دعوة للتسامح والتصالح أوجهها لكل الأطياف والفئات لا سيما ونحن نشهد في بلدنا في الأيام الماضية حملة إعلامية شرسة تبث الذعر والخوف بل والفوضي بين أبناء هذا البلد الكريم الحبيب وكأن هناك من لا يريد أن يحيي مصر آمناً مستقراً مطمئناً.ويريد هؤلاء أن لا يتنفس الناس عبير الحرية وشذا . فهم يستغلون هذه الحرية أسوأ استغلال ..إنها حرية الفوضي بلا التزام ولا ضوابط .. وكنت استعرضت لكم الجزء الأول من دعوتي للتسامح واليوم نستكمل ما بدأناه. إن صوت العقل بعد الدين وأمره أنه يجب علي الحكماء أن يتكلموا وعلي العقلاء أن يتحركوا قبل أن تبدأ شرارة فتنة خطيرة لا تقل خطراً عن الفتنة الطائفية لأن الكل سيتحرك فيها باسم الدين وباسم نصرة المنهج الذي يعتقده ويعتنقه وهذا خطر عظيم علي إسلامنا وديننا وبلدنا. أيها الأحبة .. إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم في هذا الدين ولو أُهمل بُساطه وأُهمل عِلْمُه لتعطلت النبوة واضمحلت الديانة وفشت الضلالة وعمت الجهالة وخربت البلاد وهلك العباد ولذا جعله ربنا شرطاً من شروط خيرية الأمة ¢كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةي أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ¢نعم كلنا ركاب سفينة واحدة إن نجت تلك السفينة نجونا جميعاً وإن غرقت تلك السفينة غرقنا جميعاً لن يفرق الغرق بين سلفي وإخواني وأنصار سنة وجمعية شرعية وصوفية وتبليغ إلي غير ذلك بل سيغرق الجميع إن غرقت سفينة المجتمع أخاطب أهل العقل والحكمة بحديث رسول الله في صحيح البخاري من حديث النعمان ¢مثل القائم علي حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا علي سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وأصاب بعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا الماء مروا علي من فوقهم فقالوا لو أنَّا خرقنا في نصيبنا خرقاً حتي لا نؤذي من فوقنا .يقول الحبيب صلي الله عليه وسلم :¢لو تركوهم لما أرادو لهلكوا ولهلكوا جميعا ولو أخذوا علي أيديهم لنجوا ونجوا جميعاً.¢ فليأخذ الحكماء والعقلاء علي أيدي أتباعهم في كل طائفة وفي كل جماعة وودت ورب الكعبة أن لو سقطت كل هذه الرايات وكل هذه المسميات وكل هذه الجماعات وثم نرفع شعاراً واحدا ونرفع راية واحدة ألا وهي راية التوحيد لله ..راية الإسلام ولنرفع ولنعلي شعار الجماعة الأم التي يشرف الجميع بالانتساب إليها والانطواء تحت لواءها ألا وهي جماعة المسلمين إنها تسمية رب العالمين لنا ¢هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ¢لماذا لا نتنازل عن مسمياتنا تلك في وقت اجتمع فيه الكل ولم يجتمع فيه المسلمون باختلاف أطيافهم لماذا لا نسقط كل هذه الرايات لنرفع راية الإسلام فقط وبعدها لنرفع راية مصر فوق الجميع .و تسع الجميع .و تحتاج إلي سواعد الجميع. ومصر تحتاج الآن إلي حكمة الحكماء وعلم العلماء وتجربة الشيوخ والآباء وإلي قدرة وسواعد الأبناء والشباب لنبني مصر بهذه العقول وبهذه السواعد . لا تحتمل مصر الآن أبداً هذه الفوضي ولا هذا الجدل ولا هذا المراء ولا هذا التنابذ ولا هذا التناحر ولا هذا التنازع ولا هذه الفرقة بل واعتصموا¢وَاعْتَصِمُوا بِحَبْل اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَليْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ¢ الآية. أؤكد لإخواننا جميعاً وأقول لهم اطمئنوا .. فمن أدبيات أتباع المنهج السلفي أن تغيير المنكر باليد له ضوابط . بل وبالقول له ضوابط لا يجوز أبداً لأي مسلم يعلم القرءان والسنة بفهم سلف الأمة أن يُغيرمنكراً بمنكر أكبرأبداً أبداً وإلا فأنا أقول وبأعلي صوتي هذا الذي يُقدم علي تغيير منكر بلا علم ولا فهم وبما يترتب علي تغيير المنكر بما هو أنكر من المنكر هذا لا يجوز له البتة إطلاقاً أن يتحدث باسم المنهج السلفي أو أن يتكلم علي أنه يتحرك من منطلق فهمه لمنهج السلف الصالح أبداً . أعلنها للدنيا .. أتباع المنهج السلفي برءاء من هدم الأضرحة وحرق الأضرحة بل هم يدعون إلي التوحيد بصفائه ونقائه وشموله وكماله ويدعون إلي التحليل من الشرك كله ويدعون إلي الطواف حول بيت الله وحده وإلي أن تكون النذور لله وحده ويدعون إلي اللجأ إلي الله وحده والتوكل عليه وحده والاستغاثة به وحده وتفويض الأمر إليه وحده ولا يختلف علي الإطلاق مع هذا التأصيل أي مسلم علي وجه الأرض مهما كان انتماؤه حتي ولو كان صوفياً هل يوجد صوفيّ حقيقي كما سأُبين الآن يلجأ إلي غير الله ؟ أو يذبح لغير الله ؟أو يستغيث بغير الله؟ أو يحلف بغير الله ؟أو يطوف بغير بيت الله؟يقول شيخ الإسلام ابن تيميه طيب الله ثراه وأنا أخاطب إخواننا الصوفيين أن يراجعوا كلام شيخ الإسلام في المجلد الحادي عشر من مجموع الفتاوي في أول صفحة من صفحات المجلد الحادي عشروأخاطب شبابنا أيضاً علي اختلاف انتماءاته وأطيافه أن يراجعوا قول شيخ الاسلام لنتحرك بعدل وأدب وإنصاف وإنصاف يقول شيخ الاسلام ابن تيمية : ¢الصوفية اسم لم يكن مشتهرا في القرون الثلاثة الأولي لم يُستعمل لكن استُعْمِل بعد ذلك¢ قال :واشتهر أن بعض الأئمة قد استعمل لفظ الصوفية. يقول :الإمام أحمد وسفيان الثوري والحسن البصري.أول صفحة في المجلد رقم 11 سبحان الله .قال : واختلفوا في النسبة في المعني يعني قيل أن الصوفية أو الصوفي مشتق من أهل الصوفة وقال : لو كان ذلك كذلك لقيل صفويّ أهل الصفة وقيل : بل هو مشتق من أصحاب الصفوف المتقدمة بين يدي الله .فقال : لو كان ذلك كذلك لقيل صفّي أي من الصف وقيل بل هو مشتق من لبس الصوف وهذا هو الأشهر والأرجح .وبدأت بداية الصوفية في بلاد البصرة لأن أهلها كانوا مشتهرين بالزهد والعبادة . اسمع لهذا التأصيل البديع قال : والناس في الصوفية ثلاث طوائف : طائفة حكمت علي الصوفية كلها وعلي التصوف كله وقالوامبتدعون ضالون خارجون عن السنة هذه طائفة..و وطائفة مقابلة غلت في الصوفية فقالت هم أكمل الخلق بعد الرسل والأنبياءقل : وكلا طرفي الأمر ذميم هذا خطأ وذاك خطأ أن تغالي وأن تُفْرط أو أن تُفرّط .قال : والوسط هو العدل ثم قال : والقول الوسط يا الله رحم الله هذا الرجل علي عدله . قال شيخ الإسلام رحمه الله : والقول الوسط هو :أن منهم من هو سابق إلي الله باجتهاده في طاعة الله كاجتهاد غيره ومنهم من هو مقتصد فمنهم السابق بالخيرات منهم السابق المقرب إلي الله باجتهاده في طاعته كاجتهاد غيره ومنهم المقتصد ومنهم الظالم لنفسه والعاصي لربه وهذه الأقسام موجودة في كل طائفة من طوائف المسلمين منا نحن الآن السابق بالخيرات ومنا المقتصد ومنا الظالم لنفسه .قال : وانتسب إليهم بعض الزنادقة وبعض المبتدعة وأنا أتصور أنه لن يخالف صوفي علي الإطلاق هذا التأصيل العدل لشيخ الإسلام من منهم يوافق علي أن تكون الصوفية بُعداً عن الكتاب أو انحراف عن سنة النبي صلي الله عليه وسلم أو استغاثة بغير الله أو نذر لغير الله أو حلف بغير الله أو طواف بغير بيت الله لا يقبل هذا إلا من هو لا يعرف معني الصوفية الحقَ ولا وشاحة في الاصطلاحات. أؤصل هذا الآن حتي لا تشتعل نار فتنة نحن في غنا عنها علي الإطلاق هم ونحن معهم ندعو إلي توحيد الله تبارك وتعالي وإلي نبذ الشرك كله بكل صوره وأشكاله وألوانه وندعو الجميع إلي التعقل وإلي الحكمة وإلي التروي وإلي التسامح وإلي الجلوس للتصالح لنلتقي علي الأصول والثوابت ولُيبين بعضنا للبعض الآخر الحق فنحن بدليله من كتاب الله ومن سنة رسوله صلي الله عليه وسلم فنحن وهم لا يمكن علي الإطلاق أن نقبل أن تتحول القبور إلي ملاذات تُعبد بصورة أو بأخري فقد حذر نبينا صلي الله عليه وسلم من ذلك ¢لعن الله اليهود والنصاري اتخذوا قبور أنبياءهم وصالحيهم مسجداً¢.نعم نؤصل الحق بدليله بالحكمة والأدب والرحمة والتواضع أما أن يتصور البعض أن تغيير أي منكر يكون بمنكر أكبر من المنكر فهذا ليس من أصول ديننا ولا من أدبيات أتباع المنهج السلفي علي الإطلاق.