يحكى في التاريخ العربي القديم والتاريخ الحديث عن الساخر الضاحك الباكي جحا أنه كان عنده حمار وأراد ان يذهب هو وولده إلى بلد غير بلده ربما ليزور أحد اقربائه أو ان يذهب إلى السوق ليشتري احتياجاته واحتياجات أسرته في الشهر الكريم، وكان حمار جحا ضعيفا لا يستطيع ان يتحمل شخصين بحجم جحا وابنه، فأشار الابن على ابيه ان يمتطي ظهر الحمار ويسير هو ورائه لكبر سن الأب وفي نفس الوقت برا بوالده، وفي الطريق إلى القرية او السوق، كان هناك جماعة من الناس على قارعة الطريق يجلسون ويتناقشون ويتفكهون فرأوا جحا يمتطي ظهر الحمار ويسرع وابنه في أثره فإذا بالقوم يلومون جحا على هذا العمل ويقولون ما بال هذا الرجل لا يوجد في قلبه شفقة أو رأفة بابنه فيجعله يسير خلفه مسرعا، فرق جحا وأنب نفسه واركب ابنه مكانه، وسار ركب جحا فإذا بقوم من الناس يفترشون الأرض يجلسون ويتناقشون ويتفكهون ولاحظوا أن جحا الأب الكبير يسير خلف ابنه الذي يمتطي ظهر الحمار، فتعجبوا وقالوا بصوت عال كيف لهذا الولد أن يركب الحمار ووالده المسن يجري خلفه، ولماذا لا يأخذ والده خلفه، ولم يكذب جحا خبرا فأسرع وقفز على ظهر الحمار خلف ابنهن وسار الحمار وهو يجر ارجله ويئن تحت وطأة الحمل الثقيل لجحا وابنه السمين، فإذا بجمع من الناس على قارعة الطريق يجلسون ويتناقشون ويتفكهون وفجأة وجدوا جحا وابنه يركبان الحمار فإذا بهم وفي نفس واحدة يقولون ما بال جحا وابنه انتزعت الرحمة من قلبيهما فيمتطيان ظهر الحمار المسكين الذي يئن في صمت وهو يسير، فلم يجد جحا بدا من أن يقول لولده يابني هيا ننزل ونريح الحمار من التعب الذي حل به، وفعلا نزلا من على ظهر الحمار فسحبه ابن جحا ووالده من خلفه، فإذا بمجموعة تجلس على قارعة الطريق ليس لها عمل إلا الجلوس في الطرقات تتناقش بصوت عال وتتفكه في خلق الله الرائحين والغادين، ووجدوا صيدا ثمينا تمثل لهم في جحا وابنه اللذين يسيران ويتركان الحمار يسير معهما، وقال بعضهم ما بال جحا وابنه يسيران على قدميهما ويتركان الحمار الذي خلق ليحمل الناس ويحمل متاعهم، إنه الجنون بعينه بل ربما العته الذي أصاب جحا وابنه في شهر رمضان المبارك. حزن جحا حزنا شديدا ولكنه تذكر أن الناس لا يعجبها العجب ولا الصيام في رجب وأن من يستمع إلى الناس لن يستطيع أن ينجز شيئا في حياته، وقال لابنه وهو يعظه بحكمة يا بني إياك أن تستمع لمن يريد أن يشغلك عن عملك سواء كان هؤلاء من الناس الجالسين على الطرقات أو الجالسين في الفضائيات، لأن الواحد منهم يحسب نفسه أبو العريف الذي أوتي من علوم الدنيا ما لم يؤت أحد مثله، فهؤلاء يا ولدي يفعلون مثل ما يفعله المثبطون للهمة واحذر أن يفتنوك أو يبعدوك عن أهدافك لأنهم ليسوا مخلصين.