لم يعد يعرف الكثير منا ما يجرى حوله على أرض مصر و من هو على صواب و من هو على خطأ و من الجانى و من المجنى عليه. الكثير منا لم يعد يشعر بأدنى درجات التفاؤل فيما يخص مستقبل هذه البلد التى لا تستحق شعبا مثلنا, بل على النقيض أصبنا جميعا بحاله من التشبع السياسي لدرجه تصل إلى التخمه السياسيه من كثرة متابعة الاخبار و النشرات و التحليلات و البرامج الحواريه و التى لا نخرج منها بأى فائده تصب فى مصلحة هذا الوطن الكلاله. نحن الآن ينطبق علينا تماما حديث السفينه فمثلنا كمثل قوم استهموا على سفينه فأصاب بعضهم أعلاها و بعضهم أسفلها فكان الذين فى أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا فى نصيبنا خرقنا و لم نؤذ من فوقنا فإن يتركوهم و ما أرادوا هلكوا جميعا و إن أخذوا على أيديهم نجوا و نجوا جميعا. لقد أصبحنا فى حاله يرثى لها من الفرقة و الاختلاف و التعصب و عدم تقبل الآخر و لم يعد لدينا أى قدره على الصبر حتى نرى شيئا إيجابيا يتحقق على أرض الواقع. أنا أعرف جيدا سبب الخلاف الموجود الآن بين القوى السياسيه و بين السلطه و الثوار و بين فئات الشعب المختلفه, ذلك السبب الذى أدى بنا لما نحن فيه الآن و هو سبب بسيط و بسيط جدا بل و معلوم للقاصى قبل الدانى و لكن مع معلوميته للجميع و مع التأكيد عليه أكثر من مره لا نجد احدا يلقى له بالا و لا يعيره أى اهتمام بل نجد كل فصيل و كل حزب يعمل طبقا للأجنده التى وضعها هو لنفسه بعيدا عن المجتمع و بعيدا عن الواقع فهو يضع خططه و مبادئه و أولوياته داخل مكتبه ثم يخرج ليطبقها على المجتمع كاملا. هل تدرون ماهية هذا السبب البسيط فى كتابته العظيم فى تطبيقه, إنه الهدف نعم الهدف و الهدف فقط هو ما أوصلنا لما نحن فيه الآن. عندما كنا جميعا على قلب رجل واحد و أردنا اسقاط رأس نظام استبد بالحكم و أمعن فى إذلال الشعب لمدة ثلاث عقود , كان نصر الله و توفيقه حليفنا فهدفنا كان واحدا و واحدا فقط لم تفرق بيننا ديانتنا و لا معتقداتنا الفكريه و لا مستوياتنا الاجتماعيه و لا الثقافيه و لا حتى العمريه.كانت الثوره صاحبة الهدف الواحد فنعم الملحمه و و نعم الهدف و نعم الإنجاز. و ما أن انتهت الثوره و بزغ فجر الحريه رأينا الهدف ينقسم على نفسه و يتكاثر و يكبر و يتنوع و يتغير إلى أن أصبح لدينا ما يقرب من 87 مليون هدف. هل ننكر هذا؟ هل ندفن رؤوسنا فى الرمال و ندعى أننا نخاف على مصر مع أن الجميع بلا استثناء حاول أن يقتطع أكبر قدر ممكن من الكعكه؟!!!. للأسف و فى كل مره لا يدفع ثمن ذلك إلا الشعب المصرى الفقير المقهور المغلوب على أمره فعندما حكمنا مبارك لم يدفع الثمن رواد مارينا و لا شرم الشيخ بل دفعه رواد طابور العيش و بعد الثوره أيضا لم يدفع الثمن إلا هؤلاء الذين قتلوا فى طوابير الأنابيب. فى كل مره لا نجد إلا فتافيت الكعكه و كأنه كتب علينا دائما أن نأكل الفتافيت – هذا إن وجدناها. نعم تعددت الأهداف و المآرب و المصالح و لم تتوحد و لن تتوحد لأنه لدينا فى مصر انفصال تام ما بين القائمين على الحكم و بين من يحكموهم . لو أن أحدا من هؤلاء سمع استغاثة أسره كل دخلها لا يتجاوز المائتى جنيه أو سمع استغاثة طفل لا يأويه إلا الشارع و لا يأكل إلا ما تفيض به الزباله لكان قد تحرك من مكانه و عمل لمصلحة هؤلاء المعذبون على أرض مصر , و إن سمع هؤلاء و لم يتحركوا فكن على يقين أن قلوبهم ماتت و ضمائرهم قتلت بلمعان الكراسى و رائحة البنكنوت. لم نجد حتى الآن اتحادا أو توافقا على مصلحة مصر و مصلحة شعبها المطحون, ذلك الشعب الذى لا يريد ديمقراطية و لا غيره و لكن كل ما يتمناه و يريده حياه آدميه و التى نكاد نفتقد غالبية مقوماتها الآساسيه و لنا فى عشوائيات الوراق و بولاق والدويقه و امبابه و ....و .... و ....خير مثال يا من تحبون من مصر اتحدوا و توحدوا تعاونوا و اتفقوا و ارحموا شعبكم من معاناته ارحموا العاطلين و محدودى الدخل و ذوى الإعاقه ارحموا الأرامل و اليتامى و أطفال الشوارع ارحموا المتسولين و ارحموا الفقراء و المساكين. و فى النهايه أقول: لن نتقدم خطوه واحده و نحن لا نزال عن نسأل عن تحريم الخمر(الحرام شربه اصلا) بينما الملايين لا يجدون الماء(الحلال شربه) ليتناولوه بدلا من مياه الصرف الصحى. و لن نتقدم فى وجود إعلام يقبض الملايين و يتحدث بإسم ملايين لا تقبض إلا الملاليم فالعقل يقول أنه لن يشعر بالمعاناه إلا من عاشها. و لن نتقدم طالما كل واحد منا على صواب و الباقى خطأ. و لن نتقدم بالتكفير و التخوين و التخويف. و لن نتقدم بالكلمات الرنانه و العبارات العاطفيه التى ظاهرها الرحمه و باطنها العذاب. لن نتقدم إلا بالإخلاص و الاتحاد و العمل.