يتسلم الدكتور احمد نظيف رئيس مجلس الوزراء خلال ساعات- نتائج الدراسة التي أعدتها اللجنة التي تضم80 عالما وباحثا وخبيرا في علوم البحار والبيئة للوقوف علي مدي تأثير مشروع' قناة البحرين' الذي يربط بين البحرين الاحمر والميت وماقد يجلبه من كوارث بيئية علي مصر وبعض الدول العربية المجاورة. وقد تسلمت اللجنة التي تضم ايضا مجموعة من اساتذة هندسة القاهرة نتائج مهمة من لجنةعلوم البحار والمصايد التي اجرت دراسة مبدئية حول قناة البحرين بتكليف من هيئة قناة السويس. وتوضح الدراسة الجديدة ان المخاوف كانت تقتصرفي البداية علي احتمال أن يكون هدف هذا المشروع الصهيوني بالأساس هو إيجاد قناة بديلة تضرب قناة السويس وتستأثر بالنقل البحري في منطقة تعتبر ملتقي لقارات العالم, إلا أن الجديد أن له أيضا مخاطر بيئية قد تعرض المنطقة لزلازل مدمرة لا حصر لها, بالإضافة إلي أنه يشكل خطرا كبيرا علي التربة وقد يؤدي إلي تلوث طبقة المياه الجوفية عن طريق تسرب مياه البحر إليها. وتضمنت الدراسة التحذيرات السابقة جاءت علي لسان خبراء بيئة إسرائيليين من خطورة إتمام هذا المشروع علي إسرائيل نفسها, الذي نشرته شبكة' سي إن إن' الإخبارية الأمريكية في19 يوليو أن منظمات بيئية وجهت تحذيرات شديدة اللهجة إلي الحكومة الإسرائيلية من عواقب البدء في الأعمال التنفيذية لمشروع' قناة البحرين' قبل انتهاء دراسات الجدوي البيئية, التي يقوم البنك الدولي بإجرائها حاليا, مشددة علي أن هذا المشروع قد يجر مزيدا من الزلازل المدمرة علي المنطقة. والمشروع المقترح من قبل الأردن وفلسطين وإسرائيل, برعاية البنك الدولي عبارة عن خليط من الأنابيب والأنفاق, ولا يمكن استخدامه لأغراض ملاحية إطلاقا, وأن الهدف منه نقل9 مليارات متر مكعب سنويا من مياه خليج العقبة إلي البحر الميت لإعادة مستواه وحمايته من الاختفاء, وتحلية مياه البحر, وضخ الكهرباء. ومن المتوقع أن يتكلف هذا المشروع20 مليار دولار أمريكي, لا يزال في مرحلة الدراسة من قبل البنك الدولي وأنه قد لا ينفذ إذا ما وجد البنك أن العائد من المشروع أقل من تكاليفه, مشيرا إلي أن المنحة التي خصصها البنك للمشروع1.25 مليار دولار في يونيو الماضي موجهة لدراسات الجدوي, وليست لبدء تنفيذ المشروع. الموقف القومي وفيما يتعلق بالموقف المصري من مشروع قناة البحرين, أكد الدكتور نصر الدين علام وزير الموارد المائية والري ل الأهرام المسائي أن مصر تعي تماما أهمية متابعة الموضوع وتم تشكيل اللجنة القومية للبحار, وتضم ممثلين من كل الجهات درسوا المشروع دراسة مبدئية ورفعوا به تقريرا لمجلس الوزراء, وأوصوا فيه بإجراء دراسة معمقة وتفصيلية للمشروع. وأضاف أن مصر طلبت الانضمام كمراقب في اجتماعات البنك الدولي المتعلقة بالمشروع مع الدول الأطراف الثلاث, وتم السماح لنا بالفعل بحضور هذه الاجتماعات, كما يحضر ممثل لمصر في الاجتماعات التي تجري بشأن المشروع في الأردن وإسرائيل. وأشار الوزير إلي أن وزارة الري لم تعارض في البداية هذا المشروع وذلك باعتبار إنقاذ البحر الميت من الاختفاء, كما أن له نتائج اقتصادية تتعلق بتحلية المياه, وتوليد الكهرباء في الثلاث دول. إلا أنها وبعد الدراسة المتعمقة والاحتمالات بأضرار بيئية أخري فقد علقنا موافقتنا حاليا علي هذا المشروع'. من جانبه قال د.مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية عندما أثيرت القضية في مجلس الشوري أخيرا لن نسمح بأي حال أن يكون للمشروع أي أضرار, وإذا وجد أي نوع من الضرر سواء علي البيئة أو علي مواردنا المائية, فسوف نتصدي بكل قوة لمنعه, مشيرا إلي أنه لو ثبت أن مشروع قناة البحرين سيؤثر سلبيا علي مصر, فإن مصر ستبدأ بالحوار الودي مع البنك الدولي والدول المشاركة في المشروع للتخلي عنه وعدم تنفيذه, وأنه إذا لم تستجب هذه الأطراف فسوف تصعد مصر من تحركاتها حتي لو اضطرت للجوء لمجلس الأمن. وأضاف:' هانروح للبنك الدولي, ونقول له تراجع عن تمويل المشروع, ولو ماوافقش هانروح للأردن والدول الأخري, ولو ماوافقوش هانروح لمجلس الأمن', مشيرا إلي أن مصر ستتخذ كل ما من شأنه ضمان عدم المساس بها أو التأثير السلبي عليها, وأن كل الخطوات التي ستتبعها مصر ستكون بالتنسيق مع السعودية. مشيرا إلي أن هناك تنسيقا مع الفلسطينيين والأردنيين وأنهم يدرسون حالياي آثار هذا المشروع. وأكد شهاب أن' الموضوع لا يحتمل إن أحنا ننام علي ودانا لحد ما نكتشف أن المشروع يؤثر سلبيا علينا, نحن في مرحلة دراسة منذ عام2006 ومهمتنا كحكومة أن نبذل قصاري جهدنا'. وبالنسبة لما أثير حول أضراره علي الأمن القومي المصري, أكد شهاب إن اللجنة القومية للبحار, ولجنة خبراء كلية الهندسة تتابع هذا الأمر لأنها تضم خبراء في كل المجالات, وقال:' أنا موش عاوز أفتي وأقول مالهاش آثار سلبية علي الأمن القومي, لأن هذ أمر غير مؤكد, وكمان ماقدرش أقول ليها'. وفي السياق ذاته, قلل الخبير الاستراتيجي المصري اللواء طلعت مسلم من خطورة هذه القناة علي مستقبل قناة السويس, مؤكدا أنها لا تؤثر علي قناة السويس إلا تأثيرا محدودا, لأن المسافة التي ستقطعها باخرة في قناة السويس تقل بكثير عن المسافة التي تقطعها في قناة البحرين. وعن رد الفعل العربي قال الدكتورمحمود ابو زيد رئيس المجلس العربي للمياه ووزير الري السابق: هذا الموضوع كان أحد المسائل التي ناقشتها مع وزير المياه والري الأردني, وقال وانا' كفني وليس مسئولا' ليس لدي اعتراض علي المشروع, ولكن الخوف كان من الجانب البيئي, واحتمالات تأثير المشروع علي الحياة البحرية في منطقة منفذ القناة في البحر الأحمر, ولكن يبدو أن الدراسات التي تجري حاليا تظهر أن التأثير إن لم يكن معدوما فهو تأثير محدود جدا. وأضاف: بلا شك أن لهذا المشروع فائدة كبيرة جدا لكل من الأردن وفلسطين وإسرائيل وأن المطلوب تحسين طبيعة البحر الميت لأنه يتدهور بشكل كبير نتيجة انخفاض كمية المياه بشكل كبير حيث يسجل سنويا انخفاضا بما لا يقل عن متر في منسوب المياه فيه, كما أن الملوحة تزيد بشكل قد يحد من إمكان الاستفادة منه من الناحية السياحية والاقتصادية, إلي جانب أن المشروع يمكن أن يسهم في توليد الطاقة الكهربائية المطلوبة لتحلية المياه وتنفيذ عدد من المشاريع التنموية'. وقال رئيس المجلس العربي للمياه:إن مشروع قناة البحرين سيأخذ وقتا طويلا لتنفيذه قد يصل إلي ثلاثين عاما, مشيرا إلي أنه حسبما أوضح وزير الري الأردني أن الاستفادة من المشروع تتم مرحليا, حيث إنه كل خمس سنوات يجري إتمام أعمال محددة, بحيث يتم في السنوات الخمس الأولي إتمام أعمال تعود بحوالي100 مليون متر مكعب مياه, ثم تزيد الكمية تدريجيا. وقال الدكتور ابراهيم شلتوت استاذ علوم البحار بجامعة الاسكندرية: من المعلوم جيدا أن البحر الميت بحر مقفل وسمي بهذا الاسم لعدم وجود كائنات حيه تستطيع العيش فيه لشدة ملوحته وهو غني بالأملاح المعدنية وعلي رأسها البوتاسيوم الذي يعتبر مصدر دخل قومي للأردن.