السعودية تطلق خدمة أجير الحج والتأشيرات الموسمية.. اعرف التفاصيل    أسعار اللحوم والأسماك والبيض اليوم 10 يونيو    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. 10 يونيو    استشهاد فلسطينيين برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية    حدث ليلا: فيديو صادم للسنوار.. ومحتجزة سابقة تشعل الغضب ضد نتنياهو    السعودية تستضيف ألف حاج من ذوي شهداء ومصابي غزة بأمر الملك سلمان    فون دير لاين تعرب عن ثقتها من إعادة انتخابها لولاية أخرى    لأول مرة مقاتلات أوكرانية تضرب عمق المناطق الروسية    محمد عبدالمنعم خارج الأهلي مقابل 240 مليون جنيه    توافد طلاب الثانوية العامة على اللجان.. والتفتيش بالعصا الإلكترونية    موعد صلاة عيد الأضحى في الكويت 2024 والساحات المخصصة.. استعدادات مكثفة    شاومينج يتحدى التعليم ويزعم تسريب امتحانات التربية الدينية والوطنية    نجوم الفن يهنئون ياسمين عبدالعزيز لتعاقدها على بطولة مسلسل برمضان 2025    لميس الحديدي: رحلتي لم تكن سهلة بل مليئة بالتحديات خاصة في مجتمع ذكوري    مع فتح لجان امتحانات الثانوية العامة 2024.. دعاء التوتر قبل الامتحان    تعرف على ما يُستحب عند زيارة النبي صلى الله عليه وسلم    الفلسطيني أمير العملة يتوج بذهبية بطولة العالم بلعبة "المواي تاي"    ضياء رشوان: الرئيس السيسي يضع عينيه على المستقبل    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: رئيس «اتصالات النواب» يزف بشرى سارة عن مكالمات التسويق العقاري.. وعمرو أديب عن مدرس الجيولوجيا: «حصل على مليون و200 ألف في ليلة المراجعة»    ترامب يطالب بايدن بالخضوع لاختبارات القدرات العقلية والكشف عن المخدرات    تراجع أسعار النفط لثاني جلسة على التوالي في تعاملات اليوم    تركي آل الشيخ يعلن مفاجأة عن فيلم ولاد رزق ويوجه رسالة لعمرو أديب    واشنطن تدعو مجلس الأمن للتصويت على مشروع قرار يدعم مقترح الهدنة فى غزة    تصفيات مؤهلة لكأس العالم.. جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    الزمالك: شيكابالا أسطورة لنا وهو الأكثر تحقيقًا للبطولات    الكشف على 1346 مواطنا خلال قافلة طبية مجانية بقرية قراقص بالبحيرة    «لا تنخدعوا».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم في مصر (موجة حارة شديدة قادمة)    «كنت مرعوبة».. الفنانة هلا السعيد عن واقعة «سائق أوبر»: «خوفت يتعدي عليا» (خاص)    خالد البلشي: تحسين الوضع المهني للصحفيين ضرورة.. ونحتاج تدخل الدولة لزيادة الأجور    البابا تواضروس يصلي عشية عيد القديس الأنبا أبرآم بديره بالفيوم    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحي لازال يخضع للتحقيق حتى الآن    "ده ولا شيكابالا".. عمرو أديب يعلق على فيديو مراجعة الجيولوجيا: "فين وزارة التعليم"    ضمن فعاليات "سيني جونة في O West".. محمد حفظي يتحدث عن الإنتاج السينمائي المشترك    ضياء رشوان ل قصواء الخلالي: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسُحقنا    دعوة للإفراج عن الصحفيين ومشاركي مظاهرات تأييد فلسطين قبل عيد الأضحى    المنوفية في 10 سنوات.. 