القتل.. تقربًا إلى الله    سعر جرام الذهب عيار 21 اليوم الأربعاء 15-5-2024 في محال الصاغة    أسعار السمك في سوق المنيب بالجيزة اليوم.. «البلطي» ب30 جنيها    10 معلومات عن الخط الثالث للمترو بعد تشغيل 5 محطات جديدة اليوم    «القاهرة الإخبارية»: قوات الاحتلال الإسرائيلي تدمر مربعا سكنيا شرق غزة    قناة DMC تُبرز ملف الوطن عن فلسطين.. «حلم العودة يتجدد بعد 76 عامًا على النكبة»    مباريات اليوم.. 3 مواجهات في الدوري.. ونهائي كأس إيطاليا    تحالف والدى «عاشور» و«زيزو» ضد الأهلى والزمالك!    «الأرصاد»: الموجة الحارة تصل لذروتها الأحد المقبل والعظمى تصل ل43 درجة    مؤتمر صحفي للإعلان عن تفاصيل مهرجان الطبول ب«الأعلى للثقافة» الأحد المقبل    وزارة العمل: 945 فرصة عمل لمدرسين وممرضات فى 13 محافظة    صفحات الغش الإلكتروني تتداول امتحان العربي للشهادة الإعدادية بالمنيا    إعلام فلسطيني: 5 شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلا في مخيم البريج وسط قطاع غزة    «حافظوا على الفرصة».. وزير الرياضة: الجماهير ستعود إلى الملاعب والمخالف سيعاقب    اليوم.. النطق بالحكم على المتهم بدهس طبيبة التجمع الخامس    اليوم.. نظر محاكمة المتهمين في قضية «رشوة الجمارك»    اليوم.. «اقتصادية النواب» تناقش موازنة وزارة الصناعة للعام المالي 2024-2025    طرح أهل الكهف ضمن موسم عيد الأضحى 2024    لهذا السبب.. معالي زايد تتصدر تريند "جوجل"    بعد تصدرها التريند.. من هي إيميلي شاه خطيبة الفنان العالمي مينا مسعود؟    عيد الأضحى المبارك 2024: سنن التقسيم والذبح وآدابه    القليل من الأوساخ لا يضر.. صيحة جديدة تدعو إلى اللهو في التراب لتعزيز الصحة النفسية    وزارة المالية تعلن تبكير صرف مرتبات يونيو 2024 وإجازة عيد الأضحى تصل إلى 8 أيام    قطار "حياة كريمة" يصل إلى أهالي قرية البربا في جرجا.. 15 محطة صرف وتغيير 90% من خطوط المياه و3 مدارس وتطوير 51 أخرى    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 15 مايو 2024    مواعيد القطارات على خطوط السكك الحديد الأربعاء 15    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن عن مقتل جندي خلال معارك غزة    حكم طواف بطفل يرتدي «حفاضة»    «تغيير تاريخي واستعداد للحرب».. صواريخ زعيم كوريا الشمالية تثير الرعب    بسبب الدولار.. شعبة الأدوية: نطالب بزيادة أسعار 1500 صنف 50%    مرصد الأزهر يستقبل وزير الشؤون السياسية لجمهورية سيراليون للتعرف على جهود مكافحة التطرف    النائب إيهاب رمزي يطالب بتقاسم العصمة: من حق الزوجة الطلاق في أي وقت بدون خلع    الإعلان عن أول سيارة كهربائية MG في مصر خلال ساعات    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 15 مايو في محافظات مصر    أمير عيد يكشف موعد ألبومه المُقبل: «مش حاطط خطة» (فيديو)    أحمد حاتم بعد انفصاله عن زوجته: كنت ظالم ونسخة مش حلوة مني (فيديو)    بسبب الخلاف على إصلاح دراجة نارية .. خباز ينهي حياة عامل دليفري في الشرقية    وليد الحديدي: تصريحات حسام حسن الأخيرة غير موفقة    «تنمية وتأهيل دور المرأة في تنمية المجتمع».. ندوة لحزب مستقبل وطن بقنا    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    أفشة: سأحقق البطولة الرابعة إفريقيا في تاريخي مع الأهلي.. واللعب للأحمر نعمة كبيرة    3 قرارات عاجلة من النيابة بشأن واقعة "فتاة التجمع"    الهاني سليمان: تصريحات حسام حسن تم تحريفها.. والتوأم لا يعرف المجاملات    بوتين: لدى روسيا والصين مواقف متطابقة تجاه القضايا الرئيسية    كاف يهدد الأهلي والزمالك بغرامة نصف مليون دولار قبل نهائي أفريقيا | عاجل    نشرة أخبار التوك شو| تصريحات هامة لوزير النقل.. وترقب لتحريك أسعار الدواء    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 