وكيل تعليم مطروح يكرم الموهوبين الحاصلين على مراكز جمهورية في الأنشطة والابتكارات    بدء تسليم وحدات «بيت الوطن» بمشروع جنة بدمياط الجديدة.. الأحد المقبل    شعبة المخابز: كان لا بد من تحريك سعر الخبز المدعم.. لم يزيد قرشل منذ 1988    مسئولو الإسكان يتابعون موقف تنفيذ مشروعات المرافق بالمناطق المضافة لمدينة العبور الجديدة    رئيس حزب إسرائيل بيتنا أفيجدور ليبرمان: تلقيت عرضا من نتنياهو لمنصب وزير الدفاع    الصحية العالمية تحذر من أزمة صحية محتملة وتدعو لاتفاقية عالمية بشأن الأوبئة    احمد مجاهد يكشف حقيقة ترشحه لرئاسة اتحاد الكرة    نشرة مرور "الفجر".. كثافات مرورية بطرق ومحاور القاهرة والجيزة    انتشال جثة شاب من مياه النيل بمنطقة الصف في الجيزة    بحضور البابا تواضروس.. احتفالية "أم الدنيا" في عيد دخول السيد المسيح أرض مصر    مفتي الجمهورية: ذبح الأضحية داخل مصر جائز ومستحب للمقيمين بالخارج    جدول مباريات اليوم.. مواجهة في كأس مصر.. وصدام جديد للتأهل للدوري الممتاز    الزمالك يستأنف تدريباته اليوم في غياب 12 لاعبا    الهيئة القومية لعلوم الفضاء تشارك في مؤتمر أفريقيا لمكونات التصنيع الغذائي    حزب الله يعلن استهداف كتيبة إسرائيلية في الجولان بمسيرات انقضاضية    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    مواعيد قطارات عيد الأضحى المقرر تشغيلها لتخفيف الزحام    "قفز من الرابع".. القبض على المتهمين بالتسبب في إصابة نقاش في أكتوبر    موعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2024.. كم عدد أيامها؟    كاتب صحفي: الرؤية الأمريكية تنسجم مع ما طرحته القاهرة لوقف القتال في غزة    جامعة حلوان تحصد العديد من الجوائز في مهرجان إبداع    مي عز الدين تعلن تعرض والدتها لوعكه صحية: «ادعوا لها بالشفاء»    منحة عيد الأضحى 2024 للموظفين.. اعرف قيمتها وموعد صرفها    ما هي محظورات الحج المتعلقة بالنساء والرجال؟.. أبرزها «ارتداء النقاب»    «الإفتاء» توضح حكم التصوير أثناء الحج والعمرة.. مشروط    إحالة تشكيل عصابي للمحاكمة بتهمة سرقة الدراجات النارية بالقطامية    بسبب سيجارة.. اندلاع حريق فى حي طرة يودى بحياة مواطن    وزير خارجية الإمارات: مقترحات «بايدن» بشأن غزة «بناءة وواقعية وقابلة للتطبيق»    للمرة الثانية.. كوريا الشمالية تطلق بالونات قمامة تجاه جارتها الجنوبية    جامعة المنيا تفوز بثلاثة مراكز متقدمة على مستوى الجامعات المصرية    سعر الريال السعودي اليوم الأحد 2 يونيو 2024 في بنك الأهلي والقاهرة ومصر (التحديث الصباحي)    وزير الري يؤكد عمق العلاقات المصرية التنزانية على الأصعدة كافة    مواعيد مباريات اليوم الأحد 2-6 - 2024 والقنوات الناقلة لها    إضافة 3 مواد جدد.. كيف سيتم تطوير المرحلة الإعدادية؟    «أوقاف شمال سيناء» تنظم ندوة «أسئلة مفتوحة عن مناسك الحج والعمرة» بالعريش    ورشة حكي «رحلة العائلة المقدسة» ومحطات الأنبياء في مصر بالمتحف القومي للحضارة.. الثلاثاء    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 2يونيو 2024    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 2 يونيو 2024    ل برج الجدي والعذراء والثور.. ماذا يخبئ شهر يونيو لمواليد الأبراج الترابية 2024    الزمالك يدافع عن شيكابالا بسبب الأزمات المستمرة    «خبرة كبيرة جدًا».. عمرو السولية: الأهلي يحتاج التعاقد مع هذا اللاعب    أحمد موسى: الدولة تتحمل 105 قروش في الرغيف حتى بعد الزيادة الأخيرة    تشيلي تنضم إلى جنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل    عمرو أدهم يكشف آخر تطورات قضايا "بوطيب وساسي وباتشيكو".. وموقف الزمالك من إيقاف القيد    الصحة تكشف حقيقة رفع الدعم عن المستشفيات الحكومية    من شوارع هولندا.. أحمد حلمي يدعم القضية الفلسطينية على طريقته الخاصة (صور)    بعد حديث «حجازي» عن ملامح تطوير الثانوية العامة الجديدة.. المميزات والعيوب؟    "الأهلي يظهر".. كيف تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع تتويج ريال مدريد بدوري أبطال أوروبا؟    17 جمعية عربية تعلن انضمامها لاتحاد القبائل وتأييدها لموقف القيادة السياسية الرافض للتهجير    قصواء الخلالى ترد على تصريحات وزير التموين: "محدش بقى عنده بط ووز يأكله عيش"    دراسة حديثة تحذر.. "الوشم" يعزز الإصابة بهذا النوع من السرطان    باستخدام البلسم.. طريقة سحرية لكي الملابس دون الحاجة «للمكواه»    طبيب مصري أجرى عملية بغزة: سفري للقطاع شبيه بالسفر لأداء الحج    السفير نبيل فهمى: حرب أكتوبر كانت ورقة ضغط على إسرائيل أجبرتهم على التفاوض    وزير الخارجية السابق ل قصواء الخلالي: أزمة قطاع غزة جزء من الصراع العربي الإسرائيلي وهي ليست الأولى وبدون حل جذري لن تكون الأخيرة    صحة الإسماعيلية: بدء تشغيل حضانات الأطفال بمستشفى التل الكبير    تكريم الحاصل على المركز الرابع في مسابقة الأزهر لحفظ القرآن بكفر الشيخ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 1-6-2024 في المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما عاشت مصر في حماية السحر والجنّ والتعاويذ!
نشر في بص وطل يوم 05 - 12 - 2010

عندما طال الأمد بالمصريين، وتوالى عليهم الفُرس، واليونان، ثم الرومان، فالعرب..

بدأت المساحة تتسع بين الحقيقة والأسطورة، فيما يخصّ كيفية حماية الملوك المصريين القدماء بلادهم من المخاطر والعدوان.
وهذه لمحات من تلك الكتابة الأسطورية للتاريخ بهذا الشأن.
الأهرام
"أنا بنيتُ الأهرام في ستة أعوام، فهل يستطيع من يأتي من بَعدي من الملوك أن يهدمها في ستمائة عام؟".
(قول منسوب للملك سوريد)
يختلف القدماء في باني الأهرام، فمنهم من يقول إنه "عاد بن شداد" -وهم من ينسبون بناءها لقوم عاد- ومنهم من ينسبها لملك أسطوري اسمه سوريد، وهو النَسَب الأكثر انتشارا، لكن الغالبية يتفقون على أنها لم تُبنَ لتكون قبورا فحسب، بل مخازن للسلاح والكنوز والعلم، بناها المصريون بعد أن تنبأ كهنتهم بالطوفان، فقرروا إيداع علومهم وفنونهم وأسرار سحرهم تلك الأهرام؛ لكي لا تندثر الحضارة. وحصّنوها بالتعاويذ كي لا يمكن هدمها أو الاعتداء على حرماتها وما بها. حتى إن ثمة قصة شهيرة عن محاولة الخليفة المأمون هدم الهرم الأكبر بحثا عن الكنوز، وفشله في ذلك، ثم هبوب رياح عاتية عصفت بجنده فور قراءته العبارة المنسوبة لسوريد، وإحجامه عن رغبته في الهدم نتيجة لذلك.