30 مليار جنيه استثمارات خلال 2014/2023    هؤلاء غير مستحب لهم صوم يوم عرفة.. الإفتاء توضح    عند الإحرام والطواف والسعي.. 8 سنن في الحج يوضحها علي جمعة    الحكم على طعون شيري هانم وابنتها على حبسهما 5 سنوات.. اليوم    وصفة سحرية للتخلص من الدهون المتراكمة بفروة الرأس    عددهم 10 ملايين، تركيا تفرض حجرًا صحيًا على مناطق بالجنوب بسبب الكلاب    بمساحة 3908 فدان.. محافظ جنوب سيناء يعتمد المخطط التفصيلي للمنطقة الصناعية بأبو زنيمة    عمر جابر يكشف كواليس حديثه مع لاعبي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية    برقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في القاهرة والمحافظات (رابط متاح للاستعلام)    النسبة التقديرية للإقبال في انتخابات الاتحاد الأوروبي تقترب من 51%    نقيب الصحفيين: نحتاج زيادة البدل من 20 إلى 25% والقيمة ليست كبيرة    "صحة الشيوخ" توصي بوضع ضوابط وظيفية محددة لخريجي كليات العلوم الصحية    عمر جابر: سنفعل كل ما بوسعنا للتتويج بالدوري    مقتل مزارع على يد ابن عمه بالفيوم بسبب الخلاف على بناء سور    تعرف على فضل مكة المكرمة وسبب تسميتها ب«أم القرى»    اتحاد الكرة يكشف تطورات أزمة مستحقات فيتوريا    القطاع الديني بالشركة المتحدة يوضح المميزات الجديدة لتطبيق "مصر قرآن كريم"    المستشار محمود فوزي: أداء القاهرة الإخبارية مهني والصوت المصري حاضر دائما    عوض تاج الدين: الجينوم المصرى مشروع عملاق يدعمه الرئيس السيسى بشكل كبير    مصر في 24 ساعة| لميس الحديدي: أصيبت بالسرطان منذ 10 سنوات.. وأحمد موسى يكشف ملامح الحكومة الجديدة    لميس الحديدي تكشف تفاصيل تهديدها بالقتل في عهد الإخوان    شعبة الدواجن: حرارة الجو السبب في ارتفاع أسعارها الأيام الماضية    محافظ المنوفية يفتتح أعمال تطوير النصب التذكاري بالباحور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القتل.. تقربًا إلى الله
نشر في صباح الخير يوم 15 - 05 - 2024

عاش العالمان العربى والإسلامى الكثير من فترات الصراع السياسى والعسكرى، بل ربما تنفرد تلك المنطقة بالتاريخ الأصعب والأكثر اشتعالا فى العالم، وكانت تلك الصراعات الساخنة دائما واحدة من أكثر أسباب ظهور الجماعات الإرهابية، وأفكار العنف والتطرف على مدى التاريخ، وهى كما رأينا لم تكن حكرا على بلد أو دين بعينه، بل جرى فى بعض الأحيان استغلال تلك الجماعات لتصفية حسابات السياسة، وتحالفت أحيانا مع أعداء الأمة من أجل تحقيق مصالح ضيقة.


ولم تخلُ فترة زمنية من وجود تلك الجماعات الإرهابية، إلا أن القرن العشرين ربما كان فترة انتعاش لتلك الجماعات، واستطاعت خلاله بلورة بنائها الفكرى والتنظيمى، كما تنوعت أشكال وأفكار وأسماء وانتماءات وممارسات تلك الجماعات التى قدمت نفسها- زيفا وبهتانا- على أنها البديل الإسلامى الحقيقى، القادر على بناء دولة الخلافة واستعادة أمجاد الماضى، لكن الحقيقة أن تلك الجماعات أساءت إلى الماضى وشوهت الحاضر، ووضعت المستقبل أمام مصير مجهول، فتلك الجماعات كانت ولا تزال تستطيع التكيف مع كل عصر، تتوارى أحيانا لكنها لا تموت.