15-5: نجاحات لهؤلاء الأبراج.. وتحذير لهذا البرج    قيادي بحركة «حماس»: مصر عملت على مدار أشهر للتوصل لهدنة    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    إبراهيم عيسى: من يقارنون "طوفان الأقصى" بنصر حرب أكتوبر "مخابيل"    بدأت باتهام بالتأخُر وانتهت بنفي من الطرف الآخر.. قصة أزمة شيرين عبدالوهاب وشركة إنتاج    أسهل طريقة لعمل وصفة اللحمة الباردة مع الصوص البني    بعيدًا عن البرد والإنفلونزا.. سبب العطس وسيلان الأنف    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    بعد 7 شهور من الحرب.. تحقيق يكشف تواطؤ بايدن في خلق المجاعة بغزة    نقيب الأطباء: مشروع قانون المنشآت الصحية بشأن عقود الالتزام تحتاج مزيدا من الضمانات    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    هل سيتم تحريك سعر الدواء؟.. الشعبة توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان.. تحولات التحالف مع إثيوبيا
نشر في صوت البلد يوم 01 - 01 - 2014

منذ عام 1959 والعلاقة بين السودان ومصر تأخذ خطاً توافقياً ومتماسكاً عند التفاوض مع بلدان أفريقية أخرى حول حقوق مياه النيل، حفاظاً على علاقتها مع القاهرة وجيرانها العرب للحصول على الدعم السياسي والثقافي والعسكري والمالي، لكن في الآونة الأخيرة خرجت الخرطوم عن النطاق القاهري وأعلنت أنها تدعم وتؤيد بناء أثيوبيا سد النهضة الخاص بها، على الرغم من اعتراضات من حليفتها المصرية، وأكد مراقبون أن السودان تريد تعزيز التحالف مع إثيوبيا وزيادة المسافة بينها وبين مصر بعد سقوط جماعة الإخوان المسلمين من الحكم.. الاحتجاجات وأعمال الشغب الأخيرة، التي بدأت في واد مدني في 23 سبتمبر الماضي وانتشرت لاحقاً إلى مدن متعددة في جميع أنحاء السودان، تطالب باستمرار الدعم الحكومي لأسعار الوقود، والآن سقوط النظام نتيجة مباشرة لفشل استراتيجية حزب المؤتمر الحاكم في قيادة البلاد، وأيضاً في الفترة التي أعقبت تقسيم السودان في يوليو 2011.
د. هاني رسلان رئيس وحدة السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية قال: إن السنوات التي سبقت تقسيم السودان بدأت استراتيجية حزب المؤتمر الوطني في تصور بديلاً للاقتصاد السوداني الذي يعتمد على النفط، وعاد هؤلاء المفكرون في إمكانية جعل السودان سلة الخبز العربي، واستند هذا التحول على الثورة الزراعية التي تدعمها سلسلة طموحة من مشاريع بناء السدود على طول نهر النيل وشمال الخرطوم، وأشهرها كان مروي السد العالي الذي اكتمل في عام 2009، وكان من المتوقع تنشيط قطاع زراعي بمنطقة نيموم، في حين يصل الرخاء إلى معقل التقليدية المهملة منذ فترة طويلة من النخبة السياسية مشاريع الري والطاقة الكهرومائية الجديدة، وتابع كثيرون في الخرطوم بدأوا في الادّعاء أن السودان ستكون في النهاية لديها الأموال اللازمة لتطوير دولة موحدة ثقافياً واقتصادياً، حيث القيادة في الخرطوم كانت تسعى لخلق الاستقرار السياسي اللازم لجذب الاستثمار الأجنبي والفوز برفع العقوبات الأمريكية المفروضة على البلاد منذ عام 2005، لافتاً إلى سنوات ما بعد الانفصال وجد حكام الخرطوم أنفسهم يواجهون سلسة من حركات التمرد المسلحة، والحركات الشبابية التي تطالب بالانضمام إلى دول الربيع العربي، ورغم أن معظم هذه الحركات تم وأْدها سريعاً من قبل النظام الحاكم، إلا ان التغيير في السودان أزمة تؤرق البشير كثيراً، وبالتالي أصبح السودان غير جاذب على نحو متزايد للاستثمار الأجنبي أو الخليجي، واستطاعت أثيوبيا أن تكون أكثر جاذبية، وقد سمحت زيادة الرخاء داخل إثيوبيا والاستقرار السياسي على إحراز تقدم كبير بشأن مشاريع البنية التحتية الكبيرة مثل سد النهضة، على الرغم من الاعتراضات المصرية، لكن الخرطوم رأت أن تتخلى عن القاهرة وتسارع إلى أديس أبابا طلباً للعون الزراعي والمالي.