وثمة أقوال أسطورية أخرى عن الأهرام، تقول إن من بناها وكّل بكل منها روحانيا (جنّ أو ملائكة)، فالهرم الأكبر تحميه روحانية في صورة امرأة عارية تغري العابر بالهرم، والأوسط يحميه غلام أمرد عارٍ كذلك يقعد أحيانا على جانبي الهرم، والأصغر يحميه شيخ عليه زي الرهبان، يحمل مبخرة. وهؤلاء الروحانيون يحمون حرمة الأهرام، فنرى قصة لرجل وامرأة دخلا الهرم الأكبر؛ للخلوة فأصابهما الصَرَع، وأخرى عن رجال دخلوه مع غلام للفسق به، فخرج عليهم روحاني في هيئة غلام أسود ضربهم وطردهم وسلبهم ثيابهم وطعامهم. ويرجّح الدكتور عمرو عبد العزيز منير في كتابه "الأساطير المتعلقة بمصر في كتابات المؤرخين المسلمين" أن هذا النوع من الأساطير -المرتبطة بعقاب الفسق في الأهرام والروحانية الفاتنة والغلام الأمرد- إنما ظهرت في العصور الوسطى في مصر في بعض فترات انتشار الزنا، وعشق الغلمان، واستغلال بعض الناس خلوة الأهرام لذلك، فخرجت تلك الأساطير من الوجدان الشعبي؛ لفرض دفاع معنوي عن ميراث الأجداد.
أبو الهول
أما أبو الهول، فيقال إنه بُنِيَ في عهد قديم؛ لحماية مدخل عاصمة مصر القديمة -منف- من العدوان وعواصف الرمال، وكانت له مقدرة النطق، فكان ينبئ المصريين عن قدوم جيش معادٍ أو عاصفة أو طوفان أو وباء أو قحط، وكان يقول لمن سُرِقَ ماله مَن الذي سرقه، وتقول الأسطورة إن موسى –عليه السلام- قد جاءه، وقال له إنه ما دام ينطق ويعقل فهو مكلّف، وعليه أن يؤمن بالله وبرسالة موسى، فأبَى أبو الهول، فضربه موسى بعصاه على أنفه، فمنه جاء هذا الكسر الشهير (تلك الأسطورة جاءت في كتابات سبقت الحملة الفرنسية، مما ينفي ما نُسِبَ لنابليون من ضرب أبو الهول بالمدافع) وأصابه الخَرَس.
ويتحدث القدماء عن طلسم (أي تعويذة) مرتبط بأبو الهول، كان يحمي مصر من عواصف الرمال العاتية، فجاء رجل صوفي متعصب -فيما بعد الفتح الإسلامي- وحاول هدم التمثال، فبَطل الطلسم، وأغرقت عواصف الرمال مزارع البلاد، فهجم الناس على الصوفي وقتلوه.
جيوش السحر والطلاسم
زخرت الأساطير المصرية كذلك بالقصص عن الطلاسم الحافظة لمصر من الغزاة، ومقابرها من النبّاشين، فنرى قصة تقول إنه بعد غرق فرعون ورجاله، فرغت مصر من القادرين على الحكم من الرجال، فتولّته امرأة عجوز داهية اسمها "دلوكة" -الملقبة ب"العجوزة"- وأقامت لحماية البلاد "بربا" (بناء حجري يشبه المعبد) عليه صور لمقاتلين على البغال والخيول والمراكب، وجُعِلَ عليه طلسم، فإن جاء العدو تحرّكت الصور التي تشبهه، فإن كان على الخيول تحركت صور الخيول، وإن جاء من البحر تحرّكت صور المراكب، فيقوم السحرة بإيذاء الصور، فيجري مثل ذلك للمقاتلين الحقيقيين الذين ترمز لهم تلك الصور، أي أنه شيء أشبه ب"العروسة" التي تقوم بعض النساء في الأوساط الشعبية بعملها وخرقها، ليجري المثل لمن تمثله.
ويتحدث المؤرخ المسعودي عن الملك نقراوس الذي بنى مدينة عظيمة اسمها أمسوس، وجعل على بابها تمثالان مطلسمان لو مرّ بينهما سارق أمسكاه، ليحمي المدينة من السرقة، ثم حكم ابنه مصرام الذي روَّض الأسود، وكان يمتطي أسدا، وتحمل عرشه الشياطين عند خروجه للحروب.
أما المقريزي فيتحدث عن نموذج لحفظ المصريين كنوزهم، فيذكر أن في العصر الأموي حاول الوالي عبد العزيز بن مروان فتح مقبرة بها كنز مزعوم، وعندما تمّ فتح الباب وحاول أول رجل العبور هوى فوقه سيفان متقاطعان فمزقاه، ثم ظهر تمثال لطائر ذهبي، وصدر عنه صفير حاد أدى لموت نحو ألف رجل ممن يعملون في التنقيب بشكل مفاجئ! كما يتحدث عن الملك نقراوس سالف الذكر، فيقول إنه جعل على مدخل مدينة أمسوس تماثيل نحاسية كبيرة، في جوف كل منها مادة الكبريت، ووكّل بكل منها روحانيا، فإذا حاول جيش العدو العبور بينها أخرجت من أفواهها نحوه نارا تحرقه تماما.
