أنا سيدة متزوجة من عدة سنوات ولدي بنتين، منذ أن تزوجت وأنا أعاني معاناة شديدة من معاملة زوجي السيئة؛ فهو سليط اللسان جدا، لا يحترمني أنا أو أهلي، ويتعمد إهانتي وإهانتهم؛ على الرغم من محاولتي أن أتفهم الأسباب، ومعالجة الأمور، كذلك أهلي يردوا الإساءة باللين والأدب؛ على أمل أن تتعدل أحواله. ولكن مع مرور الوقت تطورت الأمور للأسوأ، وساءت نفسيتي جدا؛ حتى وصلت الحضيض، وانفصلنا عن بعض بشكل كامل نفسيا وجسديا؛ وذلك لرفض أهلي لمبدأ الطلاق؛ بالرغم من إصراري عليه.
كنت أتردد على الدكاترة والمستشفيات بشكل دائم؛ لشدة تعبي وانهياري، وكان يتابعني أحد الأطباء الذي قام بعلاجي، وتفهم حالتي؛ حيث اكتشف إن كل مشكلاتي الجسمانية سببها نفسي؛ وهو ما جعل الدكتور يتعاطف معي كثيرا، ويعرض مساعدتي في كل شيء يخصني، وبالتالي تحسنت كثيرا.. لأول مرة في حياتي أشعر بالسعادة والأمان بوجوده بجانبي، ومع الوقت أصبحنا أصدقاء بمعنى الكلمة؛ بدء يصارحني بمشكلاته هو أيضا من عدم سعادته وعذابه في حياته الزوجية؛ لوجود بعض الظروف اضطرته للزواج من ممرضة تعمل معه بالمستشفى، وما زاد حياته آلاما إنها أصيبت بالسرطان، وهم أيضا على خلاف وعلى غير وفاق، وبرر هذا بأنها استغلته ماديا بشكل سيئ مما زاد الأمور سوءا.
حاولت مساعدته لإصلاح أمور حياته كما حاول هو مساعدتي برجولة وإنسانية، ووصل لطريق مسدود، كما وصلت أنا لطريق مسدود.
ومع الوقت كنا ندعم بعضنا البعض نفسيا من الاكتئاب؛ حتى بتنا قريبين من بعض بشكل كبير، وعرض عليّ الزواج في حال انفصلت عن زوجي، وأظهرت أنا أن هذا ما كنت أنوي فعله بغض النظر عن علاقتي به.. وأصبحنا بالنسبة لبعض كالأكسجين وأكثر.
المشكلة تتلخص في أنه كلما اقتربنا أكثر فأجده يبتعد لعدة أيام، ولا يسأل عني إلا إذا أنا اتصلت به، وإذا عاتبته على ذلك يتحجج بانشغاله، أو أنه مكتئب أو أنه لم يتعود أن يجري وراء امرأة.
وعندما أكلمه تعود المياه لمجاريها من حب وود وإنسانية، ثم بضعة أيام وتعود ريما لعادتها القديمة! ولا أعرف تفسير لتصرفه هذا معي.. فيما يفكر؟؟ أين يغيب؟؟!
زوجته الآن حالتها خطيرة بالمستشفى، وزوجي أنا يعيش ببلد أخرى للعمل، وتاركني أنا وبناتي هائمين في الحياة؛ حيث أقيم مع أمي وأقوم على رعايتها.
نسيت أن أقول لكم إن مستواي الاجتماعي أعلى من مستوى زوجي بعدة مراحل.
أرجو أن تفيدوني بما يجب فعله مع زوجي الظالم الطاغية، وما يجب فعله تجاه موقف الدكتور الغامض، وهو الوحيد الذي ساندني برجولة، والذي له الفضل في مقدرتي على استعادة آدميتي، وحتى مقدرتي على إرسال هذه الرسالة.. أفيدوني بسرعة فأنا معذبة.