شكّل سقوط الخلافة العثمانية عام 1924، وتفكيك تلك الإمبراطورية الكبرى زلزالا هائلا فى العالم العربى الإسلامى، فللمرة الأولى منذ ظهور الإسلام يعيش هذا العالم بلا غطاء سياسى حاكم، على الرغم من أن الخلافة الإسلامية كانت فى كثير من الأحيان أضعف من أن توفر الحماية الضرورية لذلك العالم، فضلا عن تنازع شرعيات تلك الخلافة بين العديد من الأقاليم الإسلامية وتفتتها فى كثير من الأحيان فأعلنت كل دولة وأحيانا مدينة "خلافتها" الخاصة، لكن السقوط الأخير للخلافة العثمانية لم يكن بالأمر الذى يمكن تقبله بسهولة، وكانت له الكثير من التداعيات التى ما تزال تتواصل إلى اليوم.



«الإخوان» والإرهاب
واحدة من أهم النتائج التى ترتبت على انهيار الخلافة العثمانية كان ظهور تيار الإسلام السياسى فى المنطقة العربية، ورغم وجود أفكار هذا التيار منذ فترة بعيدة، إلا أن تحول تلك الأفكار إلى واقع جاء بعد عام 1924، وقد شهد هذا التيار الكثير من التحولات والتبدلات التى أدت فى النهاية إلى ظهور الجماعات الإرهابية التى نراها فى عالمنا اليوم.
واحدة من أهم جماعات الإسلام السياسى التى ظهرت فى تلك الفترة كانت جماعة «الإخوان المسلمين» التى أسسها حسن البنا فى مصر عام 1928، وكان أهم أهدافها إقامة دولة الخلافة الإسلامية، وربما لا يعنينا هنا الحديث تفصيلا عن ظروف نشأة تلك الجماعة، التى سرعان ما تحولت إلى الجماعة الأم لجماعات مشابهة نشأت فى العديد من الأقطار العربية، بقدر ما يعنينا تلك التحولات التى شهدتها الجماعة والأفكار التى أصبحت أساسا لجماعات أخرى لاحقا سارت فى طريق مختلف عما بدأته الجماعة، وانتهجت منهجا مغايرا لما تعلنه الجماعة دوما عن نفسها.
فعلى الرغم من تأكيدات جماعة «الإخوان» عبر تاريخها أنها جماعة إصلاحية دعوية، إلا أن طموحاتها السياسية كانت سيفا ذا حدين فى تاريخها، فقد كونت الجماعة فى سنوات التأسيس الأولى جناحا شبه عسكرى، ظل لسنوات طويلة طى الكتمان ومحل نفى من الجماعة نفسها، عرف باسم «التنظيم الخاص» وقد أحاطت الجماعة هذا التنظيم بأقصى درجات السرية، لدرجة أن أعضاءه- بحسب ما ورد فى مذكرات لاحقة لبعض الشخصيات التى انتمت إليه- كان يحظر عليهم حضور دروس لشخصيات إخوانية أو حتى الصلاة فى مساجد معروف عنها تبعيتها للإخوان، وذلك إمعانا فى إبعاد أية شبهة لعلاقة الجماعة بهؤلاء الأعضاء إذا ما تم كشف أمرهم من الجهات الأمنية، وقد دأبت الجماعة على إنكار وجود هذا التنظيم، لكن اعترافات ومذكرات العديد من القيادات الإخوانية البارزة والتى صدرت لاحقا أزاحت ستار الصمت عن هذا التنظيم، فاعترف على سبيل المثال مرشد الإخوان الأسبق محمد مهدى عاكف بانتمائه لذلك التنظيم.
