وزير التعليم العالي: 3.5 ملايين طالب في 55 جامعة    قطع التيار الكهربائي عن عدة مناطق ببنها الجمعة    عيار 24 الآن.. أسعار الذهب اليوم الاربعاء 15-5-2024 في محافظة قنا    الإحصاء: تراجع معدل البطالة ل 6,7% خلال الربع الأول من 2024    سعره مليون دولار، قصة مخبأ نووي بأحد غابات ألمانيا    توافد القادة العرب على المنامة للمشاركة في القمة العربية بالبحرين    حلمي مشهور يمثل الجبلاية في الاجتماع الأمني لمباراة الأهلي والترجي    مواعيد مباريات الدورة الرباعية المؤهلة للدوري الممتاز    تموين الدقهلية يضبط 69 مخالفة في حملات رقابية    الداخلية: ضبط 25 كيلو مخدرات و132 قطعة سلاح بالدقهلية    أفقده البصر.. السجن 7 سنوات للمتهم بتعذيب ابنه بالفيوم    رئيس استئناف القاهرة يفتتح قسم الترجمة بعد التطوير    صحة الإسماعيلية تقدم الخدمات الطبية لأهالي أبو صوير المحطة (صور)    الصحة تشارك في اليوم التثقيفي لأنيميا البحر المتوسط الخامس والعشرين    الصحة: مناظرة 2519 حالة عن طريق التشخيص عن بعد في 12 مستشفى للحميات    ضبط 27 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    «السكة الحديد» تعقد ندوات للتوعية بمخاطر ظاهرة المعابر غير الشرعية على القضبان    كاتب صحفي: مصر تمتلك مميزات كثيرة تجعلها رائدة في سياحة اليخوت    مسلسل دواعي السفر الحلقة 2.. صداقة تنشأ بين أمير عيد وكامل الباشا    مفاجأة في عمر الهندية إميلي شاه خطيبة مينا مسعود.. الجمهور: «شكلها أكبر منك».    إجراء قرعة علنية لأراضي توفيق الأوضاع في الشروق    «النقل» تكشف تفاصيل التشغيل التجريبي ل5 محطات مترو وتاكسي العاصمة الكهربائي    محافظ بورسعيد يطمئن على سير امتحانات الشهادة الإعدادية في يومها الأول    تفاصيل قانون «المنشآت الصحية».. 11 شرطا لمنح القطاع الخاص إدارة مستشفيات حكومية    أحمد مجدي: السيطرة على غرفة خلع ملابس غزل المحلة وراء العودة للممتاز    الاتحاد الأوروبي يحذر من تقويض العلاقات مع إسرائيل حال استمرار العملية العسكرية في رفح    الأحد.. إعلان تفاصيل المهرجان الدولي للطبول بالأعلى للثقافة    23 مايو.. عرض أوبرا أورفيو ويوريديتشي على خشبة مسرح مكتبة الإسكندرية    97 % معدل إنجاز الري في حل مشكلات المواطنين خلال 3 سنوات    محافظ أسيوط يتفقد أعمال تنفيذ مشروع إحلال وتجديد موقف سيارات الغنايم    وكيل «تعليم قنا»: امتحانات الرابع والخامس الابتدائي هادئة والأسئلة واضحة (صور)    ياسمين فؤاد: إنشاء موقع إلكتروني يضم الأنشطة البيئية لذوي الإعاقة    وفود أجنبية تناقش تجربة بنك المعرفة في مصر.. تفاصيل    إنعام محمد علي.. ابنة الصعيد التي تبنت قضايا المرأة.. أخرجت 20 مسلسلا وخمسة أفلام و18 سهرة تلفزيونية.. حصلت على جوائز وأوسمة محلية وعربية.. وتحتفل اليوم بعيد ميلادها    وسيم السيسي: العلم لم يثبت كلام موسى على جبل الطور.. أو وجود يوسف في مصر    رئيس الوزراء الفلسطيني: شعبنا سيبقى مُتجذرا في أرضه رغم كل محاولات تهجيره    بعد الصين.. بوتين يزور فيتنام قريبا    سؤال يُحير طلاب الشهادة الإعدادية في امتحان العربي.. ما معنى كلمة "أوبة"؟    ضبط 14293 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    اليوم.. بيراميدز يسعى لمواصلة الانتصارات في الدوري من بوابة سيراميكا    اليوم.. «محلية النواب» تناقش موازنة هيئتي النقل العام بمحافظتي القاهرة والإسكندرية لعام المالي 2024-2025    "الأوروبي لإعادة الإعمار" يتوقع ارتفاع معدل النمو إلى 3.4% بجنوب وشرق المتوسط خلال 2024    «إكسترا نيوز»: قصف مدفعي إسرائيلي عنيف على عدة مناطق في رفح الفلسطينية    إعلام فلسطيني: 5 شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلا في مخيم البريج وسط قطاع غزة    وزارة العمل: 945 فرصة عمل لمدرسين وممرضات فى 13 محافظة    عيد الأضحى المبارك 2024: سنن التقسيم والذبح وآدابه    حكم طواف بطفل يرتدي «حفاضة»    النائب إيهاب رمزي يطالب بتقاسم العصمة: من حق الزوجة الطلاق في أي وقت بدون خلع    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    فاندنبروك: مدرب صن داونز مغرور.. والزمالك وبيراميدز فاوضاني    قيادي ب«حماس»: مصر بذلت جهودا مشكورة في المفاوضات ونخوض حرب تحرير    علي معلول: سنعود بنتيجة إيجابية من تونس ونحقق اللقب في القاهرة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 15-5: نجاحات لهؤلاء الأبراج.. وتحذير لهذا البرج    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    هل سيتم تحريك سعر الدواء؟.. الشعبة توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كرامة البابا شنودة
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 10 - 2010

أعترص بشدة على الأوصاف غير اللائقة التى أطلقها بعض المتظاهرين على البابا شنودة الثالث، وظهرت على اللافتات التى حملوها فى تعبيرهم عن الاحتجاج والغضب. لا أتحدث عن موضوع الاحتجاج ولكننى أتحدث عن أسلوب التعبير عنه.
