بقلم حسن الشايب المرأة مخلوق رقيق وجميل ولكنها ليست بالضرورة ملاكاً..هي ككل البشر،حنونة وقاسية، مخلصة وخائنة، حبيبة وغادرة.هي كالقطة إن توددت إليها أعرضت عنك وإن أعرضت عنها تمسحت بك. إنها خليط من الأشكال والألوان كما قال (بيكاسو) ، وخليط من الملائكة والبشر كما قال (بلزاك). ولكنها أيضاً روح الحياة وبدونها يموت كل شيء. هذا المخلوق الرقيق الذي هو المرأة تشكو في عصرنا الحديث من اضطهاد الرجل لها واستخدامه العنف معها سواء كان هذا العنف جسدياً أم نفسياً، ولذلك راحت المرأة تشكل الجمعيات والمنظمات والتكتلات النسائية التي تسلط الضوء علي قضاياها ومشاكلها وتنسق فيما بينها إقليمياً ودولياً من أجل كسب أقصي ما يمكن من مزايا تحقق لها المساواة مع الرجل. بيد إن الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت قد قررت في جلستها الرابعة والخمسين يوم الخامس والعشرين من نوفمبر باعتباره اليوم الدولي للقضاء علي العنف ضد المرأة، ومن قبله أصدرت إعلانات عديدة للقضاء علي العنف ضد المرأة والقضاء علي جميع أشكال التمييز ضدها. ومن الظواهر الشائعة التي تعاني منها المرأة في كثير من مجتمعاتنا العربية هي ضرب الزوجات، وهي بلا شك من أسوأ الظواهر التي تلحق بالمرأة الأذي النفسي والجسدي وما ينتج عن هذا السلوك من تصدع في العلاقات الزوجية وتأثير سلبي خطير علي الأطفال. وللأسف فإن هذه الظاهرة لا تقتصر علي الطبقات الدنيا في المجتمع بل تشمل تلك التي تتميز بالرقي الاجتماعي والمادي. وكثيراً ما قرأنا وشاهدنا قصصاً مأساوية عن جرائم ووقائع كانت ضحيتها الأولي هي المرأة. وفي كتاب لها حول (العنف الأسري) ذكرت الدكتورة ليلي عبدالتواب أنها رصدت أنواعاً عديدة من العنف ضد الزوجات في مصر -من واقع ما ورد في الصحف المصرية- منها الحرق، والضرب بآلة حادة، والذبح والطعن بسكين، والقتل بالرصاص، والخنق، والصعق بالتيار الكهربائي، والسقوط من أدوار عالية وغيرها من الأساليب الوحشية التي تنم عن دونية مرتكبيها وانحطاط أخلاقهم بل وعدم سلامة قواهم النفسية والعقلية. فكيف يقبل الزوج العيش مع زوجة يهينها ويضربها كل يوم أمام أطفالها وهي بالنسبة لهم القدوة والمثل والملجأ الآمن من تسلط الأب وجبروته ؟ وماذا سيكون تأثير ذلك العنف علي الأطفال عندما يكبرون؟ ..المؤكد كما تشير دراسات المتخصصين من علماء النفس والاجتماع أنه سينمو الجانب العدواني لدي الطفل وسيضرب زوجته بدوره مستقبلاً، كما ستتعلم الطفلة الخنوع وسوف تقبل بأن يضربها زوجها مستقبلاً طالما شاهدت في طفولتها والدها يضرب أمها؟ لكن هل المرأة ضحية للرجل علي طول الخط أم أنها مشاركة فيما يمارسه عليها من ضرب وإهانة، سواء بالتهاون في حقوقها أواستسلامها وتبعيتها المطلقة للرجل، أو عدم اعتراضها علي ممارساته اللاإنسانية ضدها بدعوي الحفاظ علي البيت والأسرة من الضياع. فأي بيت يستقيم في ظل العنف والقهر والاستعباد الذكوري؟ وأي أطفال صالحين يمكن أن ينشأوا في كنف أب فظ لا يعرف الحنان طريقاً إلي قلبه ومشاعره وتحل مكانه العصا والفلكة؟! وإذا كانت المرأة ضحية لعنف الرجل في كثير من الأحيان فمن باب الإنصاف القول أن الرجل يقع ضحية لها أحياناً ، وهذا ما تؤكده دراسة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر بأن حوالي (20%) من عينةالزوجات اللاتي شملتهن الدراسة يضربن أزواجهن لأسباب تعود إما لضعف الزوج أو تهوره وعصبيته الزائدة أو بسبب الغيرة الشديدة وتحويل حياتهن إلي جحيم لا يطاق. ومع ما يتعرض له الرجل من معاناة نفسية علي أيدي المرأة النكدية والغيورة والطموحة ، غير الضرب الذي أشارت إليه الدراسة السابقة، فإننا لم نسمع عن إعلان عالمي لحماية الرجل من اضطهاد المرأة، أو جمعية لمناهضة قسوة وجبروت النساء. اللهم إلا ما قرأته عن جمعية الأزواج المضطهدين التي يروج لها بعض الرجال، والتي أشك أن ينضم إليها أي واحد من الأزواج المضطهدين. ولا حاجة لأحد أن يسألني عن السبب حتي لا يجد نفسه مضطراً للدخول في مباراة ملاكمة زوجية ! فضفضة أخيرة: تنفق المرأة عشر سنوات لتغيير عادات الرجل، ثم تشكو من أنه رجل آخر غير الذي تزوجته. كاتب وصحفي مصري