ومن جانبه أوضح د. ميلاد حنا الخبير في الشأن السوداني بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن أعمال الشغب التي تعيشها السودان جزء من الحالة الاقتصادية السيئة التي يعيشها مواطنو هذه الدولة الفقيرة، كما أنها تعيش توترات على مدى السنوات القليلة الماضية حتى انتهت إلى تقسيم السودان، على سبيل المثال اندلعت مظاهرات كبيرة في الخرطوم ضد ارتفاع الأسعار في يونيو 2012، وتجددت أيضاً منذ شهور قليلة، وقد ولدت هذه الاحتجاجات عدة حركات شبه دائمة تطالب الشعب السوداني أن يكون ضمن دول الربيع العربي، غير أن المسؤولين في حزب المؤتمر الوطني الحاكم يرفضون التحوّل الديمقراطي أو الشعبي، لافتاً إلى أن تسليم 75 ٪ من احتياطيات النفط المؤكدة في السودان إلى جارتها جنوب السودان أثر كثيراً على الثروة وأبطأت دعم النمو السريع، ولذلك من المتوقع فشل حكومة البشير في مواجهة الحركات الانفصالية الباقية في ولاية النيل الأزرق، وجنوب كردفان ودارفور والمناطق الشرقية من البلاد، نظراً لأن قيادات الحزب الحاكم يعتقدون أنه يمكن قمع المعارضة السياسية في الخرطوم، ومنع الفصائل المتباينة من الانضمام معاً أو مواءمة الحركات التطرفية في تهديد بقاء النظام، مؤكداً أن سقوط جماعة الإخوان المسلمين في مصر أثّر كثيراً على العلاقات بين الخرطوم والقاهرة، ففي الوقت الذي تمسكت فيه البلدان بحقوقهما في مياه النيل ضد سد النهضة الأثيوبي، خرجت الخرطوم من المعادلة وأعلنت موافقتها على بناء السد طلباً للطاقة والكهرباء، مما يعني رغبة البشير في زيادة المسافات مع القاهرة وإقامة تحولات جديدة مع أثيوبيا.
في حين أوضح د. مصطفى اللباد مدير مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية بالقاهرة، أن معظم رجال الأعمال والسياسيين في الخرطوم يعتقدون أن بلادهم يمكن أن تعول على استثمارات كبيرة من دول الخليج في العقارات والبناء والقطاعات الزراعية، كما أن الاستراتيجيين في الخرطوم كانوا يخططون لمرحلة انتقالية صعبة إلى اقتصاد ما بعد النفط الذي ذهب برمته إلى جنوب السودان، وهذا كان قبل سقوط الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، ونظيره المصري حسني مبارك، والعقيد الليبي معمر القذافي في ربيع عام 2011، بالإضافة إلى الحرب الأهلية الجارية في سوريا، واستمرار التوترات الطائفية في البحرين، وكل هذه العوامل أثرت سلباً على خطط السودان في كيفية جذب هذه الدول إلى الخرطوم من أجل الاستثمار في جميع القطاعات، موضحاً أن فعالية القاهرة مع الخرطوم باعتبارهما حلفاء في مفاوضات أثيوبيا حول تقسيم مياه النيل، انخفضت لعدة أسباب، أولاً: نتيجة لتغيير الزعامات في مصر، ثانياً: بسبب طرد مصر من الاتحاد الإفريقي في يوليو من العام الحالي، وبالمثل فإن الاضطرابات في الشرق الأوسط قد خلقت ليس فقط التنافس على الموارد المائية والسياسية العربية، إلا أنها أوجدت فحوى طائفية متزايدة من هذه الصراعات التي قد تنفر منها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من القيادة السودانية، نتيجة لاعتماد النظام على إيران باعتبارها المورد العسكري، وهو ما أدى مؤخراً إلى منع الرياض طائرة البشير من التحليق عبر مجالها الجوي إلى طهران.