ولا أعرف كيف غاب عن أولئك المحتجين أن تجريح شخص البابا شنودة الذى يمثل الكنيسة الأرثوذوكسية فى مصر وينعقد من حوله إجماع الأقباط، من شأنه أن يعمق الشقاق ويؤجج الفتنة ويضرب وحدة الوطن فى مقتل.
بل أذهب إلى أن ذلك التجريح لا يجوز أصلا بحق أى رمز من رموز الوطن، حتى إذا لم يكن يمثل فئة بذاتها، وإنما يمثل أى قيمة إيجابية نحرص عليها ونعتز بها. وأزعم فى هذا الصدد أن ذلك السلوك الغوغائى فى الاعتراض هو نتاج ثقافة سادت فى العقود الأخيرة.
هبط فيها مستوى الحوار فى الشأن العام، وانتكس أدب الخلاف، بحيث أصبح أى خلاف مهما صغر حجمه مبررا لاستخدام مختلف أسلحة الاغتيال المعنوى، والتراشق بالألفاظ التى تتجاوز حدود الأدب وتؤذى الشعور العام. بكلام آخر، فإن تجريح شخص البابا شنودة يكشف عن إحدى عوراتنا ويفضح مدى التردى الذى بلغته ثقافة الاختلاف فى زماننا.
إن من يطالع ما تنشره الصحف القومية المصرية عن القادة العرب الذين يتبنون مواقف مختلفة عن السياسة المصرية أو الذين ينتقدون هذه السياسة من قريب أو بعيد، لابد أن يدهشه مستوى التدنى فى التعبير والأوصاف التى ترد فى كتابات بعض رؤساء تلك الصحف. حتى إن إحداها نشرت صفحة كاملة هاجمت فيها زوجة رئيس إحدى الدول بسبب الخلاف السياسى الذى وقع آنذاك مع مصر.
ولا أحد ينسى كم الشتائم المقذعة والأوصاف الجارحة التى أطلقتها تلك الصحف بحق السيد حسن نصرالله فى أعقاب ما أذيع عن ضبط خلية منسوبة إلى حزب الله فى مصر. وما حدث مع «السيد» تكرر مع غيره من الرموز فى العالم العربى والإسلامى، ولولا أننى لا أريد أن أنكأ جراحا نسيت أو اندملت لأوردت مزيدا من الأمثلة فى هذا الصدد، بعضها طال زعماء عربا صاروا أصدقاء لنا هذه الأيام.
لا تقف الصحف القومية وحيدة فى هذا المضمار، لأن بعض البرامج الحوارية والتليفزيونية لها إسهامها الذى لا يستهان به فى الترويج للسوقية والتدنى فى الحوار، الذى يتنافس فيه بعض الضيوف مع مقدمى البرامج، ومشهورة قصة الاشتباك المسف الذى أذاعته إحدى القنوات وتبادل فيه اثنان من الصحفيين المعروفين ألفاظا مقذعة واتهامات جارحة للذوق العام.
حين تكون تلك لغة «النخب» التى تطفو على سطح المجتمع، فإننا لا نستطيع أن نلوم العوام الذين يحذون حذوهم، ويضيفون إلى كلامهم بعضا من مفردات قاموسهم المختزن.
وإذ أردنا أن نكون صرحاء فى التشخيص، فإننا لا نستطيع أن نبرىء المناخ الإعلامى والسياسى السائد، الذى وجه أو سمح بتجاوزات الأبواق الرسمية، وهو ذاته المناخ الذى انتقى تلك القيادات الإعلامية وفرضها على الرأى العام، ومن ثم تحولت إلى نخب ابتلى بها المجتمع.
إن لدينا جهات معنية برصد وتحليل ما يبثه الإعلام المكتوب والمرئى والمسموع. من بينها المجلس الأعلى للصحافة، ومن الواضح أنها معنية بالشأن السياسى وبحماية النظام ولم نجد لها عناية مماثلة بأخلاقيات الحوار وعافية المجتمع. وكانت النتيجة أن أصبح الاختلاف سبيلا إلى اغتيال الطرف الآخر واستباحة عرضه وكرامته.
قبل أن نحاسب ونلاحق الذين أساءوا إلى شخص البابا شنودة، يجب أن يتعرف الناس على نموذج للأداء يقبل بالتعايش فى ظل الاختلاف، ويحفظ للآخر كرامته فى كل الأحوال، ويعتبر أن الموضوعية والمروءة تقاسان بمقدار شجاعة المرء فى مقارعة الأفكار وليس فى تطاوله على الأشخاص. ذلك أن كرام النفوس وحدهم القادرون على الأولى. فى حين التطاول سمة ضعاف النفوس والدهماء.
إن المرارة التى نستشعرها ونحن نطالع تجريح رموز الوطن ينبغى ألا تنبهنا فقط إلى فساد ما ذقناه، ولكن أيضا إلى خبث ما زرعناه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.