وهل يتم تمكين إسرائيل من شتي قناة البحر الميت لتكون بديلاً ثانيا لقناة السويس؟ هذه الأسئلة وغيرها كثير طرحت نفسها بقوة بعد الضوابط والقيود التي فرضتها المنظمة البحرية العالمية علي الممرات الملاحية بهدف الحد من معدلات التلوث المنبعثة من السفن جراء احتراق وقود المحركات في الوقت الذي تتحفظ فيه إدارة القناة علي تنفيذها. كانت مصر قد طلبت استثناء قناة السويس من الالتزام ببنود الملحق السادس للمنظمة البحرية العالمية والمكمل لإتفاقية "ماريول" والذي ينص علي "فرض ضوابط وشروط صارمة للحد من معدلات التلوث المنبعثة من السفن نتيجة احتراق وقود المحركات علي أساس أن الالتزام بذلك سوف يؤثر سلبًا في أعداد البواخر العابرة في القناة نظرًا للطبيعة الخاصة للقناة كممر ملاحي عالمي يحكم تشغيله اتفاقية القسطنطينية الدولية، لكن هذا الطلب أثار الكثير من المخاوف، لا سيما في ظل توقيع مصر علي هذا الملحق وموافقة جميع الجهات في مصر علي ذلك ما عدا قناة السويس، والسؤال: ماذا ستكون حال الاقتصاد المصري في حال تطبيق هذه الاتفاقية علي مصر؟ وما الجزاءات التي سوف توقع علي مصر حال رفضها التوقيع علي هذه الاتفاقية؟ وهل هذه الاتفاقية يتم تطبيقها علي كل القنوات الملاحية في العالم مثل قناة بنما. د. عبد المعز عبدالغفار نجم أستاذ القانون الدولي بحقوق أسيوط أوضح أن الاتفاقيات الدولية لا تطبق إلا علي الأطراف المنضمة إليها، لكن لو وقع ضرر جسيم من إحدي الدول غير المنضمة فإنها تجبر علي الالتزام بهذه الاتفاقيات التي لم توقع عليها وخرج من ذلك إلي أنه في حالة قناة السويس فإن مرور السفن بهذا العدد في مجراها قد تسبب تلوثًا وخطرًا علي الأحياء المائية وعلي البيئة البحرية بسبب التلوث الناجم عن احتراق وقود محركات السفن. وشدد علي أن عدم التزام مصر بتطبيق اتفاقيات المحافظة علي البيئة البحرية سوف يعرضها لعقوبات شديدة مثل إعطاء توجيهات للسفن باستخدام رأس الرجاء الصالح للتقليل من استخدام قناة السويس، كما أنه من الممكن مساعدة إسرائيل علي إقامة قناة البحر الميت التي تريد إقامتها لتكون بديلاً عن قناة السويس أو علي الأقل لتقليل عدد السفن التي تمر بها. ويقول إلهامي محمد الميرغني المدير التنفيذي لجمعية التنمية الصحية والبيئة: إن قناة السويس تتمسك بعدم الالتزام بشروط ومعايير منظمة البيئة العالمية والمنظمة البحرية العالمية للحفاظ علي سلامة ونظافة البيئة البحرية من التلوث من أجل المحافظة علي إيرادات القناة. وأكد أن مطالبة منظمة البيئة العالمية لقناة السويس باتخاذ موقف من مرور ناقلات الطاقة النووية يأتي بسبب تسرب جزء كبير من النفايات الإشعاعية الناتجة عن تشغيل المفاعلات المستخدمة من تسييرها بالطاقة النووية. وأوضح أن هناك عددًا كبيرًا من السفن والبوارج والغواصات النووية التي تمر من قناة السويس وهي بالغة الخطورة لأنها تنبعث منها إشعاعات مميتة علي البيئة البحرية وعلي صحة الإنسان. وللخروج من هذا المأزق طالب إلهامي بزيادة رسوم المرور في قناة السويس لاسيما السفن المحملة بالمخالفات النووية وكذلك السفن الحربية بجميع أنواعها مع العمل علي تقليل عدد السفن العابرة للقناة واتخاذ جميع الاحتياطات التي وضعتها المنظمات الدولية للتعامل مع هذه الناقلات والسفن. وأكد أن أغلب الانبعاثات الإشعاعية ناتجة عن مرور السفن الأمريكية إلي القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في العالم والبالغة أكثر من 730 قاعدة جوية وبحرية . واتفق إلهامي مع أساتذة القانون الدولي الذين يرون أن هناك عقوبات سوف ترفع علي مصر جراء عدم التزام قناة السويس بمعايير منظمة البيئة العالمية ومنها تحويل السفن إلي رأس الرجاء الصالح ومساعدة إسرائيل علي إقامة قناة البحر الميت، وطالب إلهامي منظمات المجتمع المدني بالتحرك لإجبار المسئولين عن القناة بالالتزام بمعايير المنظمة البحرية العالمية. كما كشف د. أبو بكر رمضان رئيس الشبكة القومية للرصد الإشعاعي أن هناك محطات رصد إشعار جاما في المياه الإقليمية لتأمين قناة السويس ونهر النيل حماية للقناة من عبور بعض السفن المحملة بالمواد المشعة أو التي تعمل بالطاقة النووية . موضحًا أن التزام مصر بمعايير المنظمة البحرية العالمية سيكبدها خسائر بما تصل إلي أكثر من 10 مليارات جنيه عن طريق تخفيض عدد السفن والتي تعبر القناة من 19 ألف و354 سفينة عام 2009/2008 إلي حوالي 10 آلاف سفينة إلا أنه يمكن لإدارة القناة تعويض ذلك المبلغ عن طريق مضاعفة الرسوم المقررة علي مرور السفن المحملة بالمواد النووية والحربية والكيماوية لكي تحافظ علي صحة الملايين من خلال المحافظة علي البيئة من التلوث وكذلك المحافظة علي المخلقوات البحرية. وفي السياق ذاته، فقد نفي مصدر مسئول بهيئة قناة السويس تلقي أي تعليمات أو معايير أو اشتراطات لمرور السفن بالقناة حتي نقبلها أو نرفضها.. مضيفًا: ربما تكون المنظمة قد أرسلت هذه المعايير لمصر بوجة عام وليس لقناة السويس وحدها. وفي حالة وصولها إلينا - يواصل المصدر - فإننا سوف نقوم بدراستها من جوانبها وإن كانت في صالحنا فإننا سنوافق عليها دون قيد أو شرط ، وإذا كانت ضد مصلحتنا ومصلحة مصر، أي لو أثرت في مرور السفن بالقناة وتضر بإيرادات الهيئة فإننا سنرفضها حتما. واستطرد قائلا: إن الهيئة لا يعنيها أن تحمل السفن المارة في القناة أي شيء ولديها معاييرها الخاصة بها وتطبقها بدقة علي جميع السفن وهي ألا تحمل هذه السفن أي مواد خطرة أو تعمل علي تسرب المواد البترولية منها للجري الملاحي وتعمل تسرب زيتي يعمل علي تلوث القناة.