ويذكر المقريزي كذلك ملك اسمه أرياق الأثيم، كان قد صنع دواء يتسلط به على الأسود والحيوانات المفترسة، فإذا غضب على أهل بلدة سلّطهم عليها، وأنه صنع شجرة بها خطاطيف، إذا مر بها ظالم اقتنصته تلك الخطاطيف ولم تتركه حتى يقرّ بظلمه. وثمة قصة مثيرة يذكرها السيوطي عن تمثال لرجل عربي يرتدي العمامة ويمتطي الجمل، كان إذا ظُلم رجل جاء بمن ظلمه عنده، وقال له: "أنصفني قبل أن يخرج هذا الرجل وينصفني منك" فينصفه من ظلمه.. وعندما جاء العرب لفتح مصر قام الروم بإخفاء التمثال كي لا يكون شاهدا عليهم!
كذلك يتحدث المؤرخون عن تدابير المصريين لرصد الأخطار، ففضلا عن نبوءات أبو الهول عن الأوبئة والغزاة، يتحدثون عن تمثالين في مدينة أمسوس الأسطورية، لطائرين كانا يصفران كل صباح صفيرا يستدلّ منه الناس على ما قد يجري للمدينة، والإمام السيوطي يذكر منارة الإسكندرية فيقول إنه كان فوقها تمثال موجّه نحو البحر، إذا ما أقبلت سفن الغزاة أحدث صوتا رهيبا مفزعا ينبّه الناس. ويقول كذلك إن ذا القرنين حين جاء مصر وضع فوق الفنار مرآة تعكس أشعة الشمس نحو السفن الغازية فتحرقها.. أما الملك سرياق فصنع بطة نحاسية على باب مدينة أمسوس، كان إذا دخل غريب صفقت بجناحيها، فيُقبَض عليه ويتم استجوابه؛ لمعرفة هويته ولماذا جاء، والملك سوريد -الذي يقال إن الطوفان جاء بعد عهده مباشرة- كانت لديه مرايا يرى فيها ما يجري في أرجاء العالم المختلفة.
بين الأسطورة والعلم
كل تلك الإنجازات الأسطورية يذكر كثير من المؤرخين أن الطوفان قد دمّرها، ولكن فليلاحظ القارئ أن ثمة روايات تذكر أن مصر من الأساس لم توجد إلا بعد الطوفان، مما يعني أمرا من اثنين: إما أن وجه الخلاف هو وقوع تلك لأحداث الأسطورية قبل الطوفان أو بعده، أو أن ثمة طوفانا آخر جاء على الأرض، الأمر الذي ورد ذكره في بعض الكتابات.
الله أعلم ماذا تعني تفسيرات تلك الأمور المبهرة للعقل، ولكن لو تأملناها بعقلية العصر الحالي لراودنا تفسير أن الأسلاف عرفوا تطوّرا تكنولوجيا مبهرا، انهار لكارثة ما، ثم جاء من بعدهم أبناؤهم ولم يستطيعوا تفسير ذلك علميا، فكانت الأسطورة ملجأهم للتفسير.
الله أعلم.. فقد ترك لنا الأجداد ميراثا يدير الرأس حقا!
(يُتبع)
مصادر المعلومات:
البداية والنهاية: ابن كثير.
الخطط المقريزية: تقي الدين المقريزي.
حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة: الإمام جلال الدين السيوطي.
تاريخ ابن خلدون: عبد الرحمن بن خلدون.
سياحت نامه: أوليا جلبي.
الأساطير المتعلقة بمصر في كتابات المؤرخين المسلمين: د. عمرو عبد العزيز منير.
النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: ابن تغري بردي.
مروج الذهب ومعادن الجوهر: المسعودي.
بدائع الزهور في وقائع الدهور: ابن إياس.
الذين هبطوا من السماء: أنيس منصور.
الذين عادوا إلى السماء: أنيس منصور.
التاريخ والفولكلور: د. قاسم عبده قاسم.
واقرأ أيضا:
الرجل الذي وحّد المصريين بعد مذبحة عظيمة فسُمّيت البلاد على اسمه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.