وفي غضون الثلاثين سنة الماضية فقد هذا البحر ثلث حجمه نتيجة تبخر مياهه وقلة الأمطار وقلة المياه الفائضة من نهر الأردن الذي تصب فيه, ولقد حدث تغير مناخي بارتفاع درجة الحرارة في منطقة هذا البحر, وتغير مناخي أثر علي الدول المحيطة به.ولكن علي ما يبدو أن فكرة المشروع قد استبدلت بمد مواسير من البحر الأحمر للبحر الميت يستفاد منها بتوليد الكهرباء وتحلية المياه, وهذا لن يشكل أي ضرر أو منافسة لقناة السويس. أما الخوف من خطورة تدفق المياه للبحر أو تسربها لباطن الأرض أو التسبب في إحداث زلازل فإن إسرائل لن تكون بمنأي عن هذا الضرر. منافسة قناة السويس ويبقي التساؤل الجوهري' ما هو حجم المخاطر بالنسبة لقناة السويس؟', هنا تباينت الآراء داخل مصر, فقد حذرت لجنة الشئون العربية والعلاقات الخارجية في مجلس الشوري المصري في24 ديسمبر الماضي من خطورة المشروع الإسرائيلي لحفر قناة بين البحرين الأحمر والميت علي النواحي البيئية والجيولوجية في منطقة الشرق الأوسط. وطالبت اللجنة البرلمانية بأخذ رأي وزارات الخارجية والسياحة والبيئة في تلك القضية لاسيما مع ما يتردد حول احتمال تأثير استخدام القناة المزمع إنشاؤها علي قناة السويس. وحاول رئيس اللجنة السفير محمد بسيوني التقليل من تداعياتها الاقتصادية علي قناة السويس, قائلا إن بعض أجزاء قناة البحرين ستكون من خلال أنابيب كما ستجري في مناطق وعرة للغاية, مشيرا إلي أن إسرائيل لا ترغب فيها كطريق بحري ولكنها ترغب في الاستفادة من فارق المنسوب بين البحرين'400 متر تقريبا' لتتمكن من توليد الكهرباء وتحلية المياه ورفع منسوب البحر الميت. وانتهي إلي التأكيد علي أن القناة لا تشكل أي خطر علي الأمن القومي المصري أو علي قناة السويس, معتبرا أن التأثير الوحيد سيكون بيئيا وسياحيا فقط. أخطار استراتيجية ومن جانبه, رفض النائب البرلماني الدكتور جمال زهران رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس الآراء السابقة, موضحا أن القناة الجديدة التي ستبدأ مرحلتها الأولي من البحر الأحمر إلي البحر الميت وتمتد لاحقا إلي البحر المتوسط سوف تضعف من قناة السويس وتقلل من إيراداتها, كما يعتبر هذا المشروع من أهم الأخطار الإستراتيجية التي تواجه الأمة العربية في صراعها مع إسرائيل, حيث يلحق هذا المشروع الكثير من الضرر بالأراضي العربية في فلسطين والأردن بعد غمرها بالمياه. ويتفق كثيرون مع ما ذهب إليه زهران لأنه من غير المعقول أن إسرائيل تسعي لإنقاذ البحر الميت والأردن أو تنفق الملايين لمجرد زيادة حصتها من المياه الصالحة للشرب, فالموضوع له أبعاد خفية أخطر مما هو ظاهر علي السطح بل وقد تكون أخطر من الترسانة النووية التي تمتلكها إسرائيل. وكان الفريق احمد فاضل رئيس هيئة قناة السويس قد اكد في تصريحات له سابقة إن إدارة البحوث والدراسات الاقتصادية بالهيئة تتابع تطورات إنشاء هذه القناة وتولي اهتماما بأي تغيرات وتطورات في المنطقة والعالم منبها إلي أن نتائج الدراسات أثبتت أن القناة الجديدة لا تمثل أي منافسة علي الإطلاق لقناة السويس. وأرجع فاضل ذلك للمناخ الآمن والوضع المستقر الذي يحيط بقناة السويس كما أن الغرض من القناة الجديدة إقامة مشروعات سياحية واقتصادية للاستفادة من توليد الطاقة الكهربائية. وعن قدرة قناة السويس علي المنافسة قال فاضل: إن القناة تتبع سياسة مرنة في تحصيل رسوم المرور منذ تسع سنوات وأدي ذلك إلي زيادة إيرادات قناة السويس وتعدت حاجز ال2 مليار سنويا أخيرا إضافة إلي أن قناة