احتفلت الباكستان اليوم بالذكرى ال135 لميلاد شاعرها الكبير (محمد إقبال) و هو أول من نادى بقيام دولة مستقلة للمسلمين المعروفة بالباكستان في شبه القارة الهندية و تحققت دعوته بقيام الباكستان من خلال زعيمها محمد علي جناح عام 1947 أي بعد تسعة سنوات من وفاة شاعرها و معلمها الكبير. أعلنت الدولة اليوم الجمعة 9 نوفمبر عطلة رسمية للإحتفاء بذكرى فيلسوفها الكبير الذي ولد يوم 9 نوفمبر من عام 1877 في سيالكوت في بيت علم و معرفة حيث كان والده الشيخ نور محمد الملقب ب(تتهو) أي الشيخ ذي الحلق في الأنف و ألحقه أبوه بأحد المكاتب الخاصة بحفظ القرآن الكريم في الرابعة من عمره و وجد الأب أن ولده لابد من تفرغه للعلوم النقلية أي العلوم الدينية لكن أشار عليه أحد أصدقائه أن هذا الصبي لم يخلق للتعليم النقلي فقط بل مواهبه تستوعب أكثر من ذلك فألحقه والده بالمدرسة و أنتقل للدراسة الثانوية حيث تلقى العلم على يد أستاذه (مير حسن) دارسًا الآداب العربية و الفارسية مع التركيز على الدراسات الإسلامية التي أعطت لإقبال صبغةً خاصة في تصنيفه كمفكر يمتلك النزعة الصوفية. بدأ إقبال ينظم الشعر في مرحلة مبكرة من حياته من خلال تشجيع أستاذه (مير حسن) حيث كان يكتب الشعر باللغة البنجابية لكن الأستاذ (مير حسن) شجعه على كتابة الشعر باللغة الأوردية و كان يرسل قصائده للشاعر (ميرزا داغ دهاوي) الذي كان يقرض قصائده باللغة الأوردية و كان يتابع تطوره الشعري أولاً بأول حتى وصل الأمر بإعتراف الشاعر الكبير بأن قصائد إقبال في غنى عن التنقيح ليعلن عن فوز اللغة الأوردية بشاعر متميز يمتلك أدوات الشعر المميز. حصل إقبال على إجازة الآداب في الدراسات الفلسفية من جامعة (البنجاب) عام 1897 ثم حصل على الماجستير عام 1899 ثم حصل على درجات مرمومة في إمتحان اللغة العربية و حصل على الدكتوراة في الفلسفة من جامعة ميونيخ الألمانية و عمل بالمحاماة فترة ليست بالقصيرة حيث أفادته المحاماة في معرفة أحوال العباد لكي يتناولها أفضل تناول في قصائده الشعرية إلى جانب حجته القوية في أن يكون للمسلمين دولة مستقلة في شبه القارة الهندية. طاف إقبال في العديد من البلاد الأوروبية لنشر الإسلام من خلال الفكر و الفلسفة بإلقائه محاضرات عن الإسلام في مدريد و لندن و غيرها من المدن الأوروبية إلى جانب إلقائه لأشعاره التي أثرت في نفوس الأوروبيين و كان الزعيم الإيطالي (بينوتو موسوليني) من أشد المعجبين به حيث دعاه لإيطاليا و ألقى بها محاضرة عام 1931 عن الفرق بين الحضارة الغربية و الشيوعية و الحضارة الإسلامية و قال أن من أسباب تخلف المسلمين هو البعد عن دينهم مذكرًا أن ماضي المسلمون كان زاهرًا لتمسكهم بدينهم ، وزار مدريدإسبانيا عام 1932 بعد حضوره مؤتمر المائدة المستديرة الثالث ليقف أمام جانع قرطبة منشدًا: نسيمك عذب رقيق الهبوب أيا جامعًا فيك جمع القلوب أيا جامعي خصني بالنظر أنا المؤمن الحق فيمن كفر لكم حسن شوقًا لرب العباد و إيمانه زاد دومًا و زاد أعتبر بعض الباحثين تلك القصيدة من روائع الأدب العالمي و كانت إسبانيا هي بوابة العالمية له حينما ألقى محاضرة بعنوان (العالم الفكري للإسلام و إسبانيا). زار إقبال أفغانستان و زار مصر حيث أعجب بشاب حاوره و لشدة إعجابه بهذا الشاب ظل إقبال مرتديًا الطربوش و زار فلسطين عام 1931 حيث زار القدس منشدًا: و لما نزلنا منزلاً طله الندى أنيقًا و بستانًا من النور حاليا أجد لنا طيب المكان و حسنه مني فتمنيا فكنت الأمانيا كان إقبال مقاومًا للاستعمار البريطاني حيث عرضوا عليه منصب نائب ملك جنوب أفريقيا لكنه رفض و ظل على دعوته لتأسيس الباكستان مع استمراره في قرض فيضه الشعري و الصوفي مع كتابته لكتب كثيرة في مجالات مختلفة ك(الاقتصاد – التاريخ – الفلسفة – الدين) لكن شعره غطى على أعماله الفكرية و لكن هذا لا يمنع من براعتها و حلاوتها. تأثر بمحمد إقبال في شعره و فكره(مصطفى لطفي المنفلوطي – أحمد أمين – سيد قطب – مصطفى صادق الرافعي – عمر بهاء الدين الأميري) من خلال تحفه الفكرية و الشعرية و من مؤلفات إقبال (جرس القافلة (بانك درا) – أسرار معرفة الذات (أسرار خودي) – أسرار فناء الذات (رموز يخودي) – مسافر – جناح جبريل (بال جبريل) – الكليم موسى (ضرب كليم)). غنت له أم كلثوم قصيدة (شكوى) و التي عُرفت باسم (حديث الروح) اتميزها بصوفية عالية و إعتزاز كبير بالإسلام إلى جانب أن الزعيم محمد علي جناح المعروف ب(قائدي أعظم) أو القائد الأعظم أستشهد بدور إقبال الشعري و التنويري في فكرة تأسيس الباكستان يوم خطاب إعلان جناح لميلاد (الباكستان) عام 1947 حيث ولد الأمل الذي تردد على لسان شاعر الباكستان محمد إقبال بعد وفاته بتسع سنوات حيث توفي يوم 21 أبريل من عام 1938.