الزمان المصرى :سارة الباز :يعيش الإسرائيليون حالياً كابوس «الثورة المصرية» كما ينظرون إليها، فقد قضت مضاجعهم عقب الإعلان المصري عن فتح معبر رفح بصورة دائمة أمام الفلسطينيين العالقين في قطاع غزة، لتعلن مصر أنها لن تشارك بعد الثامن والعشرين من مايو في حصار الشعب الفلسطيني الذي ذاق الأمرين علي يد جيش الاحتلال الصهيوني الذي حاصره براً وجواً وبحراً. ويبدو أن إسرائيل باتت على موعد مع يوم الثامن والعشرين لتتلقى فيه مفاجآت غير سارة لها ولشعبها، حيث تفجرت جمعة الغضب في الثامن والعشرين من يناير / كانون الثاني في وجه الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك الذي أتبع سياسة «حسن الجوار» مع إسرائيل التي طالما كانت ترفع في وجه الفلسطينيين شعار التهديد والوعيد. وجاء يوم السبت الثامن والعشرين من مايو / أيار ليملي إرادة الشعب المصري بأكمله على جارة دائما ما وصفت ب«العدائية» نتيجة لسياساتها العنصرية والدموية تجاه الجنس العربي. ويرى المراقبون الإعلان المصري تتويجاً لثورات «الربيع العربي» التي بدأت بالفعل في تغيير ملامح معادلة الصراع العربي الإسرائيلي، حيث ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن قرار مصر فتح معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة بشكل دائم يعكس مدى قدرة الثورات العربية على إعادة تشكيل الموقف في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني بشكل يدعو لتزايد القلق لدى تل أبيب. وعقدت الصحيفة الأمريكية مقارنة بين الموقف المصري من فتح المعبر قبل وبعد تنحي مبارك، مشيرة إلى أن العلاقات المصرية - الإسرائيلية التي استمرت لأكثر من ثلاثين عاما قد شهدت توافقا في الرؤى بين تل أبيب والقاهرة فيما يخص معبر رفح في السنوات الأخيرة لحكم الرئيس المصري السابق، وهو الأمر الذي جعل من القاهرة موضع انتقاد في العالم العربي. وأوضحت أن نظام مبارك منع بشكل كبير تنقل الأفراد والبضائع بين جانبي المنفذ الوحيد لقطاع غزة خارج إسرائيل ليس فقط استجابة للمخاوف الإسرائيلية من وصول الأسلحة لحركة حماس، لكن أيضا لتخوف القاهرة من تواصل الحركة مع الجماعات الإسلامية المعارضة للنظام المصري السابق. أما على صعيد الجانب الإسرائيلي، فقد ذكرت صحيفة «يديعوت احرنوت» أن القرار المصري كان مفاجئا لإسرائيل، وان الحكومة الإسرائيلية تدرس طلب نشر مراقبين دوليين في المعبر، كما كان قائما قبل سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في يونيو 2007، للتأكد من عدم تهريب الأسلحة للقطاع، وان إسرائيل لن تسمح بفتح معبر رفح بهذا الشكل. ودعت عضو الكنيست ميري ريجف، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته إلى عقد اجتماع طارئ للجنة الخارجية والأمن البرلمانية، لمناقشة أبعاد قرار الحكومة المصرية فتح معبر رفح. ومن جانبه، اعتبر النائب الليكودي داني دانون - المحسوب على التيار اليميني في حزبه - أن قرار مصر فتح معبر رفح بصورة دائمة يدل على فشل خطة الانفصال عن قطاع غزة. أما النائب ناحمان شاي - من حزب كاديما المعارض – فقال في تصريحات للإذاعة الإسرائيلية العامة أن فتح معبر رفح يُعد فشلاً لحكومة نتنياهو التي فقدت الدعم الدولي لسياسة عزل حماس. وأشار مسئولون إٍسرائيليون إلى أنهم لا يستبعدون دخول منظمات إرهابية في اليوم الأول من فتح المعبر، وقال نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني أيالون أمام منتدى ثقافي في بلدة نيس تسيونا بجنوب وسط إسرائيل، إنه يحمل مصر المسئولية عن ضمان الأمن لإسرائيل ومنع الإرهاب. ونقلت صحيفة «يسرائيل هيوم» عن مسئولين دبلوماسيين في تل أبيب، قولهم : "إنه على الرغم من إعلان القاهرة أن فتح المعبر سيكون لمرور الأشخاص فقط وليس للنقل البضائع، فإنه ليس مقنعا لمنع دخول العناصر الإرهابية من سيناء إلى غزة" . وشن حزب «كاديما» الإسرائيلي المعارض هجوما حادا على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بشأن افتتاح معبر رفح على يد مصر دون أي تنسيق مع إسرائيل، حيث قال في بيان صادر عنه"إن ضعف الحكومة الإسرائيلية وقلة حيلتها للتنسيق والتعامل مع الأطراف الدولية أدى إلى عزلة وضعف موقفها الأمني مقابل صعود حركة حماس" وعلى الجانب الآخر، بدت علامات السرور والفرح ظاهرة على وجوه المسافرين الفلسطينيين من سكان قطاع غزة باتجاه الأراضي المصرية في اليوم الأول من بدء تطبيق القاهرة لتسهيلات تنقل الفلسطينيين عبر معبر رفح بشكل دائم. فللمرة الأولى منذ أكثر من أربع سنوات، عادت الحركة الاعتيادية للمعبر على الجانب الفلسطيني يوم السبت، ولمس المسافرون ذلك من خلال سرعة إنجاز المعاملات وسهولة توالي دخول الحافلات إلى الجانب المصري. وتتضمن قرار فتح المعبر السماح للنساء بكافة أعمارهن و الأطفال و الشيوخ بالعبور دون تأشيرة أما الرجال أكبر من 18 سنة و أقل من 40 سنة هم الفئة الوحيدة الذين يتطلب عبورهم استصدار تصريح خاص. وخارج المعبر، تظاهر عدد من الفلسطينيين ابتهاجا بالقرار المصري، ورفعوا الأعلام المصرية مرددين شعارات الشكر للشعب والحكومة المصريين على قرار فتح المعبر.