بقلم جلال الهجرسي النقشبندي كان لقاء سيدنا موسى بالسحرة الذين دعاهم فرعون لمبارزته اخر محاولة من فرعون للحفاظ على ملكه, والانتصار فى صراعه مع سيدنا موسى عليه السلام وتحطيم نظرية سيدنا موسى بدون استخدام القوة .لكن دعنا ننظر للموضوع من وجهة نظر فرعون الان.. فرعون يواجه تمردا داخليا يقوده من يعتبر ابنه ..واحد من ضباط الجيش المصرى انذاك... هذا التمرد يدعو الى عبادة اله غير فرعون حيث فرعون هو الاله ابن الاله .. يعلم فرعون ان هذا التمرد سيطيح به ويقضى على ملكه والوهيته .. فقد استنفذ جميع الوسائل الدعائية والخطابية للقضاء على شعبية سيدنا موسى..حيث اعلن الفرعون نفسه العقل الحكيم الذى يستطيع ان يرى ويسمع ويفكر نيابة عن الشعب... فقال لهم: لاارى لكم من اله غيرى..الى جانب اعلانه ابا حنونا للشعب.. وانه مايريد قتل سيدنا موسى الا خوفا من يشيع موسى الفساد فى الارض وخوفا على الناس . لم بيقى لفرعون سوى وسيلة واحدة وهى الاستعانة باصحاب العلوم وصفوة المقفين والعلماء ..وكانوا فى هذا الوقت هم السحرة ..واعلن سيدنا موسى التحدى لهذه الثقافة و العلم .فلم تبقى الا وسيلة واحدة واخيرة لفرعون لحفظ ماء وجهه.والخروج من هذا المأزق .. فدعى كل الناس لهذه المواجهة وكان فى يوم الزينة وهو يوم العيد ليضمن بذلك الدعاية الكافية فى حالة انتصار السحرة على سيدنا موسى... وليحقق السطوة الفكرية على عقول العامة.. ويضمن له الحكم لعقود عديدة دون ادنى احتمال للتمرد او ظهور موسى اخر .جاء الان الدور على السحرةصفوة العلماءالحقيقية التى تخطب ود النخبة الحاكمة وتوفر لهم كل ما يشاءون من اجل انقاذهم .. فعرض فرعون على السحرة المال والنفوذ فى حالة الانتصار . دعنا نتخيل الخلفية الحياتية والثقافية لهولاء السحرة فى بداياتهم ... فهم اطفال مصريين جاووا الى المعبدحين فقد اهاليهم الامل فى الحياة المستقرة الامنة تحت الحكم الفرعونى.. فبدوا البحث عن حياة جديدة...ولم يكن هناك سبيل للهروب من العبودية والسخرة سوى الذهاب بابنائهم لقوى اعلى من قوى الحكم وهم الالهة..فاودعوا ابنائهم فى المعابد للتعلم على امل ان يحظى ابنائهم ببعض المكاسب المادية والمعنوية اثر الالتحاق بمدرسة المعبد .. حيث سيصبحون السلطة الروحية للعامة ويحظون باحترام السطة فى نفس الوقت ...تعلم هولاء السحرة وكانوا من المتفوقين من بين اقرانهم مما جعل الكهنة الكبار يعطوهم بعض الاسرار وبعض العلوم المتقدمة للتميز عن اقرانهم..مما طور فكرهم فعرفوا ماهو الحق وما هو الباطل .. عندمااستدعى فرعون السحرة من انحاء مصر جاءت الصفوة مهنم وكان يدور فى عقولهم اخيرا أنه قد حانت الفرصة للوصول للسلطة .. فطلبوا من فرعون النفوذ فاعطاهم اياه ووعدهم انهم سيكونوا من المقربين .الان يوم الزينة احتشد الناس للمشاهدة والانتصار من سيفوز على من؟؟؟.. .فقال سيدنا موسى للسحرة القوا ما انتوا ملقون.. فالقى السحرة عصيهم وحبالهم واستطاعوا ببعض العلوم ان يخدعوا بصر الناسبوهمهم ان العصى هى ثعابين ..فالقى سيدنا موسى عصاه فابتلعت مالقوا .. عندها خر السحرة ساجدين بدون اى جدال أو نقاش او تردد . السؤال هنا... لماذا خر السحرة ساجدين ولم يسجد احد من العامة ممن يشاهدون الموقف ؟؟؟؟