مجلس النواب يوافق نهائيا على الحساب الختامى للموازنة العامة للدولة    صوامع الشرقية تستقبل 584 ألف طن قمح في موسم الحصاد (صور)    إطلاق أول استراتيجية عربية موحدة للأمن السيبراني الشهر المقبل    محمود محي الدين: 15% من الأجندة العالمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة    مسؤول أوروبي يدافع عن المساعدة في البحث عن مروحية الرئيس الإيراني    معين الشعباني يتحدث عن مستقبله مع نهضة بركان بعد خسارة نهائي الكونفدرالية أمام الزمالك    تشافي ولابورتا.. تأجيل الاجتماع الحاسم في برشلونة    الحرارة شديدة.. 25 صورة ترصد شوارع القاهرة في ظل الموجة الحارة    تأجيل محاكمة «طبيب نساء» وآخرين بتهمة إجراء عمليات الإجهاض ل 22 مايو    فلاح يقتل والده بأسيوط.. هكذا عاقبته المحكمة    موعد الفرحة: تفاصيل عيد الأضحى في السعودية لعام 2024    "وحشتني يا بسبوس".. إيمي سمير غانم توجه رسالة لوالدها في ذكرى وفاته    سلمى أبو ضيف تنشر جلسة تصوير لها بفرنسا.. ومنى زكي تعلق (صور)    فرقة «المواجهة والتجوال» تواصل نجاحاتها بالعريش والوادي الجديد    «السرب» الأول في قائمة إيرادات الأفلام.. حقق 622 ألف جنيه خلال 24 ساعة    تأثيرات الإفراط في تناول الفواكه لدى كبار السن.. نصائح وتوصيات    «الرعاية الصحية»: لدينا منشآت معتمدة وتطبق معايير الجودة في 18 محافظة    7 تعديلات مرتقبة في قانون مزاولة مهنة الصيدلة.. أبرزها رسوم الترخيص والورثة    نائب رئيس نادى السيارات: مسيرات للدراجات النارية ومسابقات سيارات بالعلمين أغسطس 2024    اليوم.. مصر تواجه بوروندي في بطولة أمم أفريقيا للساق الواحدة    الحبس 3 سنوات لعاطل بتهمة النصب على المواطنين في الأميرية    شيخ الأزهر يستقبل سفير بوروندي بالقاهرة لبحث سبل تعزيز الدعم العلمي والدعوي لأبناء بوروندي    طلب إحاطة بشأن تكرار أزمة نقل الطلاب بين المدارس    بروتوكول تعاون بين التأمين الصحي الشامل وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية لتطوير البحث العلمي فى اقتصادات الصحة    مصرع شابين في حادث تصادم بالشرقية    تحرير 142 مخالفة ضد مخابز لارتكاب مخالفات إنتاج خبز بأسوان    تطوير المزلقانات على طول شبكة السكك الحديدية.. فيديو    براتب خيالي.. جاتوزو يوافق على تدريب التعاون السعودي    محافظ أسيوط: التدريب العملي يُصقل مهارات الطلاب ويؤهلهم لسوق العمل    وزير خارجية إيطاليا: حادث تحطم مروحية رئيس إيران لن يزيد التوتر بالشرق الأوسط    دنيا وإيمي يحييان ذكرى وفاة والدهما النجم سمير غانم.. صور    تفاصيل أغنية نادرة عرضت بعد رحيل سمير غانم    إكسترا نيوز تعرض تقريرا عن محمد مخبر المكلف بمهام الرئيس الإيرانى.. فيديو    فتح باب التقدم لبرنامج "لوريال - اليونسكو "من أجل المرأة فى العلم"    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    توجيه هام من الخارجية بعد الاعتداء على الطلاب المصريين في قيرغيزستان    رئيس النواب: التزام المرافق العامة بشأن المنشآت الصحية لا يحتاج مشروع قانون    تراجع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الإثنين    ضبط المتهمين بسرقة خزينة من مخزن في أبو النمرس    باحثة سياسية: مصر تلعب دورا تاريخيا تجاه القضية الفلسطينية    من هو وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان الذي توفي مع الرئيس الإيراني؟    معرض لتوزيع الملابس الجديدة مجانًا بقرى يوسف الصديق بالفيوم    مجلس النواب يستكمل مناقشة قانون إدارة المنشآت الصحية    22 مايو.. المؤتمر السنوي الثالث لطلاب الدراسات العليا فى مجال العلوم التطبيقية ببنها    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    قائمة البرازيل - استدعاء 3 لاعبين جدد.. واستبدال إيدرسون    مرعي: الزمالك لا يحصل على حقه إعلاميا.. والمثلوثي من أفضل المحترفين    وزير الري أمام المنتدى المياه بإندونيسيا: مصر تواجه عجزًا مائيًّا يبلغ 55% من احتياجاتها    بعد وصولها لمروحية الرئيس الإيراني.. ما هي مواصفات المسيرة التركية أقينجي؟    ماذا يتناول مرضى ضغط الدم المرتفع من أطعمة خلال الموجة الحارة؟    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-5-2024    روقا: وصولنا لنهائي أي بطولة يعني ضرورة.. وسأعود للمشاركة قريبا    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    وسائل إعلام رسمية: مروحية تقل الرئيس الإيراني تهبط إضطراريا عقب تعرضها لحادث غربي البلاد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحيل سلمان ناطور: ما تبقى من فلسطينيي فلسطين
نشر في صوت البلد يوم 06 - 03 - 2016

في الخامس عشر من شهر شباط/فبراير 2016، توفي الكاتب الفلسطيني سلمان ناطور، المولود في بلدة دالية الكرمل الواقعة في جنوب حيفا، عام 1949، يعتبر ناطور من أغزر الكتاب الفلسطينيين، إذ صدر له نحو 40 كتابا بين مؤلف ومترجم، نشر فيها القصة والرواية والمسرحية، وقصص الأطفال ومقالات في مواضيع مختلفة، وترجم عدة مؤلفات من العبرية، وقد تميزت كتاباته بسخرية لاذعة، كما أنها أرخت للمكان ووثقت له بصورة أدبية، ترشح مرارة ولا تخلو من الظرف أيضا، وتسخر من الذات أحيانا، ومن الآخ أحيانا أخرى، ولا يعتبر الناطور متفردا في أدب السخرية هذه، كونه واحدا من عدة كتاب «امتشقوا هذا السلاح» الجارح للعدو وللذات أحيانا، وكان على رأسهم الكاتب البارز والمبدع إميل حبيبي، ابن حيفا الذي كتب مؤلفات عدة، أبرزها روايته «سعيد أبو النحس المتشائل» كما أن في أشعار ومقالات محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد وغيرهم لمحات تسجل في هذا المنحى.
يمكن الإشارة إلى أن السخرية، كما كتب عنها بعض علماء النفس، هي من «أسلحة» الدفاع عن الذات الفردية والجماعية في مواجهة قوة غاشمة ظالمة، لا يستطيع الفرد أو الجماعة مواجهتها مباشرة، ليتم اللجوء إلى التورية والسخرية والترميز، وذلك لإيجاد معادلة نفسية تساعد الطرف الضعيف كي يستمر في تحمل حياته، أو تساعده في الاستعداد للمواجهة والمقاومة.
وقد أجاد الكاتب سلمان ناطور استعمال هذا السلاح (السخرية) باقتدار في أغلب ما كتب، إن كان في القصة أو الرواية أو المسرحية أو في المقال. وما يجدر ذكره هنا أن كتابي غسان كنفاني عن «الأدب الفلسطيني المقاوم» اللذين صدرا في العامين 1966 و 1968، وجمعا بعض نتاجات الكتاب الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948، لم يأتيا على ذكر سلمان ناطور، وهذا له تبريره المنطقي، حيث أن سلمان كان عام 1968 ما زال يدرج في مدارج الشباب المبكر، ولم تكن نتاجاته الأدبية قد عرفت طريقها إلى النشر والانتشار، فكتابه الأول «آراء ودراسات في الفكر والفلسفة» صدر عام 1971، أما مجموعته القصصية الأولى «ما وراء الكلمات» فقد صدرت عام 1972.
كان سلمان ناطور قد درس الفلسفة بين حيفا والقدس، وعمل بعد تخرجه من الجامعة في صحيفة «الاتحاد» ومجلة «الجديد»، كما حرر في مجلة «قضايا إسرائيل» التي تصدر من رام الله، إلا أنه اتجه مبكرا إلى تجسيد أفكاره ومواقفه واجتهاداته ورؤاه الإبداعية في الأنواع الأدبية المعروفة، أبرزها «أنت القاتل يا شيخ» (رواية)، التي صدرت عام 1976، و«الشجرة التي تمتد جذورها إلى صدري» (قصص قصيرة) التي صدرت عام 1978، و«أبو العبد في قلعة زئيف» (مقالات ساخرة)، و«ما نسينا»(قصص تسجيلية عن النكبة)، التي صدرت عام 1983، و«حكاية لم تنته بعد» (مقالات ساخرة) عام 1986 و»خمارة البلد» (قصص ساخرة)، صدرت عام 1987، و«يمشون على الريح» (كتابة تسجيلية) صدرت عام 1992، صدرت باللغة العبرية أيضا، وصدر له أيضا أربع كتب تحتوي على قصص للأطفال. ومن آخر رواياته «هي وأنا والخريف» صدرت عام 2011، كما صدرت له عدة مسرحيات وترجم عن العبرية عدة كتب من بينها «الزمن الأصفر» لدافيد غروسمان، و«المتاهة» رواية لسامي ميخائيل وغيرها.
حنظلة يحضر أيضا
ومن مؤلفاته عدة مقطوعات (6) تم نشرها في ملحق فلسطين، الذي يصدر عن صحيفة «السفير» اللبنانية شهريا، وكانت نشرت اعتبارا من عام 2010 وتتضمن نفسا أدبيا تسجيليا للمكان، قبل أن تهجم عليه الهمجية الصهيونية وتزيله من الوجود، أو تصادره وتدعي أنه لها ومن أملاكها. وفي المقطوعات تظهر مقدرة سلمان في القص وفي تلوين الحكايات بطرائق فيها الظرف والسخرية واستحضار الماضي البعيد أو القريب، وتصوير بشاعة ما فعله ويفعله الاحتلال. والمقطوعات الست هي «أبو العبد يغازل مدام مندلوفتش» و«عباس الفران» و«حنظلة وخمارة البلد» و«الذاكرة القريبة» و«رحلة الصحراء» و«ذاكرة». في المقطوعة الأخيرة «ذ ّاكرة» يشير إلى التقائه بالشاعر القومي «أبي سلمى» (عبد الكريم الكرمي) والحديث الذي دار بينهما عن الذكريات في حيفا قبل احتلال إسرائيل لها، ويذكر أنه لام نفسه كثيرا كونه كان يمر من أمام بيت أبي سلمى لمدة أربع سنوات أثناء ذهابه وإيابه للمدرسة، من دون أن يعرف أن ذلك البيت الكائن في شارع البساتين في حيفا، كان هو بيت الشاعر القومي أبو سلمى. وعلى سيرة الشاعر القومي، فإن ناطور يذكر بأن محو الذاكرة من قبل الجهات الرسمية الإسرائيلية كان يسعى إلى وضع الشاعر الصهيوني بياليك مكان أي شاعر قومي عربي في ذاكرة الطلاب الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وذكر أيضا أن معلمة اللغة كانت تؤكد أن بياليك هو الشاعر القومي.
عندما لاحت فرصة لسلمان كي يزور بيت أبي سلمى، استعان بالمحامي المعروف حنا نقارة ليذهبا معا، لزيارة البيت، ليجدا من يقول لهما أن البيت كان لعائلة رومانية، ثم سكنته عائلة بولندية. أما الأصل فإن صاحبه غير معروف لدى العائلتين، وهكذا فإن أماكن كثيرة كان ناطور يحاول إعادة تشكيلها الأول، ويتفرس في المكونات والتكوينات قبل أن تهجم عليها همجية المحتل. هكذا فعل ناطور أيضا مع بلدة الشجرة، ودكان سليم حسين العلي، والد الرسام المبدع ناجي العلي، حيث ذهب إلى المكان أو بقايا بلدة الشجرة الجليلية، واستحضر الأشخاص والأشجار والمباني، وأقام «مسرحا» استحضر فيه ذكريات ما مضى عن «الشجرة» وناسها والحياة التي كانوا يحيونها، حيث نشأ ناجي العلي ودرس في المدرسة التي ما زالت قائمة، والتينة (السوادية) التي أكلت من ثمارها الأجيال وما زالت تثمر وتعطي، ولم يفت الكاتب أن يسأل من تبقى من أهل الشجرة عن ذاك الصبي ناجي الذي اسمه الحركي «حنظلة» وكيف كان وما هي صفاته والخربشات الأولى التي ربما خطها على جدران بعض المنازل أو مدرسته. هكذا يتابع سلمان ناطور استحضاره للأماكن والأشخاص، ليعيد لهم في «مسرحه» حياة بددها المحتل وفرق ناسها أو قضى عليهم، وعبث بالمكان وصادر الزمان، ليكون زمنه هو بدل أن يكون زمن الضحايا.
في الخامس عشر من شهر شباط/فبراير 2016، توفي الكاتب الفلسطيني سلمان ناطور، المولود في بلدة دالية الكرمل الواقعة في جنوب حيفا، عام 1949، يعتبر ناطور من أغزر الكتاب الفلسطينيين، إذ صدر له نحو 40 كتابا بين مؤلف ومترجم، نشر فيها القصة والرواية والمسرحية، وقصص الأطفال ومقالات في مواضيع مختلفة، وترجم عدة مؤلفات من العبرية، وقد تميزت كتاباته بسخرية لاذعة، كما أنها أرخت للمكان ووثقت له بصورة أدبية، ترشح مرارة ولا تخلو من الظرف أيضا، وتسخر من الذات أحيانا، ومن الآخ أحيانا أخرى، ولا يعتبر الناطور متفردا في أدب السخرية هذه، كونه واحدا من عدة كتاب «امتشقوا هذا السلاح» الجارح للعدو وللذات أحيانا، وكان على رأسهم الكاتب البارز والمبدع إميل حبيبي، ابن حيفا الذي كتب مؤلفات عدة، أبرزها روايته «سعيد أبو النحس المتشائل» كما أن في أشعار ومقالات محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد وغيرهم لمحات تسجل في هذا المنحى.
يمكن الإشارة إلى أن السخرية، كما كتب عنها بعض علماء النفس، هي من «أسلحة» الدفاع عن الذات الفردية والجماعية في مواجهة قوة غاشمة ظالمة، لا يستطيع الفرد أو الجماعة مواجهتها مباشرة، ليتم اللجوء إلى التورية والسخرية والترميز، وذلك لإيجاد معادلة نفسية تساعد الطرف الضعيف كي يستمر في تحمل حياته، أو تساعده في الاستعداد للمواجهة والمقاومة.
وقد أجاد الكاتب سلمان ناطور استعمال هذا السلاح (السخرية) باقتدار في أغلب ما كتب، إن كان في القصة أو الرواية أو المسرحية أو في المقال. وما يجدر ذكره هنا أن كتابي غسان كنفاني عن «الأدب الفلسطيني المقاوم» اللذين صدرا في العامين 1966 و 1968، وجمعا بعض نتاجات الكتاب الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948، لم يأتيا على ذكر سلمان ناطور، وهذا له تبريره المنطقي، حيث أن سلمان كان عام 1968 ما زال يدرج في مدارج الشباب المبكر، ولم تكن نتاجاته الأدبية قد عرفت طريقها إلى النشر والانتشار، فكتابه الأول «آراء ودراسات في الفكر والفلسفة» صدر عام 1971، أما مجموعته القصصية الأولى «ما وراء الكلمات» فقد صدرت عام 1972.
كان سلمان ناطور قد درس الفلسفة بين حيفا والقدس، وعمل بعد تخرجه من الجامعة في صحيفة «الاتحاد» ومجلة «الجديد»، كما حرر في مجلة «قضايا إسرائيل» التي تصدر من رام الله، إلا أنه اتجه مبكرا إلى تجسيد أفكاره ومواقفه واجتهاداته ورؤاه الإبداعية في الأنواع الأدبية المعروفة، أبرزها «أنت القاتل يا شيخ» (رواية)، التي صدرت عام 1976، و«الشجرة التي تمتد جذورها إلى صدري» (قصص قصيرة) التي صدرت عام 1978، و«أبو العبد في قلعة زئيف» (مقالات ساخرة)، و«ما نسينا»(قصص تسجيلية عن النكبة)، التي صدرت عام 1983، و«حكاية لم تنته بعد» (مقالات ساخرة) عام 1986 و»خمارة البلد» (قصص ساخرة)، صدرت عام 1987، و«يمشون على الريح» (كتابة تسجيلية) صدرت عام 1992، صدرت باللغة العبرية أيضا، وصدر له أيضا أربع كتب تحتوي على قصص للأطفال. ومن آخر رواياته «هي وأنا والخريف» صدرت عام 2011، كما صدرت له عدة مسرحيات وترجم عن العبرية عدة كتب من بينها «الزمن الأصفر» لدافيد غروسمان، و«المتاهة» رواية لسامي ميخائيل وغيرها.