ووجهت السلطات المصرية فى عهود مختلفة اتهامات ارتكاب العنف والإرهاب لجماعة الإخوان، خاصة مع ارتكاب عناصر من الجماعة لعمليات اغتيال أو محاولات اغتيال لعدد من الساسة وكبار المسئولين المصريين، ومن ذلك الاتهام باغتيال أحمد باشا ماهر رئيس الوزراء المصرى فى 24 فبراير 1945، كما تم إدانة عضوى جماعة الإخوان حسن عبدالحافظ ومحمود زينهم باغتيال القاضى أحمد الخازندار فى 22 مارس 1948، وفى نفس العام أدين أحد أعضاء التنظيم الخاص باغتيال رئيس الوزراء محمود فهمى النقراشى بعد إصداره قرارا بحل جماعة «الإخوان» مبررا القرار بتحول الجماعة إلى مصدر خطر على الأمن العام، وذلك بعد ضبط العديد من عناصرها وهم يقومون بتصنيع القنابل وإعداد المتفجرات، واستخدام بعضها ضد مؤسسات الدولة، فضلا عن الاشتباكات والاعتداءات المتكررة من جانبهم على رجال الشرطة، وبعد عدة أشهر، تم اغتيال مؤسس الجماعة حسن البنا مساء السبت 12 فبراير 1949، وأشارت الكثير من المصادر التاريخية إلى أن ذلك كان ردا من الحكومة على اغتيال النقراشى.
كما اتهمت السلطات المصرية بعد ثورة 23 يوليو 1952 جماعة «الإخوان» بتدبير اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر، فيما عرف بحادث المنشية فى 26 أكتوبر 1954 وتمت محاكمة وإعدام عدد منهم، وقد اعترف مؤخرًا المتهم الثالث فى القضية «خليفة عطوة» بأنهم فعلًا حاولوا قتل الرئيس جمال عبدالناصر، كما اعترف نجل القيادى الإخوانى عبدالقادر عودة بتدبير «الإخوان» للحادث، إلا أن الجماعة رسميا تصر على اعتبار تلك الجرائم «أعمال فردية استنكرها الإخوان فى حينها»، كما اعتبروا محاولة قتل جمال عبدالناصر فى حادثة المنشية «تمثيلية كبرى بهدف القبض على الإخوان المسلمين والزج بهم فى السجون والمعتقلات وإزاحتهم من الطريق للاستئثار بالسلطة والانفراد بالحكم».
التأثير الأخطر
لكن أيا كانت حقيقة هذه الجرائم، فإن التأثير الأخطر الذى لا يمكن إنكاره فى هذا السياق هو التأثير الفكرى، فقد كان لأفكار القيادى الإخوانى البارز سيد قطب، والذى تم إعدامه عام 1966، وبالتحديد أفكاره التى صاغها فى كتابه «معالم فى الطريق» عن الحاكمية وتجهيل المجتمع وإقامة دولة السماء بالقوة أكبر الأثر على كافة التنظيمات الإسلامية التى خرجت فيما بعد، والتى استندت على تلك الأفكار كأساس للذهاب بعيدا فى أفكار تكفير المجتمعات العربية والمسلمة، وتبرير عملياتها الدموية بزعم تغيير تلك المجتمعات وإقامة «دولة الخلافة».
وتشير الكثير من المراجع والمصادر إلى أن «التنظيم السرى» المسلح الذى كان الذراع العسكرية لجماعة «الإخوان» كان بمثابة الملهم لكل التنظيمات والجماعات المسلحة حتى الآن.. كما ارتبط كثير من رموز التنظيمات التكفيرية لاحقا بشكل أو بآخر بجماعة الإخوان سواء فكريا أو حتى تنظيميا، ومن الأمثلة فى هذا الصدد تعاون محمد قطب- شقيق «سيد قطب»- مع عبدالله عزام (الفلسطينى المعروف بأبى المجاهدين العرب فى أفغانستان ومعلم اسامة بن لادن)، وكذلك أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة الحالى، الذى تأثر بخاله محفوظ عزام محامى الإخوان وأحد قيادتهم.. وكان مؤسس بوكو حرام محمد يوسف عضوا بجماعة إخوان نيجيريا، وكذلك أحمد عبدى جودانى مؤسس تنظيم الشباب الذى بدأ مع إخوان الصومال.. كما تورد بعض التقارير أمثلة كثيرة موثقة عن علاقة قادة تنظيم «داعش» بتنظيم الإخوان، ومن ذلك التصريحات المصورة للشيخ يوسف القرضاوى رئيس اتحاد علماء المسلمين وأحد أبرز الداعمين ل«الإخوان» والتى يعترف فيها بانتماء أبو بكر البغدادى زعيم تنظيم «داعش» لجماعة «الإخوان» فى فترة مبكرة من حياته.