لماذا فقط السحرة الذين امنوا فى لاوقت عند رويتهم مافعله سيدنا موسى ولم يترجعوا عن موقفهم عندما تم تهديدهم بالعذاب المهين من فرعون فردوا بقولة امنا برب موسى وهاورن؟؟؟ .الفارق هنا بين الناس الذين حضروا يوم الزينة لمشاهدة والفرجة والسحرة.. أن السحرة هم الصفوة المثقفة المتعلمة اصحاب الابنية العقلية التى نشأت على العلم والمعرفة.. فهم يعلمون ما يستطيع الانسان ومالا يستطيع.. وقد امتلكت عقولهم القدرة على التميز وان ماكانوا يعملوا فى السابق من خرافات وخدع ماهى الا اشياء غرضها الربح... فهم يعرفون انهم يخدعون الناس بوهمهم بالقوى الخارقة ... الا انهم حظوا ببعض العلوم من خلال تربيتهم العلمية العقلية .. فاستطاعوا بذلك خلق سلطة موازية لسلطة فرعون بقواهم الفكرية لانهم هم المتصلون بالناس وهم اصحاب التاثير الاقوى .. سجد السحرة لانهم عرفوا ان مافعله سيدنا موسى خارج عن نطاق قدرة البشر علموا ان سيدنا موسى ماهو الا رسول من العليم الحكيم وأن هذا العلم لايمتلكه بشر.. وهذه القدرة الهية حقة استطاعت عقولهم اداركها فسجدوا بلا تردد وامنوا بلا تفكير او تعليق .هدد فرعون السحرة بالعذاب فلم يبالوا بما قال لاداركهم التام ان صاحب الملك هو رب موسى وهارون لا فرعون المتعالى و بذلك فقد فرعون كل الوسائل الفكرية العقلية لقمع التمرد فلم يتبقى لديه غير القوة العسكرية واستخدامها فى قتل كل اتباع سيدنا موسى والتخلص منهم حتميا .. وبذلك ادخل فرعون نفسه فى تحد لاقبل له به .. وهو تحدى القدرة الالهية وانتهى بغرقه مع جيشه . وهناك ايضا سؤال لامفر منه لماذا سجد السحرة ولم يسجد احد من كهنة فرعون او الكهنة الذين تواجدوا فى هذا اللقاء الموسوى الحاسم .هناك احتمالين لعدم سجودهم .. الاول ان هولاء الكهنة لم يصلوا لنفس الدرجة العلمية التى استطاع السحرة الوصول اليها حيث درجة الساحر هى اعلى درجة علمية فى هذا الزمان. . والاحتمال الثانى انهم كانوا على نفس الدرجة العلمية ولكن وقف امامهم عائق الاعتراف بان علومهم مجرد اوهام وان ماقضوا حياتهم فى تعلمه كان لاشى وان كل سلطتهم الروحية واحترام السلطة اصبح مهددا لو آمنوا كما آمن السحرة .. ووقفوا امام عائق انفسهم وعائق الكبر والمكابرة فقد حرمهم حظ انفسهم من نعمة الايمان فلم ينفعهم علمهم بشئ وانحطوا الى درجة الجهلاء من الناس..بل هم اكثر جهلا حيث انهم يعتقدون ان جهلهم علم . ما ميز السحرة هو انفتاح العقل والعقل المستنير بالعلم والمعرفة هذا الادوات هى التى قادت السحرة الى بر الايمان والخروج من دائرة فرعون الى دائرة سيدنا موسى . العقل وبناء العقل هو ما تهتم به علوم الطريق ...هو بناء انسان واعى منفتح على العالم غير متعالى يعلم انه من الممكن ان تخرج بعض الاشياء خارج دوائر معرفته ولاينكرها... بل يسعى ليعرفها ان كانت مفيدة يستخد مها... هذ ا ما يميز الطريق الصوفى وخاصة الطريقة النقشبندية .حيث تهتم الطريقة النقشبندية بالعقل وبنائه مع اخراجه من دائرة الغرور...وهذا يهدى الانسان ا لى الايمان وكشف الحقائق كما حدت مع السحرة الذين امنوا بالله ورسوله فى لاوقت و ثبتوا على ايمانهم بالرغم من العذاب .. لانهم بنور العلم والقلب وقوة المحبة قد كشفت لهم كل الحقائق الموسوية فى شانه الالهى كنبى ورسول مرسل وسلموا تسليما