أسماء مصطفى حين بدأنا الحديث عن سلفادور دالي لم نكن نتوقّع أن يطول بنا الحديث هكذا، حياة دالي المليئة بالتفاصيل المجنونة والمبهرة في الوقت ذاته استطاعت أن تُجبرنا على الخوض بشكل أعمق في حياة دالي ومواقفه المجنونة، لنتعرّف أكثر على أسباب نبوغ دالي الذي لا يخلو من الغرابة، والحديث عن غرائبية حياة دالي لا ينتهي، لذلك اليوم قرّرنا التوقّف عن سرد تفاصيل أكثر من حياته، والحديث أكثر عن دالي كفنان وعن المدرسة السريالية التي تأثّرت به أكثر مما تأثر هو بها.
المدرسة السريالية المدرسة السُريالية أو "الفواقعية" بالعربية؛ أي "فوق الواقع"، وهي مذهب فرنسي حديث في الفن والأدب يهدف إلى التعبير عن العقل الباطن بصورة غير قابلة أن تكون ممنطقة أو منظمة، وحسب مُنشئها وهو أندريه بريتون؛ فهي تعتمد على تلقائية النفس تماما، من خلالها يمكن التعبير عن واقع اشتغال الفكر شفويا أو كتابيا أو عن طريق الرسم أو طريقة ممكنة، إذن فالأمر يتعلّق بطريقة تعبير بعيدة كل البعد عن أي تحكّمات خارجية أو حتى تلك الرقابة التي يفرضها العقل أحيانا، ولا تهتمّ أيضا بالانشغال بالجماليات أو الأخلاق. اعتمد السرياليون في رسومهم على الأشياء الواقعية التي تستخدم كرموز للتعبير عن أحلامهم والارتقاء بالأشكال الطبيعية إلى ما فوق الواقع المرئي، وقد لقيت السريالية شهرة ورواجا واسعين بلغا الذروة بين عامَي 1924 إلى 1929، وكان آخر معارضهم في باريس عام 1947. وبالطبع كان من أبرز وأهم أقطابها الفنان سلفادور دالي، والذي أضاف إلى السريالية المخيلة المفرطة والتقنيات المرئية التي طوّرها بجهد شاق وموهبة غير عادية، أعطت أعماله نكهة خاصة، وقام بتهذيب التخيّلات الذي ساهمت زوجته جالا فيه بشكل كبير، بالإضافة إلى إصراره على الابتكار والذي جعل من أعماله نموذجا فريدا، كما أنه استطاع أن يجسّد المخاوف والرغبات التي في العادة يقوم العقل بحجبها وكبتها. لوحات دالي كما علمنا عن دالي، أنه كان لا يخشى تصوير أي فكرة أو إحساس يمرّ به وتجسيده في عمل فني، لذلك نجد أن بعض الأحداث في حياة دالي كان سببا في إنتاج أعمال مميزة له؛ كلوحته "العصر القديم" التي رسمها عام 1931 بعد انفصاله الدرامي عن والده. أمّا عن رغباته أو مشاعره، فلا يخجل دالي أن يجسّد أيا منها؛ فمثلا عبّر دالي عن ولعه بالطعام والجنس برسم زوجته جالا وعلى كتفيها شريحتان من اللحم. وحين يتكلم دالي عن لوحاته؛ فستجد عجب العجاب؛ فمثلا لوحته الأشهر "إلحاح الذاكرة" التي يظهر فيها عدد من الساعات المتراخية وفي حالة مائعة غير صلبة؛ حيث يقول دالي إن فكرة هذه اللوحة خطرت له حين كان يأكل قطعة من الجبن ذات مرة! دالي ومعارض السرياليين - في المعرض السريالي الدولي الأول في صيف 1936 بالعاصمة الإنجليزية (لندن), وصل دالي إلى إحدى القاعات ليُلقي محاضرة ومعه كلب صيد ضخم, وكان يرتدي بذلة غطس ضيقة جدا لدرجة أنها سبّبت له اختناقا. - في المعرض السريالي الذي أُقيم في باريس عام 1938 عرض دالي في مدخل الصالة منحوتة "تاكسي المطر"، وهي عبارة عن سيارة يتساقط عليها الماء, وتزحف فوقها مجموعة من حيوانات سرطان البحر الحية. جدير بالذكر أن بذلة الغواص وكلب الصيد لم يكونا موقفين فريدين من نوعهما؛ فدالي اعتاد أن يحضر معارضه بأزياء غريبة أو باصطحاب كائنات غير معتادة؛ كحضوره أحد المعارض بزي رائد فضاء، واصطحاب صديقه القط البري "بابو". لوحات سلفادور دالي * دنيا الأدب اضغط على الصورة لمشاهدة الجاليري: