أسماء مصطفى سلفادور دالي، رائد مدرسة السريالية، والفنان الأكثر إثارة للجدل، ليس فقط فن دالي هو المثير للجدل، لكن أيضا حياته الخاصة وطباعه وهواياته الغريبة المثيرة للدهشة والعجب.. نشأته.. ولد دالي في 11 مايو سنة 1904 بمدينة فيجريس بإسبانيا، نشأ في أسرة من الطبقة المتوسطة وكان أبوه رجلا محافظا شديد الصرامة يعمل محاميا. ظهرت على سلفادور علامات الاختلاف منذ الصغر، فالبعض اعتبره طفلا نابغة والبعض الآخر اعتبره طفلا غريب الأطوار، كان الأب من هؤلاء الذين اعتبروه غريب الأطوار، فكان يتعامل معه بقسوة وينهره بعنف حين تصدر منه أي تصرفات عدوانية أو نوبات غضب، لكن في الوقت ذاته كانت الأم قادرة على احتواء الطفل سلفادور وتقبّل غرابته واختلافه، بل واعتباره نبوغا وموهبة. بدخول سلفادور المدرسة بدأ عالمه يتسع أكثر ويختلط بأشخاص آخرين، لكن ظل سلفادور الطفل الذي يسهل تمييزه بين مئات التلاميذ لغرابة تصرفاته واختلاف طباعه، في سن مبكرة كان سلفادور ينتج فنا معقّدا جدا بالنسبة إلى طفل في مثل عمره، وحين لمح والداه بوادر النبوغ الفني شجّعاه بقوة وقاما ببناء مرسم خاص به ملحق بالبيت، حتى قبل دخوله مدرسة للرسم. عام 1916 تم إرسال سلفادور إلى معهد الفنون بالمدينة إيمانا منهم بضرورة صقل موهبته بالدراسة، لكن كالمتوقع لم يكن سلفادور طالبا مثاليا، بل كان طالبا غريب الأطوار، دائم السرحان أثناء الدورس، ويرتدي أزياء غريبة وشاذة. عام 1919 أقام سلفادور أول معرض لأعماله، وفي 1922 التحق بأكاديمية سان فيرناندو بمدريد، إسبانيا، وهناك انتقل إلى مستوى آخر من الاختلاف والغرابة بشعره الطويل جدا وملابس فناني أواخر القرن ال19 ببريطانيا. في 1923 تم فصل سلفادور من الأكاديمية بسبب انتقاده لمعلميه والسخرية منهم، وتم اعتقاله في نفس العام بتهمة دعم الانفصاليين (حركة تدعو إلى حالة من الانفصال الثقافي والعرقي والقبلي والديني والسياسي، عن الحكومة والمجتمع ككل) بالرغم من أن دالي عاش حياته بعيدا تماما عن السياسة! عاد دالي إلى الأكاديمية عام 1926 ولكن سرعان ما تم فصله بشكل نهائي بعد رفضه الخضوع للاختبارات، معللا ذلك بألا أحدا في الأكاديمية يرقى لمستوى أن يختبره. دالي والسريالية.. تعرّف دالي على أندريه بروتون -رائد المدرسة السريالية- عام 1928 وانخرط في المجموعة، حيث وجد أنها فرصة جيدة لتتحرر قدراته الإبداعية، واستكشاف اللاوعي الذي دعا إليه رفاقه. (تسمى المدرسة السريالية أيضا المدرسة فوق الواقعية، وهي مذهب فرنسي حديث في الفن والأدب يهدف إلى التعبير عن العقل الباطن أو الأحلام دون حسابات منطقية). عام 1931 انتهى دالي من لوحة "إصرار الذاكرة" وهي أشهر لوحاته على الإطلاق، التي تصور عددا من الساعات المتعرّجة الذائبة والتي تستقر في منظر طبيعي هادئ بشكل مخيف. أكد دالي في هذه اللوحة تفوّقه على جميع رفاقه في المدرسة السريالية، رغم أنه لم يكن من مؤسسي المدرسة. في أواخر الثلاثينيات توجّه دالي إلى نيويورك، وبدأ أسلوبه الفني يتأثر بفنان النهضة رافييل، في هذه الفترة ذاعت شهرة دالي وكثر معجبوه، وبدأ ينخرط في عالم الأغنياء والأرستقراطيين، يقول دالي في وصف تلك الفترة من حياته "كانت الشيكات تنهمر كالإسهال"! في إسبانيا، لجأ دالي إلى أساليب ملتوية لتحقيق الشهرة، كتأييده لحكم الرئيس الإسباني فرانسيسكو فرانكو، وخلال فترة صعود الحزب النازي في ألمانيا رسم هتلر في أوضاع عجيبة معظمها أنثوي، مما أدى إلى اتخاذ أندريه بريتون وباقي أعضاء المدرسة السريالية قرارا جماعيا بفصل دالي من المجموعة بسبب ولعه الشديد بالمال، للدرجة التي جعلته يتخلى عن مبادئه من أجل الدولارات، إلا أن دالي كان رده حاضرا وبمنتهى البساطة قال له: "ليس بإمكانك طردي، فالسريالية هي أنا". الحديث عن دالي وفنونه وجنونه يطول، لذلك عرضنا اليوم نشأته وبداية رحلته مع الفن، وسنوالي تباعا عرض تفاصيل أكثر عن لوحات دالي وبعض الغرائب في حياته الشخصية. سلفادور دالي.. للجنون أصول * دنيا الأدب اضغط على الصورة لمشاهدة الجاليري: