في الوقت الذي ينفق فيه المسئولون ملايين الجنيهات علي أوجه البذخ العديدة، توقع خبراء الاقتصاد عدم التزام الحكومة بتنفيذ قرار محكمة القضاء الإداري بإلزام الحكومة وضع حد أدني لأجور العاملين بالدولة لأنه سيكلفها أعباء مالية جديدة تصل الي ملايين الجنيهات شهريا لزيادة المرتبات في الوقت الذي تعاني فيه الدولة من عجز بالموازنة. بينما جاء قرار المحكمة ليخلق توازن بينا انخفاض الأجور وزيادة الأسعار خاصة في ظل ارتفاع معدل التضخم في الوقت الذي تزامن فيه القرار مع احتجاج شباب الخريجين علي تقاضيهم راتبا شهريا 100 جنيه مما يعد إهانة لهم كانت المادة 34 من قانون العمل لسنة 2003 الماضي نصت علي أن ينشأ مجلس قومي للأجور برئاسة وزير التخطيط يختص بوضع الحد الأدني للأجور علي المستوي القومي بمراعاة نفقات المعيشة وبإيجاد الوسائل والتدابير التي تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار، كما يختص المجلس بوضع الحد الأدني للعلاوة السنوية بما لا يقل عن 7% من الأجر الأساسي. وتشير البيانات الصادرة عن البنك الدولي الي أن الحد الأدني للأجور يبلغ نحو 425 دولارا سنويا و يؤكد تقرير صادر عن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن الأسعار ارتفعت خلال السنوات الأربع الماضية بنسبة 200% وهو ما لا يتناسب مع منظومة الأجور الضعيفة، بل يفتقد أي شكل من أشكال المعايير الدولية المعنية بوضع الحد الأدني للأجور، الذي هو في واقعه هو أدني بكثير من خط الفقر المدقع، والمقرر دوليا بدولارين في اليوم. كما نجد أن الحد الأدني للأجور في الحكومة والقطاع الخاص نحو 142 جنيها وهو أقل من خط الفقر الأدني في مصر الذي يبلغ 150 جنيها في الشهر. أصبح رفع الاجور مطلبا مهما خاصة أن هناك تناقضا كبيرا في الحد الأدني الذي أقره القانون رقم 53 لسنة 84 وهو 35 جنيها وبين ما يتقاضاه العامل منذ ما يقرب من عامين تقريبا أوصي المجلس القومي للأجور برفع الحد الأدني من 35 جنيها الي 300 جنيه شهريا كما اقترح رفع الحد الأدني لما يتقاضاه العامل شهريا مع التمييز بين ثلاثة مستويات أساسية، وهي 250 جنيها للعامل بدون مؤهل و275 جنيها للمؤهل المتوسط و300 جنيه للمؤهل العالي إلا أن تلك التوصيات لم تؤخذ بجدية وارتفعت معدلات التضخم الي 12.5% وأصبحت تلتهم أي زيادات في الأجور فنحن لدينا ما يقرب من 5.1 مليون موظف بالقطاع الحكومي و500 ألف موظف في الهيئات الاقتصادية و500 ألف موظف في قطاع الأعمال و حكومي أوجه مظاهر البذخ الحكومي عديدة ففي الوقت الذي يحصل فيه شباب الخريجين علي راتب شهري 100 جنيه. كشف تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن الحساب الختامي لموازنة الجهاز الإداري للدولة عن السنة المالية 2008-2009 عن أرصدة حسابات جارية خاصة بلغت 1272 مليار جنيه في 30 يونيو الماضي وبلغت قيمة المخالفات التي تم حصرها نحو 4 مليارات جنيه تمثلت في الإنفاق علي النشر والإعلان ومكافأة لبعض العاملين المنتدبين من جهات أخري وتجهيز قاعات وشراء أراض كما كشف الحساب الختامي لموازنة مجلس الشعب أيضا أن نفقات المجلس في الدورة البرلمانية الماضية 2008-2009 بلغت 304 ملايين جنيه حصل منها النواب علي حوالي 50 مليون جنيه مقابل العضوية وبدل حضور الجلسات واجتماعات اللجان وبلغت تكلفة الزيارات الميدانية التي قامت بها اللجان 11.7 مليون جنيه. كما بلغت اشتراكات السكك الحديدية والأتوبيسات المخصصة لانتقالاتهم 3 ملايين جنيه والرعاية الطبية 84 مليون جنيه هذا بالإضافة الي 40 مليون جنيه لإزالة آثار الحريق. كم القضاء الإداري احتشد أكثر من 1000 مواطن من ممثلي القوي السياسية والعمالية بالقطاعين العام والخاص أمام مجلس الوزراء منذ أيام للمطالبة بتنفيذ حكم القضاء الإداري برفع الحد الأدني للأجور وطالبوا بألا يقل الحد الأدني للأجور عن 1200 جنيه شهريا ويزيد وفقا لنسبة التضخم وأن يعاد النظر فيه كل ثلاث سنوات. فيما تقدم وفد من نواب الشعب وعدد من العمال بمذكرة قانونية لمكتب رئيس الوزراء د.أحمد نظيف لمطالبته بتنفيذ الحكم القضائي ومنحوه مهلة شهرا لتنفيذه أو لمعاودة التظاهر مرة أخري كما طالبوا بتفعيل دور المجلس القومي للأجور في وضع الحد الأدني للأجور ومراعاة نفقات المعيشة بإيجاد الوسائل التي تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار ووضع الحد الأدني للعلاوات السنوية بما لا يقل عن 7% من الأجر الأساس يقول د.صلاح الدسوقي رئيس المركز العربي للإدارة والتنمية يقرار محكمة القضاء الإداري لا يمثل أي إضافة فهناك المجلس القومي للأجور الذي تقع عليه مسئولية تولي وضع حد أدني للأجور فالحد الأدني للأجور اذا كان 35 جنيها فسوف يصل الي 40 جنيها ولكن الأزمة الحقيقية تكمن في كيفية ضمان تحديده بما يضمن توفير الاحتياجات الأساسية للعاملين فالعامل بالحكومة عند الدرجة السادسة يتقاضي 430 جنيها، وأي دولة في العالم تكفل حقوق المواطنين وكان هذا الأمر مطبقا في مصر حتي نهاية الستينيات لكن مع انتشار الفساد تم إهدار هذا المبدأ وأصبحت هناك فجوة كبيرة بين معدل زيادة الأجور والتضخم خاصة أن الأجور لاتزيد سوي 10% سنويا والتضخم 20% سنويا وهذا يعني أن الأجر الحقيقي الذي يتقاضاه العامل في مصر يعد منخفضا لارتفاع الأسعار ولقد لجأت الحكومة لرشوة نواب مجلس الشعب بالمزيد من المزايا والمكافأة والبدلات وقرارات العلاج المجاني من أجل إهدار قدرة المجلس علي ممارسة الرقابة علي الحكومة رغم أن تقديم مزايا من سلطة تنفيذية يعد مخالفا للدستور، ما أن هؤلاء النواب تناسوا دورهم الحقيقي في الرقابة علي الحكومة والاهتمام بمشاكل المواطنين.