التي تشير الي ان وجود نظام عادل للاجور يؤدي الي حفز العاملين علي العمل والابتكار والالتزام بقواعد ولوائح العمل والقبول بآليات الثواب والعقاب فيها عن طيب خاطر، فضلا عن ان تحسين توزيع الدخل من خلال نظام الاجور، يؤدي الي زيادة حصة من يعلمون باجر وهم الفقراء والطبقة الوسطي في الدخل، وان هذا الحكم التاريخي هو انتصار لكل من يعملون باجر. هذا ما اكده المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في المذكرة الاقتصادية التي حملت عنوان مطالبنا للحد الادني الجديد للاجر ولنظام الاجور وآليات تمويله، ؤكدا فيها ان نظام الاجور الحالي يمثل آلية للفساد والافساد.. مشيرا الي تطور الحد الادني للاجر الاسمي والحقيقي الذي كان عام 1952 18 قرشا في اليوم، كان صاحبه يشتري نحو 1.5 كيلو جرام من اللحم في الريف ونحو 1.2 كيلو جرام من اللحم في المدن وبفرض ان العامل يعمل 25 يوما في الشهر، فان الاجر الشهري الحقيقي للعامل في عام 1952 يعادل في المتوسط، نحو 34 كيلو جراما من اللحم اي نحو 1700 جنيه في الوقت الراهن اذا قيس بسلعة واحدة هي اللحم علي سبيل التجريد. وقال التقرير لقد ارتفع الحد الادني للاجر الاساسي الاسمي للعامل في القانون 47، 48 لسنة 1978، الي 16 جنيها (دون اضافة ما في حكم الاجر من حوافز وعمولات وبدلات ومكافآت وارباح) وكانت تشتري في ذلك الحين 320 كيلو جراما من الارز (ثمن الكيلو 5 قروش) ثمنها حاليا 1000 جنيه ولو اخذنا بالحد الادني للاجر الشامل، فانه كان نحو 22 جنيها كانت تشتري نحو 440 كيلو ارز ثمنها نحو 1320 جنيها . كما كان ذلك الاجر الاساسي للعامل يشتري نحو 18 كيلو جراما من اللحم البلدي ثمنها حاليا نحو 900 جنيه، اما الاجر الشامل فكان يشتري نحو 24 كيلو جراما من اللحم البلدي تساوي نحو 1200 جنيه حاليا، او ملابس لا تقل قيمتها عن 2000 جنيه، او كمية من الذهب لا تقل قيمتها عن 2500 جنيه حاليا. وقال التقرير ان الارقام تؤكد ان الدخل الحقيقي لخريجي الجامعة للعاملين في الجهاز الحكومي تعرض للانهيار ودفع بغالبيتهم الي الفقر اذا لم تكن لهم مصادر اخري للدخل مشروعة او غير مشروعة، واذا لم يسافروا للعمل في الخارج لفترات في حياتهم. ورصد التقرير علي الصعيد الميداني وبدراسة حالة عدد من الموظفين وتطور القدرة الشرائية لرواتبهم وجد ان القدرات الشرائية لرواتبهم تنهار رغم زيادتها الاسمية، علي سبيل المثال تم تعيين احد خريجي الجامعة في احدي الوزارات عام 1977 براتب شامل بلغ 28 جنيها، كانت تشتري نحو 35 كيلوجراما من اللحم في ذلك العام، او 56 كيلوجراما من الارز وحصل هذا الموظف علي تقارير امتياز بلا انقطاع، ثم اصبح مديرا عاما، ثم مدير ادارة واصبح راتبه الشامل نحو 900 جنيه في عام 2010 وهي تتري نحو 18 كيلوجرام من اللحم، او نحو 300 كيلو جرام من الارز . وقالت المذكرة الاقتصادية التي اعدها الخبير الاقتصادي احمد النجار ان السبب الواضح لهذا التدهور في الرواتب والاجور الحقيقية، هو ارتفاع اسعار السلع والخدمات بمعدلات اعلي كثيرا من معدلات ارتفاع الرواتب والاجور، فضلا عن ان نسبة ارتفاع الاجور هي نسبة من الاجر الاساسي الذي لا تشكل مخصصاته سوي اقل من 20% من مخصصات الاجور وما في حكمها للعاملين في الدولة، بينما تطبق ارتفاعات الاسعار علي مجمل استهلاك العامل واسرته من السلع والخدمات. وكشفت المذكرة ان تدهور الاجور الحقيقية للعاملين هو نتيجة مرة لغياب سياسة اجور علمية وعملية واخلاقية في مر منذ تخلي الدولة عن سياسة تسعير السلع بعد ان اتجهت الي تحرير الاقتصاد، دون ان يترافق مع هذا التحرير، سياسة اجور مماثلة لتلك التي تعمل بها الاقتصادات الحرة، تقوم علي زيادة سنوية في الحد الادني للاجر للعاملين الجدد بنسبة تزيد علي معدل التضخم الحقيقي، مع زيادة اجور العاملين القدامي بنسبة مركبة تعادل معدل التضخم الحقيقي مضافا اليه نسبة اخري كمقابل للخبرة والاقدمية ونسبة خاصة للمتميزين فعليا كمقابل للتميز والابتكار في العمل. قالت المذكرة ان هناك تفاوتا مروعا بين اجور الذين يقومون