السلام عليكم.. أنا عندي مشكلة، هي مش كبيرة أوي؛ بس مؤثرة عليّ جدا، أنا دلوقتي في أولى ثانوي، بس من سنة أولى إعدادي باحس إني وحيدة جدا؛ مع العلم إني لي والحمد لله أصحاب كتير، ولي أختين بنات أكبر مني، وبرضه مش دي المشكلة. أنا وحدتي خلتني أتخيل إن فيه ناس قاعدين معايا باكلمهم ويكلموني لحدّ ما الموضوع ده كبر أوي، وبقيت باكلم نفسي، ونفسي أوقف ده بس مش عارفة؛ لأني باحس في الوقت ده بثقة في نفسي لحد ما بقيت عاوزة أكلم دكتور نفساني يساعدني؛ بس مش عارفة إزاي هو ممكن حد متخصص في بص وطل يقول لي حل؟ بجد نفسي أتخلص من العادة دي.
Samora.a2mora
صديقتي العزيزة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بداية أودّ أن أهدئ من روعك وأطمئنك أن الموضوع ليس أمرا خطيرا؛ خاصة وأنك واعية ووضعت يدك على نقطة أساسية حينما قلت: "إن أحلام اليقظة والخيال تشعرين فيها بأنك أكثر ثقة بنفسك؛ فالأمر بالفعل مرتبط بثقتك بنفسك؛ فما تعانينه هو أحد أشكال الرهاب الاجتماعي، أو درجة من درجات الرهاب؛ لكنها ليست شديدة الحدة؛ فأنت تتواصلين مع الآخرين ولك أصدقاء؛ لكن شكواك من شعورك بالوحدة وخيالك في أنك تجلسين مع أشخاص وتتكلمين معهم؛ يعني أنك في عالم الواقع لا تستطعين أن تتكلمي وتعبّري للآخر عن كل ما تريدين؛ فأنت تخافين التعبير عن ذاتك وآرائك، وهذا بالطبع سيُشعرك بالوحدة؛ لأنك مع الوقت لن تشعري بصدق وعمق العلاقات مع الآخر.
لكن أذكرك بأن الاستغراق في أحلام اليقظة لتعويض أمر نفتقده في الواقع هو أمر طبيعي جدا في مرحلة المراهقة..
لكن لماذا تخافين التعبير عن نفسك؟ بكل صراحة؛ لأنك تخافين الرقابة والتقييم من الآخر، والحكم عليك بشكل قد لا يرضيك، إنك تخافين نقد أفكارك وآرائك أو تسفيهها، وقد يرتبط ذلك بطبيعة التربية والنشأة؛ كالنشأة في أسرة يكثر فيها النقد والتوبيخ، وتلتصق الفكرة بذهن الطفل مع نموه وارتقائه لتصبح مفهوما مرتبطا بذاته، وهذا المفهوم يكون كامنا في عقله ويظهر في شكل سلوك: (أنا مش باعرف أتكلم كويس - أنا رأيي مش بيعجب الناس)، وهذا هو المفهوم، أما السلوك فهو أن أتجنب الكلام أو التعبير عن رأيي..
ولكن ماذا يمكن أن تفعلي للتخلص من هذه المشكلة؟
في الواقع هناك احتمالان؛ الأول: أن تستطيعي بنفسك التخلص من هذه المشكلة من خلال بعض الإرشادات التي سأعطيك إياها، والاحتمال الثاني: هو أنك ربما تحتاجين للمعالج النفسي لمساعدتك في ذلك من خلال الفهم الواعي لذاتك، وكذلك مساعدتك في بناء ثقتك بنفسك، وإليك هذه الإرشادات التي يمكن أن تبدئي في تنفيذها:
1- إرشادات عامة تهدف لتقليل حدة القلق بوجه عام: الإقلال من الشاي والقهوة - النوم لساعات كافية - الاعتماد على المهدئات الطبيعية كالنعناع، والينسون، والحليب الدافئ مساء.
2- خطوات من العلاج المعرفي السلوكي التي يمكن أن تطبقيها أنت بنفسك: - رصد الأفكار السلبية حول ذاتك؛ فكلما كنت في موقف اجتماعي يستدعي ردك وتعليقك لكنك لم تتكلمي؛ دوني الفكرة السلبية التي حدثت لك في هذا الموقف؛ مثل: (أنا مش باعرف أتكلم - الناس غالبا هتنتقدني - رأيي مش هيعجبهم أو هيضايقهم)، واستبدلي هذه الأفكار بأفكار أكثر اتزانا وإيجابية مثل: (رأيي قد يعجب البعض ويغضب آخرين ما دمت اتكلمت جديا وأعجب كلامي الآخرين - إذا لم يعجب الآخر رأيي فهذه ليست نهاية الكون)، ولا يعني أنني مخطئة؛ فالبشر يتفقون أحيانا، ويختلفون في أحيان أخرى.
- تعلمي مما تفعلينه في الخيال، وابدئي تنفيذه في الواقع؛ بأن تجعلي الأمر تدريجيا؛ فابدئي بعرض رأيك في موضوع واحد مثلا، ثم تدرجي حتى تتكلمي في أكثر من موضوع إلى أن تعتادي أن تُبدي رأيك وتعبّري عن ذاتك في كل ما يُعرض أمامك من مواضيع.
- لا تتوقعي ما سيقال وتقرري الرد بطريقة معينة أي: لا تقولي "لو فلان قال كذا يبقى أنا هارد بكذا"؛ ولكن كوني أكثر تلقائية.
- اجعلي لنفسك جدولا يوميا، تتابعين فيه قدرتك على رصد الأفكار السلبية وتعديلها، وكذلك التعبير عن رأيك بتلقائية في المواقف الاجتماعية حتى في المنزل مع أسرتك، وعلّقي على رد فعل الآخر؛ كأن عجبه رأيك، أو لم يعجبه، أو لم يهتم به، وتأثير ذلك عليك، مثل: ضايقك رد فعله، أو أعجبك، أو لم يؤثر عليك..
جربي هذه الخطوات، وهي ما نتبعه في العلاج المعرفي السلوكي؛ لكن يضاف إليه العلاج الجمعي الذي قد يعتمد على التصوير أحيانا؛ حتى يشاهد المرء نفسه، وكيف يتصرف في المواقف الاجتماعية فيعدّل ويطوّر من طرق تواصله.
أتمنى أن تفيدك هذه الخطوات التي قد تحتاج لمدة لا تقل عن ستة أشهر من التطبيق، ومتابعتك لنفسك حتى تلاحظي التغيير.
عزيزتي أنت في مرحلة المراهقة؛ وهي مرحلة تقلبات وتغيرات، واستكمال لبناء الشخصية، وأنت تعين مشكلتك وترغبين في الحل، وهذا أمر جيد بإذن الله؛ يعني أنك ستغيّرين وستطوّرين نفسك للأفضل دائماً، وستتعلمين بإذن الله من خبرات الحياة القادمة. وفقك الله.