنها تمت من خلال علاقة على الإنترنت، إضافة إلى أنه لم يبذل فيها أي مجهود وقد تذهب زهوتها سريعا، وأن يكون الأمر هو أزمة منتصف العمر التي تجعل الرجل يرغب في الشعور بجاذبيته تجاه امرأة أخرى، مما يعزز غروره، فقد تكون مجرد مرحلة ويعود مرة أخرى إلى الزواج الأصلي في قلبه الذي سعى هو إليه والذي بالتأكيد لك مكانة عنده خاصة مع الحب الكبير الذي بينكما، ولكن الأمر مسألة وقت وربما انتهى مثلما بدأ.
-أن يكون شخصية تراعي حق الله وبالتالي يعمل بعد زواجه الثاني على إسعادك أكثر وتعويضك عما حدث لك من ألم نفسي؛ لأنه في بعض الحالات التي سبق وتحدثت عنها، يحتاج الرجل إلى الزواج الثاني ويساعده ذلك على تحقيق توازن أكبر في حياته، مما يجعله يسعد الطرفين أكثر مما لو لم يتزوج، وفي نفس الوقت يكون قد حافظ على امرأة أخرى تحتاج إلى رجل في ظل ظروف قاسية قد لا تتمنينها أنتِ لنفسك.
أنا أعرف تماما مقدار ما تكابدين إذا فكرت في هذه الخطوة، لكن ربما كانت الأمور في صفك إذا قررت التجديد في حياتك واسترجاع ثقتك بنفسك، ولا تضعي في بالك أن تكون هناك امرأة أجمل منك؛ فأنتِ لك جمالك الخاص المميز الذي بالتأكيد جعله يحبك، وربما مع تفاصيل الحياة الزوجية فقد إحساسه بالتجديد، والرجل من طبيعته سرعة الملل، وكذلك يفقد إحساسه بالغرور الذي يريد رؤيته في إعجاب امرأة به.. وربما اطمئنانك لوجوده وحبه جعلاكِ تتغافلين أو تهملين قليلا في احتياجات كان يراها هو مهمة جدا بالنسبة إليه وهي ما جعلته يضعف أمام امرأة أخرى.
لذا إن قررت القبول بالأمر فاجعلي هدفك الأول إسعاده وإسعاد نفسك، وانسي الطرف الآخر تماما وهيئي نفسك للوضع بحيث تعتبرينها أختك التي تحتاج إلى الحماية والأمان، لذا جاء التشريع بالتعدد في الزواج، حتى يحميها هي ومن في مثل ظروفها من أي سوء يمكن أن تتعرض له، حاولي أن تضعي نفسك مكانها، فقد تكون امرأة ضعيفة لا همّ لها سوى الستر والحياة الآمنة في ظل رجل.
أما إن كانت من نوع آخر سيئ فأنت ستكونين الأفضل، وربما تسببت في مشكلات أورثته الندم على فعلته وجعلته يشعر بقيمتك التي أظهرتها امرأة أخرى، فكان هذا الحدث في حياتك جاء بمنتهى الإيجابية وزود من مشاعر الحب لك عند زوجك.
ولكن عليكِ في ذات الوقت جذبه بثقتك في نفسك التي عليك أن تسترجعيها سريعا، وأن تكون حياتك مليئة بأمور أخرى غيره حتى تشعري باستقلاليتك وبأن هناك جوانب أخرى في حياتك عززت من نفسك وشخصيتك وجعلتك سعيدة، فينعكس ذلك عليك وتكوني متألقة؛ فالرجل لا يحب النكد أو الشكوى المستمرة والبكاء، وهذا لن يجدي وسيعلم أنك تفعلين ذلك لفترة ثم تهدئين، إضافة إلى أنه سينجذب إلى الأخرى أكثر لأنه يجد عندها الراحة والسعادة.
فحاولي دائما عزيزتي أن تعرفي مواطن إعجابه واحتياجاته، وحاولي أن تعرفي ما الذي جذبه فيها، وحاولي تنمية نفسك فيها وأنت تشعرين بالثقة والاعتزاز في نفسك لأنك أنتِ، ولن توجد امرأة تشبهك، وبالتالي فأنت بالتأكيد لك نكهتك الخاصة التي تطورين منها فتجذبينه دائما.
أما إذا اخترتِ طريق الطلاق فيجب أن يكون على قرار عقلاني وليس ردة فعل عاطفية للثأر بكرامتك وبحبك الذي خانه، عليك أن تعلمي أنك ستواجهين تحديات في حياتك يكون قرارك بناء على النظر فيها والعلم بها؛ فالطلاق ليس سهلا، وربما ترك الأمور كلها في صالح تلك المرأة الأخرى، وقد كان بإمكانك الدفاع عن حبك بالطرق المشروعة لجذب زوجك إليك مرة أخرى، لذا فإن الانسحاب قد لا يكون في صفك في تلك الحالة.
فإذا كنتِ قد قررتِ الطلاق بناء على عدم تحملك للموقف وعدم قدرتك على التكيف معه مع التفكير العميق وبعد إفاقتك من الصدمة فذلك قرارك وحدك ولك مطلق الحرية فيه، لكن إن شعرتِ في نفسك أنك ستتحملين عبء هذا القرار مع الوضع في اعتبارك أنك تحبين زوجك، وأن لك أبناء يحتاجون إليه.
لكن نصيحة أن تستعيدي نفسك سريعا؛ فالبكاء الآن وحالة الإحباط وفقدان الثقة في النفس سوف تضرك أكثر مما تفيديك، الجئي إلى الله لكي يطبب لك هذا الجرح ويلهمك القرار السليم ويبعد عنك السوء، وأكثري عزيزتي من الاستغفار، فله مفعول السحر في كشف الهموم وتفريج الكربات فقد قال رسول الله: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب".
ادعي الله كثيرا وأحسني الظن به وسوف يكشف عنك ما يضايقك، وستعرفين حكمته في كل ما يصيبك حتى وإن رأيته أنت شرا فهو في داخله رحمة بك وخير لن تعرفين الآن.
حاولي التركيز على الأمور الإيجابية في حياتك وابحثي عن الأعمال المحببة إلى نفسك والتي ستعزز من ثقتك بنفسك وتغير من ضيقك النفسي.. مع تمنياتي لك بالتوفيق والحياة السعيدة.