رحلة البحث عن الصندوق الأسود، دائما ما تتطلب جهد ويبذل جهد للحصول عليه من أجل معرفة الحقيقة، حيث يعتبر المهمة الرئيسية للجميع ولجهات التحقيق على وجه التحديد في أعقاب كل حادث بالهواء ووجود كارثة نتجت عن سقوط طائرات، وذلك لمساعدته في كشف المعلومات الكافية للرحلة الجوية، ويجيب على كل التساؤلات منذ إختفاء الطائرة عن أجهزة الرادار حتى سقوطها. إختراعه كانت بدايته في عام 1954م حين اقترح عالم الطيران الأسترالي الدكتور "ديفيد وارن"، صنع جهاز لتسجيل تفاصيل رحلات الطيران، حجمة أكبر من حجم اليد ولكنه يستطيع تسجيل نحو أربع ساعات من الأحاديث التي تجري داخل مقصورة القيادة وتفاصيل أداء أجهزة الطائرة، وجاء ذلك بعد عدة حوادث متكررة . ولكن الغريب هو رفض سلطات الطيران الأسترالية هذا الإقتراح، واعتبروه عديم الفائدة في مجال الطيران المدني، ورأوا أنه يتجسس على أحاديثهم وأطلقوا عليه اسم الأخ الأكبر، وبعدها توجه ديفيد وارن إلى بريطانيا ونقل إليهم إبتكاره، الذي رحبوا به وبثت إذاعة بي بي سي تقريراً حول الجهاز، وهو ما عقبه تقدم الشركات بعروضها لتطويره وصناعته. سر التسمية للوهلة الأولي يخطر للبعض أنه تسميته بالصندوق الأسود لأنه يحمل نفس اللون، ولكن الحقيقة أن لونه أصفر وفي أحيان أخري برتقالي، ووقع إختيار مصنعوه علي هذين اللونين كي يبقى متميزاً وواضحاً وبارزاً وسط حطام الطائرة. وتتعدد الروايات حول تسميته بالأسود، فالبعض يعيدها إلى أن مسجلات المعلومات الأولى نفسها كانت عاتمة اللون وسوداء من الداخل لمنع التسربات الضوئية من تدمير شريط التسجيل كما فى غرف التصوير الفوتوغرافي. بينما يرى البعض الآخر أنه سمي بالأسود لإرتباطه بالحوادث، بالإضافة إلي إحتوائه علي كل تفاصيل الكارثة وسواد ما فيه من معلومات. موقعه في الطائرة ووظيفته.. يوجد فى كل طائرة صندوقان أسود وليس واحد فقط، يقعان فى مؤخرة الطائرة، وظيفة الصندوق الأول حفظ البيانات الرقمية والقيم الفيزيائية الوقت، السرعة والاتجاه، بينما الثاني مهمته تسجيل الأصوات سواء مشاحنات أو استنجادات بالإضافة للحوارات. وهذين الصندوقين مجهزين ببث غوص يندلع إذا ما غاصت الصناديق فى الماء، حيث تتمكن من إطلاق إشعارا فوق الصوتى للمساعدة على العثور عليهم، ويمكن التقاطه من عمق يصل الى 3500 متر. كيفية الحفاظ عليه.. تحفظ هذه الصناديق في قوالب متينة للغاية مصنوعة من مواد قوية مثل عنصر التيتانيوم، تحيطها مادة عازلة كى تتحمل صدمات تبلغ قوتها أضعاف قوة الجاذبية الأرضية، ولتتحمل أيضاً حرارة تفوق 1000 درجة مئوية وضغطاً قوياً يعادل ضغط المياه على عمق 20000 قدم تحت البحر. وقطع التسجيل هذه عادة ما تلف بمادة عازلة تحميها من التعرض من مسح المعلومات المسجلة عليها وكذلك من العطب والتآكل من جراء مياه البحر لمدة تصل 30 يوماً، ولا تسمح بطاريته ببث الإشارات بعد ذلك الوقت. ويذكر أن كافة القوانين الدولية المتفق عليها تلزم جميع الرحلات التجارية بحمل هذه الصناديق والتى يبلغ سعرها من 30 إلى 85 ألف دولار تقريبا، لتسجيل المعلومات الخاصة بأداء الطائرة وظروف الرحلة أثناء الطيران.