افتتاح مركز خدمات ذوي الإعاقة بجامعة جنوب الوادي    رئيس "صحة النواب" يكشف سبب الاستعانة بالأطقم الطبية الأجنبية بمستشفيات الحكومة    الحكومة توافق على قرارين.. بينهما مشروع قانون تنظيم مرفق مياه الشرب    أمير قطر يترأس وفد بلاده في القمة العربية في البحرين    103 ملايين جنيه إسترليني تضع ليفربول في ورطة بسبب محمد صلاح.. ما القصة؟    ضبط 25 طن ملح طعام مجهول المصدر بالبحيرة    السكة الحديد تواصل عقد ندوات شعبية للتوعية ضد ظاهرة المعابر غير الشرعية على القضبان    فيلم السرب يحقق 26 مليون جنيه إيرادات بعد أسبوعين في دور العرض    مواصفات الدروع العسكرية الجديدة لجنود الاحتلال الإسرائيلي.. ضد النار والانفجارات    6 يوليو.. بدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني بمركز التعلم المدمج ببني سويف    أنشيلوتي: هذه أفضل بطولة دوري في مسيرتي.. وحددت من سيحرس مرمى الفريق في آخر مباراتين    الانتهاء من تنفيذ خط طرد محطة بيجام بشبرا الخيمة    البنك الأهلي المتحد يفتتح أحدث فروعه "شبين الكوم" بالمنوفية    مصرع طفل غرقًا في بحر النزلة بالفيوم    مفتي الجمهورية في منتدى «كايسيد»: انتشار العنف والإرهاب قديمًا وحديثًا بسبب الانحراف عن تعاليم الأديان..صور    السبت.. المتاحف وإدارة الفن ندوة ثقافية بمعهد الموسيقى العربية    أبرزها «الأسد» و«الميزان».. 4 أبراج لا تتحمل الوحدة    الزعيم عادل إمام: افتقدت أكبر حب فى حياتى بوفاة والدتى    أمير المصري يكشف عن شخصيته في فيلم Giant: قصة صعود ملاكم من الطبقة العاملة    أغاني الجنوب مع كرم مراد، حفل فني في بيت السحيمي    ضمن "حياة كريمة".. الكشف على 1317 مواطنا خلال قافلة مجانية في المنيا    وفد اليونسكو يزور معهد الموسيقى العربية    بث مباشر.. حجز شقق جنة في القاهرة الجديدة و6 أكتوبر بالقرعة العلنية    لا تصدقوهم.. إنهم كاذبون!    14 مليار دولار.. رئيس الوزراء: تسلمنا الدفعة الثانية من صفقة تطوير رأس الحكمة    الأمم المتحدة: أكثر من 7 ملايين شخص يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي بجنوب السودان    محافظ بورسعيد للطلاب: "بتأخذوا دروس خصوصية علشان تنزلوا الشارع" - صور    اليوم الأول لمهرجان كان.. لقاء مفتوح مع ميريل ستريب وإعادة فيلم الافتتاح    صور.. كريم قاسم من كواليس تصوير "ولاد رزق 3"    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    الإفتاء توضح حكم الطواف على الكرسي المتحرك    المرور: ضبط 14 ألف مخالفة على الطرق والمحاور خلال 24 ساعة    الصحة تنشر طرق التواصل مع البعثة الطبية للحج.. وتوجه 4 نصائح مهمة    تحرير (148) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    انطلاق الامتحانات العملية بجامعة طيبة التكنولوجية بالأقصر.. صور    "التعاون الإسلامي" تؤكد دعمها الثابت لحقوق الشعب الفلسطيني    "النقد الدولي" يوافق على قروض لدعم اقتصاد غينيا بيساو والرأس الأخضر    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    العمل: إطلاق حملة "معاً نحو بيئة عمل آمنة" بمجمع إعلام بورسعيد    وزير الرياضة يعلن عودة الجماهير للملاعب ويتوعد المخالفين    للنهائى الأفريقي فوائد أخرى.. مصطفى شوبير يستهدف المنتخب من بوابة الترجى    «حياة كريمة» تطلق قافلة تنموية شاملة إلى قرية شماس بمركز أبو النمرس    الداخلية: ضبط 25 كيلو مخدرات و132 قطعة سلاح بالدقهلية    الصحة تشارك في اليوم التثقيفي لأنيميا البحر المتوسط الخامس والعشرين    «النقل» تكشف تفاصيل التشغيل التجريبي ل5 محطات مترو وتاكسي العاصمة الكهربائي    كاتب صحفي: مصر تمتلك مميزات كثيرة تجعلها رائدة في سياحة اليخوت    أحمد مجدي: السيطرة على غرفة خلع ملابس غزل المحلة وراء العودة للممتاز    بعد الصين.. بوتين يزور فيتنام قريبا    97 % معدل إنجاز الري في حل مشكلات المواطنين خلال 3 سنوات    6 ميداليات لتعليم الإسكندرية في بطولة الجمهورية لألعاب القوى للتربية الفكرية والدمج    ضبط 14293 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    «إكسترا نيوز»: قصف مدفعي إسرائيلي عنيف على عدة مناطق في رفح الفلسطينية    وزارة العمل: 945 فرصة عمل لمدرسين وممرضات فى 13 محافظة    النائب إيهاب رمزي يطالب بتقاسم العصمة: من حق الزوجة الطلاق في أي وقت بدون خلع    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اقرأ دفاع المفكر الإسلامي فهمي هويدي عن كرامة البابا شنودة
نشر في بص وطل يوم 20 - 10 - 2010

أعترض بشدّة على الأوصاف غير اللائقة التي أطلقها بعض المتظاهرين على البابا شنودة الثالث، وظهرت على اللافتات التي حملوها في تعبيرهم عن الاحتجاج والغضب، لا أتحدّث عن موضوع الاحتجاج، ولكنني أتحدّث عن أسلوب التعبير عنه.