الجماعة الإسلامية والجهاد
كانت مصر خلال سبعينيات القرن الماضى تموج بالكثير من المتغيرات، فما بين انكسارات التجربة الناصرية، وتشجيع الرئيس أنور السادات للبديل الإسلامى كمحاولة لضرب التيارات الناصرية والقومية التى حاصرته، بدأت تجربة تيار اسلامى خارج سياق جماعة «الإخوان» وإن لم تكن بعيدة عن نفس الإطار الفكرى، وشهدت تلك السنوات ظهور العديد من الحركات التى لا يمكن حصرها فى هذه السطور، واتخذت مسميات متعددة، ومعظمها كان نتاج انشقاقات من الجماعات بعضها البعض، لكن أهم تلك الجماعات كانت «الجماعة الإسلامية» التى تركزت فى أوساط الحركة الطلابية بالجامعات، وسرعان ما انقسمت إلى ثلاثة تيارات، فانضم فريق إلى جماعة «الإخوان» التى بدت جماعة عجوز فى ذلك الوقت وقد بدأ السادات فى الإفراج عن قياداتها من السجون، ليعيد هؤلاء الشباب، ومعظمهم من جامعات القاهرة الدماء إلى شرايين الجماعة، بينما اقترب جناح من الأفكار السلفية الوهابية واتخذ من الإسكندرية معقلا له، فيما احتفظ الفريق الثالث باسم «الجماعة الإسلامية» وركز جهوده على محافظات الصعيد، وانغمس فى الأفكار الجهادية، لتكون واحدة من أبرز الجماعات المتطرفة والتى امتد نشاطها وتأثيرها خارج الحدود المصرية، وكان هدفها محددا وخطيرا وهو قلب نظام الحكم وإقامة دولة بديلة، وشنت الجماعة هجومًا واسعًا ضد رجال الأمن المصريين كما قامت بتنفيذ عدد من الاغتيالات لشخصيات بارزة منها د. رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب الأسبق ود. فرج فودة الكاتب المعروف، إضافة إلى محاولة اغتيال الأديب العالمى نجيب محفوظ، كما انتهجت الجماعة فى مرحلة لاحقة الهجوم على السائحين وكان أشهرها الهجوم الذى وقع فى الأقصر فى شهر نوفمبر من عام 1997 وقتل فيه قرابة 58 سائحًا أجنبيًا، كما أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن محاولة اغتيال الرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك فى أديس أبابا فى شهر يونيو 1995.. وفى نفس التوقيت تقريبا ظهرت جماعة الجهاد، وضمت عددا من الضباط، ومن بينهم عبود الزمر وعطا طايل وخالد الاسلامبولى، الذين شكلوا فيما بعد الخلية التى نفذت أخطر عمليات الاغتيال السياسى فى السبعينيات، وهى اغتيال الرئيس المصرى أنور السادات عام 1981 كما تبنت محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق حسن الألفى فى أغسطس 1993 ورئيس الوزراء عاطف صدقى فى نوفمبر1993، وساهم وجود «أيمن الظواهرى» ضمن قيادتها فى نقل عملياتها خارج مصر بما فيها أفغانستان وباكستان، كما اشتركت مع منظمة القاعدة فى عمليتى نسف السفارتين الأمريكيتين فى كينيا وتنزانيا، وفى الثمانينيات أعلن عن اندماج جماعتى الجهاد والجماعة الإسلامية لتصدر الجماعتان مجموعة من المراجعات الفقهية التى أعلن بموجبها أعضاء الجماعتين التخلى عن نهج العنف والعمليات الإرهابية، وبالفعل تم الإفراج عن عدد من قيادات وأعضاء الجماعة فى عهد الرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك، وتم استكمال الإفراج عن أخطر قيادات الجماعة وبينهم من تورط فى عمليات الاغتيالات الكبرى فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى، إلا أن مجريات الأحداث فى مصر فيما بعد أثبتت هشاشة هذه المراجعات، ففى مرحلة ما بعد 30 يونيو 2013 عاد عدد من عناصر وقيادات الجماعة إلى انتهاج العنف أو التحريض عليه، ويمثل مقتل رفاعى طه القيادى بالجماعة الإسلامية وأحد مؤسسيها فى غارة بطائرة بدون طيار فى سوريا مطلع شهر إبريل الماضى دليلا إضافيا على تغلغل فكر العنف فى عناصر تلك الجماعات وصعوبة التراجع عنه.