Hana.ammaar
صديقتي العزيزة.. عليكِ قبل أن تنظر لموقف زوجك الطاغية أن تنظري لموقفك أنتِ.. إذا كان زوجك يطعنك بالكلمات فأنتَ تطعنيه بالأفعال، وإذا كان يهينك فأنت تخدعينه، تنوين الطلاق وتخطبين إلى غيره وتتفقين على الزواج من غيره، وتغضبين لأن رجلك الجديد -كما قررت- لا يتصل بك؛ بل يتركك حتى تجرين أنت وراءه؛ لأنه لا يجري وراء امرأة.
أفيقي يا صديقتنا فالأمر جد وخطير.. لا بد أن تعرفي أن لزوجك عليك حقوقا مهما كان مستوى علاقتكما، هو في النهاية زوجك، ومصاحبتك لغيره خيانة له، والحل الوحيد أن تحددي علاقاتك وفق الصواب وليس وفق الظروف، فلو حسبناها بالظروف لسمحنا للجائع أن يسرق؛ لأنه لا يجد الطعام، وللضعيف أن يكذب؛ لأنه يخاف الحقيقة، ولفتحنا الأبواب للرذائل باسم الظروف؛ لكن هناك دائما منطقا وعرفا وشرعا نلجأ إليه لنعرف الحق من الباطل.
عليك أن تحددي علاقاتك وفق إطار هذا الشرع وهذا العرف، إما أن تقرري أن تستمري مع زوجك، وإما أن تطلبي الطلاق، أما حياة اللا سلم واللا حرب هذه التي تعيشينها فقط؛ لأن أهلك يرفضون كلمة الطلاق؛ فهي لا معنى لها إلا مزيد من الخيانة والخداع والظلم العظيم.
عليهم أن يتقبلوا الطلاق إذا كان هو الحل الوحيد؛ لأنه ببساطة حل رباني ونبوي ذكره الله في كتابه على أنه حل، وارد للحياة الزوجية وإن كان آخر الحلول، وعليهم أن يفهموا أن هناك نوعا للعلاج يسمى العلاج بالكي، والكارثة العظمى هي في الهلامية وحياة البين بين التي يدفعونك إليها.
عليك أيضا أن تفكري بعقلك؛ لأنك يبدو أنك خدعت في زوجك الأول؛ رغم أن صفاته السلبية التي تحكينها من الممكن وببساطة استنتاجها في فترة الخطوبة، فكيف غفلت عن ذلك، إذا كنت تحكمين بالعاطفة أو تتسرعين في الحكم على الناس، أو لا تعطين نفسك الوقت الكافي لفهم الشخصية والإحاطة بها؛ فأنت ملزمة بفعل ذلك الآن، حتى لا تتكرر الفشل من جديد.
عليك أن تدرسي هذا الطبيب جيدا -هذا إذا قررت الطلاق وحصلت عليه- بعين العقل والمنطق لا بعين العاطفة والتقارب النفسي، وإن كان لذلك دور؛ ولكنه دور ثانوي لا ينبني عليه قرار.. عليك أن تفكري فيه كزوج هل يصلح لتحمل مسئوليات الحياة، هل ما أنتما فيه حالة حب وتوافق حقيقي، أم انجذاب مكتئب وجد من يستمع إليه؟؟! يجب أن تفكري بعقلانية، ولا مانع من أن تستشيري أحدا تثقين فيه ليفيدك إذا كنت شخصية عاطفية لا تحسنين فصل العقل عن العاطفة.
يجب أن تكون لك صديقة، ومن رسالتك شعرت بأنها غير موجودة، والصديق عامل مهم بدرجة لا تتخيلينها في تحقيق الصحة النفسية، يجب أن تبحثي عن صديقة صدوقة تشير عليك بالصواب، وتواجهك بأخطائك، وتدفعك إلى فعل الصواب، ولا تجاملك أو تلاينك على حساب الحقيقة.
أدعوك إلى تحديد علاقاتك وإعادة ترتيب أوراقك وصياغة أهداف لحياتك، وعليك بالتقرب من الله وطاعته، والالتزام بالفروض والطاعات، والدعاء أن يرزقك الله الخير، ويكتب لك السعادة، ويجنبك كل سوء.. آمين.