ولا أعرف كيف غاب عن أولئك المحتجّين أن تجريح شخص البابا شنودة الذي يمثّل الكنيسة الأرثوذوكسية في مصر، وينعقد من حوله إجماع الأقباط، من شأنه أن يعمّق الشقاق ويؤجّج الفتنة، ويضرب وحدة الوطن في مقتل.
بل أذهب إلى أن ذلك التجريح لا يجوز أصلا بحق أي رمز من رموز الوطن، حتى إذا لم يكن يمثل فئة بذاتها، وإنما يمثل أي قيمة إيجابية نحرص عليها ونعتز بها. وأزعم في هذا الصدد أن ذلك السلوك الغوغائي في الاعتراض هو نتاج ثقافة سادت في العقود الأخيرة؛ هبط فيها مستوى الحوار في الشأن العام، وانتكس أدب الخلاف، بحيث أصبح أي خلاف مهما صغر حجمه مبررا لاستخدام مختلف أسلحة الاغتيال المعنوي، والتراشق بالألفاظ التي تتجاوز حدود الأدب وتؤذي الشعور العام. بكلام آخر، فإن تجريح شخص البابا شنودة يكشف عن إحدى عوراتنا، ويفضح مدى التردي الذي بلغته ثقافة الاختلاف في زماننا.
إن من يطالع ما تنشره الصحف القومية المصرية عن القادة العرب الذين يتبنّون مواقف مختلفة عن السياسة المصرية أو الذين ينتقدون هذه السياسة من قريب أو بعيد، لا بد أن يدهشه مستوى التدني في التعبير، والأوصاف التي ترد في كتابات بعض رؤساء تلك الصحف، حتى إن إحداها نشرت صفحة كاملة هاجمت فيها زوجة رئيس إحدى الدول؛ بسبب الخلاف السياسي الذي وقع آنذاك مع مصر.
ولا أحد ينسى كمّ الشتائم المقذعة والأوصاف الجارحة التي أطلقتها تلك الصحف بحق السيد حسن نصر الله في أعقاب ما أذيع عن ضبط خلية منسوبة إلى حزب الله في مصر.
وما حدث مع "السيد" تكرّر مع غيره من الرموز في العالم العربي والإسلامي، ولولا أنني لا أريد أن أنكأ جراحا نُسِيت أو اندملت لأوردت مزيدا من الأمثلة في هذا الصدد، بعضها طال زعماء عربا صاروا أصدقاء لنا هذه الأيام.
لا تقف الصحف القومية وحيدة في هذا المضمار؛ لأن بعض البرامج الحوارية والتليفزيونية لها إسهامها الذي لا يستهان به في الترويج للسوقية والتدني في الحوار، الذي يتنافس فيه بعض الضيوف مع مقدمي البرامج، ومشهورة قصة الاشتباك المسفّ الذي أذاعته إحدى القنوات، وتبادل فيه اثنان من الصحفيين المعروفين ألفاظا مقذعة واتهامات جارحة للذوق العام.
حين تكون تلك لغة "النخب" التي تطفو على سطح المجتمع، فإننا لا نستطيع أن نلوم العوامّ الذين يحذون حذوهم، ويضيفون إلى كلامهم بعضا من مفردات قاموسهم المختزن.
وإذ أردنا أن نكون صرحاء في التشخيص، فإننا لا نستطيع أن نبرّئ المناخ الإعلامي والسياسي السائد، الذي وجّه أو سمح بتجاوزات الأبواق الرسمية، وهو ذاته المناخ الذي انتقى تلك القيادات الإعلامية، وفرضها على الرأي العام، ومن ثم تحوّلت إلى نخب ابتلي بها المجتمع.
إن لدينا جهات معنية برصد وتحليل ما يبثه الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع، من بينها المجلس الأعلى للصحافة، ومن الواضح أنها معنية بالشأن السياسي وبحماية النظام، ولم نجد لها عناية مماثلة بأخلاقيات الحوار وعافية المجتمع، وكانت النتيجة أن أصبح الاختلاف سبيلا إلى اغتيال الطرف الآخر واستباحة عرضه وكرامته.
قبل أن نحاسب ونلاحق الذين أساءوا إلى شخص البابا شنودة، يجب أن يتعرّف الناس على نموذج للأداء يقبل بالتعايش في ظل الاختلاف، ويحفظ للآخر كرامته في كل الأحوال، ويعتبر أن الموضوعية والمروءة تُقاسان بمقدار شجاعة المرء في مقارعة الأفكار، وليس في تطاوله على الأشخاص؛ ذلك أن كرام النفوس وحدهم القادرون على الأولى، في حين التطاول سمة ضعاف النفوس والدهماء.
إن المرارة التي نستشعرها ونحن نطالع تجريح رموز الوطن ينبغي ألا تنبّهنا فقط إلى فساد ما ذقناه، ولكن أيضا إلى خُبِث ما زرعناه.
نُشِر بجريدة الشروق
بتاريخ 20/ 10/ 2010
تحت عنوان "كرامة البابا شنودة"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.