بعمل واحد بنفس الكفاءة ويحملون مؤهلا علميا واحدا وسنوات خبرة واحدة، وفقا للوزارة او الجهة التي يعملون بها، فالاجر الشامل للمحاسب في وزارة الضمان الاجتماعي يقل كثيرا عن نظيره في وزارة المالية، ويقل عن عشر نظيره في الهيئة العامة للبترول او في هيئة قناة السويس وغيرهما من المؤسسات. واذا كان لمصر ان تصلح نظام الاجور للعاملين في الدولة لجعله محفزا للعاملين فان الامر يتطلب، وضع حد ادني جديد للاجر يرتبط بتكاليف المعيشة، وهو الحد الذي وصلت المناقشات الاولية بشأنه في المجلس القومي للاجور الي تحديد مبلغ 400 جنيه كحد ادني للاجر الشهري، بينما طالب اتحاد العمال بحد ادني يبلغ 600 جنيه في الشهر، وذلك في عام 2007 ومع تسجيل معدل تضخم بلغ 20.2% في العام المالي 2008/2007 وتسجل معدل بلغ نحو 9.9% في العام المالي 2009/2008 وفقا للبيانات الحكومية المصرية، فان الحد الادني للاجر وفقا لحسابات المجلس القومي للاجور، يجب ان يكون في العام الحالي نحو 530 جنيها، وان يكون نحو 800 جنيه وفقا لحسابات اتحاد العمال. في سياق متصل طرحت المذكرة عددا من الحلول لتوفير التمويل الضروري لرفع الحد الادني للاجر بدون تضخم منها تحقيق العدالة في توزيع مخصصات الاجور وما في حكمها بين العاملين في الجهاز الحكومي والقطاع العام والهيئات الاقتصادية العامة، من خلال ربط الحد الادني للاجر الشامل بالحد الاقصي. وتتطوير اداء القطاع العام والهيئات الاقتصادية ووضع ضوابط صارمة لمنع الفساد فيها، واخضاعها لرقابة صارمة من العاملين وجمعيتهم العمومية ومجلس ادارتهم المنتخب ونقاباتهم، وايضا من المجالس الشعبية والاجهزة الرقابية، حتي يتحن الاداء ويكون هناك فائض محول منها الي الموازنة العامة للدولة يمكن استخدامه في تمويل نظام الاجور الجديد بناء علي تحسن قوي في الانتاج والانتاجية. كذلك الجدية في تحصيل الضرائب من كبار الرأسماليين وشركاتهم، حيث ان هناك عشرات المليارات من الجنيهات من المتأخرات الضريبية المستحقة عليهم للدولة، اضافة الي عمليات تساهل وتغاضي عن تحصيل الجانب الاكبر من الضرائب المستحقة علي كبار العملاء الذين لا يدفعون سوي معدلات ضريبية تقل عن 5% في المتوسط بدلا من 20% التي فرضها القانون علما بان العاملين باجر في القطاعين الخاص والعام والهيئات الاقتصادية والجهاز الحكومي يتم اقتطاع الضرائب منهم من المنبع، ليصبح الموظفون هم الدافع الرئيسي للضرائب وليس كبار الرأسماليين الاثرياء. ومن الحلول ايضا فرض ضريبة صغيرة في حدود 0.5% علي التعاملات في البورصة كما تفعل غالبية البورصات في العالم. وهذه الضريبة الصغيرة ستوفر نحو 5 مليارات جنيه، وستكون في مصلحة البورصة والمتعاملن فيها لانها ستؤدي الي تهدئة سخونة المضاربات والي تقليل ما ينزحه الاجانب من اموال من مصر من خلال المضاربة التي يسهلها عدم وجود ضرائب علي التعاملات. كذلك ضرورة فرض ضريبة علي ارباح المتعاملين في البورصة في نهاية كل عام حيث تتم تسوية المركز المالي للمتعاملين لبيان الخسارة او الربح، ليدفعوا علي صافي ارباحهم ضريبة نسبتها 20% علي غرار الضرائب التي يدفعها المستثمرين اصحاب المشروعات التجارية والصناعية، وفرض ضريبة مماثلة علي تحويل المستثمرين الاجانب لارباحهم التي حققوها في البورصة الي الخارج. والحلول التي عرضتها المذكرة منها تعديل اتفاقيات تصدير الغاز للدول الاخري لوضع اسعار عادلة للثروة الطبيعية المملوكة. كذلك مضاعفة الضرائب علي محاجر الاسمنت، لان الضريبة التي فرضت اخيرا علي هذه الشركات، ما تزال ضريبة صغيرة للغاية بالمقارنة مع الارباح الاحتكارية الضخمة التي تحققها شركات الاسمنت المملوكة في غالبيتها الساحقة للاجانب.. ولو تم فرض ضريبة قيمتها مائة وخمسين جنيها علي الاقل عن كل طن (150 جنيها) في ظل حقيقة ان التكلفة الراهنة للطن قبل فرض هذه الضربة تقل عن 210 جنيهات بينما تبيعه الشركات الاجنبية بنحو 550 جنيها محققة ارباحا احتكارية اتغلالية دون ان يتم ردعها، فان حصيلة هذه الضريبة ستكون في حدود 5.5 مليار جنيه في العام.