واتفق في الرأي د.طارق فهمي الخبير بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، أن المملكة السعودية والإمارات كانوا أكبر الشركاء التجاريين للسودان، بجانب حلفائها الآسيوية الصين، ماليزيا والهند التي خلقت صناعة البترول في السودان، وهؤلاء كانوا مستعدين للاستثمار في البلاد بشرط وجود استقرار سياسي مع جيران السودان الأفريقية، وخاصةً الذين يتمتعون بعلاقات تجارية كبيرة مع الخرطوم، لكن في الوقت الذي واجه فيه البشير تقلبات وتوترات داخلية صعدت إثيوبيا على خارطة أفريقيا بعد شروعها في بناء سد النهضة، لافتاً إلى أنه في حين لاتزال جامعة الدول العربية منقسمة على قضاياها، أصبحت المنظمات الإقليمية والمتعددة الأطراف الأفريقية مثل الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية، ومبادرة حوض النيل فعالة على نحو متزايد في وضع جدول الأعمال الإفريقي الإقليمي، وهو ما جعل الخرطوم توجه قبلتها إلى هذه المنظمات الإفريقية أملاً في تلقي الدعم المالي والاستثماري، وبالتبعية كما تحولت مصر إلى شؤونها الداخلية بعد سقوط الإخوان وتجاهل الشأن السوداني، برزت إثيوبيا كحليف إقليمي رئيسي مع الخرطوم حول نزاعات تقسيم مياه النيل، كما أنها أبدت استعداداً للتوسط في حل النزاعات مع جنوب السودان، وتوفير قوات حفظ السلام في أبيي، والإجابة على بعض المشاكل الاقتصادية التي تواجهها الخرطوم، وهو ماجعل البشير يوافق على دعم بلاده في بناء سد النهضة وفك معضلة التماسك مع القاهرة.
وفي رأي د.حازم حسني أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن المسؤولين السودانيين اعتقدوا أن بقاء مصر بمفردها تعارض بناء سد النهضة لن يكون حائلاً في استكمال المشروع الأثيوبي، خاصةً وأن الخرطوم لديها أسباب في دعم أديس أبابا بشأن قضية السد، منها كون المشروع سوف يساهم في زيادة مساحة الأراضي المزروعة في السودان، وأيضاً إمكانية توريد الطاقة المتعطشة إليها الخرطوم بأسعار رخيصة، موضحاً أنه العداء بين جوبا والخرطوم جعل الانقسامات الأخيرة داخل الأحزاب الحاكمة في كل بلد منهم على استعداد لتصعيد دعمها للحركات الانفصالية في البلد الآخر، والبلدان سارعوا إلى أثيوبيا باعتبارها المنقذ لهذه الخلافات، فضلاً عن سعي أديس أبابا لإقناع الدول الإفريقية بدعم احتياجات الخرطوم للحفاظ على استقرارها واستغلال انشغال جيرانها العرب في مشاكلهم الداخلية، وهو ما أدى إلى بروز تحولات في علاقة جديدة بين السودان وإثيوبيا بعيداً عن مصر، فضلاً عن أن أديس أبابا رفضت الاعتراف بالاستفتاء الذي جرى مؤخراً لاتخاذ قرار بشأن مستقبل منطقة أبيي، التي يطالب بها كل من السودان وجنوب السودان، كما أن الاتحاد الإفريقي أكد أن الاستفتاء غير قانوني، ويشكل تهديداً للسلام بين السودان وجنوب السودان، في ظل صمت تام من الجامعة العربية على ما يحدث في هذه المنطقة التي قد تشعل صراعاً جديداً بين الجارتين السودانيتين، ليس هذا فحسب، بل إن إثيوبيا قامت بنشر قوات حفظ سلام عند منطقة أبيي قوامها أربعة آلاف جندي كجزء من قوة الأمم المتحدة المؤقتة، وهو ما يؤكد صعود في رحلة العلاقات بين الخرطوم وأديس أبابا، لافتاً إلى أن القاهرة تواصل دعم جميع مشاريع التنمية في دول وادي النيل، لكن مشاريع المياه في نهر النيل يجب أن تكون بعد إجراء دراسات شاملة لضمان توافقها مع المعايير الدولية وتجنب أي عواقب سلبية مستقبلية، ومع ذلك السودان أعرب عن تأييده لمشروع سد النهضة في إثيوبيا، ووضعت خلافاً مع القاهرة حول هذه القضية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.