وانتشرت فى عقود السبعينيات والثمانينيات وحتى التسعينيات العديد من التنظيمات التى خرجت من عباءة تنظيمات الجهاد، منها تنظيم «الناجون من النار» الذى اعتمد على مبدأ تكفير المجتمع حكامًا ومحكومين، وتورط فى عدد من محاولات الاغتيال لوزراء وساسة وإعلاميين، وهناك أيضا جماعة «المسلمون»، وقد عرفت اعلاميًا باسم جماعة (التكفير والهجرة)، وتكمن أهميتها فى أنها خرجت من معطف الإخوان المسلمين كتعبير مباشر عن أفكار سيد قطب بالذات، وفى عام 1977 قامت الجماعة بخطف ثم قتل وزير الأوقاف المصرى آنذاك الشيخ «محمد الذهبى».. وهناك أيضا «جماعة شباب محمد» التى قد عرفت إعلاميا باسم (جماعة الفنية العسكرية)، وتعد من أشد التنظيمات الإسلامية خطورة، وقد حاول هذا التنظيم تنفيذ أول محاولة لانقلاب إسلامى على الدولة المصرية لإعلان الخلافة، وقام بالسيطرة على الكلية الفنية العسكرية فى ابريل 1974.



العشرية السوداء
التجربة الجزائرية تبدو متشابهة فى بعض أبعادها مع التجربة المصرية، لكنها كانت أشد عنفا وقسوة، خاصة فيما عرف بالعشرية السوداء، والتى ارتكبت فيها الجماعات الإسلامية العديد من المجازر الدموية بعد إلغاء فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالانتخابات عام 1992، وبدأت الجماعات المسلحة فى الظهور، مثل الحركة الإسلامية المسلحة، والجبهة الإسلامية للجهاد المسلح، ولكن أبرز جماعتين هما الجيش الإسلامى للإنقاذ، الذى يعتبر الجناح المسلح للجبهة الإسلامية للإنقاذ، وكذلك الجماعة الإسلامية المسلحة التى كان يشار إليها بالأحرف الأولى بالفرنسية «ألجيا» والتى كانت من أكثر الجماعات دموية، خاصة وأنها انتقلت من تكفير النظام ورجاله، إلى تكفير الشعب، ووجدت من يمدها بفتاوى من الخارج، تجيز قتل الرجال والنساء والشيوخ والأطفال بذريعة أن هؤلاء متواطئون مع النظام، ووصلت هذه الجماعة إلى حد تنفيذ عمليات إرهابية فى الخارج أو ضد أهداف أجنبية، مثل تفجير مترو الأنفاق بباريس، ثم اختطاف طائرة الخطوط الجوية الفرنسية سنة 1994، فضلا عن اختطاف واغتيال رهبان دير تبحيرين جنوب الجزائر سنة 1996، قبل أن تشرع فى تنفيذ مجازر جماعية بشعة لقرى بأكملها، فضلا عن استهداف رموز الصحفيين والمثقفين الجزائريين بشكل خاص.