السويس تقوم بتطوير الخدمات الملاحية الدولية, والوصول بغاطس القناة إلي72 قدما في نهاية2010 لاستيعابه أسطول النقل الملاحي العالمي. والقناة قادرة علي خدمة واستيعاب عبور92% من حجم وحمولة الأسطول العالمي للنقل البحري و99% من أسطول سفن البضائع الصب والحاويات والصنادل كما أن القناة تمتلك أحدث وحدة مراقبة ملاحية بالرادارات. ويتفق القبطان ابوبكر محمود أحد خبراء النقل البحري الملاحي مع رئيس هيئة قناة السويس مقللاي من أهمية المشروع الجديد في منافسة قناة السويس وذلك لأسباب فنية وأخري اقتصادية.وأوضح أنه من الناحية الفنية القناة المزمع إنشاؤها تواجه صعوبة شديدة تتعلق بالحركة المائية بين خليج العقبة والبحر الميت الذي يعد أدني نقطة علي سطح الكرة الأرضية وينخفض عن البحر الأحمر بنحو399 مترا مما يعني أن المياه ستنحدر كشلال قوي في البحر الميت مما تستحيل معه الملاحة, أيضا القناة الجديدة تتشابه مع قناة بنما في العمل بنظام الأحواض أما الملاحة في قناة السويس فإنها لا تواجه مشاكل فنية أو اعتراضات مرورية. فكرة البحرين وتعود فكرة إنشاء قناة البحرين إلي بدايات القرن التاسع عشر حين طرحها تيودر هيرتزل مؤسس الحركة الصهيونية الذي تحمس لها وعرضها في كتابه' أرض الميعاد' الصادر عام1902 م. وكانت البداية العلنية لتلك الفكرة خلال مؤتمر قمة الأرض للتنمية المستدامة والذي عقد منذ سنوات في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا, حيث تقدم وزير المياه الأردني بمشروع أردني إسرائيلي لربط البحر الميت بالأحمر إنقاذا للأول من الجفاف. ومنذ ذلك الحين, بذل الأردن جهوداكبيرة لإقناع جميع الأطراف لاسيما العربية منها, بأهمية المشروع وفوائده علي المدي البعيد والقريب, ويقول الأردن إن مشروع قناة البحرين سوف يوفر حوالي850 مليون متر مكعب من المياه العذبة المحلاة, تبلغ حصة الأردن منها حوالي570 مليون متر مكعب, في حين سيتم توزيع380 مليون متر مكعب علي إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية. ويقوم المشروع الذي سيستغرق تنفيذه من6 إلي10 سنوات علي ثلاث مراحل, الأولي هي مد أنبوب أو أنابيب لنقل المياه من عمق البحر الأحمر إلي البحر الميت لجلب حوالي1900 مليون متر مكعب من المياه لتعويض المياه المفقودة الرافدة للبحر وبكلفة تصل إلي حوالي710 ملايين دينار لإنقاذ البحر الميت. وبالنسبة للمرحلة الثانية, فإنه عبر استغلال قوة ضغط الماء وضخها إلي ارتفاع125 مترا فوق سطح البحر الأحمر عبر أنابيب لتجري مسافة180 كيلومترا انخفاضا إلي ناقص400 متر وهو موقع البحر الميت, يمكن توليد طاقة عند نزول المياه واستغلالها في تحلية الماء للشرب علما بأن الضغط يوفر فرزا للمياه المحلاة. وتتضمن المرحلة الثالثة نقل المياه المحلاة من جنوب البحر الميت إلي المدن في الأردن وفلسطين وإسرائيل ستحدد كلفتها بعد وضع مسار الخطوط الناقلة ومحطات الضخ. اضرار بيئية خطيرة ويحذر خبراء البيئة في العالم العربي أيضا من تغير طبيعة البحر الميت كلية من حيث خواص مياهه الفيزيائية وتركيبها الكيميائي ومكوناتها البيولوجية وهو ما سيترتب عليه فقد البحر الميت لهويته البيئية المميزة. كما أن تخفيف ملوحة البحر الميت سوف يؤدي كذلك إلي تداخل المياه العذبة الجوفية مع المياه المالحة لاسيما في المناطق المتاخمة للبحر الميت, وكذلك في زيادة معدلات البحر في المنطقة, وهو ما سيترتب عليه حدوث أضرار وتداعيات اجتماعية وبيئية غير مأمونة العواقب.