في القمة العربية الرابعة و العشرين التي أقيمت بالدوحة العاصمة القطرية و التي شهدت تغيرًا كبيرًا و مفاجأة كبيرة من العيار الثقيل بملء مقعد سوريا الذي كان شاغرًا في القمة العربية التي عُقدت في بغداد عام 2012 حيث قاطعت الحكومة السورية النظامية تلك القمة لنجد المقعد يمتليء و يشغل بالمعارضة السورية من خلال (معاذ الخطيب) رئيس الائتلاف الوطني السوري حيث قامت كلمته بإبكاء الحاضرين بالقمة و يناشد و ينادي في حوارات صحفية بضرورة المساعدة الدولية بالتدخل العسكري من قبل الناتو لإيقاف زئير الأسد الجارح في سوريا وسط نيران قاتلة لا تزال تلتهم الأخضر و اليابس. ما سعت إليه قطر بحضور المعارضة السورية إلى القمة العربية الرابعة و العشرين بالدوحة كناية على إعتراف رسمي من قطر و كل أعضاء الجامعة العربية لحكومة الائتلاف السوري و بداية النهاية حسب مسألة الوقت للنظام السوري المترنح بين النهاية و البقاء في تأرجح شديد الخطورة ينذر عن حرب عالمية ثالثة قادمة تكون سوريا هي مركزها و نواة وقوعها خاصةً بعد تجدد طلب (معاذ الخطيب) بتدخل قوات الناتو لإيقاف يد الأسد فيما يفسده بسوريا مثل الأسد الجريح الذي يلتهم الجميع كناية على إقتراب وفاته و نهايته كملك للغابة و هذا ما يحدث لبشار الأسد فبإعتراف القمة العربية بالمعارضة السورية تقترب شهادة وفاته كملك للأراضي السورية و التي ورثها بالرداء الجمهوري من أبيه حافظ الأسد الذي جعل بتعديل دستوري في غمضة عين ولده رئيسًا لسوريا كأمر واقع و حتمي رغم أنف الجميع. (مقعد الجمهورية العربية السورية شاغرًا في قمة بغداد 2012) في حالة تدخل قوات الناتو بسوريا كما حدث بليبيا فإن الأزمة لن تهدأ و لن تصمت و إذا صمتت فالصمت سيكون واهيًا و وهميًا لأن قوات الناتو قد تعبث بمقدرات سوريا كما تعبث بالمقدرات الليبية خاصة و ليبيا تمتلك أجود نوع جاز على مستوى العالم أجمع و هنا يتكرر سيناريو حرب الخليج الثانية بالسيطرة على النفط الخليجي من قِبل القوات الأمريكية هناك بقواعدها العسكرية. (معاذ الخطيب يلبي دعوة أمير قطر بشغل مقعد سوريا كإعتراف ضمني بحكومته الائتلافية) إن دعوة أمير قطر للمعارضة السورية بشغل مقعدها الشاغر في القمة العربية كناية على أن الأوضاع السياسية ستظل ملتهبة في سوريا و أن كلمة الحل السياسي ستظل في أضابير الأحلام لأن إستدعاء المعارضة للتمثيل الدبلوماسي في الجامعة العربية مع فتح مقر سفارة للمعارضة السورية بقطر تؤجج من الصراع و تخرجه من نطاق المحلية إلى الإقليمية مما يجعل البلاد العربية تقع بين طرفي الصراع السوري / السوري ما بين النظامية و المعارضة قد تدخل في نطاق العالمية إذا تم تنفيذ ما دعا إليه وزير الخارجية الأمريكي (جون كيري) أثناء مؤتمر صحفي مع نظيره وزير الخارجية النرويجي في واشنطون قائلاً: (إن ما تريده الولاياتالمتحدة و العالم وقف العنف في سوريا ، و أن يجلس مع الرئيس السوري بشار الأسد و المعارضة السورية على طاولة التفاوض لتشكيل حكومة إنتقالية وفقًا لبروتوكول جينيف الذي يتطلب موافقة متبادلة من كلا الطرفين على تشكيل هذه الحكومة). هذا التصريح يعطي بشكل ضمني إعتراف أمريكي بالحكومة النظامية و لاينظر لحكومة الائتلاف السوري و العكس صحيح في الإعتراف العربي حيث الإعتراف بحكومة الائتلاف السوري و عدم الإعتراف بحكومة بشار النظامية و هذا ينذر بمؤشر خطير بأن شبح الحرب العالمية الثالثة تنذر بالمجييء بناءً على تنبؤات الخبير السياسي الكبير (هنري كيسنجر) صاحب الخلفية السياسية المخضرمة حينما قال بأن الحرب القادمة ستكون بين الطرف الأمريكي و الأوروبي أمام الطرف الصيني و الروسي و سينتصر الطرف الأمريكي و من تنبوء كيسنجر أرى أن الحرب إقتربت و سوريا هي مسار الحرب في حالة تدخل الأطراف المناوئة للحكم النظامي (كروسيا – الصين – إيران) و الأطراف المناوئة للمعارضة (تركيا - بعض البلاد العربية – قطر) و ما يخزن هذا التأجج البيان الختامي للقمة العربية الذي تلاه نائب الأمين العام للجامعة العربية (أحمد بن حلي): (تقديم الدعم اللازم للمعارضة السورية و الجيش الحر في حق الدفاع عن نفسه ضد بشار الأسد و قواته النظامية من خلال الإعانات العسكرية و منح الائتلاف الوطني المعارض جميع مقاعد دمشق في الجامعة ومنظماتها حتى تنظيم انتخابات في سورية، وأعتبرت الائتلاف الممثل الوحيد والشرعي للشعب السوري والمخاطب الوحيد من طرف الجامعة وهيآتها). هنا نرى أن ما يحدث لسوريا بين دفتي الصراع القائم بين الحكومة النظامية و حكومة الائتلاف الوطني ما حدث لفرنسا أثناء الحرب العالمية الثانية حينما إنقسمت فرنسا بين حكومة (فيشي) بقيادة الجنرال (فيليب بتان) و حكومة (فرنسا الحرة) بقيادة الجنرال (شارل ديجول) و التي أخذت الموافقة من بريطانيا و أمريكا و الاتحاد السوفيتي مما دعم لها النصر عام 1944 بعد أربع سنوات من الكفاح أما في الصراع السوري فالأمر أكثر إختلافًا لأن الصراع هنا أهلي و دائر في خضم الحرب الأهلية و أطراف الصراع سيتحدد حسب المصالح التي ستفرض نفسها على يابسة الصراع التائه عنه الحل السياسي الذي ذُكر أكثر من مرة في القمة ما بين الافتتاح و الختام لكن يفتقد للتفعيل من خلال الدعم الواضح للطرفين بالإستمرار في القتال إلى أن يتحدد من سيكون المنتصر.