الطريق إلى "القاعدة"
كما ظهرت عشرات التنظيمات الإرهابية فى العديد من الأقطار العربية، مهدت الطريق لتأسيس واحد من أخطر التنظيمات الإرهابية فى القرن العشرين، ألا وهو تنظيم «القاعدة»، الذى يمثل تحولا كبيرا فى تاريخ الإرهاب الموصوف بالإسلامى، فقد تحول إلى منظمة متعددة الجنسيات تأسست فى أواخر ثمانينيات القرن العشرين وتبنى الدعوة إلى الجهاد الدولى ومثل كل التنظيمات التى سبقته، رفع تنظيم «القاعدة» شعار إعادة تأسيس الدولة الإسلامية، وذلك بالتعاون مع الجماعات المتطرفة لقلب أنظمة الحكم التى تعتبرها غير إسلامية وإبعاد الغربيين عن الدول الإسلامية، ودخل تنظيم «القاعدة» التاريخ من أعنف أبوابه عندما تبنى هجمات 11 سبتمبر 2001 على نيويورك وواشنطن، والذى أدت تداعياته إلى تغيير شكل العالم، كما اعتمد التنظيم على الكثير من خلاياه التى ارتبطت به فكريا فى العديد من الدول، ونفذ العديد من التفجيرات الكبرى لمؤسسات سياسية وأمنية ومنشآت سياحية، كما شنت العديد من الهجمات على مؤسسات عسكرية غربية وأميركية على وجه الخصوص، كما اشتهر بعمليات الخطف وطلب الفدية، والتى وصلت فى عام واحد فقط هو عام 2013 على سبيل المثال إلى 165 مليون دولار. جماعة طالبان



والحقيقة التى ينبغى الإشارة إليها فى هذا السياق هى أن التنظيمات الإرهابية الحديثة لم تقتصر فقط على العرب، فقد ظهرت العديد من التنظيمات المتطرفة والإرهابية بين المسلمين من غير العرب، ومن أشهر الجماعات المتشددة التى تحالفت مع تنظيم القاعدة حركة طالبان التى نشأت فى ولاية قندهار جنوب غرب أفغانستان على الحدود مع باكستان عام 1994 على يد الملا محمد عمر، ورفعت فى البداية شعار القضاء على مظاهر الفساد الأخلاقى وإعادة أجواء الأمن والاستقرار إلى أفغانستان، وطبقت طالبان عقوبات مثل الإعدامات العلنية وأمرت الحركة الرجال بإطلاق لحاهم والنساء بارتداء النقاب، كما حظرت مشاهدة التلفزيون والاستماع إلى الموسيقى وارتياد دور السينما، ورفضت ذهاب الفتيات من سن العاشرة إلى المدارس، ويمتد وجود الحركة إلى باكستان، حيث تمتلك طالبان باكستان ما يزيد على 35 ألف مقاتل، ونفذت سلسلة من العمليات الإرهابية وخاصة باستخدام السيارات المفخخة، وكان من أشهر الجرائم التى ارتكبتها محاولة قتل ملالا يوسف زاى الناشطة فى مجال تعليم الفتيات، والتى حصلت لاحقا على جائزة نوبل للسلام.
وفى باكستان تنشط أيضا جماعة «لشكر طيبة» وتصنف ضمن الجماعات السلفية الجهادية، وترجع بعض المصادر تأسيسها إلى ثمانينيات القرن العشرين بمبادرة من الجيش والمخابرات الباكستانيين لضرب الوجود الهندى فى كشمير، وتعتبر هى المسئولة عن هجمات بومباى 2008، والعديد من الهجمات التى نفذت فى الشطر الهندى من جامو وكشمير.



وغير بعيد عن باكستان وأفغانستان تنشط جماعة «أبو سياف» وهى جماعة انفصالية تعمل فى جنوب الفليبين، وقد انشقت هذه الجماعة عن جبهة مورو للتحرير الوطنى فى 1991، وتستخدم الجماعة القنابل، وعمليات الاغتيال والاختطاف، وتحصيل الإتاوات لتأييد إقامة دولة إسلامية مستقلة فى مناطق بجنوب الفليبين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.