حنظلة يحضر أيضا
ومن مؤلفاته عدة مقطوعات (6) تم نشرها في ملحق فلسطين، الذي يصدر عن صحيفة «السفير» اللبنانية شهريا، وكانت نشرت اعتبارا من عام 2010 وتتضمن نفسا أدبيا تسجيليا للمكان، قبل أن تهجم عليه الهمجية الصهيونية وتزيله من الوجود، أو تصادره وتدعي أنه لها ومن أملاكها. وفي المقطوعات تظهر مقدرة سلمان في القص وفي تلوين الحكايات بطرائق فيها الظرف والسخرية واستحضار الماضي البعيد أو القريب، وتصوير بشاعة ما فعله ويفعله الاحتلال. والمقطوعات الست هي «أبو العبد يغازل مدام مندلوفتش» و«عباس الفران» و«حنظلة وخمارة البلد» و«الذاكرة القريبة» و«رحلة الصحراء» و«ذاكرة». في المقطوعة الأخيرة «ذ ّاكرة» يشير إلى التقائه بالشاعر القومي «أبي سلمى» (عبد الكريم الكرمي) والحديث الذي دار بينهما عن الذكريات في حيفا قبل احتلال إسرائيل لها، ويذكر أنه لام نفسه كثيرا كونه كان يمر من أمام بيت أبي سلمى لمدة أربع سنوات أثناء ذهابه وإيابه للمدرسة، من دون أن يعرف أن ذلك البيت الكائن في شارع البساتين في حيفا، كان هو بيت الشاعر القومي أبو سلمى. وعلى سيرة الشاعر القومي، فإن ناطور يذكر بأن محو الذاكرة من قبل الجهات الرسمية الإسرائيلية كان يسعى إلى وضع الشاعر الصهيوني بياليك مكان أي شاعر قومي عربي في ذاكرة الطلاب الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وذكر أيضا أن معلمة اللغة كانت تؤكد أن بياليك هو الشاعر القومي.
عندما لاحت فرصة لسلمان كي يزور بيت أبي سلمى، استعان بالمحامي المعروف حنا نقارة ليذهبا معا، لزيارة البيت، ليجدا من يقول لهما أن البيت كان لعائلة رومانية، ثم سكنته عائلة بولندية. أما الأصل فإن صاحبه غير معروف لدى العائلتين، وهكذا فإن أماكن كثيرة كان ناطور يحاول إعادة تشكيلها الأول، ويتفرس في المكونات والتكوينات قبل أن تهجم عليها همجية المحتل. هكذا فعل ناطور أيضا مع بلدة الشجرة، ودكان سليم حسين العلي، والد الرسام المبدع ناجي العلي، حيث ذهب إلى المكان أو بقايا بلدة الشجرة الجليلية، واستحضر الأشخاص والأشجار والمباني، وأقام «مسرحا» استحضر فيه ذكريات ما مضى عن «الشجرة» وناسها والحياة التي كانوا يحيونها، حيث نشأ ناجي العلي ودرس في المدرسة التي ما زالت قائمة، والتينة (السوادية) التي أكلت من ثمارها الأجيال وما زالت تثمر وتعطي، ولم يفت الكاتب أن يسأل من تبقى من أهل الشجرة عن ذاك الصبي ناجي الذي اسمه الحركي «حنظلة» وكيف كان وما هي صفاته والخربشات الأولى التي ربما خطها على جدران بعض المنازل أو مدرسته. هكذا يتابع سلمان ناطور استحضاره للأماكن والأشخاص، ليعيد لهم في «مسرحه» حياة بددها المحتل وفرق ناسها أو قضى عليهم، وعبث بالمكان وصادر الزمان، ليكون زمنه هو بدل أن يكون زمن الضحايا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.